کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
باب 5 البعد بين البئر و البالوعة
1- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْبِئْرِ يَتَوَضَّأُ مِنْهَا الْقَوْمُ وَ إِلَى جَانِبِهَا بَالُوعَةٌ قَالَ إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ وَ كَانَتِ الْبِئْرُ الَّتِي يَسْتَقُونَ مِنْهَا يَلِي الْوَادِيَ فَلَا بَأْسَ 1211 .
توضيح و تنقيح اعلم أن المشهور أن البئر لا تنجس بالبالوعة و إن تقاربتا إلا أن يعلم وصول نجاستها إلى الماء بناء على القول بالانفعال أو بتغيره بناء على عدمه ثم المشهور استحباب التباعد بينهما بمقدار خمس أذرع إن كانت البئر فوق البالوعة أو كانت الأرض صلبة و إلا فسبع و منهم من اعتبر الفوقية بحسب الجهة على أن جهة الشمال أعلى فحصلت الفوقية و التحتية و التساوي بحسب الجهة و منهم من قسم التساوي إلى الشرقية و الغربية فتصير أقسام المسألة باعتبار صلابة الأرض و رخاوتها و كون البئر أعلى بسب القرار أو أسفل أو مساويا و كونها في جهة المشرق أو المغرب أو الجنوب أو الشمال أربعا و عشرين.
فمنهم من قال إذا كانت البئر فوق البالوعة جهة أو قرارا أو كانت الأرض صلبة فخمس و إلا فسبع و منهم من عكس و قال إذا كانت البئر تحت البالوعة جهة أو قرارا أو كانت الأرض رخوة فسبع و إلا فخمس و الفرق بين التعبيرين ظاهر إذ التساوي في أحدهما ملحق بالخمس و في الآخر بالسبع.
و خالف ابن الجنيد المشهور و اختلف النقل عنه فالمشهور أنه يقول إن
كانت الأرض رخوة و البئر تحت البالوعة فليكن بينهما اثنتا عشرة ذراعا و إن كانت صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة فليكن بينهما سبع أذرع و حكى صاحب المعالم عنه أنه قال في المختصر لا أستحب الطهارة من بئر تلي بئر النجاسة التي تستقر فيها من أعلاها في مجرى الوادي إلا إذا كان بينهما في الأرض الرخوة اثنتا عشرة ذراعا و في الأرض الصلبة سبعة أذرع فإن كانت تحتها و النظيفة أعلاها فلا بأس و إن كانت محاذيتها في سمت القبلة فإذا كان بينهما سبعة أذرع فلا بأس.
فإذا عرفت هذا فالخبر المتقدم لا يوافق شيئا من المذاهب و يمكن حمله على المشهور على مرتبة من مراتب الاستحباب و الفضل و لعل المراد بكون البئر يلي الوادي كونها في جهة الشمال لأن مجرى العيون منها فالمراد الوادي تحت الأرض و لا يبعد أن يكون في الأصل أعلى الوادي وفقا لما رواه
الْكُلَيْنِيُ 1212 عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ أَبِي بَصِيرٍ قَالُوا قُلْنَا لَهُ ع بِئْرٌ يُتَوَضَّأُ مِنْهَا يَجْرِي الْبَوْلُ قَرِيباً مِنْهَا أَ يُنَجِّسُهَا قَالَ فَقَالَ إِنْ كَانَتِ الْبِئْرُ فِي أَعْلَى الْوَادِي يَجْرِي فِيهِ الْبَوْلُ مِنْ تَحْتِهَا وَ كَانَ بَيْنَهُمَا قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ لَمْ يُنَجِّسْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَ إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ نَجَّسَهَا وَ إِنْ كَانَتِ الْبِئْرُ فِي أَسْفَلِ الْوَادِي وَ يَمُرُّ الْمَاءُ عَلَيْهَا وَ كَانَ بَيْنَ الْبِئْرِ وَ بَيْنَهُ تِسْعَةُ أَذْرُعٍ لَمْ يُنَجِّسْهَا وَ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ قَالَ زُرَارَةُ فَقُلْتُ لَهُ فَإِنْ كَانَ مَجْرَى الْبَوْلِ بِلِزْقِهَا وَ كَانَ لَا يَلْبَثُ عَلَى الْأَرْضِ فَقَالَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرَارٌ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَ إِنِ اسْتَقَرَّ مِنْهُ قَلِيلٌ فَإِنَّهُ لَا يَثْقُبُ الْأَرْضَ وَ لَا قَعْرَ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْبِئْرَ وَ لَيْسَ عَلَى الْبِئْرِ مِنْهُ بَأْسٌ فَيُتَوَضَّأُ مِنْهُ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا اسْتَنْقَعَ كُلُّهُ.
قوله ع في أعلى الوادي ظاهره الفوقية بحسب القرار و يحتمل الجهة أيضا و المعنى أن البئر أعلى من الوادي الذي يجري فيه البول و كذا قوله في أسفل الوادي أي أسفل من الوادي و يمر الماء أي البول عليها أي مشرفا عليها بعكس السابق و التعبير عن وادي البول بالماء للإشعار بأن الوادي قد وصل إلى الماء.
قوله فإن كان مجرى البول بلزقها الظاهر أن السابق كان حكم ما إذا وصلت بالوعة البول الماء و هذا الذي سأله زرارة حكم ما إذا لم يصل إلى الماء ففصل ع فيه بأنه إذا كان كل البول أو أكثره يستقر في مكان قريب من البئر يلزم التباعد بالقدرين المذكورين أيضا و إن كان لا يستقر منه شيء أصلا أو يستقر منه شيء قليل فإنه لا يثقب الأرض بكثرة المكث و لا قعر له أي لم يصل إلى الماء حتى يتصل إلى الماء بمجاريه فلا يضر قربهما.
و هذا التفصيل لم أر قائلا به و من استدل به من الأصحاب على مقدار البعد لم يتفطن لذلك و لم يتعرض له و المشهور بينهم أن مع عدم بلوغ البالوعة الماء لا يستحب التباعد مطلقا و يمكن تأويله على ما يوافق المشهور بأن يكون المراد بعدم القرار و عدم القعر عدم الوصول إلى الماء.
و قوله ع إنما ذلك إذا استنقع كله أي إذا كان له منافذ و مجاري إلى البئر فإنه حينئذ يستنقع كله و لا يخفى بعده و التفصيل الذي يستفاد منه قريب من التجربة و الاعتبار فإن التجربة شاهدة بأنه إذا استقر بول كثير في مكان قريب من البئر زمانا طويلا فلا محالة يصل أثره إلى البئر و إن لم يصل إلى الماء و الله تعالى يعلم حقائق الأحكام و حججه الكرام ع.
باب 6 حكم ماء الحمام
1- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، لِلْحِمْيَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَنَانٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي أَدْخُلُ الْحَمَّامَ فِي السَّحَرِ وَ فِيهِ الْجُنُبُ وَ غَيْرُ ذَلِكَ فَأَقُومُ فَأَغْتَسِلُ فَيَنْتَضِحُ عَلَيَّ بَعْدَ مَا أَفْرُغُ مِنْ مَائِهِمْ قَالَ أَ لَيْسَ هُوَ جَارٍ قُلْتُ بَلَى قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ 1213 .
بيان: قوله ع أ ليس هو جار أي أ ليس الماء جاريا من المادة إلى الحياض الصغار التي يغتسلون منها إذ الماء يمكن أن يكون انتضح من أبدانهم إذا كانوا خارج الحوض أو من الماء المتصل بالمادة إذا كانوا داخل الحوض أو المعنى أ ليس الماء جاريا من أطراف الحوض إلى سطح الحمام فلا يضر وثوب الماء من سطح الحمام لاتصاله بالمادة.
و قيل المعنى أ ما سمعت أن حكم ماء الحمام حكم الماء الجاري أو أ ليس يجري الماء الجاري في سطح الحمام كما هو الشائع في بعض البلاد و قيل يعني أن ماءهم جار على أبدانهم فلا بأس أن ينتضح منه عليك فلا يخفى بعد ما سوى الأولين.
2- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع قَالَ: ابْتَدَأَنِي فَقَالَ مَاءُ الْحَمَّامِ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ 1214 .
بيان: فسر الأصحاب ماء الحمام بالحياض الصغار التي تكون في
الحمامات و اختلف في أنه هل يشترط كرية المادة أم لا فقيل لا تشترط الكرية أصلا و قيل تشترط كرية الأعلى و الأسفل معا و قيل تشترط كرية الأعلى فقط و قيل يشترط كونه أزيد من الكر.
و اختلف في أنه لو تنجس الحياض الصغار هل تطهر بمجرد الاتصال أم يعتبر فيه الامتزاج و ليس في هذا الخبر ذكر المادة و حمل عليها جمعا 1215 .
