کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
المسالك إطلاق الإنسان يشمل الصغير و الكبير و المنزل و غيره كذلك الحيوان يشمل الذكر و الأنثى ذات الأربع و غيره كالطير لكن الرواية وردت بنكاح البهيمة و هي لغة اسم لذات الأربع من حيوان البر و البحر فينبغي أن يكون العمل عليه تمسكا بالأصل في موضع الشك و يحتمل العموم لوجود السبب المحرم و عدم الخصوصية للمحل و هو الذي يشعر به إطلاق كلام المصنف و غيره و لا فرق في ذلك بين العالم بالحكم و الجاهل ثم إن علم الموطوء بعينه اجتنب و سرى إلى نسله و إن اشتبه أقرع للرواية ثم قال بعد ما مر و على تقدير العمل بالرواية 2468 فيعتبر في القسم كونه نصفين كما ذكر فيها و إن كان قولهم 2469 فريقين أعم منه ثم إن كان العدد زوجا فالنصف حقيقة ممكن و إن كان فردا اغتفر زيادة الواحدة في أحد النصفين و كذا القول بعد الانتهاء إلى عدد فرد كثلاثة 2470 .
11- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ ع إِذَا جُعِلَتْ سَمَكَةٌ مَعَ الْجِرِّيِّ فِي السَّفُّودِ إِنْ كَانَتِ السَّمَكَةُ فَوْقَهُ فَكُلْهَا وَ إِنْ كَانَتْ تَحْتَهُ فَلَا تَأْكُلْ وَ إِذَا كَانَ اللَّحْمُ مَعَ الطِّحَالِ فِي السَّفُّودِ أُكِلَ اللَّحْمُ وَ الْجُوذَابَةُ لِأَنَّ الطِّحَالَ فِي حِجَابٍ وَ لَا يَنْزِلُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُثْقَبَ فَإِنْ ثُقِبَ سَالَ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْكَلْ مَا تَحْتَهُ مِنَ الْجُوذَابَةِ وَ لَا غَيْرِهِ وَ يُؤْكَلُ مَا فَوْقَهُ 2471 .
12- الْمُقْنِعُ، إِذَا كَانَ اللَّحْمُ مَعَ الطِّحَالِ فِي سَفُّودٍ أُكِلَ اللَّحْمُ إِذَا كَانَ فَوْقَ الطِّحَالِ فَإِنْ كَانَ أَسْفَلَ مِنَ الطِّحَالِ لَمْ يُؤْكَلْ وَ يُؤْكَلُ جُوذَابُهُ لِأَنَّ الطِّحَالَ فِي حِجَابٍ وَ لَا يَنْزِلُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُثْقَبَ فَإِنْ ثُقِبَ سَالَ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْكَلْ مَا تَحْتَهُ مِنَ الْجُوذَابِ وَ إِنْ جُعِلَتْ سَمَكَةٌ يَجُوزُ أَكْلُهَا مَعَ جِرِّيٍّ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ فِي سَفُّودٍ أُكِلَتِ الَّتِي لَهَا فَلْسٌ إِذَا كَانَتْ فِي السَّفُّودِ فَوْقَ الْجِرِّيِّ وَ فَوْقَ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ فَإِنْ كَانَتْ أَسْفَلَ مِنَ الْجِرِّيِّ لَمْ تُؤْكَلْ 2472 .
الْفَقِيهُ، قَالَ الصَّادِقُ ع إِذَا كَانَ اللَّحْمُ مَعَ الطِّحَالِ وَ ذَكَرَ مِثْلَ مَا فِي الْمُقْنِعِ 2473 .
تبيين السفود كتنور الحديدة التي تشوى بها اللحم و في القاموس الجوذاب بالضم طعام السكر و أرز و لحم انتهى.
و الظاهر أن المراد هنا الخبز المشرود تحت الطحال و اللحم الذين على السفود ليجري عليها ما ينفصل منهما و عمل بما ورد في الفقيه أكثر الأصحاب. و الأصل فيه عندهم
مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ 2474 فِي الْمُوَثَّقِ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سُئِلَ عَنِ الطِّحَالِ أَ يَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ لَا تَأْكُلْهُ فَهُوَ دَمٌ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ 2475 فِي سَفُّودٍ مَعَ لَحْمٍ وَ تَحْتَهُ خُبْزٌ وَ هُوَ الْجُوذَابُ أَ يُؤْكَلُ مَا تَحْتَهُ قَالَ نَعَمْ يُؤْكَلُ اللَّحْمُ وَ الْجُوذَابُ وَ يُرْمَى بِالطِّحَالِ لِأَنَّ الطِّحَالَ فِي حِجَابٍ لَا يَسِيلُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الطِّحَالُ مَشْقُوقاً أَوْ مَثْقُوباً فَلَا تَأْكُلْ مِمَّا يَسِيلُ عَلَيْهِ الطِّحَالُ وَ عَنِ الْجِرِّيِّ يَكُونُ فِي السَّفُّودِ مَعَ السَّمَكِ قَالَ يُؤْكَلُ مَا كَانَ فَوْقَ الْجِرِّيِّ وَ يُرْمَى بِمَا سَالَ عَلَيْهِ الْجِرِّيُّ.
