کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و إذا ثبت هذا لم يبعد أن يخلق الله تعالى في الجوهر الفرد علما بأمور كثيرة و قدرة على أشياء شاقة شديدة و عند هذا ظهر القول بإمكان وجود الجن سواء كانت أجسامهم لطيفة أو كثيفة و سواء كانت أجرامهم كبيرة أو صغيرة.
القول الثاني أن البنية شرط الحياة و أنه لا بد من صلابة من البنية حتى يكون قادرا على الأفعال الشاقة.
فهاهنا مسألة أخرى و هي أنه هل يمكن أن يكون المرئي حاضرا و الموانع مرتفعة و الشرائط من القرب و البعد حاصلة و تكون الحاسة سليمة ثم مع هذا لا يحصل الإدراك أو يكون هذا ممتنعا عقلا أما الأشعري و أتباعه فقد جوزوه و أما المعتزلة فقد حكموا بامتناعه عقلا و استدل الأشعري على قوله بوجوه عقلية و نقلية أما العقلية فأمران.
الأول أنا نرى الكبير من البعيد صغير و ما ذاك إلا أنا نرى بعض أجزاء ذلك البعيد دون البعض مع أن نسبة الحاسة و جميع الشرائط إلى تلك الأجزاء المرئية كهي بالنسبة إلى الأجزاء التي هي غير مرئية فعلمنا أن مع حصول سلامة الحاسة و حضور المرئي و حصول الشرائط و انتفاء الموانع لا يكون الإدراك واجبا.
الثاني أن الجسم الكبير لا معنى له إلا مجموع تلك الأجزاء المتألفة فإذا رأينا ذلك الجسم الكبير على مقدار من البعد فقد رأينا تلك الأجزاء فإما أن تكون رؤية هذا الجزء مشروطة برؤية ذلك الجزء الآخر أو لا يكون فإن كان الأول لزم الدور لأن الأجزاء متساوية فلو افتقرت رؤية هذا الجزء إلى رؤية ذلك الجزء لافتقرت أيضا رؤية ذلك الجزء إلى رؤية هذا الجزء فيقع الدور و إن لم يحصل هذا الافتقار فحينئذ رؤية الجوهر الفرد على القدر من المسافة تكون ممكنة.
ثم من المعلوم أن ذلك الجوهر الفرد لو حصل وحده من غير أن ينضم إليه سائر الجواهر فإنه لا يرى فعلمنا أن حصول الرؤية عند اجتماع جملة الشرائط 13810 لا يكون واجبا بل جائزا.
و أما المعتزلة فقد عولوا على أنا إن جوزنا ذلك لجوزنا أن يكون بحضرتنا طبلات و بوقات و لا نراها و لا نسمعها و إذا عارضناهم بسائر الأمور العادية و قلنا لهم فجوزوا أن يقال انقلبت مياه البحار ذهبا و فضة و الجبال ياقوتا و زبرجدا و حصل 13811 في السماء حال ما غمضت العين ألف شمس و قمر ثم كما فتحت العين أعدمها الله تعالى عجزوا عن الفرق و السبب في هذا التشويش أن هؤلاء المعتزلة نظروا إلى هذه الأمور المطردة في مناهج العادات فزعموا 13812 أن بعضها واجبة و بعضها غير واجبة فلما لم يجدوا قانونا مستقيما و مأخذا سليما بين البابين تشوش الأمر عليهم بل الواجب أن يسوى بين الكل فيحكم على الكل بالوجوب كما هو قول الفلاسفة أو على الكل بعدم الوجوب كما هو قول الأشعري فأما التحكم في الفرق فهو بعيد.
إذا ثبت هذا ظهر جواز القول بالجن و أن أجسامهم و إن كانت كثيفة قوية إلا أنه لا يمتنع أن لا نراها و إن كانوا حاضرين هذا على قول الأشعري فهذا هو تفصيل هذه الوجوه.
