کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فَقَالَ مِيثَمٌ وَ إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا أَحْمَرَ لَهُ ضَفِيرَتَانِ يَخْرُجُ لِنُصْرَةِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّهِ وَ يُقْتَلُ وَ يُجَالُ بِرَأْسِهِ بِالْكُوفَةِ ثُمَّ افْتَرَقَا فَقَالَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ مَا رَأَيْنَا أَحَداً أَكْذَبَ مِنْ هَذَيْنِ قَالَ فَلَمْ يَفْتَرِقْ أَهْلُ الْمَجْلِسِ حَتَّى أَقْبَلَ رُشَيْدٌ الْهَجَرِيُّ فَطَلَبَهُمَا فَسَأَلَ أَهْلَ الْمَجْلِسِ عَنْهُمَا فَقَالُوا افْتَرَقَا وَ سَمِعْنَاهُمَا يَقُولَانِ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ رُشَيْدٌ رَحِمَ اللَّهُ مِيثَماً نَسِيَ وَ يُزَادُ فِي عَطَاءِ الَّذِي يَجِيءُ بِالرَّأْسِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ الْقَوْمُ هَذَا وَ اللَّهِ أَكْذَبُهُمْ فَقَالَ الْقَوْمُ وَ اللَّهِ مَا ذَهَبَتِ الْأَيَّامُ وَ اللَّيَالِي حَتَّى رَأَيْنَاهُ مَصْلُوباً عَلَى بَابِ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ وَ جِيءَ بِرَأْسِ حَبِيبِ بْنِ مُظَاهِرٍ وَ قَدْ قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ وَ رَأَيْنَا كُلَّ مَا قَالُوا وَ كَانَ حَبِيبٌ مِنَ السَّبْعِينَ الرِّجَالِ الَّذِينَ نَصَرُوا الْحُسَيْنَ ع وَ لَقُوا جِبَالَ الْحَدِيدِ وَ اسْتَقْبَلُوا الرِّمَاحَ بِصُدُورِهِمْ وَ السُّيُوفَ بِوُجُوهِهِمْ وَ هُمْ يُعْرَضُ عَلَيْهِمُ الْأَمَانُ وَ الْأَمْوَالُ فَيَأْبَوْنَ فَيَقُولُونَ لَا عُذْرَ لَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ إِنْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَ مِنَّا عَيْنٌ تَطْرِفُ حَتَّى قُتِلُوا حَوْلَهُ وَ لَقَدْ مَزَحَ حَبِيبُ بْنُ مُظَاهِرٍ الْأَسَدِيُّ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ بْنُ حُصَيْنٍ الْهَمْدَانِيُّ وَ كَانَ يُقَالُ لَهُ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ يَا أَخِي لَيْسَ هَذِهِ بِسَاعَةِ ضَحِكٍ قَالَ فَأَيُّ مَوْضِعٍ أَحَقُّ مِنْ هَذَا بِالسُّرُورِ وَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ تَمِيلَ عَلَيْنَا هَذِهِ الطَّغَامُ بِسُيُوفِهِمْ فَنُعَانِقَ الْحُورَ الْعِينَ.
قال الكشي هذه الكلمة مستخرجة من كتاب مفاخرة الكوفة و البصرة 22006 .
توضيح قوله اختلفت أعناق فرسيهما أي كانت تجيء و تذهب و تتقدم و تتأخر كما هو شأن الفرس الذي يريد صاحبه أن يقف و هو يمتنع أو المعنى حاذى عنقاهما على الخلاف و البقر الشق و الضفيرة العقيصة يقال ضفرت المرأة شعرها 22007 .
34- كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ: لَقِيَ رَجُلٌ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع بِالثَّعْلَبِيَّةِ وَ هُوَ يُرِيدُ كَرْبَلَاءَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ
فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ ع مِنْ أَيِّ الْبِلَادِ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ يَا أَخَا أَهْلِ الْكُوفَةِ لَوْ لَقِيتُكَ بِالْمَدِينَةِ لَأَرَيْتُكَ أَثَرَ جَبْرَئِيلَ ع مِنْ دَارِنَا وَ نُزُولِهِ بِالْوَحْيِ عَلَى جَدِّي يَا أَخَا أَهْلِ الْكُوفَةِ أَ فَمُسْتَقَى النَّاسِ الْعِلْمَ مِنْ عِنْدِنَا فَعَلِمُوا وَ جَهِلْنَا هَذَا مَا لَا يَكُونُ 22008 .
35- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أُصِيبَ الْحُسَيْنُ وَ عَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ.
