کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
دقيقة
اعلم أن المشهور بين الأصحاب أن السجدتين معا ركن و أما إحداهما فليست ركنا و هاهنا خلاف في موضعين أحدهما أن الإخلال بالسجدتين معا مبطل في الأخيرتين كالأوليين أم لا و اختار الشيخ الثاني خلافا للمشهور كما سيأتي الثاني أن الإخلال بالسجدة الواحدة سهوا هل هو مبطل أم لا و على الأخير معظم الأصحاب و قال في الذكرى بل هو إجماع و كلام ابن أبي عقيل يومئ إلى الأول لصدق الإخلال بالركن إذ الماهية المركبة تفوت بفوات جزء منها.
و يرد على المشهور أن الركن إن كان مسمى السجود يلزم بطلان الصلاة بالسجدتين و الثلاث عمدا و سهوا و إن كان السجدتين يلزم بطلان الصلاة بترك واحدة منهما سهوا و أجيب عنه بوجوه مدخولة أوردوها في كتبهم و لا فائدة في إيرادها.
و ربما يتوهم اندفاع الشبهة بما يومئ إليه خبر المعراج بأن الأولى كانت بأمره تعالى و الثانية أتى بها الرسول ص من قبل نفسه فتكون الأولى فريضة و ركنا و الثانية سنة بالمعنى المقابل للفريضة و غير ركن 6772 .
و يرد عليه بعد تسليم دلالة خبر المعراج عليه أنه لا ينفع في دفع الفساد بل يزيده إذ لا يعقل حينئذ زيادة الركن أصلا لأن السجدة الأولى لا تتكرر إلا بأن يفرض أنه سها عن الأولى و سجد أخرى بقصد الأولى فيلزم زيادة الركن بسجدتين أيضا مع أنه يلزم أنه إذا سجد ألف سجدة بغير هذا الوجه لم يكن زاد ركنا على أنه لو اعتبرت النية في ذلك يلزم بطلان صلاة من ظن أنه سجد الأولى ثم سجد بنية الأخيرة فظهر له بعد الصلاة ترك الأولى و لم يقل به أحد.
و قيل في دفعه وجه آخر أيضا و هو أن الركن هو أحد الأمرين من إحداهما و كلتيهما و يرد عليه أنه إذا سجد ثلاث سجدات سهوا يلزم بطلان صلاته حينئذ.
و قال بعض الأفاضل ممن قرب عصرنا يدفع الإشكال بأن يقال الركن المفهوم المردد بين السجدة الواحدة بشرط لا و السجدتين بشرط لا و ثلاث سجدات بشرط لا إذ ترك الركن حينئذ إنما يكون بعدم تحقق السجدة مطلقا و إذا سجد أربع سجدات أو أكثر لم يتحقق الركن أيضا و يرد عليه أنه لا خلاف في أن بطلان الصلاة فيما إذا أتى بأربع أو أكثر إنما هو لزيادة الركن لا لتركه و يلزم على هذا الوجه أن يكون البطلان لترك الركن و عدم تحققه لا لزيادته.
و يخطر بالبال وجه آخر لدفع الإشكال على سياق هذا الوجه لكنه أخصر و أفيد و هو أن يكون الركن المفهوم المردد بين سجدة واحدة بشرط لا و سجدتين لا بشرط شيء فإذا أتى بواحدة سهوا فقد أتى بفرد من الركن و كذا إذا أتى بهما و لا ينتفي الركن إلا بانتفاء الفردين بأن لا يسجد أصلا و إذا سجد ثلاث سجدات لم يأت إلا بفرد واحد و هو الاثنان لا بشرط شيء و أما الواحدة الزائدة فليست فردا له لكونها مع أخرى و ما هو فرد له على هذا الوجه هو بشرط أن لا يكون معها شيء و إذا أتى
بأربع فما زاد أتى بفردين من الاثنتين.
و هذا وجه متين لم أر أحدا سبقني إليه و مع ذلك لا يخلو من تكلف.
و الأظهر في الجواب أن يقال غرض المعترض إما إيراد الإشكال على الأحاديث الواردة في هذا الباب أو على كلام الأصحاب و الأول لا وجه له لخلو الروايات عن ذكر الركن و معناه و عن هذه القواعد الكلية بل إنما ورد حكم كل من الأركان بخصوصه 6773 و ورد حكم السجود هكذا فلا إشكال يرد عليها و أما الثاني فغير وارد عليه أيضا لتصريحهم بحكم السجود فهو مخصص للقاعدة الكلية كما خصصت تلك القاعدة بغيره مما ذكر في كلامهم و فصل في زبرهم و أمثال تلك المناقشات بعد ظهور المرام لا طائل تحتها كما لا يخفى على ذوي النهى.
باب 28 ما يصح السجود عليه 6774 و فضل السجود على طين القبر المقدس
1- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، وَ كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ يُجْزِيهِ أَنْ يَضَعَ الْحَصِيرَ أَوِ الْبُورِيَاءَ عَلَى
الْفِرَاشِ وَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَتَاعِ ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ قَالَ إِنْ كَانَ يُضْطَرُّ إِلَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ- 6775 وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ يُجْزِيهِ أَنْ يَقُومَ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَى فِرَاشِهِ فَيَضَعَ عَلَى الْفِرَاشِ مِرْوَحَةً أَوْ عُوداً ثُمَّ يَسْجُدَ عَلَيْهِ قَالَ إِنْ كَانَ مَرِيضاً فَلْيَضَعْ مِرْوَحَةً وَ أَمَّا الْعُودُ فَلَا يَصْلُحُ- 6776 وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يَقُومَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَتِّ وَ التِّبْنِ وَ الشَّعِيرِ وَ أَشْبَاهِهِ وَ يَضَعَ مِرْوَحَةً وَ يَسْجُدَ عَلَيْهَا قَالَ لَا يَصْلُحُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُضْطَرّاً- 6777 وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يُؤْذِيهِ حَرُّ الْأَرْضِ فِي الصَّلَاةِ وَ لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَضَعَ ثَوْبَهُ إِذَا كَانَ قُطْناً أَوْ كَتَّاناً قَالَ إِذَا كَانَ مُضْطَرّاً فَلْيَفْعَلْ- 6778 وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الطِّينِ يُطْرَحُ فِيهِ التِّبْنُ حَتَّى يُطَيَّنَ بِهِ الْمَسْجِدُ أَوِ الْبَيْتُ أَ يُصَلَّى فِيهِ قَالَ لَا بَأْسَ- 6779 وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْبَوَارِيِّ يُبَلُّ قَصَبُهَا بِمَاءٍ قَذِرٍ أَ يَصْلُحُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا إِذَا يَبِسَتْ قَالَ
ع لَا بَأْسَ- 6780 قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقَعْدَةِ وَ الْقِيَامِ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ وَ رُكُوبِهَا وَ بَيْعِهَا أَ يَصْلُحُ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ مَا لَمْ يَسْجُدْ عَلَيْهَا- 6781 وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَسْجُدُ فَتَحُولُ عِمَامَتُهُ وَ قَلَنْسُوَتُهُ بَيْنَ جَبْهَتِهِ وَ بَيْنَ الْأَرْضِ- 6782 قَالَ لَا يَصْلُحُ حَتَّى يَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فِرَاشِ حَرِيرٍ وَ مُصَلَّى حَرِيرٍ وَ مِثْلِهِ مِنَ الدِّيبَاجِ هَلْ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ النَّوْمُ عَلَيْهِ وَ التُّكَأَةُ وَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ قَالَ يَفْرُشُهُ وَ يَقُومُ عَلَيْهِ وَ لَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ 6783 .
توضيح تقييد الجواز في جواب السؤال الأول و الثاني و الثالث بالاضطرار و المرض لعدم الاستقرار التام و أما العود فالظاهر أنه لا خلاف في جواز السجود عليه و في صحيحة زرارة 6784 فاسجد على المروحة و على سواك و على عود و النهي لعله محمول على الكراهة كما هو الظاهر لعدم إيصال قدر الدرهم أو على الحرمة بناء على لزوم هذا المقدار أو على عود لم يتحقق معه استقرار الجبهة.
ثم اعلم أنه أجمع الأصحاب على أنه لا يجوز السجود على ما ليس من الأرض و لا نباتها و دلت عليه الأخبار المستفيضة و نقلوا الإجماع أيضا على عدم جواز السجود على ما يؤكل أو يلبس عادة إلا القطن و الكتان فإنه نقل عن المرتضى في بعض رسالته تجويز الصلاة عليهما على كراهية و استحسنه في المعتبر و المشهور عدم الجواز و هو أقوى و أحوط و الأخبار الدالة على الجواز محمولة على التقية أو الضرورة و يمكن حمل بعضها على ما قبل النسج و الغزل و قد جوز العلامة في النهاية السجود عليهما قبلهما و الأحوط ترك ذلك أيضا كما هو المشهور.
و أما البواري المبلولة بالماء القذر فالمراد بالقذر إما غير النجس أو محمول على ما إذا جففتها الشمس و ظاهره عدم اشتراط طهارة موضع الجبهة و قد مر الكلام فيه.
2- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَخْبِرْنِي عَمَّا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَيْهِ وَ عَمَّا لَا يَجُوزُ قَالَ السُّجُودُ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ إِلَّا مَا أُكِلَ أَوْ لُبِسَ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ السُّجُودَ هُوَ الْخُضُوعُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا يُؤْكَلُ وَ يُلْبَسُ لِأَنَّ أَبْنَاءَ الدُّنْيَا عَبِيدُ مَا يَأْكُلُونَ وَ يَلْبَسُونَ وَ السَّاجِدُ فِي سُجُودِهِ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَ جَبْهَتَهُ فِي سُجُودِهِ عَلَى مَعْبُودِ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا الَّذِينَ اغْتَرُّوا بِغُرُورِهَا وَ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّوَاضُعِ وَ الْخُضُوعِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَ 6785 .
وَ مِنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ السَّيَّارِيِ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَدَائِنِ كَتَبَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي ع يَسْأَلُهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الزُّجَاجِ قَالَ فَلَمَّا نَفَذَ كِتَابِي إِلَيْهِ فَكَّرْتُ فَقُلْتُ هُوَ مِمَّا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ وَ مَا كَانَ لِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ قَالَ فَكَتَبَ لَا تُصَلِّ عَلَى الزُّجَاجِ فَإِنْ حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ أَنَّهُ مِمَّا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ فَإِنَّهُ مِمَّا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ وَ لَكِنَّهُ مِنَ الرَّمْلِ وَ الْمِلْحِ وَ هُمَا مَمْسُوخَانِ.
قال الصدوق رحمه الله ليس كل رمل ممسوخا و لا كل ملح و لكن الرمل و الملح الذي يتخذ منه الزجاج ممسوخان 6786 .