و أنا متعجب من هؤلاء المعتزلة أنهم كيف يصدقون ما جاء في القرآن من إثبات الملك و الجن مع استمرارهم على مذاهبهم و ذلك لأن القرآن دل على أن للملائكة قوة عظيمة على الأفعال الشاقة و الجن أيضا كذلك و هذه القدرة لا تثبت إلا في الأعضاء الكثيفة الصلبة فإذا يجب في الملك و الجن أن يكونوا كذلك ثم إن هؤلاء الملائكة حاضرون عندنا أبدا و هم الكرام الكاتبون و الحفظة و يحضرون أيضا عند قبض الأرواح و قد كانوا يحضرون عند الرسول ص و إن أحدا من القوم ما كان يراهم و كذلك الناس الجالسون عند من يكون في النزع لا يرون أحدا فإن وجبت رؤية الكثيف عند الحضور فلم لا نراها و إن لم تجب الرؤية فقد بطل مذهبهم و إن كانوا موصوفين بالقوة و الشدة مع عدم الكثافة و الصلابة فقد بطل قولهم إن البنية شرط الحياة فإن قالوا إنها أجسام لطيفة و لكنها للطافتها لا تقدر على الأعمال الشاقة فهذا إنكار لصريح القرآن و بالجملة فحالهم في الإقرار بالملك و الجن مع هذه المذاهب عجيبة 13813 .
بيان 13814 أقول إنما أوردت هذه الأقوال الركيكة لتطلع على مذاهب جميع الفرق في ذلك و قد عرفت ما دلت عليه الآيات و الأخبار المعتبرة و أشرنا إلى ما هو الحق الحقيق بالإذعان و لم نتعرض لتزييف الأقوال السخيفة حذرا من الإطناب.
قوله فآذنوه ثلاثة أيام أي فأعلموه و أتموا الحجة عليه قال النووي فإنه إذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيوت و لا ممن أسلم من الجن بل هو شيطان فاقتلوه و لن يجعل الله له سبيلا إلى الانتصار عليكم بثأره بخلاف العوامر و صفة الإنذار أن يقول أنشدكم بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان أن تؤذونا و أن تظهروا لنا قالوا لا تقتل حيات المدينة إلا بالإنذار و في غيرها يقتل بغيره بسبب أن طائفة من الجن أسلم بها و قيل النهي في حيات البيوت في جميع البلاد و ما ليس في البيوت يقتل بدونه انتهى.
و أقول و في بعض رواياتهم فليحرج عليها قال في النهاية قوله ع في قتل الحيات فليحرج عليها هو أن يقول لها أنت في حرج أي ضيق إن عدت إلينا فلا تلومينا إن ضيق عليك بالتتبع و الطرد و القتل انتهى.
و قال النووي يقول أحرج عليك بالله و اليوم الآخر أن لا تبدوا لنا و لا تؤذونا و لا تظهروا لنا فإن لم يذهب أو عاد بعده فاقتلوه فإنه إما جني كافر أو حية و قوله شيطان أي ولد من أولاد إبليس أو حية 13815 .
[كلمة المحقّق]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطيبين الطاهرين و بعد فقد وفّقنا الله تبارك و تعالى لتصحيح هذا الجزء من كتاب بحار الأنوار و هو الجزء الستّون حسب تجزئتنا قد بذلنا الجهد و المجهود في تصحيحه و تنميقه و مقابلته بالنسخ و بمصادره و علّقنا عليه تعليقاً مختصراً تتميماً لما لم يذكره المصنّف من غريب الغة و غيره و تبياناً لما اختلف في مصادره من نصوصه و كان المرجع في تصحيحنا مضافا إلى النسخة المطبوعة المعروفة بطبعة أمين الضرب و النسخة المعروفة بطبعة الخونساريّ نسخة مخطوطة أرسلها الفاضل المحترم السيّد جلال الدين الأرمويّ دامت توفيقاته استكتبها أبو القاسم الرضويّ الموسويّ الخونساريّ في سنة 1235 نشكر الله تعالى على توفيقنا لذلك و نسأله المزيد من توفيقه و إفضاله إنّه ذو الفضل العظيم.