36- كا، الكافي أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع وَ عَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ دَكْنَاءُ فَوَجَدُوا فِيهَا ثَلَاثَةً وَ سِتِّينَ مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ أَوْ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ أَوْ رَمْيَةٍ بِسَهْمٍ 22009 .
37- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع وَ هُوَ مُخْتَضِبٌ بِالْوَسِمَةِ 22010 .
38- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْخِضَابِ بِالْوَسِمَةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع وَ هُوَ مُخْتَضِبٌ بِالْوَسِمَةِ.
39- كا، الكافي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عِيسَى أَخُوهُ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ فَقَالَ عَنْ صَوْمِ ابْنِ مَرْجَانَةَ تَسْأَلُنِي ذَلِكَ يَوْمٌ صَامَهُ الْأَدْعِيَاءُ مِنْ آلِ زِيَادٍ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع وَ هُوَ يَوْمٌ يَتَشَاءَمُ بِهِ آلُ مُحَمَّدٍ ص وَ يَتَشَاءَمُ بِهِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَ الْيَوْمُ الَّذِي يَتَشَاءَمُ بِهِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ لَا يُصَامُ وَ لَا يُتَبَرَّكُ بِهِ وَ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ يَوْمُ نَحْسٍ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ
فِيهِ نَبِيَّهُ وَ مَا أُصِيبَ آلُ مُحَمَّدٍ إِلَّا فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ فَتَشَاءَمْنَا بِهِ وَ تَتَبَرَّكُ بِهِ عَدُوُّنَا وَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع وَ تَبَرَّكَ بِهِ ابْنُ مَرْجَانَةَ وَ تَشَاءَمَ بِهِ آلُ مُحَمَّدٍ فَمَنْ صَامَهُمَا أَوْ تَبَرَّكَ بِهِمَا لَقِيَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَمْسُوخَ الْقَلْبِ وَ كَانَ مَحْشَرُهُ مَعَ الَّذِينَ سَنُّوا صَوْمَهُمَا وَ التَّبَرُّكَ بِهِمَا.
40- كا، الكافي عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ صَوْمِ تَاسُوعَا وَ عَاشُورَاءَ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ فَقَالَ تَاسُوعَا يَوْمٌ حُوصِرَ فِيهِ الْحُسَيْنُ وَ أَصْحَابُهُ بِكَرْبَلَاءَ وَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ خَيْلُ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَنَاخُوا عَلَيْهِ وَ فَرِحَ ابْنُ مَرْجَانَةَ وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِتَوَافُرِ الْخَيْلِ وَ كَثْرَتِهَا وَ اسْتَضْعَفُوا فِيهِ الْحُسَيْنَ ع وَ أَصْحَابَهُ وَ أَيْقَنُوا أَنَّهُ لَا يَأْتِي الْحُسَيْنَ نَاصِرٌ وَ لَا يُمِدُّهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِأَبِي الْمُسْتَضْعَفَ الْغَرِيبَ ثُمَّ قَالَ وَ أَمَّا يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَيَوْمٌ أُصِيبَ فِيهِ الْحُسَيْنُ ع صَرِيعاً بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ صَرْعَى عُرَاةً أَ فَصَوْمٌ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَلَّا وَ رَبِّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ مَا هُوَ يَوْمَ صَوْمٍ وَ مَا هُوَ إِلَّا يَوْمُ حُزْنٍ وَ مُصِيبَةٍ دَخَلَتْ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَ يَوْمُ فَرَحٍ وَ سُرُورٍ لِابْنِ مَرْجَانَةَ وَ آلِ زِيَادٍ وَ أَهْلِ الشَّامِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ ذَلِكَ يَوْمٌ بَكَتْ جَمِيعُ بِقَاعِ الْأَرْضِ خَلَا بُقْعَةِ الشَّامِ فَمَنْ صَامَهُ أَوْ تَبَرَّكَ بِهِ حَشَرَهُ اللَّهُ مَعَ آلِ زِيَادٍ مَمْسُوخَ الْقَلْبِ مَسْخُوطاً عَلَيْهِ وَ مَنِ اذَّخَرَ إِلَى مَنْزِلِهِ ذَخِيرَةً أَعْقَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى نِفَاقاً فِي قَلْبِهِ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَ انْتَزَعَ الْبَرَكَةَ عَنْهُ وَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ وُلْدِهِ وَ شَارَكَهُ الشَّيْطَانُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ 22011 .
41- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوِينِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي غُنْدَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ ذَاكَ يَوْمُ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع فَإِنْ كُنْتَ شَامِتاً فَصُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ آلَ أُمَيَّةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ عَلَى قَتْلِ الْحُسَيْنِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ
نَذَرُوا نَذْراً إِنْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع وَ سَلِمَ مَنْ خَرَجَ إِلَى الْحُسَيْنِ وَ صَارَتِ الْخِلَافَةُ فِي آلِ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ يَتَّخِذُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيداً لَهُمْ يَصُومُونَ فِيهِ شُكْراً فَصَارَتْ فِي آلِ أَبِي سُفْيَانَ سُنَّةً إِلَى الْيَوْمِ فِي النَّاسِ وَ اقْتَدَى بِهِمُ النَّاسُ جَمِيعاً لِذَلِكَ فَلِذَلِكَ يَصُومُونَهُ وَ يُدْخِلُونَ عَلَى عِيَالاتِهِمْ وَ أَهَالِيهِمُ الْفَرَحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْخَبَرَ 22012 .
42- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ كَاتِبِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ شَرِكَ فِي دَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ ابْنَتُهُ جَعْدَةُ سَمَّتِ الْحَسَنَ ع وَ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ شَرِكَ فِي دَمِ الْحُسَيْنِ ع 22013 .
تذنيب
قال السيد رحمه الله في كتاب تنزيه الأنبياء فإن قيل ما العذر في خروجه صلوات الله عليه من مكة بأهله و عياله إلى الكوفة و المستولي عليها أعداؤه و المتأمر فيها من قبل يزيد اللعين يتسلط الأمر و النهي 22014 و قد رأى صنع أهل الكوفة بأبيه و أخيه صلوات الله عليهما و أنهم غادرون خوانون و كيف خالف ظنه ظن جميع نصحائه في الخروج و ابن عباس رحمه الله يشير بالعدول عن الخروج و يقطع على العطب فيه و ابن عمر لما ودعه ع يقول له أستودعك الله من قتيل إلى غير ذلك ممن تكلم في هذا الباب.
ثم لما علم بقتل مسلم بن عقيل و قد أنفذه رائدا له كيف لم يرجع و يعلم الغرور من القوم و يفطن بالحيلة و المكيدة ثم كيف استجاز أن يحارب بنفر قليل لجموع عظيمة خلفها مواد لها كثيرة ثم لما عرض عليه ابن زياد الأمان و أن يبايع يزيد كيف لم يستجب حقنا لدمه و دماء من معه من أهله و شيعته و مواليه و لم ألقى بيده إلى التهلكة و بدون هذا الخوف سلم أخوه الحسن ع الأمر إلى معاوية فكيف يجمع بين فعليهما في الصحة.
الجواب قلنا قد علمنا أن الإمام متى غلب على ظنه أنه يصل إلى حقه و القيام بما فوض إليه بضرب من الفعل وجب عليه ذلك و إن كان فيه ضرب من المشقة يتحمل مثلها و سيدنا أبو عبد الله ع لم يسر طالبا الكوفة إلا بعد توثق من القوم و عهود و عقود و بعد أن كاتبوه ع طائعين غير مكرهين و مبتدئين غير مجيبين و قد كانت المكاتبة من وجوه أهل الكوفة و أشرافها و قرائها تقدمت إليه في أيام معاوية و بعد الصلح الواقع بينه و بين الحسن ع فدفعهم و قال في الجواب ما وجب ثم كاتبوه بعد وفاة الحسن ع و معاوية باق فوعدهم و مناهم و كانت أيام معاوية صعبة لا يطمع في مثلها.
فلما مضى معاوية و أعادوا المكاتبة و بذلوا الطاعة و كرروا الطلب و الرغبة و رأى ع من قوتهم على ما كان يليهم في الحال من قبل يزيد و تسلطهم عليه و ضعفه عنهم ما قوي في ظنه أن المسير هو الواجب تعين عليه ما فعله من الاجتهاد و التسبب و لم يكن في حسبانه ع أن القوم يغدر بعضهم و يضعف أهل الحق عن نصرته و يتفق ما اتفق من الأمور الغريبة فإن مسلم بن عقيل لما دخل الكوفة أخذ البيعة على أكثر أهلها.
و لما وردها عبيد الله بن زياد و قد سمع بخبر مسلم و دخوله الكوفة و حصوله في دار هانئ بن عروة المرادي على ما شرح في السيرة و حصل شريك بن الأعور بها جاء ابن زياد عائدا و قد كان شريك وافق مسلم بن عقيل على قتل ابن زياد عند حضوره لعيادة شريك و أمكنه ذلك و تيسر له فما فعل و اعتذر بعد فوت الأمر إلى شريك بأن ذلك فتك و
أن النبي ص قال إن الإيمان قيد الفتك 22015 .
و لو كان فعل مسلم من قتل ابن زياد ما تمكن منه و وافقه شريك عليه لبطل الأمر و دخل الحسين ع الكوفة غير مدافع عنها و حسر كل أحد قناعه في نصرته و اجتمع له من كان في قلبه نصرته و ظاهره مع أعدائه.
