کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
وَ يَسْتَدْفِعُوا الْبَلِيَّاتِ وَ الْأَحْوَالُ الظَّاهِرَةُ كُلُّهَا لَا تُوجِبُ ذَلِكَ وَ لَا تَقْتَضِيهِ وَ لَا تَسْتَدْعِيهِ وَ إِلَّا فَعَلُوا ذَلِكَ فِيمَنْ يَعْتَقِدُونَهُمْ وَ أَكْثَرُهُمْ يَعْتَقِدُونَ إِمَامَتَهُ وَ فَرْضَ طَاعَتِهِ وَ إِنَّهُ فِي الدِّيَانَةِ مُوَافِقٌ لَهُمْ غَيْرُ مُخَالِفٍ وَ مُسَاعِدٌ غَيْرُ مُعَانِدٍ وَ مِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونُوا فَعَلُوا ذَلِكَ لِدَاعٍ مِنْ دَوَاعِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الدُّنْيَا عِنْدَ غَيْرِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ مَوْجُودَةٌ وَ عِنْدَهَا هِيَ مَفْقُودَةٌ وَ لَا لِتَقِيَّةٍ وَ اسْتِصْلَاحٍ فَإِنَّ التَّقِيَّةَ هِيَ فِيهِمْ لَا مِنْهُمْ وَ لَا خَوْفَ مِنْ جِهَتِهِمْ وَ لَا سُلْطَانَ لَهُمْ وَ كُلُّ خَوْفٍ إِنَّمَا هُوَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا دَاعِي الدِّينِ وَ ذَلِكَ هُوَ الْأَمْرُ الْغَرِيبُ الْعَجِيبُ الَّذِي لَا يَنْفَذُ فِي مِثْلِهِ إِلَّا مَشِيَّةُ اللَّهِ 24215 وَ قُدْرَةُ الْقَهَّارِ الَّتِي تُذَلِّلُ الصِّعَابَ وَ تَقُودُ بِأَزِمَّتِهَا الرِّقَابَ وَ لَيْسَ لِمَنْ جَهِلَ هَذِهِ الْمَزِيَّةَ أَوْ تَجَاهَلَهَا وَ تَعَامَى عَنْهَا وَ هُوَ يُبْصِرُهَا أَنْ يَقُولَ إِنَّ الْعِلَّةَ فِي تَعْظِيمِ غَيْرِ فِرَقِ الشِّيعَةِ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَيْسَتْ مَا عَظَّمْتُمُوهُ وَ فَخَّمْتُمُوهُ وَ ادَّعَيْتُمْ خَرْقَهُ لِلْعَادَةِ وَ خُرُوجَهُ مِنَ الطَّبِيعَةِ بَلْ هِيَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ مِنْ عِتْرَةِ النَّبِيِّ ص وَ كُلُّ مَنْ عَظَّمَ النَّبِيَّ ص فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِعِتْرَتِهِ 24216 وَ أَهْلِ بَيْتِهِ مُعَظِّماً مُكْرِماً وَ إِذَا انْضَافَ إِلَى الْقَرَابَةِ الزُّهْدُ وَ هَجْرُ الدُّنْيَا وَ الْعِفَّةُ وَ الْعِلْمُ زَادَ الْإِجْلَالُ وَ الْإِكْرَامُ لِزِيَادَةِ أَسْبَابِهِمَا وَ الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ الضَّعِيفَةِ إِنْ شَارَكَ 24217 أَئِمَّتَنَا ع فِي حَسَبِهِمْ وَ نَسَبِهِمْ وَ قَرَابَاتِهِمْ مِنَ النَّبِيِّ ص غَيْرُهُمْ وَ كَانَتْ لِكَثِيرٍ مِنْهُمْ عِبَادَاتٌ ظَاهِرَةٌ وَ زَهَادَةٌ فِي الدُّنْيَا بَادِيَةٌ وَ سِمَاتٌ جَمِيلَةٌ وَ صِفَاتٌ حَسَنَةٌ مِنْ وُلْدِ أَبِيهِمْ عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ وَ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاسِ 24218 رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَمَا رَأَيْنَا مِنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَعْظِيمِهِمْ وَ زِيَارَةِ مَدَافِنِهِمْ وَ الِاسْتِشْفَاعِ بِهِمْ فِي
الْأَغْرَاضِ وَ الِاسْتِدْفَاعِ بِمَكَانِهِمْ لِلْأَعْرَاض وَ الْأَمْرَاضِ وَ مَا وَجَدْنَا مُشَاهِداً مُعَايِناً فِي هَذَا الشِّرَاكِ 24219 أَلَا فَمَنْ ذَا الَّذِي أُجْمِعَ عَلَى فَرْطِ إِعْظَامِهِ وَ إِجْلَالِهِ مِنْ سَائِرِ صُنُوفِ الْعِتْرَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجْرِي مَجْرَى الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ وَ الْكَاظِمِ وَ الرِّضَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ لِأَنَّ مَنْ عَدَا مَنْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ صُلَحَاءِ الْعِتْرَةِ وَ زُهَّادِهَا مِمَّنْ يُعَظِّمُهُ فَرِيقٌ مِنَ الْأُمَّةِ وَ يُعْرِضُ عَنْهُ فَرِيقٌ وَ مَنْ عَظَّمَهُ مِنْهُمْ وَ قَدَّمَهُ لَا يَنْتَهِي فِي الْإِجْلَالِ وَ الْإِعْظَامِ إِلَى الْغَايَةِ الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا مَنْ ذَكَرْنَاهُ وَ لَوْ لَا أَنَّ تَفْصِيلَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَلْحُوظٌ مَعْلُومٌ لَفَصَّلْنَاهَا عَلَى طُولِ ذَلِكَ وَ لَأَسْمَيْنَا مَنْ كَنَّيْنَا عَنْهُ وَ نَظَرْنَا بَيْنَ كُلِّ مُعَظَّمٍ مُقَدَّمٍ مِنَ الْعِتْرَةِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْحَقٌ الْوَاضِحُ وَ مَا عَدَاهُ هُوَ الْبَاطِلُ الْمَاضِحُ 24220 وَ بَعْدُ فَمَعْلُومٌ ضَرُورَةً أَنَّ الْبَاقِرَ وَ الصَّادِقَ وَ مَنَ وَلِيَهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ 24221 صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ كَانُوا فِي الدِّيَانَةِ وَ الِاعْتِقَادِ 24222 وَ مَا يُفْتُونَ مِنْ حَلَالٍ وَ حَرَامٍ عَلَى خِلَافِ مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ مُخَالِفُو الْإِمَامِيَّةِ وَ إِنْ ظَهَرَ شَكٌّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا شَكَّ وَ لَا شُبْهَةَ عَلَى مُنْصِفٍ فِي أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى مَذْهَبِ الْفِرْقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمُجْتَمِعَةِ 24223 عَلَى تَعْظِيمِهِمْ وَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ وَ كَيْفَ يَعْتَرِضُ رَيْبٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً أَنَّ شُيُوخَ الْإِمَامِيَّةِ وَ سَلَفَهُمْ فِي تِلْكَ الْأَزْمَانِ كَانُوا بِطَانَةً لِلصَّادِقِ 24224 وَ الْكَاظِمِ وَ الْبَاقِرِ ع وَ مُلَازِمِينَ لَهُمْ وَ مُتَمَسِّكِينَ
بِهِمْ وَ مُظْهِرِينَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَعْتَقِدُونَهُ وَ يَنْتَحِلُونَهُ وَ يُصَحِّحُونَهُ أَوْ يُبْطِلُونَهُ فَعَنْهُمْ تَلَقَّنُوهُ وَ مِنْهُمْ أَخَذُوهُ فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا عَنْهُمْ بِذَلِكَ 24225 رَاضِينَ وَ عَلَيْهِ مُقِرِّينَ لَأَبَوْا عَلَيْهِمْ نِسْبَةَ تِلْكَ الْمَذَاهِبِ إِلَيْهِمْ وَ هُمْ مِنْهَا بَرِيئُونَ خَلِيُّونَ وَ لَنَفَوْا مَا بَيْنَهُمْ مِنْ مُوَاصَلَةٍ وَ مُجَالَسَةٍ وَ مُلَازَمَةٍ وَ مُوَالاةٍ وَ مُصَافَاةٍ وَ مَدْحٍ وَ إِطْرَاءٍ وَ ثَنَاءٍ وَ لَأَبْدَلُوهُ بِالذَّمِّ وَ اللَّوْمِ وَ الْبَرَاءَةِ وَ الْعَدَاوَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا ع لِهَذِهِ الْمَذَاهِبِ مُعْتَقِدِينَ وَ بِهَا رَاضِينَ 24226 لَبَانَ لَنَا وَ اتَّضَحَ وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا هَذِهِ الدَّلَالَةُ لَكَفَتْ وَ أَغْنَتْ وَ كَيْفَ يَطِيبُ قَلْبُ عَاقِلٍ أَوْ يَسُوغُ فِي الدِّينِ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَظِّمَ فِي الدِّينِ مَنْ هُوَ عَلَى خِلَافِ مَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ الْحَقُّ وَ مَا سِوَاهُ بَاطِلٌ ثُمَّ يَنْتَهِي فِي التَّعْظِيمَاتِ وَ الْكَرَامَاتِ إِلَى أَبْعَدِ الْغَايَاتِ وَ أَقْصَى النِّهَايَاتِ وَ هَلْ جَرَتْ بِمِثْلِ هَذَا 24227 عَادَةٌ أَوْ مَضَتْ عَلَيْهِ سُنَّةٌ أَ وَ لَا يَرَوْنَ أَنَّ الْإِمَامِيَّةَ لَا تَلْتَفِتُ إِلَى مَنْ خَالَفَهَا مِنَ الْعِتْرَةِ وَ حَادَ عَنْ جَادَّتِهَا فِي الدِّيَانَةِ وَ مَحَجَّتِهَا فِي الْوَلَايَةِ وَ لَا تَسْمَحُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَدْحِ وَ التَّعْظِيمِ فَضْلًا عَنْ غَايَتِهِ وَ أَقْصَى نِهَايَتِهِ بَلْ تَتَبَرَّأُ مِنْهُ وَ تُعَادِيهِ وَ تُجْرِيهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ مَجْرَى مَنْ لَا نَسَبَ لَهُ وَ لَا حَسَبَ لَهُ وَ لَا قَرَابَةَ وَ لَا عُلْقَةَ وَ هَذَا يُوقِظُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَرَقَ فِي هَذِهِ الْعِصَابَةِ الْعَادَاتِ وَ قَلَّبَ الْجِبِلَّاتِ لِيُبَيِّنَ مِنْ عَظِيمِ مَنْزِلَتِهِمْ وَ شَرِيفِ مَرْتِبَتِهِمْ وَ هَذِهِ فَضِيلَةٌ تَزِيدُ عَلَى الْفَضَائِلِ وَ تُرْبِي 24228 عَلَى جَمِيعِ الْخَصَائِصِ وَ الْمَنَاقِبِ وَ كَفَى بِهَا بُرْهَاناً لَائِحاً وَ مِيزَاناً رَاجِحاً وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ 24229 .
باب 4 الدلائل التي ذكرها شيخنا الطبرسي روح الله روحه في كتاب إعلام الورى على إمامة أئمتنا عليهم السلام
1- قَالَ: أَحَدُ الدَّلَائِلِ عَلَى إِمَامَتِهِمْ ع مَا ظَهَرَ مِنْهُمْ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي تَفَرَّقَتْ فِي فِرَقِ الْعَالِمِ فَحَصَلَ فِي كُلِّ فِرْقَةٍ فَنٌّ مِنْهَا 24230 وَ اجْتَمَعَتْ فُنُونُهَا وَ سَائِرُ أَنْوَاعِهَا فِي آلِ مُحَمَّدٍ ع أَ لَا تَرَى مَا رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي أَبْوَابِ التَّوْحِيدِ وَ الْكَلَامَ الْبَاهِرَ الْمُفِيدَ مِنَ الْخُطَبِ وَ عُلُومِ الدِّينِ وَ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مَا زَادَ عَلَى كَلَامِ جَمِيعِ الْخُطَبَاءِ وَ الْعُلَمَاءِ وَ الْفُصَحَاءِ حَتَّى أَخَذَ عَنْهُ الْمُتَكَلِّمُونَ وَ الْفُقَهَاءُ وَ الْمُفَسِّرُونَ وَ نَقَلَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ عَنْهُ أُصُولَ الْإِعْرَابِ وَ مَعَانِيَ اللُّغَاتِ وَ قَالَ فِي الطِّبِّ مَا اسْتَفَادَ مِنْهُ الْأَطِبَّاءُ وَ فِي الْحِكْمَةِ وَ الْوَصَايَا وَ الْآدَابِ مَا أَرْبَى عَلَى كَلَامِ جَمِيعِ الْحُكَمَاءِ وَ فِي النُّجُومِ وَ عِلْمِ الْآثَارِ مَا اسْتَفَادَهُ مِنْ جِهَتِهِ جَمِيعُ أَهْلِ الْمِلَلِ وَ الْآرَاءِ ثُمَّ قَدْ نَقَلَتِ الطَّوَائِفُ عَمَّنْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ عِتْرَتِهِ وَ أَبْنَائِهِ ع مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُومِ فِي جَمِيعِ الْأَنْحَاءِ وَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي فَضْلِهِمْ وَ عُلُوِّ دَرَجَتِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اثْنَانِ فَقَدْ ظَهَرَ عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ ع لَمَّا تَمَكَّنَا مِنَ الْإِظْهَارِ وَ زَالَتْ عَنْهُمَا التَّقِيَّةُ الَّتِي كَانَتْ عَلَى سَيِّدِ الْعَابِدِينَ ع مِنَ الْفَتَاوِي فِي الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْمَسَائِلِ وَ الْأَحْكَامِ وَ رَوَى النَّاسُ عَنْهُمَا مِنْ عُلُومِ الْكَلَامِ وَ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَ قِصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمَغَازِي وَ السِّيَرِ وَ أَخْبَارِ الْعَرَبِ وَ مُلُوكِ الْأُمَمِ مَا سُمِّيَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لِأَجْلِهِ بَاقِرَ الْعِلْمِ وَ رَوَى عَنِ الصَّادِقِ ع فِي أَبْوَابِهِ مِنْ مَشْهُورِي أَهْلِ الْعِلْمِ أَرْبَعَةُ آلَافِ إِنْسَانٍ
وَ صُنِّفَ مِنْ جَوَابَاتِهِ فِي الْمَسَائِلِ أَرْبَعُمِائَةِ كِتَابٍ هِيَ مَعْرُوفَةٌ بِكُتُبِ الْأُصُولِ رَوَاهَا أَصْحَابُهُ وَ أَصْحَابُ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ وَ أَصْحَابُ ابْنِهِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع وَ لَمْ يَبْقَ فَنٌّ مِنْ فُنُونِ الْعِلْمِ إِلَّا رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ 24231 أَبْوَابٌ وَ كَذَلِكَ [كَانَتْ] حَالُ ابْنِهِ مُوسَى ع مِنْ بَعْدِهِ فِي إِظْهَارِ الْعُلُومِ إِلَى أَنْ حَبَسَهُ الرَّشِيدُ وَ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَ قَدِ انْتَشَرَ أَيْضاً عَنِ الرِّضَا ع وَ ابْنِهِ أَبِي جَعْفَرٍ ع مِنْ ذَلِكَ مَا شُهْرَةُ جُمْلَتِهِ تُغْنِي عَنْ تَفْصِيلِهِ وَ كَذَلِكَ كَانَتْ سَبِيلُ أَبِي الْحَسَنِ وَ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيَّيْنِ ع وَ إِنَّمَا كَانَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُمَا أَقَلَّ لِأَنَّهُمَا كَانَا مَحْبُوسَيْنِ فِي عَسْكَرِ السُّلْطَانِ مَمْنُوعَيْنِ مِنَ الِانْبِسَاطِ فِي الْفُتْيَا وَ أَنْ يَلْقَاهُمَا 24232 كُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَ إِذَا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ بَيْنُونَةُ أَئِمَّتِنَا ع بِمَا وَصَفْنَاهُ عَنْ جَمِيعِ الْأَنَامِ وَ لَمْ يُمْكِنْ أَحَداً 24233 أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُمْ أَخَذُوا الْعِلْمَ عَنْ رِجَالِ الْعَامَّةِ أَوْ تَلَقَّنُوهُ 24234 مِنْ رُوَاتِهِم وَ ثِقَاتِهِمْ 24235 لِأَنَّهُمْ لَمْ يُرَوْا قَطُّ مُخْتَلِفِينِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَعَلُّمِ شَيْءٍ مِنَ الْعُلُومِ وَ لِأَنَّ مَا أُثِرَ عَنْهُمْ مِنَ الْعُلُومِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُ لَمْ يُعْرَفْ إِلَّا مِنْهُمْ وَ لَمْ يَظْهَرْ إِلَّا عَنْهُمْ وَ عَلِمْنَا أَنَّ هَذِهِ الْعُلُومَ بِأَسْرِهَا قَدِ انْتَشَرَتْ عَنْهُمْ مَعَ غِنَاهُمْ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ وَ تَيَقَّنَّا زِيَادَتَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى كَافَّتِهِمْ وَ نُقْصَانَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ عَنْ رُتْبَتِهِمْ ثَبَتَ 24236 أَنَّهُمْ أَخَذُوهَا عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ خَاصَّةً وَ أَنَّهُ قَدْ أَفْرَدَهُمْ بِهَا لِيَدُلَّ عَلَى إِمَامَتِهِمْ بِافْتِقَارِ النَّاسِ إِلَيْهِمْ فِيمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَ غِنَاهُمْ عَنْهُمْ وَ لِيَكُونَ مَفْزَعاً لِأُمَّتِهِ فِي الدِّينِ وَ مَلْجَأً لَهُمْ فِي الْأَحْكَامِ وَ جَرَوْا فِي هَذَا التَّخْصِيصِ
مَجْرَى النَّبِيِّ ص فِي تَخْصِيصِ اللَّهِ لَهُ بِإِعْلَامِهِ أَحْوَالَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَ إِفْهَامِهِ مَا فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْرَأَ كِتَاباً أَوْ يَلْقَى أَحَداً مِنْ أَهْلِهِ هَذَا وَ قَدْ ثَبَتَ فِي الْعُقُولِ أَنَّ الْأَعْلَمَ الْأَفْضَلَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنَ الْمَفْضُولِ وَ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى 24237 وَ قَوْلِهِ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ 24238 وَ دَلَّ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فِي قِصَّةِ طَالُوتَ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ 24239 أَنَّ التَّقَدُّمَ فِي الْعِلْمِ وَ الشَّجَاعَةِ مُوجِبٌ لِلتَّقَدُّمِ فِي الرِّئَاسَةِ وَ إِذَا كَانَ أَئِمَّتُنَا ع أَعْلَمَ الْأُمَّةِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا الرِّئَاسَةَ عَلَى الْأَنَامِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ دَلَالَةٌ أُخْرَى وَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى إِمَامَتِهِمْ أَيْضاً إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى طَهَارَتِهِمْ وَ ظَاهِرِ عَدَالَتِهِمْ وَ عَدَمِ التَّعَلُّقِ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ يَشِينُهُ فِي دِيَانَتِهِ مَعَ اجْتِهَادِ أَعْدَائِهِمْ وَ مُلُوكِ أَزْمِنَتِهِمْ فِي الْغَضِّ مِنْهُمْ وَ الْوَضْعِ مِنْ أَقْدَارِهِمْ وَ التَّطَلُّبِ لِعَثَرَاتِهِمْ حَتَّى كَانُوا 24240 يُقَرِّبُونَ مَنْ يُظْهِرُ عَدَاوَتَهُمْ وَ يُقْصُونَ 24241 بَلْ يُحْفُونَ وَ يَنْفُونَ وَ يَقْتُلُونَ مَنْ يَتَحَقَّقُ بِوَلَايَتِهِمْ وَ هَذَا أَمْرٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ مْنَ سَمِعَ بِأَخْبَارِ النَّاسِ فَلَوْلَا أَنَّهُمْ ع كَانُوا عَلَى صِفَاتِ الْكَمَالِ مِنَ الْعِصْمَةِ وَ التَّأْيِيدِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَكَانٍ وَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مَنَعَ بِلُطْفِهِ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ أَنْ يَتَخَرَّصَ عَلَيْهِمْ بَاطِلًا أَوْ يَتَقَوَّلَ فِيهِمْ زُوراً لَمَّا سَمِعُوا ع مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي شَرَحْنَاهُ وَ لَا سِيَّمَا وَ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ لَا يُؤْبَهُ بِهِمْ وَ مِمَّنْ لَا يَدْعُو الدَّاعِيَ إِلَى