کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
وَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: يَكُونُ لِأَصْحَابِي بَعْدِي ذِلَّةٌ 1059 يَعْمَلُ بِهَا قَوْمٌ يُكِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي النَّارِ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ.
وَ حَدَّثَنِي مِنْ طَرِيقِ الْعَامَّةِ عَبْدُ اللَّهِ 1060 بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حِمَاسٍ بِمَدِينَةِ الرَّمْلَةِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ الْعَسْقَلَانِيِّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ 1061 أَبِي الْحَسَنِ الْحَذَّاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرٍ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرَّةَ، عَنْ فُلَانَةَ الْحَرَمِيِ 1062 ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ 1063 الْجَرَّاحِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِلِحْيَتِي وَ أَنَا أَعْرِفُ الْحَزَنَ فِي وَجْهِهِ-، فَقَالَ: يَا عُمَرُ! إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 1064 ، أَتَانِي جَبْرَئِيلُ آنِفاً فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 1065 ، فَقُلْتُ:
أَجَلْ، فَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ، فَمِمَّ ذَاكَ يَا جَبْرَئِيلُ؟. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ مُفْتَتِنَةٌ 1066 بَعْدَكَ بِقَلِيلٍ مِنَ الدَّهْرِ غَيْرِ كَثِيرٍ. فَقُلْتُ: فِتْنَةَ كُفْرٍ أَوْ فِتْنَةَ ضَلَالَةٍ؟. قَالَ: كُلٌّ سَيَكُونُ. فَقُلْتُ: وَ مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ وَ أَنَا تَارِكٌ فِيهِمْ كِتَابَ اللَّهِ؟. قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ يُضَلُّونَ، وَ أَوَّلُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أُمَرَائِهِمْ وَ قُرَّائِهِمْ، يَمْنَعُ الْأُمَرَاءُ الْحُقُوقَ فَيَسْأَلُ النَّاسُ حُقُوقَهُمْ فَلَا يُعْطُونَهَا فَيَفْتَتِنُوا وَ يَقْتَتِلُوا، وَ يَتَّبِعُوا الْقُرَّاءُ هَوَى 1067 الْأُمَرَاءِ فَيَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يَقْصُرُونَ. فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ! فَبِمَ يَسْلَمُ مَنْ يَسْلَمُ مِنْهُمْ؟. قَالَ:
بِالْكَفِّ وَ الصَّبْرِ، إِنْ أُعْطُوا الَّذِي لَهُمْ أَخَذُوهُ وَ إِنْ مَنَعُوهُ 1068 تَرَكُوهُ.
فهذا بعض ما ورد من الأخبار في أنّه كان بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من ضلّ و أضلّ، و ظلم و غشم، و وجب البراءة منه من 1069 فعله، فأمّا الوجه 1070 الذي يجب أن يحمل عليه 1071 ما تضمّنه الخبر الذي أوردناه من قوله (ص): و لعن آخر أمّتكم أوّلها، فهو ما استحلّه الظالمون المبغضون لأمير المؤمنين عليه السلام من لعنه و المجاهرة بسبّه و ذمّه. قلت 1072 : فلسنا نشكّ في أنّه قد برئت 1073 منه الخوارج و لعنه معاوية و من بعده من بني أميّة على المنابر، و تقرّب أكثر الناس إلى ولاة الجور بذمّه، و نشأ أولادهم على سماع البراءة منه و سبّه ..
[25] باب الاحتجاج على المخالفين بما رووه في كتبهم
الأول:
أنّه ولّى أمور المسلمين من لا يصلح لذلك و لا يؤتمن عليه، و من ظهر منه الفسق و الفساد، و من لا علم له، مراعاة لحرمة القرابة، و عدولا عن مراعاة حرمة الدين و النظر للمسلمين، حتّى ظهر ذلك منه و تكرّر، و قد كان عمر حذّره من ذلك حيث وصفه بأنّه كلّف بأقاربه، و قال له: إذا وليت هذا الأمر فلا تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس 1074 فوقع منه ما حذّره إيّاه، و عوتب عليه فلم ينفع العتب، و ذلك نحو استعماله الوليد بن عقبة 1075 و تقليده إيّاه حتّى ظهر منه شرب الخمر، و استعماله سعيد بن العاص 1076 حتى ظهرت منه الأمور التي عندها أخرجه
أهل الكوفة، و توليه عبد اللّه بن أبي سرح 1077 و عبد اللّه بن عامر بن كريز 1078 ، حتى روي عنه في أمر ابن أبي صرح 1079 أنّه لما تظلّم منه أهل مصر و صرفه عنهم بمحمد بن أبي بكر كاتبه بأن يستمر على ولاية 1080 و أبطن خلاف ما أظهر، و هذه 1081 طريقة من غرضه خلاف الدين. و روي أنّه كاتبه بقتل محمد بن أبي بكر و غيره ممّن يرد عليه، و ظفر بذلك الكتاب، و لذلك عظم التظلّم من بعد و كثر الجمع، و كان ذلك سبب الحصار و القتل، و حتى كان من أمر مروان و تسلّطه عليه و على أموره ما قتل بسببه 1082 و لا يمكن أن يقال: إنّه لم يكن عالما بأحوال هؤلاء الفسقة، فإنّ الوليد كان في جميع أحواله من المجاهرين بالفجور و شرب الخمور، و كيف يخفى على عثمان، و هو قريبه و لصيقه و أخوه لأمّه؟!، و لذا قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِ 1083 وَ قَدْ دَخَلَ الْكُوفَةَ: يَا أَبَا وَهْبٍ 1084 ! أَمِيرٌ أَمْ زَائِرٌ؟. قَالَ: بَلْ أَمِيرٌ.
فَقَالَ سَعْدٌ: مَا أَدْرِي أَ حَمِقْتُ بَعْدَكَ أَمْ كِسْتَ 1085 بَعْدِي؟!. فَقَالَ: مَا حَمِقْتَ بَعْدِي وَ لَا كِسْتُ 1086 بَعْدَكَ، وَ لَكِنَّ الْقَوْمَ مَلِكُوا فَاسْتَأْثَرُوا 1087 . فَقَالَ سَعْدٌ: مَا أَرَاكَ إِلَّا صَادِقاً.
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ يَحْيَى 1088 : أَنَّ الْوَلِيدَ لَمَّا دَخَلَ الْكُوفَةَ مَرَّ عَلَى مَسْجِدِ 1089 عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ النَّخَعِيِ 1090 فَوَقَفَ، فَقَالَ عَمْرٌو: يَا مَعْشَرَ بَنِي أَسَدٍ! بِئْسَ مَا اسْتَقْبَلَنَا بِهِ أَخُوكُمْ ابْنُ عَفَّانَ، أَ مِنْ عَدْلِهِ أَنْ يَنْزِعَ عَنَّا ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ الْهَيِّنَ اللَّيِّنَ السَّهْلَ الْقَرِيبَ وَ يَبْعَثَ عَلَيْنَا بَدَلَهُ 1091 أَخَاهُ الْوَلِيدَ الْأَحْمَقَ الْمَاجِنَ الْفَاجِرَ قَدِيماً وَ حَدِيثاً؟! وَ اسْتَعْظَمَ النَّاسُ مَقْدَمَهُ، وَ عُزِلَ سَعْدٌ بِهِ، وَ قَالُوا: أَرَادَ عُثْمَانُ كَرَامَةَ أَخِيهِ بِهَوَانِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ 1092 .
و قال ابن عبد البرّ في الإستيعاب 1093 في ترجمة الوليد: أمّه أروى بنت كريز ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، أمّ عثمان بن عفّان، و الوليد 1094 بن عقبة أخو عثمان لأمّه يكنّى: أبا وهب، أسلم يوم فتح 1095 مكة، و ولّاه عثمان بالكوفة و عزل عنها سعد بن أبي وقّاص، فلمّا قدم الوليد على سعد قال له سعد: و اللّه ما أدري
أ كست 1096 بعدنا أم حمقنا بعدك؟!. فقال: لا تجزعنّ أبا إسحاق، فإنّما هو الملك يتغدّاه قوم و يتعشّاه آخرون. فقال سعد: أراكم و اللّه ستجعلونها ملكا.
قال 1097 : وَ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ 1098 : لَمَّا قَدِمَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ أَمِيراً عَلَى الْكُوفَةِ أَتَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟. قَالَ: جِئْتُ أَمِيراً. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا أَدْرِي أَ صَلَحْتَ بَعْدَنَا أَمْ فَسَدَ النَّاسُ؟!.
و له أخبار 1099 فيها نكارة و شناعة تقطع على سوء 1100 حاله و قبح أفعاله 1101 غفر اللّه لنا و له 1102 ، فلقد كان من رجال قريش ظرفا و حلما و شجاعة و أدبا، و كان من الشعراء المطبوعين 1103 ، كان الأصمعي و أبو عبيدة و ابن الكلبي و غيرهم يقولون: