کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
جَاءَ بِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَبَّاسُ فِي نَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ فَارِساً فِيهِمْ زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ وَ حَبِيبُ بْنُ مُظَاهِرٍ فَقَالَ لَهُمُ الْعَبَّاسُ مَا بَدَا لَكُمْ وَ مَا تُرِيدُونَ قَالُوا قَدْ جَاءَ أَمْرُ الْأَمِيرِ أَنْ نَعْرِضَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِهِ أَوْ نُنَاجِزَكُمْ قَالَ فَلَا تَعْجَلُوا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَأَعْرِضَ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْتُمْ فَوَقَفُوا فَقَالُوا الْقَهُ وَ أَعْلِمْهُ ثُمَّ الْقَنَا بِمَا يَقُولُ لَكَ فَانْصَرَفَ الْعَبَّاسُ رَاجِعاً يَرْكُضُ إِلَى الْحُسَيْنِ ع يُخْبِرُهُ الْخَبَرَ وَ وَقَفَ أَصْحَابُهُ يُخَاطِبُونَ الْقَوْمَ وَ يَعِظُونَهُمْ وَ يَكُفُّونَهُمْ عَنْ قِتَالِ الْحُسَيْنِ.
فَجَاءَ الْعَبَّاسُ إِلَى الْحُسَيْنِ ع وَ أَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الْقَوْمُ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُؤَخِّرَهُمْ إِلَى غَدٍ وَ تَدْفَعَهُمْ عَنَّا الْعَشِيَّةَ لَعَلَّنَا نُصَلِّي لِرَبِّنَا اللَّيْلَةَ وَ نَدْعُوهُ وَ نَسْتَغْفِرُهُ فَهُوَ يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ قَدْ أُحِبُّ الصَّلَاةَ لَهُ وَ تِلَاوَةَ كِتَابِهِ وَ كَثْرَةَ الدُّعَاءِ وَ الِاسْتِغْفَارِ.
فَمَضَى الْعَبَّاسُ إِلَى الْقَوْمِ وَ رَجَعَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَ مَعَهُ رَسُولٌ مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ يَقُولُ إِنَّا قَدْ أَجَّلْنَاكُمْ إِلَى غَدٍ فَإِنِ اسْتَسْلَمْتُمْ سَرَحْنَا بِكُمْ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ إِنْ أَبَيْتُمْ فَلَسْنَا بِتَارِكِيكُمْ فَانْصَرَفَ وَ جَمَعَ الْحُسَيْنُ ع أَصْحَابَهُ عِنْدَ قُرْبِ الْمَسَاءِ 21872 .
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع فَدَنَوْتُ مِنْهُ لِأَسْمَعَ مَا يَقُولُ لَهُمْ وَ أَنَا إِذْ ذَاكَ مَرِيضٌ فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ أُثْنِي عَلَى اللَّهِ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ وَ أَحْمَدُهُ عَلَى السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمَدُكَ عَلَى أَنْ أَكْرَمْتَنَا بِالنُّبُوَّةِ وَ عَلَّمْتَنَا الْقُرْآنَ وَ فَقَّهْتَنَا فِي الدِّينِ 21873 وَ جَعَلْتَ لَنَا أَسْمَاعاً وَ أَبْصَاراً وَ أَفْئِدَةً فَاجْعَلْنَا مِنَ الشَّاكِرِينَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَصْحَاباً أَوْفَى وَ لَا خَيْراً مِنْ أَصْحَابِي وَ لَا أَهْلَ بَيْتٍ أَبَرَّ
وَ أَوْصَلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَجَزَاكُمُ اللَّهُ عَنِّي خَيْراً أَلَا وَ إِنِّي لَأَظُنُ 21874 يَوْماً لَنَا مِنْ هَؤُلَاءِ أَلَا وَ إِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فَانْطَلِقُوا جَمِيعاً فِي حِلٍّ لَيْسَ عَلَيْكُمْ حَرَجٌ مِنِّي وَ لَا ذِمَامٌ هَذَا اللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُمُ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلًا 21875 .
فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ وَ أَبْنَاؤُهُ وَ بَنُو أَخِيهِ وَ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ لِمَ نَفْعَلُ ذَلِكَ لِنَبْقَى بَعْدَكَ لَا أَرَانَا اللَّهُ ذَلِكَ أَبَداً بَدَأَهُمْ بِهَذَا الْقَوْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ وَ اتَّبَعَتْهُ الْجَمَاعَةُ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمُوا بِمِثْلِهِ وَ نَحْوِهِ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع يَا بَنِي عَقِيلٍ حَسْبُكُمْ مِنَ الْقَتْلِ بِمُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ فَاذْهَبُوا أَنْتُمْ فَقَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فَقَالُوا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَقُولُ النَّاسُ نَقُولُ إِنَّا تَرَكْنَا شَيْخَنَا وَ سَيِّدَنَا وَ بَنِي عُمُومَتِنَا خَيْرَ الْأَعْمَامِ وَ لَمْ نَرْمِ مَعَهُمْ بِسَهْمٍ وَ لَمْ نَطْعَنْ مَعَهُمْ بِرُمْحٍ وَ لَمْ نَضْرِبْ مَعَهُمْ بِسَيْفٍ وَ لَا نَدْرِي مَا صَنَعُوا لَا وَ اللَّهِ مَا نَفْعَلُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ نَفْدِيكَ بِأَنْفُسِنَا وَ أَمْوَالِنَا وَ أَهْلِنَا وَ نُقَاتِلُ مَعَكَ حَتَّى نَرِدَ مَوْرِدَكَ فَقَبَّحَ اللَّهُ الْعَيْشَ بَعْدَكَ.
وَ قَامَ إِلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عَوْسَجَةَ فَقَالَ أَ نَحْنُ نُخَلِّي عَنْكَ وَ بِمَا نَعْتَذِرُ إِلَى اللَّهِ فِي أَدَاءِ حَقِّكَ لَا وَ اللَّهِ حَتَّى أَطْعَنَ فِي صُدُورِهِمْ بِرُمْحِي وَ أَضْرِبَهُمْ بِسَيْفِي مَا ثَبَتَ قَائِمُهُ فِي يَدِي وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِي سِلَاحٌ أُقَاتِلُهُمْ بِهِ لَقَذَفْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ وَ اللَّهِ لَا نُخَلِّيكَ حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّا قَدْ حَفِظْنَا غَيْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ فِيكَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنِّي أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُحْرَقُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُذْرَى يُفْعَلُ ذَلِكَ بِي سَبْعِينَ مَرَّةً مَا فَارَقْتُكَ حَتَّى أَلْقَى حِمَامِي دُونَكَ فَكَيْفَ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا هِيَ قَتْلَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ هِيَ الْكَرَامَةُ الَّتِي لَا انْقِضَاءَ لَهَا أَبَداً.
وَ قَامَ زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ ثُمَّ قُتِلْتُ حَتَّى أُقْتَلَ هَكَذَا أَلْفَ مَرَّةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِذَلِكَ الْقَتْلَ عَنْ نَفْسِكَ وَ عَنْ أَنْفُسِ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَانِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ.
وَ تَكَلَّمَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ بِكَلَامٍ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ فَجَزَاهُمُ الْحُسَيْنُ خَيْراً وَ انْصَرَفَ إِلَى مِضْرَبِهِ 21876 .
وَ قَالَ السَّيِّدُ وَ قِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ الْحَضْرَمِيِّ فِي تِلْكَ الْحَالِ قَدْ أُسِرَ ابْنُكَ بِثَغْرِ الرَّيِّ فَقَالَ عِنْدَ اللَّهِ أَحْتَسِبُهُ وَ نَفْسِي مَا أُحِبُّ أَنْ يُؤْسَرَ وَ أَنَا أَبْقَى بَعْدَهُ فَسَمِعَ الْحُسَيْنُ ع قَوْلَهُ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِي فَاعْمَلْ فِي فَكَاكِ ابْنِكَ فَقَالَ أَكَلَتْنِي السِّبَاعُ حَيّاً إِنْ فَارَقْتُكَ قَالَ فَأَعْطِ ابْنَكَ هَذِهِ الْأَثْوَابَ الْبُرُودَ يَسْتَعِينُ بِهَا فِي فِدَاءِ أَخِيهِ فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِينَارٍ.
قَالَ وَ بَاتَ الْحُسَيْنُ وَ أَصْحَابُهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَ لَهُمْ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ مَا بَيْنَ رَاكِعٍ وَ سَاجِدٍ وَ قَائِمٍ وَ قَاعِدٍ فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ اثْنَانِ وَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا.
إلى هنا انتهى الجزء الثاني من المجلد العاشر و يليه الجزء الثالث و أوله فلما كان الغداة أمر الحسين عليه السلام بفسطاطه ....
ابتداء المقتل من يوم عاشورا.
كلمة المصحّح
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه. و الصلاة و السلام على رسول اللّه و على آله الأطيبين أمناء اللّه.
و بعد: فهذا هو الجزء الثانيّ من المجلّد العاشر من كتاب بحار الأنوار حسب تجزئة المصنّف رضوان اللّه عليه و الجزء الرابع و الأربعون حسب تجزئتنا وفّقنا اللّه العزيز لإتمامه بفضله و منّه.
