کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
العرق الكتفي يمازج قسما من العرق الإبطي و يتحد به فيكون منهما عند المرفق العرق المسمى بالأكحل و القسم الثاني من أقسام العرق الكتفي يمتد في ظاهر الساعد و يركب بعد ذلك الزند الأعلى و هذا القسم حبل الذراع و قسم من العرق الإبطي و هو الأصغر مكانا يمر في الجانب الداخل من الساعد حتى يبلغ رأس الزند الأسفل و يكون من بعض شعبه العرق الذي بين الخنصر و البنصر المسمى بالأسيلم.
و أما القسم الذي يأخذ إلى أسافل البدن فإنه يركب فقار الظهر آخذا إلى أسفل و تتشعب منه أولا شعب تأتي لفائف الكلى و أغشيتها و الأجسام التي تقرب منها فتسقيها ثم تنشعب منه شعبتان عظيمتان تدخلان تجويف الكلى ثم شعبتان تصيران إلى الأنثيين ثم تنشعب منه عند كل فقرة عرقان يمران في الجانبين و يسقيان الأعضاء القريبة منها ما كان منها داخلا كالرحم و المثانة و ما كان منها خارجا كمراق البطن و الخاصرتين حتى إذا بلغ آخر الفقار انقسم قسمين و أخذ أحدهما إلى الرجل اليمنى و الأخرى إلى اليسرى.
و تشعبت منه شعب تسقي عضل الفخذين منها غائرة تسقي العضل الغائرة و منها ظاهرة تسقي العضل الظاهرة حتى إذا بلغ مشاش مثنى الركبة انقسم ثلاثة أقسام فمر قسم منها في الوسط و سقى بشعب له جميع عضل الساق الداخل و الخارج و مر قسم في الجانب الداخل من الساق حتى يظهر عند الكعب الداخل و هو الصافن و القسم الآخر يمر في الجانب الظاهر من الساق و هو غائر إلى ناحية الكعب الخارج و هو عرق النسا و ينشعب من كل واحد من هذين عند بلوغه القدم شعب متفرقة في القدم فتكون الشعب التي في القدم في ناحية الخنصر و البنصر من شعب عرق النسا و التي في الإبهام من شعب الصافن.
و أما المرارة فهي كيس عصباني 11284 يعلق من الكبد إلى ناحية المعدة موضوعة على أعظم زوائدها و هي ذات طبقة واحدة منتسجة من أصناف الليف الثلاثة و لها منفذان أحدهما متصل بتقعير الكبد و به تنجذب المرة الصفراء إليها و الآخر
يتشعب فيتصل بالأمعاء العليا و بأسفل المعدة و به تندفع أجزاء من الصفراء إليها لغسلها عن الفضول و تنبيهها على الحاجة و النهوض للتبرز كما مر و ليست المرارة لبعض الحيوانات كالإبل لأن معاءه مر جدا كأنه مفرغة للمرة و لذلك لا تأكلها الكلاب ما لم تضطر جوعا و كذلك الفرس و البغل.
و أما الطحال فهو عضو لحمي مستطيل على شكل اللسان متصل بالمعدة من يسارها إلى خلف حيث الصلب مهندما مقعره على محدب المعدة مرتبطا بها بعرق يصل بينهما و يوثقه شعب كثيرة العدد صغيرة المقادير تتشعب من الصفاق و تتصل به و تتفرق فيه و حدبته تلي الأضلاع تستند بأغشيتها لأنه ليس متعلقا بها برباطات كثيرة قوية بل بقليلة ليفية.
و من هذا الجانب تأتيه العروق الساكنة و الضاربة الكثيرة لتسخنه و يقاوم برد السوداء المندفعة إليه و يهضمها و لحميته متخلخل ليسهل قبوله الفضول السوداوية و له عنق يتصل بمقعر الكبد حيث يتصل عنق المرارة به ينجذب 11285 السوداء من الكبد و عنق آخر ينبت من باطنه متصل بفم المعدة به يدفع السوداء إليها و يغشيه غشاء نبت من الصفاق كما مر و شأنه أن يكون مفرغة للسوداء الطبيعي كما دريت و ليس لبعض الحيوانات و الذي للجوارح منها صغير.
و أما الكليتان فكل واحدة منهما مثل نصف دائرة محدبها يلي الصلب لتسهل الانحناء إلى قدام و لحمها لحم ملزز 11286 ليكون قوي الجوهر غير سريع الانفعال عما ينجذب إليها من المائية الحادة التي يصحبها خلط حاد و ليقدر على إمساك المائية ريثما يتميز عنها الدم ليغتذي به و ليقدر الإنسان بسبب قدرة الكلية على هذا الإمساك على إمساك البول إلى وقت اختياره و ليمنع عن نشف غير الرقيق و جذبه و لتدورك بتلزيزه ما وجب من صغر حجمه و في باطن كل واحد منهما تجويف يجتمع فيه ما يتحلل إليها لتميز قوتها الغاذية الدموية من المائية و تصرفها إلى غذائها ثم
يرسل المائية إلى المثانة و لكل منهما عنق متصل بالأجوف من الكبد ليجذب المائية و آخر متصل بالمثانة ليرسل مائيته إليها و وضعت اليمنى أرفع من اليسرى ليكون أقرب من الكبد.
