کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
وَ رَوَى الْوَاقِدِيُ 1662 ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَغْزَانَا عُثْمَانُ سَنَةَ 1663 سَبْعٍ وَ عِشْرِينَ إِفْرِيقِيَةَ فَأَصَابَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ غَنَائِمَ جَلِيلَةً، فَأَعْطَى عُثْمَانُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ تِلْكَ الْغَنَائِمَ.
وَ رَوَى الْوَاقِدِيُ 1664 ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ، قَالَتْ: لَمَّا بَنَى مَرْوَانَ دَارَهُ بِالْمَدِينَةِ دَعَا النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ وَ كَانَ الْمِسْوَرُ مِمَّنْ دَعَاهُ فَقَالَ مَرْوَانُ وَ هُوَ يُحَدِّثُهُمْ-: وَ اللَّهِ مَا أَنْفَقْتُ فِي دَارِي هَذِهِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ دِرْهَماً فَمَا فَوْقَهُ. فَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَوْ أَكَلْتَ طَعَامَكَ وَ سَكَتَّ كَانَ خَيْراً لَكَ، لَقَدْ غَزَوْتَ مَعَنَا إِفْرِيقِيَةَ وَ إِنَّكَ لَأَقَلُّنَا مَالًا وَ رَقِيقاً وَ أَعْوَاناً وَ أَخَفُّنَا ثِقْلًا، فَأَعْطَاكَ ابْنُ عَمِّكَ 1665 خُمُسَ إِفْرِيقِيَةَ وَ عَمِلْتَ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَأَخَذْتَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ 1666 .
وَ رَوَى الْكَلْبِيُ 1667 ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ: أَنَّ مَرْوَانَ ابْتَاعَ خُمُسَ إِفْرِيقِيَةَ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَ كَلَّمَ عُثْمَانَ فَوَهَبَهَا لَهُ، فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَى عُثْمَانَ 1668 .. هذا ما أورده السيّد رحمه اللّه من الأخبار.
و روى المسعودي 1669 و غيره 1670 من مؤرّخي الخاصّة و العامّة أكثر من ذلك 1671 .
و هذا عدول عن سنّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سيرة المتقدّمين عليه، و أصل الخروج عن العدول في القسمة و إن كان من بدع عمر إلّا أنّ عثمان ترك العدل رأسا بحيث لم يخف بطلانه و تضمّنه للجور العظيم و البدعة الفاحشة على العوام أيضا، و لما اعتاد الرؤساء في أيّامه بالتوثّب على الأموال و اقتناء الذخائر و نسوا سنّة الرسول في التسوية بين الوضيع و الشريف شقّ عليهم سيرة أمير المؤمنين عليه السلام فعدلوا عن طاعته و مال طائفة منهم إلى معاوية و خرج عليه طلحة و الزبير فقامت فتنة الجمل و غيرها، فهذه البدعة مع قطع النظر عن خطر التصرّف في أموال المسلمين كانت من موادّ الشرور و الفتن الحادثة بعدها إلى يوم النشور.
التاسع:
أنّه عطّل الحدود الواجبة كالحدّ في عبيد اللّه بن عمر، فإنّه قتل الهرمزان بعد إسلامه 1672 فلم يقد به، و قد كان أمير المؤمنين عليه السلام يطلبه 1673 .
رَوَى السَّيِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الشَّافِي 1674 ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ: أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى عُثْمَانَ بَعْدَ مَا اسْتُخْلِفَ، فَكَلَّمَهُ فِي عُبَيْدِ اللَّهِ وَ لَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ، فَقَالَ: اقْتُلْ هَذَا الْفَاسِقَ الْخَبِيثَ الَّذِي قَتَلَ امْرَأً مُسْلِماً. فَقَالَ عُثْمَانُ: قَتَلُوا 1675 أَبَاهُ 1676 بِالْأَمْسِ وَ أَقْتُلُهُ الْيَوْمَ؟!، وَ إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهِ مَرَّ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ: يَا فَاسِقُ! إِيهِ! أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ ظَفِرْتُ بِكَ يَوْماً مِنَ الدَّهْرِ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ، فَلِذَلِكَ خَرَجَ مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ 1677 .
وَ رَوَى الْقُبَادُ 1678 ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى، عَنْ 1679 زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا قَالَ عُثْمَانُ: إِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالُوا: لَيْسَ لَكَ أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُ.