نسخة الأصل:
و منن اللّه علينا أن أظفرنا بنسخة المؤلّف قدسّ سرّه بخطّ يده و هى مضبوطة في خزانة مكتبة المسجد الأعظم لا زالت دائرة بقم لمؤسّسه و بانيه فقيه الأمّة و فقيد أسرتها آية اللّه المرحوم الحاجّ آقا حسين الطباطبائيّ البروجرديّ رضوان اللّه عليه فقابلنا طبعتنا هذه على تلك النسخة و راجعنا المصادر و النسخ المطبوعة الأخر التي أوعزنا إليها في الذيل فجاء بحمد اللّه أحسن النسخ طباعة و أتقنا و أصحّها تحقيقا
و سنعرّف هذه النسخة الثمينة مع صورتها الفتوغرافيّة في المجلّد الآتي آخر أجزاء العاشر بحول اللّه و قوتّه.
و لا يسعنا دون أن نشكر فضيلة نجله الزاكي و خلفه الصدق حجة الإسلام و المسلمين الحاجّ السيّد محمّد حسن الطباطبائي دام إفضاله حيث تفضّل علينا بهذه النسخة الكريمة حتّى قابلناها مع نسختنا من البدو إلى الختم فله الشكر الجزيل و الثناء الحسن جزاء اللّه عن الإسلام و المسلمين خير الجزاء.
محمد باقر البهبودي
صفر الظفر 1385
فهرس ما في هذا الجزء من الأبواب
الموضوع/ الصفحه
18- باب العلّة التي من أجلها صالح الحسن بن علي صلوات اللّه عليه معاوية بن أبي سفيان عليه اللعنة و داهنه و لم يجاهده و فيه رسالة محمّد بن بحر الشيبانيّ رحمه اللّه 32- 1
19- باب كيفيّة مصالحة الحسن بن عليّ صلوات اللّه عليهما معاوية عليه اللعنة و ما جرى بينهما قبل ذلك 69- 33
20- باب سائر ما جرى بينه صلوات اللّه عليه و بين معاوية لعنه اللّه و أصحابه 109- 70
21- باب أحوال أهل زمانه و عشائره و أصحابه و ما جرى بينه و بينهم و ما جرى بينهم و بين معاوية و أصحابه لعنهم اللّه 133- 110
22- باب جمل تواريخه و أحواله و حليته و مبلغ عمره و شهادته و دفنه و فضل البكاء عليه صلوات اللّه عليه 162- 134
23- باب ذكر أولاده صلوات اللّه عليه و أزواجه و عددهم و أسمائهم و طرف من أخبارهم 173- 163
أبواب ما يختصّ بتاريخ الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما
24- باب النصّ عليه بخصوصه و وصيّة الحسن إليه صلوات اللّه عليهما 179- 174
25- باب معجزاته صلوات اللّه عليه 188- 180
26- باب مكارم أخلاقه و جمل أحواله و تاريخه و أحوال أصحابه صلوات اللّه عليه 204- 189
27- باب احتجاجاته صلوات اللّه عليه على معاوية و أوليائه لعنهم اللّه و ما جرى بينه و بينهم 216- 205
28- باب الآيات المأوّلة لشهادته صلوات اللّه عليه و أنه يطلب اللّه بثأره 220- 217
29- باب ما عوّضه اللّه صلوات اللّه عليه بشهادته 222- 221
30- باب إخبار اللّه تعالى أنبياءه و نبينا صّلى الّله عليه و آله بشهادته 249- 223
31- باب ما أخبر به الرسول و أمير المؤمنين و الحسين صلوات اللّه عليهم بشهادته صلوات اللّه عليه 267- 250
32- باب أنّ مصيبته صلوات اللّه عليه كان أعظم المصائب و ذلّ الناس بقتله و ردّ قول من قال إنّه لم يقتل وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ 272- 269
33- باب العلّة التي من أجلها لم يكفّ اللّه قتلة الأئمّة عليهم السلام و من ظلمهم عن قتلهم و ظلمهم و علّة ابتلائهم صلوات اللّه عليهم أجمعين 277- 273
34- باب ثواب البكاء على مصيبته و مصائب سائر الأئمّة عليهم السلام و فيه أدب المأتم يوم عاشوراء 296- 278
35- باب فضل الشهداء معه و علّة عدم مبالاتهم بالقتل و بيان أنّه صلوات اللّه عليه كان فرحاً لا يبالي بما يجري عليه 299- 297
36- باب كفر قتلته عليه السلام و ثواب اللعن عليهم و شدّة عذابهم و ما ينبغي أن يقال عند ذكره صلوات اللّه عليه 309- 299