و هذا مطابق لما في الفقيه و أما ما ذكره الصدوق رحمه الله في الكتابين فهو مخالف للخبرين فإن عبارته تدل على عدم حل اللحم إذا كان تحت الطحال و إن لم يكن مثقوبا و الروايتان تدلان على الحل مطلقا إذا لم يكن مثقوبا قال في الدروس إذا شوي الطحال مع اللحم فإن لم يكن مثقوبا أو كان اللحم فوقه فلا بأس و إن كان مثقوبا و اللحم تحته حرم ما تحته من لحم و غيره و قال الصدوق رحمه الله إذا لم يثقب لم يؤكل اللحم إذا كان أسفل و يؤكل الجوذاب و هو الخبز 2476 .
و قال قدس سره أيضا.
رَوَى عَمَّارٌ عَنِ الصَّادِقِ ع فِي الْجِرِّيِّ مَعَ السَّمَكِ فِي سَفُّودٍ بِالتَّشْدِيدِ مَعَ فَتْحِ السِّينِ يُؤْكَلُ مَا فَوْقَ الْجِرِّيِّ وَ يُرْمَى مَا سَالَ عَلَيْهِ.
و عليها ابنا بابويه و طرد الحكم في مجامعة ما يحل أكلها لما يحرم قال الفاضل لم يعتبر علماؤنا ذلك و الجري طاهر و الرواية ضعيفة السند انتهى 2477 .
و أقول عدم نجاسة الجري لا ينافي الحكم المذكور فإنه ليس باعتبار النجاسة بل باعتبار أنه يجري من الطحال و الجري و غيرهما دم و أجزاء مائعة بعد تأثير الحرارة و يتشرب منها ما تحته و ضعف الروايات في هذا الباب منجبر بالشهرة بين الأصحاب و حل ما يحكم بالحل فيها مؤيد بالأصل و العمومات.
باب 7 الصيد و أحكامه و آدابه
الآيات المائدة غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ قوله سبحانه وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا و قال تعالى يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ و قال عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ تفسير قد مر تفسير بعض الآيات في كتاب الحج 2478 و مر بعضها في الأبواب السابقة وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ قالوا يحتمل أن يكون عطفا على الطيبات بأخذ ما موصولة و لكن بحذف مضاف أي مصيده أو صيده أي صيد الكلاب التي تصيدون بها بقرينة قوله مُكَلِّبِينَ فإنه مشتق من الكلب أي حال كونكم صاحبي الصيد بالكلاب أو أصحاب التعليم للكلاب فيلزم كون الجوارح كلابا فيحل ما ذبحه الكلب المعلم.
و ذهب أكثر المخالفين إلى أن المراد بالجوارح كلاب الصيد على أهلها من الطيور و ذوات الأربع من السباع و إطلاق المكلبين باعتبار كون المعلم في الأغلب كلبا أو لأن كل سبع يسمى كلبا قال النبي ص في دعائه اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فسلط الله عليه الأسد لكنه خلاف الظاهر و ستأتي الأخبار الكثيرة في ذلك قال في مجمع البيان الجوارح هي الكلاب فقط عن ابن
عمر و الضحاك و السدي. و المروي عن أئمتنا ع فإنهم قالوا هنا الكلب المعلم خاصة أحل الله صيدها إن أدركه صاحبه و قد قتل لقوله فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ 2479 و قوله مُكَلِّبِينَ منصوب على الحال و قوله تُعَلِّمُونَهُنَ حال ثانية أو استئناف مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ متعلق بتعلمونهن أي مما ألهمكم الله من الحيل و طرق التأديب فإن العلم به إلهام منه تعالى أو اكتساب بالعقل الذي هو عطية من الله تعالى أيضا و قيل أي مما عرفكم الله أن تعلموهن من اتباع الصيد بإرسال صاحبه و انزجاره بزجره و انصرافه بدعائه فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ متفرع على ما تقدم و يحتمل كونه جزاء لقوله وَ ما عَلَّمْتُمْ فتكون ما شرطية أي كلوا مما أمسكت الجوارح عليكم.
قال البيضاوي و هو ما لم يأكل منه لقوله ص لعدي بن حاتم و إن أكل منه فلا تأكل إنما أمسك على نفسه فاشترط في حله أن يكون الكلب ما أكل منه فلو أكل حرم.
ثم قال و إليه ذهب أكثر الفقهاء و قال بعضهم لا يشترط ذلك في سباع الطير لأن تأديبها إلى هذا الحد متعذر و قال آخرون لا يشترط مطلقا انتهى 2480 .
وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ الضمير لما علمتم و المعنى سموا عليه عند إرساله أو لما أمسكن بمعنى سموا عليه إذا أدركتم ذكاته أو سموا عند أكله و الأول أظهر و أشهر كما سيأتي وَ اتَّقُوا اللَّهَ في أوامره و نواهيه فلا تخالفوها بوجه إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ لأنه لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ و إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ و العبد في مقام التقصير فيما دق و جل ففيه كمال التنبيه على كمال الغفلة و غاية الاهتمام بسرعة الامتثال فقد أعذر من أنذر كذا قيل ثم اعلم أنه يستفاد من الآيات
أحكام الأول تدل الآيات منطوقا و مفهوما على إباحة الصيد و المصيد في الجملة و ادعوا عليها إجماع الأمة و الروايات في ذلك مستفيضة من طرق الخاصة و العامة و استثني منها صيد البر في حال الإحرام على التفصيل المتقدم في كتاب الحج و ظاهر الأصحاب أن صيد اللهو فعله حرام لكن الظاهر أن مصيده لا يكون حراما لأن حرمة الفعل لا يستلزم تحريمه بل يمكن المناقشة في تحريم الفعل أيضا لأن عدم قصر الصلاة و الصوم لا يستلزم التحريم لكن الظاهر أنه لا خلاف بينهم فيه و في بعض الروايات إشعار به.
الثاني ظاهر الآية اشتراط كون الجارح كلبا كما عرفت. قال الشهيد الثاني رحمه الله الاصطياد يطلق على معنيين أحدهما إثبات اليد على الحيوان الوحشي بالأصالة المحلل المزيل لامتناعه بآلة الاصطياد اللغوي و إن بقي بعد ذلك على الحياة و أمكن تذكيته بالذبح.
و الثاني عقره المزهق لروحه بآلة الصيد على وجه يحل أكله فالصيد بالمعنى الأول جائز إجماعا بكل آلة يتوصل بها إليه من كلب و سبع و جارح و غيرها و إنما الكلام في الاصطياد بالمعنى الثاني و الإجماع واقع أيضا على تحققه بالكلب المعلم من جملة الحيوان بمعنى ما أخذه و جرحه و أدركه صاحبه ميتا أو في حركة المذبوح يحل أكله و يقوم إرسال الصائد و جرح الكلب في أي موضع كان مكان الذبح في المقدور عليه و اختلفوا في غيره من جوارح الطير و السباع فالمشهور بين الأصحاب بل ادعى عليه المرتضى إجماعهم على عدم وقوعه بها للآية فإن الجوارح و إن كانت عامة إلا أن الحال في قوله مُكَلِّبِينَ الواقع من ضمير عَلَّمْتُمْ خصص الجوارح بالكلاب فإن المكلب مؤدب الكلاب لأجل الصيد و ذهب الحسن بن أبي عقيل إلى حل صيد ما أشبه الكلب من الفهد و النمر و غيرهما لعموم الجوارح و لورود أخبار صحيحة و غيرها بأن الفهد كالكلب في ذلك و اختلف تأويل الشيخ لها فتارة خصها بموردها و جوز صيد الفهد كالكلب محتجا بأن الفهد يسمى كلبا في اللغة و تارة حملها على التقية و ثالثة على حال الضرورة و وردت أخبار بحل صيد
غير الفهد أيضا و حملها على إحدى الأخيرتين.
الثالث ظاهر الآية شمولها لكل الكلب سلوقيا كان أو غيره و لا خلاف فيه ظاهرا بيننا و سواء كان أسود أو غيره و هو أصح القولين و استثنى ابن الجنيد رحمه الله الكلب الأسود و قال لا يجوز الاصطياد به و هو مذهب أحمد و بعض الشافعية محتجا بالرواية عن أمير المؤمنين ع أنه لا يؤكل صيده و قال إن رسول الله ص أمر بقتله.
الرابع يستفاد من الآية الكريمة أن الكلب الذي يحل مقتوله لا بد أن يكون معلما إذ التقدير و أحل لكم صيد ما علمتم من الجوارح فعلق حل صيدها على كونه معلما و اعتبروا في صيرورة الكلب معلما ثلاثة أمور أحدها أن يسترسل باسترسال صاحبه و إشارته و الثاني أن ينزجر بزجره و هكذا أطلق أكثرهم و قيده في الدروس بما إذا لم يكن بعد إرساله على الصيد لأنه لا يكاد أن ينفك حينئذ و استحسنه الشهيد الثاني رحمه الله و قريب منه في التحرير و هو غير بعيد.
الثالث أن يمسك الصيد و لا يأكل منه و في هذا اعتبار وصفين أحدهما أن يحفظه و لا يخليه و الثاني أن لا يأكل منه و ذهب جماعة من الأصحاب منهم الصدوقان و الحسن إلى أن عدم الأكل ليس بشرط و به روايات كثيرة و لا يخلو من قوة فيحمل أخبار عدم الأكل على الكراهة أو التقية و هو أظهر