کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
يكون خطيئة و إن صغرت.
و أورد عليه السيد المرتضى 34926 رضوان اللّه عليه بأنّه: لو كان الأمر على ما ظنّه 34927 لم يكن تنبيه معاذ على هذا الوجه، بل كان يجب أن ينبّهه بأن يقول 34928 : هي حامل، و لا يقول له: إن كان لك عليها سبيل 34929 فلا سبيل لك على ما في بطنها، لأنّ ذلك 34930 قول من عنده أنّه يرجمها مع العلم بحالها 34931 ، و أقلّ ما يجب- لو كان الأمر كما ظنّه 34932 - أن يقول لمعاذ: ما ذهب عليّ 34933 أنّ الحامل لا ترجم، و إنّما أمرت برجمها لفقد علمي بحملها، فكان ينفي بهذا القول عن نفسه الشبهة. و في إمساكه عنه- مع شدّة الحاجة إليه- دليل على صحّة قولنا، و قد كان يجب أيضا أن يسأل عن الحمل لأنّه أحد الموانع من الرجم، فإذا علم انتفاؤه 34934 أمر بالرجم، و صاحب الكتاب قد اعترف بأنّ ترك المسألة عن ذلك تقصير و خطيئة 34935 ، و ادّعى أنّهما 34936 صغيرة، و 34937 من أين له ذلك و لا دليل عنده يدلّ 34938 في غير الأنبياء عليهم السلام أنّ معصيته بعينها صغيرة.
فأمّا إقراره بالهلاك لو لا تنبيه معاذ .. فهو يقتضي التفخيم و التعظيم 34939 لشأن الفعل، و لا يليق ذلك إلّا بالتقصير الواقع، إمّا في الأمر برجمها مع العلم بأنّها حامل، أو ترك البحث عن ذلك و المسألة عنه، و أيّ لوم 34940 في أن يجري بقوله قتل من لا يستحقّ القتل إذا لم يكن ذلك عن تفريط و لا تقصير. انتهى كلامه رفع اللّه مقامه.
وَ مِمَّا يُؤَيِّدُهُ 34941 هَذِهِ الْقِصَّةُ، مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْإِرْشَادِ 34942 أَنَّهُ أُتِيَ عُمَرُ بِحَامِلٍ قَدْ زَنَتْ فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هَبْ أَنَّ لَكَ سَبِيلًا عَلَيْهَا، أَيُّ سَبِيلٍ لَكَ عَلَى مَا فِي 34943 بَطْنِهَا؟! وَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى 34944 . فَقَالَ عُمَرُ: لَا عِشْتُ لِمُعْضِلَةٍ لَا يَكُونُ لَهَا أَبُو الْحَسَنِ 34945 .
وَ حَكَى فِي كَشْفِ الْغُمَّةِ 34946 مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِ 34947 أَنَّهُ قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ فِي وِلَايَتِهِ بِامْرَأَةٍ حَامِلَةٍ فَسَأَلَهَا عُمَرُ فَاعْتَرَفَتْ بِالْفُجُورِ، فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ، فَلَقِيَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: مَا بَالُ هَذِهِ؟. فَقَالُوا: أَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ، فَرَدَّهَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: أَمَرْتَ بِهَا أَنْ تُرْجَمَ؟!. فَقَالَ: نَعَمْ، اعْتَرَفَتْ عِنْدِي بِالْفُجُورِ. فَقَالَ: هَذَا سُلْطَانُكَ عَلَيْهَا، فَمَا سُلْطَانُكَ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا؟. ثُمَّ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَلَعَلَّكَ انْتَهَرْتَهَا أَوْ أَخَفْتَهَا. فَقَالَ: قَدْ كَانَ ذَاكَ. قَالَ: أَ وَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: لَا حَدَّ عَلَى مُعْتَرِفٍ بَعْدَ بَلَاءٍ 34948 ، إِنَّهُ مَنْ قَيَّدْتَ أَوْ حَبَسْتَ أَوْ تَهَدَّدْتَ فَلَا إِقْرَارَ لَهُ. فَخَلَّى عُمَرُ سَبِيلَهَا،. ثُمَّ قَالَ: عَجَزَتِ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ 34949 مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (ع) 34950 ، لَوْ لَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ 34951 .
