کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الجزء الخامس و الأربعون
تتمة كتاب تاريخ فاطمة و الحسن و الحسين ع
تتمة أبواب ما يختص بتاريخ الحسين بن علي صلوات الله عليهما
بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه
2- فلما كان الغداة أمر الحسين ع بفسطاطه فضرب و أمر بجفنة فيها مسك كثير فجعل فيها نورة ثم دخل ليطلي فروي أن برير بن خضير الهمداني و عبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري وقفا على باب الفسطاط ليطليا بعده فجعل برير يضاحك عبد الرحمن فقال له عبد الرحمن يا برير أ تضحك ما هذه ساعة باطل فقال برير لقد علم قومي أنني ما أحببت الباطل كهلا و لا شابا و إنما أفعل ذلك استبشارا بما نصير إليه فو الله ما هو إلا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعاجلهم ساعة ثم نعانق الحور العين 21878 .
رَجَعْنَا إِلَى رِوَايَةِ الْمُفِيدِ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِنِّي جَالِسٌ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي قُتِلَ أَبِي فِي صَبِيحَتِهَا وَ عِنْدِي عَمَّتِي زَيْنَبُ تُمَرِّضُنِي 21879 إِذِ اعْتَزَلَ أَبِي فِي خِبَاءٍ لَهُ وَ عِنْدَهُ فُلَانٌ 21880 مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَ هُوَ يُعَالِجُ سَيْفَهُ وَ يُصْلِحُهُ
وَ أَبِي يَقُولُ
يَا دَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِيلٍ -
كَمْ لَكَ بِالْإِشْرَاقِ وَ الْأَصِيلِ
مِنْ صَاحِبٍ وَ طَالِبٍ قَتِيلٍ -
وَ الدَّهْرُ لَا يَقْنَعُ بِالْبَدِيلِ
وَ إِنَّمَا الْأَمْرُ إِلَى الْجَلِيلِ -
وَ كُلُّ حَيٍّ سَالِكٌ سَبِيلِي
فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً حَتَّى فَهِمْتُهَا وَ عَلِمْتُ مَا أَرَادَ فَخَنَقَتْنِيَ الْعَبْرَةُ فَرَدَدْتُهَا وَ لَزِمْتُ السُّكُوتَ وَ عَلِمْتُ أَنَّ الْبَلَاءَ قَدْ نَزَلَ وَ أَمَّا عَمَّتِي فَلَمَّا سَمِعَتْ مَا سَمِعْتُ وَ هِيَ امْرَأَةٌ وَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ الرِّقَّةُ وَ الْجَزَعُ فَلَمْ تَمْلِكْ نَفْسَهَا أَنْ وَثَبَتْ تَجُرُّ ثَوْبَهَا وَ هِيَ حَاسِرَةٌ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ وَ قَالَتْ وَا ثُكْلَاهْ لَيْتَ الْمَوْتَ أَعْدَمَنِيَ الْحَيَاةَ الْيَوْمَ مَاتَتْ أُمِّي فَاطِمَةُ وَ أَبِي عَلِيٌّ وَ أَخِيَ الْحَسَنُ يَا خَلِيفَةَ الْمَاضِي وَ ثِمَالَ الْبَاقِي فَنَظَرَ إِلَيْهَا الْحُسَيْنُ ع وَ قَالَ لَهَا يَا أُخْتَهْ لَا يَذْهَبَنَّ حِلْمَكِ الشَّيْطَانُ وَ تَرَقْرَقَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَ قَالَ لَوْ تُرِكَ الْقَطَا لَيْلًا لَنَامَ 21881 فَقَالَتْ يَا وَيْلَتَاهْ أَ فَتُغْتَصَبُ نَفْسُكَ اغْتِصَاباً 21882 فَذَلِكَ أَقْرَحُ لِقَلْبِي وَ أَشَدُّ عَلَى نَفْسِي ثُمَّ لَطَمَتْ وَجْهَهَا وَ هَوَتْ إِلَى جَيْبِهَا وَ شَقَّتْهُ وَ خَرَّتْ مَغْشِيَّةً عَلَيْهَا فَقَامَ إِلَيْهَا الْحُسَيْنُ ع فَصَبَّ عَلَى وَجْهِهَا الْمَاءَ وَ قَالَ لَهَا يَا أُخْتَاهْ اتَّقِي اللَّهَ وَ تَعَزَّيْ بِعَزَاءِ اللَّهِ وَ اعْلَمِي أَنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ يَمُوتُونَ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ لَا يَبْقَوْنَ وَ أَنَ
كُلَّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ وَ يَبْعَثُ الْخَلْقَ وَ يَعُودُونَ وَ هُوَ فَرْدٌ وَحْدَهُ وَ أَبِي خَيْرٌ مِنِّي وَ أُمِّي خَيْرٌ مِنِّي وَ أَخِي خَيْرٌ مِنِّي وَ لِي وَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ بِرَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ فَعَزَّاهَا بِهَذَا وَ نَحْوِهِ وَ قَالَ لَهَا يَا أُخْتَاهْ إِنِّي أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ فَأَبِرِّي قَسَمِي- لَا تَشُقِّي عَلَيَّ جَيْباً وَ لَا تَخْمِشِي عَلَيَّ وَجْهاً وَ لَا تَدْعَيْ عَلَيَّ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ إِذَا أَنَا