و قد كان مسلم بن عقيل أيضا لما حبس ابن زياد هانئا سار إليه في جماعة من
أهل الكوفة حتى حضره في قصره و أخذ بكظمه و أغلق ابن زياد الأبواب دونه خوفا و جبنا حتى بث الناس في كل وجه يرغبون الناس و يرهبونهم و يخذلونهم عن نصرة ابن عقيل فتقاعدوا و تفرق أكثرهم حتى أمسى في شرذمة و انصرف و كان من أمره ما كان.
و إنما أردنا بذكر هذه الجملة أن أسباب الظفر بالأعداء كانت لائحة متوجهة و أن الاتفاق السيئ عكس الأمر إلى ما يروون من صبره و استسلامه و قلة ناصره على الرجوع إلى الحق دينا أو حمية فقد فعل ذلك نفر منهم حتى قتلوا بين يديه ع شهداء و مثل هذا يطمع فيه و يتوقع في أحوال الشدة. فأما الجمع بين فعله و فعل أخيه الحسن ع فواضح صحيح لأن أخاه سلم كفا للفتنة و خوفا على نفسه و أهله و شيعته و إحساسا بالغدر من أصحابه و هذا ع لما قوي في ظنه النصرة ممن كاتبه و وثق له و رأى من أسباب قوة نصار الحق و ضعف نصار الباطل ما وجب معه عليه الطلب و الخروج فلما انعكس ذلك و ظهرت أمارات الغدر فيه و سوء الاتفاق رام الرجوع و المكافة و التسليم كما فعل أخوه ع فمنع من ذلك و حيل بينه و بينه فالحالان متفقان إلا أن التسليم و المكافة عند ظهور أسباب الخوف لم يقبلا منه ع و لم يجب إلى الموادعة و طلبت نفسه ع فمنع منها بجهده حتى مضى كريما إلى جنة الله تعالى و رضوانه و هذا واضح لمتأمله انتهى.
أقول قد مضى في كتاب الإمامة و كتاب الفتن أخبار كثيرة دالة على أن كلا منهم ع كان مأمورا بأمور خاصة مكتوبة في الصحف السماوية النازلة على الرسول ص فهم كانوا يعملون بها و لا ينبغي قياس الأحكام المتعلقة بهم على أحكامنا و بعد الاطلاع على أحوال الأنبياء ع و إن كثيرا منهم كانوا يبعثون فرادى على ألوف من الكفرة و يسبون آلهتهم و يدعونهم إلى دينهم و لا يبالون بما ينالهم من المكاره و الضرب و الحبس و القتل و الإلقاء في النار و غير ذلك لا ينبغي الاعتراض على أئمة الدين في أمثال ذلك مع أنه بعد ثبوت عصمتهم بالبراهين
و النصوص المتواترة لا مجال للاعتراض عليهم بل يجب التسليم لهم في كل ما يصدر عنهم.
على أنك لو تأملت حق التأمل علمت أنه ع فدى نفسه المقدسة دين جده و لم يتزلزل أركان دول بني أمية إلا بعد شهادته و لم يظهر للناس كفرهم و ضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته و لو كان ع يسالمهم و يوادعهم كان يقوى سلطانهم و يشتبه على الناس أمرهم فيعود بعد حين أعلام الدين طامسة و آثار الهداية مندرسة مع أنه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنه ع هرب من المدينة خوفا من القتل إلى مكة و كذا خرج من مكة بعد ما غلب على ظنه أنهم يريدون غيلته و قتله حتى لم يتيسر له فداه نفسي و أبي و أمي و ولدي أن يتم حجة فتحلل و خرج مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ و قد كانوا لعنهم الله ضيقوا عليه جميع الأقطار و لم يتركوا له موضعا للفرار.
و لقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة 22016 أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم و ولاه أمر الموسم و أمره على الحاج كلهم و كان قد أوصاه بقبض الحسين ع سرا و إن لم يتمكن منه بقتله غيلة ثم إنه دس مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية و أمرهم بقتل الحسين ع على أي حال اتفق فلما علم الحسين ع بذلك حل من إحرام الحج و جعلها عمرة مفردة.
وَ قَدْ رُوِيَ بِأَسَانِيدَ: أَنَّهُ لَمَّا مَنَعَهُ ع مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْكُوفَةِ قَالَ وَ اللَّهِ يَا أَخِي لَوْ كُنْتُ فِي جُحْرِ هَامَّةٍ مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ- لَاسْتَخْرَجُونِي مِنْهُ حَتَّى يَقْتُلُونِّي.