و إنما جعلت زوجا لكثرة المائية و تضييق المكان على الكبد و الأعور و الطحال و القولون إن جعلت واحدة في أحد الجانبين و كان مع ذلك لا يستوي القامة بل تكون مائلة إلى جهتها أو على المعدة و الأمعاء إن جعلت في الوسط و كان مع ذلك يمنع الانحناء إلى قدام على أن كل عضو من الحيوان خلق زوجا و الذي لا يرى زوجا فهو ذو شقين كما يظهر بالتأمل فيما مر و قد قال سبحانه وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 11287 و أما المثانة فهي عصبانية مخلوقة من عصب الرباط ليكون أشد قوة و وثاقة و مع القوة قابلة للتمدد و هي ككيس بلوطي الشكل طرفاه أضيق و وسطه أوسع مبطن بغشاء منتسج من الأصناف الثلاثة و الليف ليقوم بإتمام الأفعال الثلاثة 11288 و هي 11289 ذات طبقتين و البطانة ضعف الظهارة عمقا و غلظا لأنها هي الملامسة للمائية الحادة و هي القائمة بالأفعال الثلاثة 11290 و الظهارة وقاية لها لئلا تنفسخ عند ارتكازها و تمددها و هي موضوعة بين الدرز و العانة و شأنها أن تكون وعاء للبول و مقبضة له إلى أن يخرج دفعة واحدة بالاختيار و الإرادة فيستغني الإنسان بذلك عن مواصلة الإدرار كالمعاء للثفل.
و البول يأتيها من منفذي الكليتين كما مر و المنفذان إذا بلغا إليها خرقا إحدى طبقتيها و مرا فيما بين الطبقتين في طولهما ثم يغوصان في الطبقة الباطنة مفجرين إياه إلى تجويف المثانة إليها حتى إذا امتلأت و ارتكزت انطبقت البطانة
على الظهارة مندفعة إليها من الباطن كأنهما طبقة واحدة لا منفذ بينهما و لها عنق دفاع للماء إلى القضيب معوج كثيرة التعاويج 11291 و لأجلها لا يندفع الماء بالتمام دفعة و خصوصا في الذكران فإنه فيهم ذو ثلاث تعاويج و في الإناث ذو تعويج واحد لقرب مثانتهن من أرحامهن و على فمه عضلة تضمه و تمنع خروج البول حتى تطلقه الإرادة المرخية لها.
أما الثدي فمركب من شرايين و عروق و عصب يحتشي ما بينها نوع من اللحم غددي أبيض طبيعته اللين 11292 خلقه الله ليكون المحيل و المولد للبن و هذه الشرايين و العروق تنقسم في الثدي إلى أقسام دقاق و تستدير و تلتف لفائف كثيرة و يحتوي عليها ذلك اللحم الذي هو مولد اللبن فيحيل ما في تجويفها من الدم حتى يصير لبنا بتشبيهه إياه بطبيعته كما يحيل لحم الكبد ما يجتذب من المعدة و الأمعاء حتى يصير دما بتشبيهه إياه.
الفصل السادس في تشريح آلات التناسل.
أما الأنثيان فجوهرهما لحم غددي أبيض مثل لحم الثدي يحيل الدم النضيج الأحمر اللطيف المنجذب إليه كأنها فضلة الهضم الرابع في البدن كله منيا أبيض بسبب ما يتخضخض فيه هوائية الروح و انجذاب تلك المادة إليهما في شعب عروق ساكنة و نابضة كثيرة الفوهات كثيرة التعاويج و الالتفافات و مجرى تلك العروق الصفاق و ينزل منه مجريان شبه البرنجين ثم يتشعبان 11293 فيكون منهما الطبقة الداخلة عن كيس البيضتين ثم يصير من هناك فيهما فيستحكم استحالته و يكمل نوعه و يصير منيا تاما و يصير في مجريين يفيضان إلى القضيب.
و بسبب كثرة شعب العروق التي يأتيها صار الإخصاء الذي في صورة قطع عرق واحد كأنه قطع من كل عضو عرق لكثرة الفوهات التي تظهر هناك و لهذا يوجد الخصيان تذهب قواهم و تسترخي مفاصلهم و يظهر ذلك في مشيهم و جميع حركاتهم و في عقولهم و أصواتهم.
و أما القضيب فهو عضو مؤلف من رباطات و أعصاب و عضلات و عروق ضاربة و غير ضاربة يتخللها لحم قليل و أصله جسم رباطي ينبت من عظم العانة كثير التجاويف واسعها تكون في الأكثر منطبقة و تحته و فوقه شرايين كثيرة واسعة فوق ما يليق به و تأتيه أعصاب من فقار العجز و إن كانت ليست غائصة في جوهره و له ثلاث مجاري للبول و المني و الوذي و الإنعاظ يكون بامتلاء تجاويفه من ريح غليظة و امتلاء عروقه من الدم و الإنزال يكون عند ما تمتد 11294 و تنتصب الأوعية التي فيها المني و تهيج لقذف ما فيها لكثرته أو للدغه و أحد الأسباب الداعية إلى ذلك احتكاك الكمرة 11295 و تدغدغها من الجسم المصاك لها فإن ذلك يدعو إلى تمدد أوعية المني و قذف ما فيها و قوة الانتشار و ريحه ينبعث من القلب و كذا قوة الشهوة ينبعث منه بمشاركة الكلية و الأصل هو القلب.
