کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
48- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيٌّ ع قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ص الرَّجُلُ مِنَّا يَصُومُ وَ يُصَلِّي فَيَأْتِيهِ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ إِنَّكَ مُرَاءٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلْيَقُلْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ ذَلِكَ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ شَيْئاً وَ أَنَا أَعْلَمُ وَ أَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ.
49- نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ اعْمَلُوا فِي غَيْرِ رِيَاءٍ وَ لَا سُمْعَةٍ فَإِنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ لِغَيْرِ اللَّهِ يَكِلْهُ اللَّهُ إِلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ 12626 .
50- مُنْيَةُ الْمُرِيدِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ قَالُوا وَ مَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُوَ الرِّيَاءُ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جَازَى الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمُ الْجَزَاءَ.
- وَ قَالَ ص اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْخِزْيِ قِيلَ وَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ أُعِدَّ لِلْمُرَائِينَ.
- وَ قَالَ ص إِنَّ الْمُرَائِيَ يُنَادَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا فَاجِرُ يَا غَادِرُ يَا مُرَائِي ضَلَّ عَمَلُكَ وَ بَطَلَ أَجْرُكَ اذْهَبْ فَخُذْ أَجْرَكَ مِمَّنْ كُنْتَ تَعْمَلُ لَهُ.
- وَ رَوَى جَرَّاحٌ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ الْآيَةَ قَالَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ شَيْئاً مِنَ الثَّوَابِ لَا يَطْلُبُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَ إِنَّمَا يَطْلُبُ تَزْكِيَةَ النَّاسِ يَشْتَهِي أَنْ يُسْمِعَ بِهِ النَّاسَ فَهَذَا الَّذِي أَشْرَكَ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.
وَ عَنْهُ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ الْمَلَكَ يَصْعَدُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مُبْتَهِجاً بِهِ فَإِذَا صَعِدَ بِحَسَنَاتِهِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اجْعَلُوهَا فِي سِجِّينٍ إِنَّهُ لَيْسَ إِيَّايَ أَرَادَ بِهِ.
- وَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ لِلْمُرَائِي يَنْشَطُ إِذَا رَأَى النَّاسَ وَ يَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ يُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ.
51- عِدَّةُ الدَّاعِي، عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ مَنْ أَشْرَكَ مَعِي شَرِيكاً فِي عَمَلِهِ فَهُوَ لِشَرِيكِي دُونِي لِأَنِّي لَا أَقْبَلُ إِلَّا مَا أُخْلِصَ لِي.
- وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ إِنِّي أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا ثُمَّ أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَ هُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ فِيهِ دُونِي.
- وَ قَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً وَ مَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِخْلَاصِ حَتَّى لَا يُحِبَّ أَنْ يُحْمَدَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَمَلٍ لِلَّهِ.
- وَ قَالَ ص يَا بَا ذَرٍّ لَا يَفْقَهُ الرَّجُلُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى يَرَى النَّاسَ أَمْثَالَ الْأَبَاعِرِ فَلَا يَحْفِلُ بِوُجُودِهِمْ وَ لَا يُغَيِّرُهُ ذَلِكَ كَمَا لَا يُغَيِّرُهُ وُجُودُ بَعِيرٍ عِنْدَهُ ثُمَّ يَرْجِعَ هُوَ إِلَى نَفْسِهِ فَيَكُونَ أَعْظَمَ حَاقِرٍ لَهَا.
- وَ قَالَ ص وَ قَدْ سُئِلَ فِيمَ النَّجَاةُ قَالَ أَنْ لَا يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِطَاعَةِ اللَّهِ يُرِيدُ بِهَا النَّاسَ.
- وَ قَالَ ص إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ عَمَلًا فِيهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ رِئَاءٍ.
- وَ قَالَ ص إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ قَالُوا وَ مَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الرِّئَاءُ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا جَازَى الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِي كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا هَلْ تَجِدُونَ ثَوَابَ أَعْمَالِكُمْ.
- وَ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ لَأَعْبُدَنَّ اللَّهَ عِبَادَةً أُذْكَرُ بِهَا فَمَكَثَ مُدَّةً مُبَالِغاً فِي الطَّاعَاتِ وَ جَعَلَ لَا يَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا قَالُوا مُتَصَنِّعٌ مُرَاءٍ فَأَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ وَ قَالَ قَدْ أَتْعَبْتَ نَفْسَكَ وَ ضَيَّعْتَ عُمُرَكَ فِي لَا شَيْءٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فَغَيَّرَ نِيَّتَهُ وَ أَخْلَصَ عَمَلَهُ لِلَّهِ فَجَعَلَ لَا يَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا قَالُوا وَرِعٌ تَقِيٌّ.
- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ آثَرَ مَحَامِدَ اللَّهِ عَلَى مَحَامِدِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ
مَئُونَةَ النَّاسِ.
- وَ قَالَ ص مَنْ أَصْلَحَ أَمْرَ آخِرَتِهِ أَصْلَحَ اللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَ مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ النَّاسِ 12627 .
52- أَسْرَارُ الصَّلَاةِ، عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: إِنَّ الْجَنَّةَ تَكَلَّمَتْ وَ قَالَتْ إِنِّي حَرَامٌ عَلَى كُلِّ بَخِيلٍ وَ مُرَاءٍ.
- وَ عَنْهُ ص قَالَ: إِنَّ النَّارَ وَ أَهْلَهَا يَعِجُّونَ مِنْ أَهْلِ الرِّئَاءِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَعِجُّ النَّارُ قَالَ مِنْ حَرِّ النَّارِ الَّتِي يُعَذَّبُونَ بِهَا.
- وَ عَنْهُ ص أَنَّ أَوَّلَ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَ رَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ رَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْقَارِي أَ لَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي فَيَقُولُ بَلَى يَا رَبِّ فَيَقُولُ مَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ قُمْتُ بِهِ فِي آنَاءِ اللَّيْلِ وَ أَطْرَافِ النَّهَارِ فَيَقُولُ اللَّهُ كَذَبْتَ وَ تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ وَ يُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَ لَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ الْمَالَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ فَيَقُولُ بَلَى يَا رَبِّ فَيَقُولُ فَمَا عَمِلْتَ بِمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَ أَتَصَدَّقُ فَيَقُولُ اللَّهُ كَذَبْتَ وَ تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَوَادٌ وَ قَدْ قِيلَ ذَلِكَ وَ يُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ مَا فَعَلْتَ فَيَقُولُ أَمَرْتَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ فَيَقُولُ اللَّهُ كَذَبْتَ وَ تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ شُجَاعٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أُولَئِكَ خَلْقُ اللَّهِ تُسْعَرُ بِهِمْ نَارُ جَهَنَّمَ.
باب 117 استكثار الطاعة و العجب بالأعمال
الآيات النساء أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا 12628 النجم هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى 12629
1- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِنْ وُلْدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَسَارٍ يَرْفَعُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا ابْتُلِيَ مُؤْمِنٌ بِذَنْبٍ أَبَداً 12630 .
بيان: العجب استعظام العمل الصالح و استكثاره و الابتهاج له و الإدلال به و أن يرى نفسه خارجا عن حد التقصير و أما السرور به مع التواضع له تعالى و الشكر له على التوفيق لذلك و طلب الاستزادة منه فهو حسن ممدوح.
قال الشيخ البهائي قدس الله روحه لا ريب أن من عمل أعمالا صالحة من صيام الأيام و قيام الليالي و أمثال ذلك يحصل لنفسه ابتهاج فإن كان من حيث كونها عطية من الله له و نعمة منه تعالى عليه و كان مع ذلك خائفا من نقصها شفيقا من زوالها طالبا من الله الازدياد منها لم يكن ذلك الابتهاج عجبا و إن كان من حيث كونها صفته و قائمة به و مضافة إليه فاستعظمها و ركن إليها و رأى نفسه خارجا عن حد التقصير و صار كأنه يمن على الله سبحانه بسببها
فذلك هو العجب انتهى.
و الخبر يدل على أن العجب أشد من الذنب أي من ذنوب الجوارح فإن العجب ذنب القلب و ذلك أن الذنب يزول بالتوبة و يكفر بالطاعات و العجب صفة نفسانية يشكل إزالتها و يفسد الطاعات و يهبطها عن درجة القبول و للعجب آفات كثيرة فإنه يدعو إلى الكبر كما عرفت و مفاسد الكبر ما عرفت بعضها و أيضا العجب يدعو إلى نسيان الذنوب و إهمالها فبعض ذنوبه لا يذكرها و لا يتفقدها لظنه أنه مستغن عن تفقدها فينساها و ما يتذكر منها فيستصغرها فلا يجتهد في تداركها و أما العبادات و الأعمال فإنه يستعظمها و يتبجح بها و يمن على الله بفعلها و ينسى نعمة الله عليه بالتوفيق و التمكين منها.
ثم إذا أعجب بها عمي عن آفاتها و من لم يتفقد آفات الأعمال كان أكثر سعيه ضائعا فإن الأعمال الظاهرة إذا لم تكن خالصة نقية عن الشوائب قلما ينفع و إنما يتفقد من يغلب عليه الإشفاق و الخوف دون العجب و المعجب يغتر بنفسه و بربه و يأمن مكر الله و عذابه و يظن أنه عند الله بمكان و أن له على الله منة و حقا بأعماله التي هي نعمة من نعمه و عطية من عطاياه ثم إن إعجابه بنفسه و رأيه و علمه و عقله يمنعه من الاستفادة و الاستشارة و السؤال فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه و ربما يعجب بالرأي الخطإ الذي خطر له فيصر عليه و آفات العجب أكثر من أن تحصى.
2- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ نَضْرِ بْنِ قِرْوَاشٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَتَى عَالِمٌ عَابِداً فَقَالَ لَهُ كَيْفَ صَلَاتُكَ فَقَالَ مِثْلِي يُسْأَلُ عَنْ عِبَادَتِهِ وَ أَنَا أَعْبُدُ اللَّهَ مُنْذُ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ كَيْفَ بُكَاؤُكَ قَالَ أَبْكِي حَتَّى تَجْرِيَ دُمُوعِي فَقَالَ لَهُ الْعَالِمُ فَإِنَّ ضَحِكَكَ وَ أَنْتَ خَائِفٌ أَفْضَلُ مِنْ بُكَائِكَ وَ أَنْتَ مُدِلٌّ وَ إِنَّ الْمُدِلَّ لَا يَصْعَدُ مِنْ عَمَلِهِ شَيْءٌ 12631 .
بيان: القرواش بالكسر الطفيلي أو عظيم الرأس و المدل على بناء الفاعل من الإفعال المنبسط المسرور الذي لا خوف له من التقصير في العمل في النهاية فيه يمشي على الصراط 12632 مدلا أي منبسطا لا خوف عليه و هو من الإدلال و الدالة على من لك عنده منزلة و في القاموس دل المرأة و دلالها تدللها على زوجها تريه جرأة في تغنج و تشكل كأنها تخالفه و ما بها خلاف و أدل عليه انبسط كتدلل و أوثق بمحبته فأفرط عليه و الدالة ما تدل به على حميمك 12633 انتهى.
و الضحك مع الخوف هو الضحك الظاهري مع الخوف القلبي كما مر في صفات المؤمن بشره في وجهه و حزنه في قلبه و الحاصل أن المدار على القلب و لا يصلح المرء إلا بإصلاح قلبه و إخراج العجب و الكبر و الرياء منه و تذليله بالخوف و الخشية و التفكر في أهوال الآخرة و شرائط الأعمال و كثرة نعم الله عليه و أمثال ذلك و يدل الخبر على أن العالم أفضل من العابد و أن العبادة بدون العلم الحقيقي لا تنفع.
قال بعض المحققين اعلم أن العجب إنما يكون بوصف هو كمال لا محالة و للعالم بكمال نفسه في علم و عمل و مال و غيره حالتان إحداهما أن يكون خائفا على زواله مشفقا على تكدره أو سلبه من أصله فهذا ليس بمعجب و الأخرى أن لا يكون خائفا من زواله لكن يكون فرحا من حيث إنه نعمة من الله تعالى عليه لا من حيث إضافته إلى نفسه و هذا أيضا ليس بمعجب و له حالة ثالثة هي العجب و هو أن يكون غير خائف عليه بل يكون فرحا به مطمئنا إليه و يكون فرحه من حيث إنه كمال و نعمة و رفعة و خير لا من حيث إنه عطية من الله تعالى و نعمة منه فيكون فرحه به من حيث إنه صفته و منسوب إليه بأنه له لا من حيث إنه منسوب إلى الله بأنه منه فمهما غلب على قلبه أنه نعمة من الله مهما شاء سلبها زال العجب بذلك عن نفسه.
فإذا العجب هو إعظام النعمة و الركون إليها مع نسيان إضافتها إلى المنعم
فإن انضاف إلى ذلك أن غلب على نفسه أن له عند الله حقا و أنه منه بمكان حتى توقع بعلمه كرامة له في الدنيا و استبعد أن يجري عليه مكروه استبعادا يزيد على استبعاده فيما يجري على الفساق سمي هذا إدلالا بالعمل فكأنه يرى لنفسه على الله دالة.
و كذلك قد يعطي غيره شيئا فيستعظمه و يمن عليه فيكون معجبا فإن استخدمه أو اقترح عليه الاقتراحات أو استبعد تخلفه عن قضاء حقوقه كان مدلا عليه قال قتادة في قوله تعالى وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ 12634 أي لا تدل بعملك و في الخبر أن صلاة المدل لا ترتفع فوق رأسه و لأن تضحك و أنت معترف بذنبك خير من أن تبكي و أنت تدل بعملك و الإدلال وراء العجب فلا مدل إلا و هو معجب و رب معجب لا يدل إذ العجب يحصل بالاستعظام و نسيان النعمة دون توقع جزاء عليه و الإدلال لا يتم إلا مع توقع جزاء فإن توقع إجابة دعوته و استنكر ردها بباطنه و تعجب كان مدلا بعمله فإنه لا يتعجب من رد دعاء الفساق و يتعجب من رد دعاء نفسه لذلك فهذا هو العجب و الإدلال و هو من مقدمات الكبر و أسبابه.
3- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ أَخِيهِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ دَخَلَهُ الْعُجْبُ هَلَكَ 12635 .