و ستأتي الأخبار في ذلك في باب قضاياه 34952 عليه السلام.
العاشر:
أَنَّهُ أَمَرَ بِرَجْمِ الْمَجْنُونَةِ فَنَبَّهَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: إِنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ 34953 عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ. فَقَالَ: لَوْ لَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ 34954 .
و هذا يدلّ على أنّه لم يكن يعرف الظاهر من الشريعة.
و قد اعترف قاضي القضاة 34955 و ابن أبي الحديد 34956 و سائر من تصدّى للجواب عنه بصحّته.
وَ قَدْ حَكَى فِي كَشْفِ الْغُمَّةِ 34957 مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِ 34958 مَرْفُوعاً عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ مَجْنُونَةٍ 34959 قَدْ زَنَتْ، فَأَرَادَ أَنْ يَرْجُمَهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا عُمَرُ 34960 ! أَ مَا سَمِعْتَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ؟. قَالَ:
وَ مَا قَالَ؟. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ، وَ عَنِ الْغُلَامِ حَتَّى يُدْرِكَ 34961 ، وَ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ. قَالَ:
فَخَلَّى عَنْهَا.
وَ حَكَى فِي الطَّرَائِفِ 34962 ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ 34963 ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ.
قَالَ: وَ ذَكَرَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: كَانَ يَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ
مِنْ مُعْضِلَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبُو حَسَنٍ 34964 .
و حكاه العلّامة رحمه اللّه في كشف الحقّ 34965 من مسند أحمد 34966 .
و أجاب عنه قاضي القضاة 34967 بأنّه: ليس في الخبر أنّه عرف جنونها، فيجوز أن يكون الذي نبّه عليه أمير المؤمنين عليه السلام هو 34968 جنونها دون الحكم، لأنّه كان يعلم أنّ الحدّ لا يقام 34969 في حال الجنون 34970 ، و إنّما قال: لو لا عليّ لهلك عمر، لا من جهة المعصية و الإثم، لكن من جهة أنّ 34971 حكمه لو نفذ لعظم غمّه، و يقال في شدّة الغمّ أنّه هلاك، كما يقال في الفقر و غيره، و ذلك مبالغة منه لما كان يلحقه من الغمّ الذي زال بهذا التنبيه، على أنّ هذا الوجه ممّا لا يمتنع في الشرع أن يكون صحيحا، و أن يقال إذا كانت مستحقّة للحدّ فإقامته عليها صحيحة 34972 و إن لم يكن لها عقل، لأنّه لا يخرج الحدّ من أن يكون واقعا موقعه، و يكون 34973 قوله عليه السلام: رفع القلم عن ثلاثة .. يراد به 34974 زوال التكليف عنهم دون زوال
إجراء 34975 الحكم عليهم، و ما هذه 34976 حاله لا يمتنع أن يكون مشتبها فيرجع فيه إلى غيره، فلا يكون الخطأ فيه ممّا يعظم فيمنع من صحّة الإمامة.
و أورد عليه السيد المرتضى 34977 رضوان اللّه عليه: بأنّه لو كان أمر برجم المجنونة من غير علم بجنونها لما قال له أمير المؤمنين عليه السلام: أ ما علمت أنّ القلم مرفوع عن المجنون حتّى يفيق؟! بل كان يقول له بدلا عن 34978 ذلك: هي مجنونة، و كان 34979 ينبغي أن يكون عمر لمّا سمع من التنبيه له على ما يقتضي الاعتقاد فيه أنّه أمر برجمها مع العلم بجنونها، يقول متبرّئا من 34980 الشبهة: ما علمت بجنونها، و لست ممّن يذهب عليه أنّ المجنون لا يرجم، فلمّا رأيناه استعظم ما أمر به و قال 34981 : لو لا عليّ لهلك عمر .. دلّنا 34982 على أنّه كان تأثّم و تحرّج بوقوع الأمر بالرجم، و أنّه ممّا لا يجوز و لا يحلّ 34983 ، و إلّا فلا معنى لهذا الكلام.