قَالَ: بَلَى، إِنَّهُ لَيْسَ لِجُفَيْتَةَ 1680 وَ الْهُرْمُزَانِ قَرَابَةٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَ أَنَا 1681 أَوْلَى بِهِمَا لِأَنِّي وَلِيُّ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ عَفَوْتُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّهُ لَيْسَ كَمَا تَقُولُ، إِنَّمَا أَنْتَ فِي أَمْرِهِمَا بِمَنْزِلَةِ أَقْصَى الْمُسْلِمِينَ، وَ إِنَّمَا قَتْلُهُمَا فِي إِمْرَةِ غَيْرِكَ، وَ قَدْ حَكَمَ الْوَالِي الَّذِي قَبْلَكَ الَّذِي قُتِلَا فِي إِمَارَتِهِ بِقَتْلِهِ، وَ لَوْ كَانَ قَتْلُهُمَا فِي إِمَارَتِكَ لَمْ يَكُنْ لَكَ الْعَفْوُ عَنْهُ، فَاتَّقِ اللَّهَ! فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكَ عَنْ هَذَا. وَ لَمَّا 1682 رَأَى عُثْمَانُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَبَوْا إِلَّا قَتْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَمَرَهُ فَارْتَحَلَ إِلَى الْكُوفَةِ وَ أَقْطَعَهُ بِهَا دَاراً وَ أَرْضاً 1683 ، وَ هِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: كُوَيْفَةُ ابْنِ عُمَرَ، فَعَظُمَ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَ أَكْبَرُوهُ وَ كَثُرَ كَلَامُهُمْ فِيهِ.
وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِ 1684 بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَمْسَى عُثْمَانُ يَوْمَ وُلِّيَ حَتَّى نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي أَمْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، حَيْثُ لَمْ يَقْتُلْهُ بِالْهُرْمُزَانِ. انتهى ما رواه السيّد رضي اللّه عنه.
وَ رَوَى الشَّيْخُ فِي مَجَالِسِهِ 1685 ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنِ ابْنِ
عُقْدَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ 1686 الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَمِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ 1687 ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: أَنَّ النَّاسَ كَلَّمُوا عُثْمَانَ فِي أَمْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ قَتْلِهِ الْهُرْمُزَانَ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ أَكْثَرْتُمْ فِي أَمْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ الْهُرْمُزَانِ وَ إِنَّمَا قَتَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ تُهَمَةً بِدَمِ أَبِيهِ، وَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِدَمِ الْهُرْمُزَانِ اللَّهُ ثُمَّ الْخَلِيفَةُ، أَلَا وَ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ دَمَهُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ!.
فَقَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا كَانَ لِلَّهِ كَانَ اللَّهُ أَمْلَكَ بِهِ مِنْكَ، وَ لَيْسَ لَكَ أَنْ تَهَبَ مَا اللَّهُ 1688 أَمْلَكُ بِهِ مِنْكَ، فَقَالَ: نَنْظُرُ 1689 وَ تَنْظُرُونَ، فَبَلَغَ قَوْلُ عُثْمَانَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَئِنْ مَلَكْتُ لَأَقْتُلُ عُبَيْدَ اللَّهِ بِالْهُرْمُزَانِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَيْدَ اللَّهِ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَئِنْ مَلَكَ لَفَعَلَ.
وَ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي الْكَامِلِ 1690 وَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْإِسْتِيعَابِ 1691 وَ صَاحِبُ رَوْضَةِ الْأَحْبَابِ 1692 وَ كَثِيرٌ مِنْ أَرْبَابِ السِّيَرِ: قَتَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِأَبِيهِ ابْنَةَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ وَ قَتَلَ جُفَيْتَةَ وَ الْهُرْمُزَانَ وَ أَشَارَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى عُثْمَانَ بِقَتْلِهِ بِهِمْ فَأَبَى، ثم ذكر في الكامل 1693 رواية يتضمّن 1694 عفو ابن هرمزان عن عبيد اللّه، و أنّ عثمان مكّنه من
قتله، ثم قال: و الأول أصحّ، لأنّ عليّا عليه السلام لّما ولي الخلافة أراد قتله فهرب منه إلى معاوية بالشام، و لو كان إطلاقه بأمر وليّ الدم لم يتعرّض له عليّ عليه السلام. انتهى 1695 .
و إذا تأمّلت فيما نقلنا لا يبقى لك ريب في بطلان ما أجاب به المتعصّبون من المتأخّرين، و كفى في طعنه معارضته أمير المؤمنين عليه السلام الذي لا يفارق الحقّ باتّفاقهم معه في ذلك، و اللّه العاصم عن الفتن و المهالك.
العاشر: