کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
لا يمكنني و الآن جاء إليكم فأتوا بالمعز كما أمر به السيد إلى ذلك الموضع و ذبحوه و جاء السيد أبو الحسن الرضا رضي الله عنه إلى ذلك الموضع و أحضروا الحسن بن مسلم و استردوا منه الغلات و جاءوا بغلات رهق و سقفوا المسجد بالجزوع 5918 و ذهب السيد أبو الحسن الرضا رضي الله عنه بالسلاسل و الأوتاد و أودعها في بيته فكان يأتي المرضى و الأعلاء 5919 و يمسون أبدانهم بالسلاسل فيشفيهم الله تعالى عاجلا و يصحون.
قال أبو الحسن محمد بن حيدر سمعت بالاستفاضة أن السيد أبا الحسن الرضا في المحلة المدعوة بموسويان من بلدة قم فمرض بعد وفاته ولد له فدخل بيته و فتح الصندوق الذي فيه السلاسل و الأوتاد فلم يجدها.
انتهت حكاية بناء هذا المسجد الشريف المشتملة على المعجزات الباهرة و الآثار الظاهرة التي منها وجود مثل بقرة بني إسرائيل في معز من معزى هذه الأمة قال المؤلف لا يخفى أن مؤلف تاريخ قم هو الشيخ الفاضل حسن بن محمد القمي و هو من معاصري الصدوق رضوان الله عليه و روي في ذلك الكتاب عن أخيه حسين بن علي بن بابويه رضوان الله عليهم و أصل الكتاب على اللغة العربية و لكن في السنة الخامسة و الستين بعد ثمان مائة نقله إلى الفارسية حسن بن علي بن حسن بن عبد الملك بأمر الخاجا فخر الدين إبراهيم بن الوزير الكبير الخاجا عماد الدين محمود بن الصاحب الخاجا شمس الدين محمد بن علي الصفي.
قال العلامة المجلسي في أول البحار إنه كتاب معتبر و لكن لم يتيسر لنا
أصله و ما بأيدينا إنما هو ترجمته و هذا كلام عجيب لأن الفاضل الألمعي الآميرزا محمد أشرف صاحب كتاب فضائل السادات كان معاصرا له و مقيما بأصفهان و هو ينقل من النسخة العربية بل و نقل عنه الفاضل المحقق الآغا محمد علي الكرمانشهاني في حواشيه على نقد الرجال في باب الحاء في اسم الحسن حيث ذكر الحسن بن مثلة و نقل ملخص الخبر المذكور من النسخة العربية و أعجب منه أن أصل الكتاب كان مشتملا على عشرين بابا.
و ذكر العالم الخبير الآميرزا عبد الله الأصفهاني تلميذ العلامة المجلسي في كتابه الموسوم برياض العلماء في ترجمة صاحب هذا التأريخ أنه ظفر على ترجمة هذا التأريخ في قم و هو كتاب كبير حسن كثيرة الفوائد في مجلدات عديدة.
و لكني لم أظفر على أكثر من مجلد واحد مشتمل على ثمانية أبواب بعد الفحص الشائع.
و قد نقلنا الخبر السابق من خط السيد المحدث الجليل السيد نعمة الله الجزائري عن مجموعة نقله منه و لكنه كان بالفارسية فنقلناه ثانيا إلى العربية ليلائم نظم هذا المجموع و لا يخفى أن كلمة التسعين الواقعة في صدر الخبر بالمثناة فوق ثم السين المهملة كانت في الأصل سبعين مقدم المهملة على الموحدة و اشتبه على الناسخ لأن وفاة الشيخ الصدوق كانت قبل التسعين و لذا نرى جمعا من العلماء يكتبون في لفظ السبع أو السبعين بتقديم السين أو التاء حذرا عن التصحيف و التحريف و الله تعالى هو العالم.
الحكاية التاسعة [تشرّف العلّامة الطباطبائيّ في بلقائه عليه السّلامفي مسجد السهلة]
ما حدثني به العالم العامل و العارف الكامل غواص غمرات الخوف و الرجاء و سياح فيافي الزهد و التقى صاحبنا المفيد و صديقنا السديد الآغا علي رضا بن العالم الجليل الحاج المولى محمد النائيني رحمهما الله تعالى عن العالم البدل الورع التقي صاحب الكرامات و المقامات العاليات المولى زين العابدين بن العالم
الجليل المولى محمد السلماسي رحمه الله تلميذ آية الله السيد السند و العالم المسدد فخر الشيعة و زينة الشريعة العلامة الطباطبائي السيد محمد مهدي المدعو ببحر العلوم أعلى الله درجته و كان المولى المزبور من خاصته في السر و العلانية.
قال كنت حاضرا في مجلس السيد في المشهد الغروي إذ دخل عليه لزيارته المحقق القمي صاحب القوانين في السنة التي رجع من العجم إلى العراق زائرا لقبور الأئمة ع و حاجا لبيت الله الحرام فتفرق من كان في المجلس و حضر للاستفادة منه و كانوا أزيد من مائة و بقيت ثلاثة من أصحابه أرباب الورع و السداد البالغين إلى رتبة الاجتهاد.
فتوجه المحقق الأيد إلى جناب السيد و قال إنكم فزتم و حزتم مرتبة الولادة الروحانية و الجسمانية و قرب المكان الظاهري و الباطني فتصدقوا علينا بذكر مائدة من موائد تلك الخوان و ثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان كي ينشرح به الصدور و يطمئن به القلوب.
فأجاب السيد من غير تأمل و قال إني كنت في الليلة الماضية قبل ليلتين أو أقل و الترديد من الراوي في المسجد الأعظم بالكوفة لأداء نافلة الليل عازما على الرجوع إلى النجف في أول الصبح لئلا يتعطل أمر البحث و المذاكرة و هكذا كان دأبه في سنين عديدة.
فلما خرجت من المسجد ألقي في روعي الشوق إلى مسجد السهلة فصرفت خيالي عنه خوفا من عدم الوصول إلى البلد قبل الصبح فيفوت البحث في اليوم و لكن كان الشوق يزيد في كل آن و يميل القلب إلى ذلك المكان فبينا أقدم رجلا و أؤخر أخرى إذا بريح فيها غبار كثير فهاجت بي و أمالتني عن الطريق فكأنها التوفيق الذي هو خير رفيق إلى أن ألقتني إلى باب المسجد.
فدخلت فإذا به خاليا عن العباد و الزوار إلا شخصا جليلا مشغولا بالمناجاة مع الجبار بكلمات ترق القلوب القاسية و تسح الدموع من العيون الجامدة فطار بالي و تغيرت حالي و رجفت ركبتي و هملت دمعتي من استماع
تلك الكلمات التي لم تسمعها أذني و لم ترها عيني مما وصلت إليه من الأدعية المأثورة و عرفت أن الناجي ينشئها في الحال لا أنه ينشد ما أودعه في البال.
فوقفت في مكاني مستمعا متلذذا إلى أن فرغ من مناجاته فالتفت إلي و صاح بلسان العجم مهدي بيا أي هلم يا مهدي فتقدمت إليه بخطوات فوقفت فأمرني بالتقدم فمشيت قليلا ثم وقفت فأمرني بالتقدم و قال إن الأدب في الامتثال فتقدمت إليه بحيث تصل يدي إليه و يده الشريفة إلي و تكلم بكلمة.
قال المولى السلماسي رحمه الله و لما بلغ كلام السيد السند إلى هنا أضرب عنه صفحا و طوى عنه كشحا و شرح في الجواب عما سأله المحقق المذكور قبل ذلك عن سر قلة تصانيفه مع طول باعه في العلوم فذكر له وجوها فعاد المحقق القمي فسأل عن هذا الكلام الخفي فأشار بيده شبه المنكر بأن هذا سر لا يذكر.
الحكاية العاشرة [كلام العلّامة الطباطبائيّ في أنّه عليه السّلام ضمّه إلى صدره]
حدثني الأخ الصفي المذكور عن المولى السلماسي رحمه الله تعالى قال كنت حاضرا في محفل إفادته فسأله رجل عن إمكان رؤية الطلعة الغراء في الغيبة الكبرى و كان بيده الآلة المعروفة لشرب الدخان المسمى عند العجم بغليان فسكت عن جوابه و طأطأ رأسه و خاطب نفسه بكلام خفي أسمعه فقال ما معناه ما أقول في جوابه و قد ضمني صلوات الله عليه إلى صدره و ورد أيضا في الخبر تكذيب مدعي الرؤية في أيام الغيبة فكرر هذا الكلام.
ثم قال في جواب السائل إنه قد ورد في أخبار أهل العصمة تكذيب من ادعى رؤية الحجة عجل الله تعالى فرجه و اقتصر في جوابه عليه من غير إشارة إلى ما أشار إليه.
الحكاية الحادية عشرة [شاهده عليه السّلام العلّامة الطباطبائيّ حينما كان يدخل عليه السّلام روضة العسكريّين عليهما السّلام]
و بهذا السند عن المولى المذكور قال صلينا مع جنابه في داخل حرم العسكريين ع فلما أراد النهوض من التشهد إلى الركعة الثالثة عرضته حالة فوقف هنيئة ثم قام.
و لما فرغنا تعجبنا كلنا و لم نفهم ما كان وجهه و لم يجترئ أحد منا على السؤال عنه إلى أن أتينا المنزل و أحضرت المائدة فأشار إلي بعض السادة من أصحابنا أن أسأله منه فقلت لا و أنت أقرب منا فالتفت رحمه الله إلي و قال فيم تقاولون قلت و كنت أجسر الناس عليه إنهم يريدون الكشف عما عرض لكم في حال الصلاة فقال إن الحجة عجل الله تعالى فرجه دخل الروضة للسلام على أبيه ع فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور إلى أن خرج منها.
الحكاية الثانية عشرة [مجيئه عليه السّلام إلى دار السيّد مهدي بحر العلوم العلّامة الطباطبائي لزيارته و تفقّده عند ما كان مجاورا بمكّة زادها اللّه شرفا]
بهذا السند عن ناظر أموره في أيام مجاورته بمكة قال كان رحمه الله مع كونه في بلد الغربة منقطعا عن الأهل و الإخوة قوي القلب في البذل و العطاء غير مكترث بكثرة المصارف فاتفق في بعض الأيام أن لم نجد إلى درهم سبيلا فعرفته الحال و كثرة المئونة و انعدام المال فلم يقل شيئا و كان دأبه أن يطوف بالبيت بعد الصبح و يأتي إلى الدار فيجلس في القبة المختصة به و نأتي إليه بغليان فيشربه ثم يخرج إلى قبة أخرى تجتمع فيها تلامذته من كل المذاهب فيدرس لكل على مذهبه.
فلما رجع من الطواف في اليوم الذي شكوته في أمسه نفود النفقة و أحضرت الغليان على العادة فإذا بالباب يدقه أحد فاضطرب أشد الاضطراب و قال لي خذ الغليان و أخرجه من هذا المكان و قام مسرعا خارجا عن الوقار و السكينة و الآداب ففتح الباب و دخل شخص جليل في هيئة الأعراب و جلس في تلك القبة
و قعد السيد عند بابها في نهاية الذلة و المسكنة و أشار إلي أن لا أقرب إليه الغليان.
فقعدا ساعة يتحدثان ثم قام فقام السيد مسرعا و فتح الباب و قبل يده و أركبه على جمله الذي أناخه عنده و مضى لشأنه و رجع السيد متغير اللون و ناولني براة و قال هذه حوالة على رجل صراف قاعد في جبل الصفا و اذهب إليه و خذ منه ما أحيل عليه.
قال فأخذتها و أتيت بها إلى الرجل الموصوف فلما نظر إليها قبلها و قال علي بالحماميل فذهبت و أتيت بأربعة حماميل فجاء بالدراهم من الصنف الذي يقال له ريال فرانسه يزيد كل واحد على خمسة قرانات العجم و ما كانوا يقدرون على حمله فحملوها على أكتافهم و أتينا بها إلى الدار.
و لما كان في بعض الأيام ذهبت إلى الصراف لأسأل منه حاله و ممن كانت تلك الحوالة فلم أر صرافا و لا دكانا فسألت عن بعض من حضر في ذلك المكان عن الصراف فقال ما عهدنا في هذا المكان صرافا أبدا و إنما يقعد فيه فلان فعرفت أنه من أسرار الملك المنان و ألطاف ولي الرحمن.
- و حدثني بهذه الحكاية الشيخ العالم الفقيه النحرير المحقق الوجيه صاحب التصانيف الرائقة و المناقب الفائقة الشيخ محمد حسين الكاظمي المجاور بالغري أطال الله بقاه عمن حدثه من الثقات عن الشخص المذكور .
الحكاية الثالثة عشرة
12 حدثني السيد السند و العالم المعتمد المحقق الخبير و المضطلع البصير السيد علي سبط السيد أعلى الله مقامه و كان عالما مبرزا له شرح النافع حسن نافع جدا و غيره عن الورع التقي النقي الوفي الصفي السيد مرتضى صهر السيد أعلى الله مقامه على بنت أخته و كان مصاحبا له في السفر و الحضر مواظبا لخدماته في السر و العلانية قال كنت معه في سرمنرأى في بعض أسفار زيارته و كان
السيد ينام في حجرة وحده و كان لي حجرة بجنب حجرته و كنت في نهاية المواظبة في أوقات خدماته بالليل و النهار و كان يجتمع إليه الناس في أول الليل إلى أن يذهب شطر منه في أكثر الليالي.
فاتفق أنه في بعض الليالي قعد على عادته و الناس مجتمعون حوله فرأيته كأنه يكره الاجتماع و يحب الخلوة و يتكلم مع كل واحد بكلام فيه إشارة إلى تعجيله بالخروج من عنده فتفرق الناس و لم يبق غيري فأمرني بالخروج فخرجت إلى حجرتي متفكرا في حالته في تلك الليلة فمنعني الرقاد فصبرت زمانا فخرجت متخفيا لأتفقد حاله فرأيت باب حجرته مغلقا فنظرت من شق الباب و إذا السراج بحاله و ليس فيه أحد فدخلت الحجرة فعرفت من وضعها أنه ما نام في تلك الليلة.
فخرجت حافيا متخفيا أطلب خبره و أقفو أثره فدخلت الصحن الشريف فرأيت أبواب قبة العسكريين مغلقة فتفقدت أطراف خارجها فلم أجد منه أثرا فدخلت الصحن الأخير الذي فيه السرداب فرأيته مفتح الأبواب.
فنزلت من الدرج حافيا متخفيا متأنيا بحيث لا يسمع مني حس و لا حركة فسمعت همهمة من صفة السرداب كان أحدا يتكلم مع الآخر و لم أميز الكلمات إلى أن بقيت ثلاثة أو أربعة منها و كان دبيبي أخفى من دبيب النملة في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء فإذا بالسيد قد نادى في مكانه هناك يا سيد مرتضى ما تصنع و لم خرجت من المنزل.