و أما الرحم فهو للإناث بمنزلة القضيب للرجال فهو آلة توليدهن كما أن القضيب آلة تناسلهم و في الخلقة تشاكله إلا أن إحداهما تامة بارزة و الأخرى ناقصة محتبسة في الباطن و كأن الرحم مقلوب القضيب أو قالبه و في داخله طوق مستدير عصبي في وسطه و عليه زوائد و خلق ذا عروق كثيرة ليكون هناك عدة للجنين و يكون أيضا للعضل الطمثي منافذ كثيرة و هو موضوع فيما بين المثانة و المعاء المستقيم إلا أنه يفضل على المثانة إلى ناحية فوق كما تفضل هي عليه بعنقها من تحت و هو يشغل ما بين قرب السرة إلى آخر منفذ الفرج و هو رقبته و طوله ما بين ست أصابع إلى أحد عشر و يطول و يقصر بالجماع و تركه و يتشكل مقداره بشكل مقدار من
يعتاد مجامعتها و يقرب من ذلك طول الرحم و ربما مس المعاء العليا و هي مربوط بالصلب برباطات كثيرة قوية إلى ناحية السرة و المثانة و العظم العريض لكنها سلسة.
و جعل من جوهر عصبي له أن يتمدد و يتسع على الاشتمال و أن يتقلص و يجتمع عند الاستغناء و لن تستتم تجويفه إلا مع استتمام النمو كالثدي لا يستتم حجمها إلا مع ذلك لأنه يكون قبل ذلك معطلا و هو يغلظ و يثخن كأنه يسمن في وقت الطمث ثم إذا طهر ذبل و خلق ذا طبقتين باطنتهما أقرب إلى أن تكون عرقية و خشونتها 11296 لذلك و فوهات هذه العروق هي التي تنقر في الرحم و تسمى نقر الرحم و بها تتصل أغشية الجنين و منها يسيل الطمث و منها يعتدل الجنين و ظاهرتهما أقرب إلى أن تكون عصبية و هي ساذجة واحدة و الداخلة كالمنقسمة قسمين متجاورتين لا كملتحمتين.
و لرحم الإنسان تجويفان و لغيره بعدد الأثداء و ينتهيان إلى مجرى محاذ لفم الفرج الخارج فيه يبلغ المني و يقذف الطمث و يلد الجنين و يكون في حال العلوق في غاية الضيق لا يكاد يدخله طرف ميل ثم يتسع بإذن الله فيخرج منه الجنين.
و قبل افتضاض البكر تكون في رقبة الرحم أغشية تنتسج من عروق و رباطات رقيقة جدا يهتكها الافتضاض و من النساء من رقبة رحمها إلى اليمين و منهن من هي منها إلى اليسار و هي من عضلة اللحم كأنها غضروفية و كأنها غصن على غصن يزيدها السمن و الحمل صلابة و للرحم زائدتان تسميان قرني الرحم و هما الأنثيان للنساء و هما كما في الرجال إلا أنهما باطنتان و أصغر و أشد تفرطحا يخص كل واحد منهما غشاء عصبي لا يجمعهما كيس واحد و كما أن أوعية المني في الرجال بينهما و بين المستفرغ من أصل القضيب كذلك للنساء بينهما و بين المقذف إلى داخل
الرحم إلا أنها فيهن متصلة بهما لقربهما بها في اللين و لم يحتج إلى تصليبهما و تصليب غشائهما.
قال في القانون كما أن للرجال أوعية المني بين البيضتين و بين المستفرغ من أصل القضيب كذلك للنساء أوعية المني بين الخصيتين و بين المقذف إلى داخل الرحم لكن الذي للرجال يبتدئ من البيضة و يرفع إلى فوق و يندس في النقرة التي تنحط منها علاقة البيضة محرزة موثقة ثم ينشأ هابطا منفرجا متعرجا متوربا ذا التفافات يتم فيما بينها نضج المني حتى يعود و يفضي إلى المجرى الذي في الذكر من أصله من الجانبين و بالقرب منه ما يفضي إليه أيضا طرف عنق المثانة و هو طويل في الرجال قصير في النساء.
فأما في النساء فيميل من البيضتين إلى الخاصرتين كالقرنين مقومتين شاخصتين إلى الحالبين يتصل طرفاها بالأربيتين و يتوتران عند الجماع فيستويان عنق الرحم للقبول بأن يجذباه إلى جانبين فيتوسع و ينفتح و يبلع المني و يختلفان في أن أوعية المني في النساء تتصل بالبيضتين و ينفذ في الزائدتين القرنيتين شيء ينفذ من كل بيضة يقذف المني إلى الوعاء و يسميان قاذفي المني.