کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فوجدت العلم كله في كتاب الله العزيز الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ و أخبار أهل بيت الرسالة الذين جعلهم الله خزانا لعلمه و تراجمة لوحيه و علمت أن علم القرآن لا يفي أحلام العباد باستنباطه على اليقين و لا يحيط به إلا من انتجبه الله لذلك من أئمة الدين الذين نزل في بيتهم الروح الأمين فتركت ما ضيعت زمانا من عمري فيه مع كونه هو الرائج في دهرنا و أقبلت على ما علمت أنه سينفعني في معادي مع كونه كاسدا في عصرنا فاخترت الفحص عن أخبار الأئمة الطاهرين الأبرار سلام الله عليهم و أخذت في البحث عنها و أعطيت النظر فيها حقه و أوفيت التدرب فيها حظه.
و لعمري لقد وجدتها سفينة نجاة مشحونة بذخائر السعادات و ألفيتها 1000 فلكا مزينا بالنيرات المنجية عن ظلم الجهالات و رأيت سبلها لائحة و طرقها واضحة و أعلام الهداية و الفلاح على مسالكها مرفوعة و أصوات الداعين إلى الفوز و النجاح في مناهجها مسموعة و وصلت في سلوك شوارعها إلى رياض نضرة و حدائق خضرة مزينة بأزهار كل علم و ثمار كل حكمة و أبصرت في طي منازلها طرقا مسلوكة معمورة موصلة إلى كل شرف و منزلة فلم أعثر على حكمة إلا و فيها صفوها و لم أظفر بحقيقة إلا و فيها أصلها.
ثم بعد الإحاطة بالكتب المتداولة المشهورة تتبعت الأصول المعتبرة المهجورة التي تركت في الأعصار المتطاولة و الأزمان المتمادية إما لاستيلاء سلاطين المخالفين و أئمة الضلال أو لرواج العلوم الباطلة بين الجهال المدعين للفضل و الكمال أو لقلة اعتناء جماعة من المتأخرين بها اكتفاء بما اشتهر منها لكونها أجمع و أكفى و أكمل و أشفى من كل واحد منها.
فطفقت أسأل عنها في شرق البلاد و غربها حينا و ألح في الطلب لدى كل من أظن عنده شيئا من ذلك و إن كان به ضنينا 1001 و لقد ساعدني على ذلك جماعة من
الإخوان ضربوا في البلاد لتحصيلها و طلبوها في الأصقاع و الأقطار طلبا حثيثا حتى اجتمع عندي بفضل ربي كثير من الأصول المعتبرة التي كان عليها معول العلماء في الأعصار الماضية و إليها رجوع الأفاضل في القرون الخالية فألفيتها مشتملة على فوائد جمة خلت عنها الكتب المشهورة المتداولة و اطلعت فيها على مدارك كثير من الأحكام اعترف الأكثرون بخلو كل منها عما يصلح أن يكون مأخذا له فبذلت غاية جهدي في ترويجها و تصحيحها و تنسيقها و تنقيحها.
و لما رأيت الزمان في غاية الفساد و وجدت أكثر أهلها حائدين 1002 عما يؤدي إلى الرشاد خشيت أن ترجع عما قليل إلى ما كانت عليه من النسيان و الهجران و خفت أن يتطرق إليها التشتت لعدم مساعدة الدهر الخوان و مع ذلك كانت الأخبار المتعلقة بكل مقصد منها متفرقا في الأبواب متبددا في الفصول قلما يتيسر لأحد العثور على جميع الأخبار المتعلقة بمقصد من المقاصد منها و لعل هذا أيضا كان أحد أسباب تركها و قلة رغبة الناس في ضبطها.
فعزمت بعد الاستخارة من ربي و الاستعانة بحوله و قوته و الاستمداد من تأييده و رحمته على تأليفها و نظمها و ترتيبها و جمعها في كتاب متسقة 1003 الفصول و الأبواب مضبوطة المقاصد و المطالب على نظام غريب و تأليف عجيب لم يعهد مثله في مؤلفات القوم و مصنفاتهم فجاء بحمد الله كما أردت على أحسن الوفاء و أتاني بفضل ربي فوق ما مهدت و قصدت على أفضل الرجاء فصدرت كل باب بالآيات المتعلقة بالعنوان ثم أوردت بعدها شيئا مما ذكره بعض المفسرين فيها إن احتاجت إلى التفسير و البيان ثم إنه قد حاز كل باب منه إما تمام الخبر المتعلق بعنوانه أو الجزء الذي يتعلق به مع إيراد تمامه في موضع آخر أليق به أو الإشارة إلى المقام المذكور فيه لكونه أنسب بذلك المقام رعاية لحصول الفائدة المقصودة مع الإيجاز التام و أوضحت ما يحتاج من الأخبار إلى الكشف ببيان شاف على غاية الإيجاز
لئلا تطول الأبواب و يكثر حجم الكتاب فيعسر تحصيله على الطلاب و في بالي إن أمهلني الأجل و ساعدني فضله عز و جل أن أكتب عليه شرحا كاملا يحتوي على كثير من المقاصد التي لم توجد في مصنفات الأصحاب و أشبع فيها الكلام لأولي الألباب.
