کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فلم يبق النزاع إلا في سجود السهو و يشكل الاستدلال بالنصوص على سقوطه فالأحوط الإتيان به و احتمل الشهيد الثاني في الذكرى اغتفار زيادة الركن سهوا من كثير السهو دفعا للحرج و لاغتفار زيادته في بعض المواضع.
أقول طريق الاحتياط واضح قال رحمة الله عليه لو كثر شكه في فعل بعينه بنى على فعله فلو شك في غيره فالظاهر البناء على فعله أيضا لصدق الكثرة انتهى و هو حسن.
الثالث في بيان حد كثرة السهو
فقال الشيخ في المبسوط قيل حده أن يسهو ثلاث مرات متوالية و به قال ابن حمزة و قال ابن إدريس حده أن يسهو في شيء واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرات فيسقط بعد ذلك حكمه أو يسهو في أكثر الخمس أعني ثلاث صلوات الخمس فيسقط بعد ذلك حكم السهو في الفريضة الرابعة.
و أنكر المحقق في المعتبر هذا القول و قال إنه يجب أن يطالب هذا القائل بمأخذ دعواه فإنا لا نعلم لذلك أصلا في لغة و لا شرع و الدعوى من غير دلالة تحكم انتهى و أكثر الأصحاب أحالوه على العرف قال الشهيد الثاني قدس الله روحه المرجع في الكثرة إلى العرف لعدم تقدرها شرعا و قيل يتحقق بالسهو في ثلاث فرائض متوالية أو في فريضة واحدة ثلاث مرات و الظاهر أنه غير مناف للعرف و في حكمه السهو في فريضتين متواليتين و ربما خصها بعضهم بالسهو في ثلاث فرائض لرواية ابن أبي عمير و هي غير صريحة في ذلك فإن ظاهرها أن المراد وجود الشك في كل ثلاث بحيث لا تسلم له ثلاث صلوات خالية عن شكه و لم يقل أحد بانحصار الاعتبار في ذلك.
أقول قوله في فريضتين أي ثلاثا فيهما.
و اعلم أن القائلين بالثلاث اختلفوا في أن الحكم يتعلق بالثالثة أو بالرابعة
و تمسك القائلون بالثاني بأن حصول الثلاث سبب لتحقق حكم الكثرة و السبب مقدم على المسبب و لا يخفى وهنه إذ تقدم السبب ذاتي و لا ينافي المعية الزمانية مع أن تقدم الزماني لا يخل هنا بالمقصود.
ثم إذ قد عرفت أقوال مشاهير الأصحاب فلنرجع إلى بيان مدلول صحيحة ابن أبي عمير المشتملة على بيان حد الكثرة فاعلم أن الخبر في غاية الإجمال و يشكل التمسك به في مقام الاستدلال إذ الثلاث المذكور فيها لا يعلم أن المراد بها الصلوات أو الركعات أو أفعال الصلاة أو مطلق الأفعال لكن الظاهر أن المراد بها الصلوات ثم بعد بنائه على ذلك أيضا فيه احتمالات.
الأول و هو أظهر الاحتمالات أن يكون المراد أن يسهو في كل ثلاث صلوات متواليات سهوا واحدا و لا يكون ثلاث صلوات متواليات منه خالية عن السهو كأن يسهو مثلا في الصبح ثم في المغرب ثم في الظهر و هكذا.
و لا يخفى أنه على هذا يظهر منه تحديد انقطاع كثرة السهو و لا يظهر منه تحديد حصولها إذ لو كان المراد استمرار ذلك إلى آخر العمر فلا يعلم كونه كثير السهو إلا بعد موته و لو حمل على اليوم و الليلة فلا دلالة للخبر عليه مع أنه لا يتعدد الشك فيهما و ظاهر الخبر كون ذلك في زمان يتعدد حصول الشك فيه و التحديد بالأسبوع و الشهر و غيرهما تعيين بغير دليل فلا بد من الحوالة إلى العرف أي تكررت تلك الحالة منه بحيث يقال في العرف أن ليس ثلاث صلوات منه خالية من الشك.
فعلى هذا فالخبر مستقل في تحديد الانقطاع و لما لم يكن مستقلا في تحديد حصول كثرة السهو إلا بمعونة العرف و العرف مستقل في أصل الحكم فيصير الخبر من تلك الجهة خاليا عن الفائدة فلا بد أن يكون سياق الخبر لبيان حكم الانقطاع فقط و يكون الحوالة في حصولها إلى العرف.
و يمكن أن يقال مدخلية العرف في ذلك لا يصير التحديد لغوا إذ المراد
بيان المعنى الشرعي للكثرة بمعونة حكم العرف في أمر آخر و هو كونه لا يخلو ثلاث صلوات منه من السهو و حكمه في ذلك غير حكمه في أصل الكثرة و لعله لم يتوافق الحكمان و لو سلم أن المراد بيان المعنى العرفي للكثرة فيمكن أن يكون حكمه في مفهوم عدم الخلو أظهر من حكمه في أصل الكثرة فجعل تحقق أحدهما دليلا على الآخر.
الثاني أن يكون المراد أن يسهو في اليوم و الليلة في ثلاث صلوات فإنه يصدق حينئذ أنه لا يخلو ثلاث صلوات منهما عن السهو و لا يخفى ركاكة نسبة التعبير عن هذا المطلب بتلك العبارة إلى الإمام الذي هو أفصح البلغاء لا سيما في مقام الحكم لعامة الناس.
الثالث أن يكون المراد أن يسهو في كل جزء من أجزاء الثلاث صلوات أي في كل صلاة منها فيكون تحديدا لحصول الكثرة بالشك في ثلاث متوالية كما فهمه المحقق الأردبيلي رحمة الله عليه حيث قال و يمكن أن يكون معنى رواية محمد بن أبي عمير أن السهو في كل واحدة واحدة من أجزاء الثلاث بحيث يتحقق في جميعه موجب لصدق الكثرة و أنه لا خصوصية له بثلاث دون ثلاث بل في كل ثلاث تحقق تحقق كثرة السهو فتزول بواحدة و اثنتين أيضا و يتحقق حكمها في المرتبة الثالثة فيكون تحديدا لتحقق و زوال حكم السهو معا فتأمل فإنه قريب انتهى كلامه رفع الله مقامه.
و لا يخفى أن ما قربه ره بعيد من سياق الخبر و لعل الأظهر في الخبر هو الاحتمال الأول ففي حصول الكثرة يرجع إلى العرف و في انقطاعها إلى خلو ثلاث صلوات عن السهو و هو أيضا غير بعيد عن حكم العرف و الأحوط في صورة اشتباه الحكم العمل بأحكام الشك ثم إعادة الصلاة. 9742
الرابع في بيان مفاد قوله ع و لا على الإعادة إعادة
فإنه كان مقصودنا و إنما ذكرنا ما ذكرنا إعانة على فهمه.
فاعلم أن ظاهر العبارة أنه إذا صدر منه شك أو سهو مبطل للصلاة بحيث لزمته إعادة الصلاة ثم صدر في الإعادة أيضا ما يوجب الإعادة لا يلتفت إليه و يتم صلاته و لا تنافي بينه و بين التحديد الواقع في صحيحة ابن أبي عمير إذ لا يلزم أن يكون عدم الإعادة هنا لتحقق كثرة السهو بل هما حكمان بينهما عموم من وجه إذا السهو الموجب للكثرة لا ينحصر فيما كان سببا للإعادة و الإعادة أيضا لا يستلزم كثرة السهو و إن اجتمع الحكمان في بعض المواد و لا تنافي بينهما.
لكن لم يتعرض له الأصحاب و لم يقل به ظاهرا أحد إلا الشهيد رفع الله درجته في الذكرى حيث احتمل ذلك و قال بعد بسط القول في تحقيق حد الكثرة و يظهر من قوله ع في حسنة حفص بن البختري و لا على الإعادة إعادة أن السهو يكثر بالثانية إلا أن يقال يخص بموضع وجوب الإعادة انتهى.
و قال السيد صاحب المدارك بعد نقل هذا القول و هو كذلك إلا أني لا أعلم بمضمونها قائلا.
أقول لما لم يعلم تحقق إجماع على خلافه و الرواية المعتبرة دلت عليه فلا مانع من القول به و لذا مال إليه والدي العلامة قدس الله روحه و الأحوط الإتمام و الإعادة رعاية للمشهور بين الأصحاب.
ثم إن لمن لم يقل بظاهره وجوها من التأويل فيه الأول أن يحمل على ما إذا تحققت الكثرة في الشك في المعادة أو قبله على القولين.
الثاني أن يكون المراد عدم استحباب الإعادة ثانية فيما تستحب فيه الإعادة كإعادة الصلاة لمن صلى منفردا فإنها مستحبة و لا يستحب بعد ذلك إعادتها جماعة مرة أخرى كما إذا أعاد الناسي للنجاسة الصلاة خارج الوقت استحبابا على القول
به فلا يستحب له الإعادة مرة أخرى و أمثال ذلك.
الثالث أنه إذا أعاد الصلاة في موضع تجب فيه الإعادة فلا تجوز الإعادة مرة أخرى بالسبب الأول من غير عروض سبب آخر لها و لا يخفى بعد تلك الوجوه.
41- السَّرَائِرُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ النَّوَادِرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا سَهْوَ عَلَى مَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِسَهْوٍ 9743 .
بيان: أقول لعل المعنى أنه لا يعتبر الشك أو السهو ممن يعرف من نفسه كثرتهما بتقدير مضاف أو ممن أقر على نفسه أن شكه من قبيل وسواس الشيطان و ليس شكا واقعيا بل يعلم بعد التأمل أنه أتى بالفعل كما هو غالب حال من يكثر الشك أو لا يلزم سجود السهو بعد التذكر و الإتيان بالفعل المنسي في محله أو المعنى أنه لا يقبل من الصناع ادعاء السهو فيما جنوا بأيديهم على المتاع و لا يعذرون بذلك أو ينبغي عدم مؤاخذتهم على سهوهم و يمكن حمله على بعض معاني السهو في السهو و لا يخلو شيء منها من التكلف و إن كان الأول أقل تكلفا.
أقول و إنما خرجنا في هذا الباب عما التزمناه في أول الكتاب من رعاية الاختصار و عطفنا عنان البيان قليلا إلى التطويل و الإطناب و الإكثار لعموم البلوى بتلك المقاصد و كثرة حاجة الناس إليها و الله ولي التوفيق.
أبواب ما يحصل من الأنواع للصلوات اليومية بحسب ما يعرض لها من خصوص الأحوال و الأزمان و أحكامها و آدابها و ما يتبعها من النوافل و السنن و فيها أنواع من الأبواب
أبواب القضاء
باب 1 أحكام قضاء الصلوات