3- فِقْهُ الرِّضَا ع، إِنِ اغْتَسَلْتَ مِنْ مَاءِ الْحَمَّامِ وَ لَمْ يَكُنْ مَعَكَ مَا تَغْرِفُ بِهِ وَ يَدَاكَ قَذِرَتَانِ فَاضْرِبْ يَدَكَ فِي الْمَاءِ وَ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَ هَذَا مِمَّا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وَ إِنِ اجْتَمَعَ مُسْلِمٌ مَعَ ذِمِّيٍّ فِي الْحَمَّامِ اغْتَسَلَ الْمُسْلِمُ مِنَ الْحَوْضِ قَبْلَ الذِّمِّيِّ وَ مَاءُ الْحَمَّامِ سَبِيلُهُ سَبِيلُ الْمَاءِ الْجَارِي إِذَا كَانَتْ لَهُ مَادَّةٌ.
بيان: لعل تقديم المسلم في الغسل على الاستحباب لشرف الإسلام إذا كان الماء كثيرا و إذا كان الماء قليلا فعلى الوجوب بمعنى عدم الاكتفاء به في رفع الحدث و الخبث.
4- الْهِدَايَةُ، وَ مَاءُ الْحَمَّامِ سَبِيلُهُ سَبِيلُ الْمَاءِ الْجَارِي إِذَا كَانَتْ لَهُ مَادَّةٌ 1216 .
5- الْمَكَارِمُ، عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ: مَاءُ الْحَمَّامِ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ لَهُ مَادَّةٌ.
دَاوُدُ بْنُ سِرْحَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا تَقُولُ فِي مَاءِ الْحَمَّامِ قَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْجَارِي.
مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الْحَمَّامُ يَغْتَسِلُ فِيهِ الْجُنُبُ وَ غَيْرُهُ أَغْتَسِلُ مِنْ مَائِهِ قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْهُ الْجُنُبُ وَ لَقَدِ اغْتَسَلْتُ فِيهِ ثُمَّ جِئْتُ فَغَسَلْتُ رِجْلَيَّ وَ مَا غَسَلْتُهُمَا إِلَّا مِمَّا لَزِقَ بِهِمَا مِنَ التُّرَابِ.
وَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْبَاقِرَ ع يَخْرُجُ مِنَ الْحَمَّامِ فَيَمْضِي كَمَا هُوَ لَا يَغْسِلُ رِجْلَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ 1217 .
6- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: وَ إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَسِلَ مِنْ غُسَالَةِ الْحَمَّامِ فَفِيهَا تَجْتَمِعُ غُسَالَةُ الْيَهُودِيِّ وَ النَّصْرَانِيِّ وَ الْمَجُوسِيِّ وَ النَّاصِبِ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ هُوَ
شَرُّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ خَلْقاً أَنْجَسَ مِنَ الْكَلْبِ وَ إِنَّ النَّاصِبَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لَأَنْجَسُ مِنْهُ 1218 .
تبيين اعلم أن الأصحاب اختلفوا في غسالة الحمام فقال الصدوق لا يجوز التطهر بغسالة الحمام لأنه تجتمع فيه غسالة اليهودي و المجوسي و المبغض لآل محمد ص و هو شرهم و قريب منه كلام أبيه و قال الشيخ في النهاية غسالة الحمام لا يجوز استعمالها على حال و قال ابن إدريس غسالة الحمام لا يجوز استعمالها على حال و هذا إجماع و قد وردت به عن الأئمة ع آثار معتمدة قد أجمع الأصحاب عليها لا أحد خالف فيها.
و قال المحقق لا يغتسل بغسالة الحمام إلا أن يعلم خلوها من النجاسة و نحوه قال العلامة في بعض كتبه و الشهيد في البيان و ليس في تلك العبارات تصريح بالنجاسة بل مقتضاها عدم جواز الاستعمال بل الظاهر أن الصدوق قائل بطهارتها لأنه نقل الرواية الدالة على نفي البأس إذا أصابت الثوب 1219 و العلامة في بعض كتبه صرح بالنجاسة و استقرب في المنتهى الطهارة و تبعه في ذلك بعض الأصحاب و الأخبار في ذلك مختلفة و أخبار طهارة الماء حتى يعلم نجاسته مؤيدة للطهارة مع أصل البراءة.
و يمكن حمل الخبر على ما إذا علم دخول غسالة هؤلاء الأنجاس فيها.