هَلَكْتُ ثُمَّ جَاءَ بِهَا حَتَّى أَجْلَسَهَا عِنْدِي ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْرِنَ بَعْضُهُمْ بُيُوتَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَ أَنْ يُدْخِلُوا الْأَطْنَابَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ وَ أَنْ يَكُونُوا بَيْنَ الْبُيُوتِ فَيُقْبِلُوا الْقَوْمَ فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ وَ الْبُيُوتُ مِنْ وَرَائِهِمْ وَ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَ عَنْ شَمَائِلِهِمْ قَدْ حَفَّتْ بِهِمْ إِلَّا الْوَجْهَ الَّذِي يَأْتِيهِمْ مِنْهُ عَدُوُّهُمْ وَ رَجَعَ ع إِلَى مَكَانِهِ فَقَامَ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا يُصَلِّي وَ يَسْتَغْفِرُ وَ يَدْعُو وَ يَتَضَرَّعُ وَ قَامَ أَصْحَابُهُ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ وَ يَدْعُونَ وَ يَسْتَغْفِرُونَ 21883 وَ قَالَ فِي الْمَنَاقِبِ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ خَفَقَ الْحُسَيْنُ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ أَ تَعْلَمُونَ مَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي السَّاعَةَ فَقَالُوا وَ مَا الَّذِي رَأَيْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَأَيْتُ كَأَنَّ كِلَاباً قَدْ شَدَّتْ عَلَيَّ لِتَنْهَشَنِي وَ فِيهَا كَلْبٌ أَبْقَعُ رَأَيْتُهُ أَشَدَّهَا عَلَيَّ وَ أَظُنُّ أَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى قَتْلِي رَجُلٌ أَبْرَصُ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ ثُمَّ إِنِّي رَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ جَدِّي رَسُولَ اللَّهِ ص وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ يَقُولُ لِي يَا بُنَيَّ أَنْتَ شَهِيدُ آلِ مُحَمَّدٍ وَ قَدِ اسْتَبْشَرَ بِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلُ الصَّفِيحِ الْأَعْلَى فَلْيَكُنْ إِفْطَارُكَ عِنْدِي اللَّيْلَةَ عَجِّلْ وَ لَا تُؤَخِّرْ فَهَذَا مَلَكٌ قَدْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ لِيَأْخُذَ دَمَكَ فِي قَارُورَةٍ خَضْرَاءَ فَهَذَا مَا رَأَيْتُ وَ قَدْ أَزِفَ الْأَمْرُ 21884 وَ اقْتَرَبَ الرَّحِيلُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ و قال المفيد قال الضحاك بن عبد الله: و مرت بنا خيل لابن سعد تحرسنا و إن حسينا ع ليقرأ وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ
حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ 21885 فسمعها من تلك الخيل رجل يقال له عبد الله ابن سمير و كان مضحاكا و كان شجاعا بطلا فارسا شريفا فاتكا فقال نحن و رب الطيبون ميزنا بكم فقال له برير بن الخضير يا فاسق أنت يجعلك الله من الطيبين قال له من أنت ويلك قال أنا برير بن الخضير فتسابا.
و أصبح الحسين فعبأ أصحابه بعد صلاة الغداة و كان معه اثنان و ثلاثون فارسا و أربعون راجلا و قال محمد بن أبي طالب و في رواية أخرى اثنان و ثمانون راجلا و قال السيد رُوِيَ عَنِ الْبَاقِرِ ع أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَةً وَ أَرْبَعِينَ فَارِساً وَ مِائَةَ رَاجِلٍ و كذا قال ابن نما و قال المفيد فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه و حبيب بن مظاهر في ميسرة أصحابه و أعطى رايته العباس أخاه و جعلوا البيوت في ظهورهم و أمر بحطب و قصب كان من وراء البيوت أن يترك في خندق كان قد حفر هناك و أن يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم.
و أصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم و هو يوم الجمعة و قيل يوم السبت فعبأ أصحابه و خرج فيمن معه من الناس نحو الحسين و كان على ميمنته عمرو بن الحجاج و على ميسرته شمر بن ذي الجوشن و على الخيل عروة بن قيس و على الرجالة شبث بن ربعي و أعطى الراية دريدا مولاه و قال محمد بن أبي طالب و كانوا نيفا على اثنين و عشرين ألفا و في رواية عن الصادق ع ثلاثين ألفا.