قم المشرفة: عبد الرحيم الربانيّ الشيرازيّ عفى عنه و عن والديه رمضان 1390 ق
فهرس ما في هذا الجزء من الأبواب
الموضوع/ الصفحه
1- باب تأثير السحر و العين و حقيقتهما زائدا على ما تقدّم في باب عصمة الملائكة 1
2- باب حقيقة الجنّ و أحوالهم 42
3- باب إبليس لعنه الله و قصصه و بدء خلقه و مكائده و مصائده و أحوال ذرّيّته و الاحتراز عنهم أعاذنا الله من شرورهم 131
تتمّة تشمل على فوائد جمّة (يتعلّق بالباب)
[كلمة المصحّح]
بسمه تعالى
انتهى الجزء السابع من المجلّد الرابع عشر كتاب السماء و العالم من بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأبرار و هو الجزء الثالث و الستّون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة النفيسة الرائقة. و قد قابلناه على النسخة الّتي صحّحها الفاضل الخبير الشيخ عبد الرحيم الرباني المحترم بما فيها من التعليق و التنميق و اللّه وليّ التوفيق.
محمّد الباقر البهبودى
(رموز الكتاب)
ب: لقرب الإسناد.
بشا: لبشارة المصطفى.
تم: لفلاح السائل.
ثو: لثواب الأعمال.
ج: للإحتجاج.
جا: لمجالس المفيد.
جش: لفهرست النجاشيّ.
جع: لجامع الأخبار.
جم: لجمال الأسبوع.
جُنة: للجُنة.
حة: لفرحة الغريّ.
ختص: لكتاب الإختصاص.
خص: لمنتخب البصائر.
د: للعَدَد.
سر: للسرائر.
سن: للمحاسن.
شا: للإرشاد.
شف: لكشف اليقين.
شي: لتفسير العياشيّ
ص: لقصص الأنبياء.
صا: للإستبصار.
صبا: لمصباح الزائر.
صح: لصحيفة الرضا (ع).
ضا: لفقه الرضا (ع).
ضوء: لضوء الشهاب.
ضه: لروضة الواعظين.
ط: للصراط المستقيم.
طا: لأمان الأخطار.
طب: لطبّ الأئمة.
ع: لعلل الشرائع.
عا: لدعائم الإسلام.
عد: للعقائد.
عدة: للعُدة.
عم: لإعلام الورى.
عين: للعيون و المحاسن.
غر: للغرر و الدرر.
غط: لغيبة الشيخ.
غو: لغوالي اللئالي.
ف: لتحف العقول.
فتح: لفتح الأبواب.
فر: لتفسير فرات بن إبراهيم.
فس: لتفسير عليّ بن إبراهيم.
فض: لكتاب الروضة.
ق: للكتاب العتيق الغرويّ
قب: لمناقب ابن شهر آشوب.
قبس: لقبس المصباح.
قضا: لقضاء الحقوق.
قل: لإقبال الأعمال.
قية: للدُروع.
ك: لإكمال الدين.
كا: للكافي.
كش: لرجال الكشيّ.
كشف: لكشف الغمّة.
كف: لمصباح الكفعميّ.
كنز: لكنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة معا.
ل: للخصال.
لد: للبلد الأمين.
لى: لأمالي الصدوق.
م: لتفسير الإمام العسكريّ (ع).
ما: لأمالي الطوسيّ.
محص: للتمحيص.
مد: للعُمدة.
مص: لمصباح الشريعة.
مصبا: للمصباحين.
مع: لمعاني الأخبار.
مكا: لمكارم الأخلاق.
مل: لكامل الزيارة.
منها: للمنهاج.
مهج: لمهج الدعوات.
ن: لعيون أخبار الرضا (ع).
نبه: لتنبيه الخاطر.
نجم: لكتاب النجوم.
نص: للكفاية.
نهج: لنهج البلاغة.
نى: لغيبة النعمانيّ.
هد: للهداية.
يب: للتهذيب.
يج: للخرائج.
يد: للتوحيد.
ير: لبصائر الدرجات.
يف: للطرائف.
يل: للفضائل.
ين: لكتابي الحسين بن سعيد او لكتابه و النوادر.