و من الفوائد الطريفة لكتابنا اشتماله على كتب و أبواب كثيرة الفوائد جمة العوائد أهملها مؤلفو أصحابنا رضوان الله عليهم فلم يفردوا لها كتابا و لا بابا ككتاب العدل و المعاد و ضبط تواريخ الأنبياء و الأئمة ع و كتاب السماء و العالم المشتمل على أحوال العناصر و المواليد و غيرها مما لا يخفى على الناظر فيه.
فيا معشر إخوان الدين المدعين لولاء أئمة المؤمنين أقبلوا نحو مأدبتي 1004 هذه مسرعين و خذوها بأيدي الإذعان و اليقين فتمسكوا بها واثقين إن كنتم فيما تدعون صادقين و لا تكونوا من الذين يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ و يترشح من فحاوي كلامهم مطاوي جنوبهم و لا من الذين أشربوا في قلوبهم حب البدع و الأهواء بجهلهم و ضلالهم و زيفوا 1005 ما روجته الملل الحقة بما زخرفته منكرو الشرائع بمموهات 1006 أقوالهم.
فيا بشرى لكم ثم بشرى لكم إخواني بكتاب جامعة المقاصد طريفة الفرائد لم تأت الدهور بمثله حسنا و بهاء و أنجم طالع من أفق الغيوب لم ير الناظرون ما يدانيه نورا و ضياء و صديق شفيق لم يعهد في الأزمان السالفة شبهه صدقا و وفاء كفاك عماك يا منكر علو أفنانه 1007 و سمو أغصانه حسدا و عنادا و عمها 1008 و حسبك ريبك يا من لم يعترف برفعة شأنه و حلاوة بيانه جهلا و ضلالا و بلها و لاشتماله على أنواع العلوم و الحكم و الأسرار و إغنائه عن جميع كتب الأخبار سميته بكتاب
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار فأرجو من فضله سبحانه على عبده الراجي رحمته و امتنانه أن يكون كتابي هذا إلى قيام قائم آل محمد عليهم الصلاة و السلام و التحية و الإكرام مرجعا للأفاضل الكرام و مصدرا لكل من طلب علوم الأئمة الأعلام و مرغما للملاحدة اللئام و أن يجعله لي في ظلمات القيامة ضياء و نورا و من مخاوف يوم الفزع الأكبر أمنا و سرورا و في مخازي يوم الحساب كرامة و حبورا 1009 و في الدنيا مدى الأعصار ذكرا موفورا فإنه المرجو لكل فضل و رحمة و ولي كل نعمة و صاحب كل حسنة و الحمد لله أولا و آخرا و صلى الله على محمد و أهل بيته الغر الميامين النجباء المكرمين و لنقدم قبل الشروع في الأبواب مقدمة لتمهيد ما اصطلحنا عليه في كتابنا هذا و بيان ما لا بد من معرفته في الاطلاع على فوائده و هي تشتمل على فصول.
الفصل الأول في بيان الأصول و الكتب المأخوذ منها و هي 1010
كتاب عيون أخبار الرضا ع و كتاب علل الشرائع و الأحكام و كتاب إكمال الدين و إتمام النعمة في الغيبة و كتاب التوحيد و كتاب الخصال و كتاب الأمالي و المجالس و كتاب ثواب الأعمال و عقاب الأعمال و كتاب معاني الأخبار و كتاب الهداية و رسالة العقائد و كتاب صفات الشيعة و كتاب فضائل الشيعة و كتاب مصادقة الإخوان و كتاب فضائل الأشهر الثلاثة و كتاب النصوص
و كتاب المقنع كلها للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضوان الله عليه.
و كتاب الإمامة و التبصرة من الحيرة للشيخ الأجل أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه والد الصدوق طيب الله تربتهما و أصل آخر منه أو من غيره من القدماء المعاصرين له و يظهر من بعض القرائن أنه تأليف الشيخ الثقة الجليل هارون بن موسى التلعكبري رحمه الله.
و كتاب قرب الإسناد للشيخ الجليل الثقة أبي جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك الحميري القمي و ظني أن الكتاب لوالده و هو راو له كما صرح به النجاشي و إن كان الكتاب له كما صرح به ابن إدريس رحمه الله فالوالد متوسط بينه و بين ما أوردناه من أسانيد كتابه.
و كتاب بصائر الدرجات للشيخ الثقة العظيم الشأن محمد بن الحسن الصفار و كتاب المجالس الشهير بالأمالي و كتاب الغيبة و كتاب المصباح الكبير و كتاب المصباح الصغير و كتاب الخلاف و كتاب المبسوط و كتاب النهاية و كتاب الفهرست و كتاب الرجال و كتاب تفسير التبيان و كتاب تلخيص الشافي و كتاب العدة في أصول الفقه و كتاب الإقتصاد و كتاب الإيجاز في الفرائض و كتاب الجمل و أجوبة المسائل الحائرية و غيرها من الرسائل كلها لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه.
و كتاب الإرشاد و كتاب المجالس و كتاب النصوص و كتاب الإختصاص و الرسالة الكافية في إبطال توبة الخاطئة و رسالة مسار الشيعة في مختصر التواريخ الشرعية و كتاب المقنعة و كتاب العيون و المحاسن المشتهر بالفصول و كتاب المقالات و كتاب المزار و كتاب إيمان أبي طالب و رسائل ذبائح أهل الكتاب و المتعة و سهو النبي و نومه ص عن الصلاة و تزويج أمير المؤمنين ع بنته من عمر و وجوب المسح و أجوبة المسائل السروية و العكبرية و الإحدى و الخمسين و غيرها و شرح عقائد الصدوق كلها للشيخ الجليل المفيد محمد بن
محمد بن النعمان قدس الله لطيفه 1011 .
و كتاب المجالس الشهير بالأمالي للشيخ الجليل أبي علي الحسن بن شيخ الطائفة قدس الله روحهما.
و كتاب كامل الزيارة للشيخ النبيل الثقة أبي القاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه.
و كتاب المحاسن و الآداب للشيخ الكامل الثقة أحمد بن محمد بن خالد البرقي و كتاب التفسير للشيخ الجليل الثقة علي بن إبراهيم بن هاشم القمي و كتاب العلل لولده الجليل محمد.
و كتاب التفسير لمحمد بن مسعود السلمي المعروف بالعياشي الشيخ الثقة الراوية للأخبار.
و كتاب التفسير المنسوب إلى الإمام الهمام الصمصام الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه و على آبائه و ولده الخلف الحجة.
و كتاب روضة الواعظين و تبصرة المتعظين للشيخ محمد بن علي بن أحمد الفارسي و أخطأ جماعة و نسبوه إلى الشيخ المفيد و قد صرح بما ذكرناه ابن شهرآشوب في المناقب و الشيخ منتجب الدين في الفهرست و العلامة رحمه الله في رسالة الإجازة و غيرهم و ذكر العلامة سنده إلى هذا الكتاب كما سنذكره في المجلد الآخر من الكتاب إن شاء الله تعالى.
ثم اعلم أن العلامة رحمه الله ذكر اسم المؤلف كما ذكرنا و سيظهر من كلام ابن شهرآشوب أن المؤلف محمد بن الحسن بن علي الفتال الفارسي و أن صاحب التفسير و صاحب الروضة واحد و كذا ذكره في كتاب معالم العلماء و يظهر من كلام الشيخ منتجب الدين في فهرسته أنهما اثنان حيث قال محمد بن علي الفتال النيسابوري صاحب التفسير ثقة و أي ثقة و قال بعد فاصلة كثيرة الشيخ الشهيد محمد بن أحمد الفارسي مصنف كتاب روضة الواعظين.
و قال ابن داود في كتاب الرجال محمد بن أحمد بن علي الفتال النيسابوري المعروف بابن الفارسي (لم خج) 1012 متكلم جليل القدر فقيه عالم زاهد ورع قتله أبو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور الملقب بشهاب الإسلام لعنه الله انتهى و يظهر من كلامه أن اسم أبيه أحمد و أما نسبته إلى رجال الشيخ فلا يخفى سهوه فيه إذ ليس في رجال الشيخ منه أثر مع أن هذا الرجل زمانه متأخر عن زمان الشيخ بكثير كما يظهر من فهرست الشيخ منتجب الدين و من إجازة العلامة و من كلام ابن شهرآشوب و على أي حال يظهر مما نقلنا جلالة المؤلف و أن كتابه كان من الكتب المشهورة عند الشيعة.
و كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى و رسالة الآداب الدينية و تفسير مجمع البيان و تفسير جامع الجوامع كلها للشيخ أمين الدين أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي المجمع على جلالته و فضله و ثقته.
و كتاب مكارم الأخلاق و ينسب إلى الشيخ المذكور أبي علي و هو غير صواب بل هو تأليف أبي نصر الحسن بن الفضل ابنه كما صرح به ولده الخلف في كتاب مشكاة الأنوار و الكفعمي فيما ألحق بالدروع الواقية و في البلد الأمين و كتاب مشكاة الأنوار لسبط الشيخ أبي علي الطبرسي ألفه تتميما لمكارم الأخلاق تأليف والده الجليل.
و كتاب الإحتجاج و ينسب هذا أيضا إلى أبي علي و هو خطأ بل هو تأليف أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي كما صرح به السيد بن طاوس في كتاب كشف المحجة و ابن شهرآشوب في معالم العلماء و سيظهر لك مما سننقل من كتاب المناقب لابن شهرآشوب أيضا.