کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
إزاحة العلة في معرفة القبلة لمؤلفه أبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال قدس سره سألني الأمير فرامرز بن علي الجرجاني إملاء مختصر يشتمل على ذكر معرفة القبلة من جميع أقاليم الأرض مما ورد عن أئمة الهدى ع فامتثلت مرسومه أدام الله نعمته فأول ما ابتدأت بذكره وجوب التوجه إلى القبلة ثم ذكرت بعد ذلك أقسام القبلة و أحكامها و ذكرت كيفية ما يستدل به أهل كل إقليم إلى منتهى حدوده على معرفة قبلتهم إن شاء الله تعالى.
فصل في ذكر وجوب التوجه إلى القبلة
قال الله تعالى لنبيه ص قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ 5532 أي نحوه و قال عز و جل وَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 5533 فأوجب الله تعالى بظاهر اللفظ التوجه نحو المسجد الحرام لمن نأى عنه 5534
وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً 5535 قَالَ أَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ وَجْهَهُ لِلْقِبْلَةِ خَالِصاً مُخْلِصاً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ 5536 .
وَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ أَيْضاً قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ 5537 قَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ 5538 أَيْضاً.
فوجه وجوب معرفة القبلة التوجه إليها في الصلاة كلها فرائضها و سننها مع الإمكان و عند الذبح و النحر و عند إحضار الأموات و غسلهم و الصلاة عليهم و دفنهم و الوقوف بالموقفين و رمي الجمار و حلق الرأس لا وجه لوجوب معرفة القبلة سوى ذلك.
فصل في ذكر أقسام القبلة و أحكامها
المكلفون في باب التوجه إلى القبلة على ثلاثة أقسام منهم من يلزمه التوجه إلى نفس الكعبة فلا يحتاج إلى طلب الأمارات و هو كل من كان مشاهدا بأن يكون في المسجد الحرام أو يكون في حكم المشاهد بأن يكون ضريرا أو يكون بينه و بين الكعبة حائل أو يكون خارج المسجد الحرام بحيث لا يخفى عليه جهة الكعبة.
و القسم الثاني ما يلزمه التوجه إلى نفس المسجد الحرام و هو كل من كان مشاهد المسجد الحرام أو في حكم المشاهد أو غلب على ظنه جهته ممن كان في الحرم و هذا القسم أيضا لا يحتاج إلى تطلب تلك الأمارات التي يحتاج إليها من كان خارج الحرم.
و القسم الثالث من يلزمه التوجه إلى الحرم فهو كل من كان خارج الحرم و نائيا عنه و هو الذي يحتاج إلى تطلب تلك الأمارات من سائر أقاليم الأرض.
فصل في ذكر صرف رسول الله ص إلى الكعبة من البيت المقدس
قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَتَى صُرِفَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى الْكَعْبَةِ قَالَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ بَدْرٍ وَ كَانَ يُصَلِّي بِالْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْراً ثُمَّ أُعِيدَ إِلَى الْكَعْبَةِ 5539 .
وَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ - 5540 فَقَالَ ع إِنَّ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ أَتَوْهُمْ وَ هُمْ قَدْ صَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقِيلَ لَهُمْ إِنَّ نَبِيَّكُمْ قَدْ صُرِفَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَتَحَوَّلَ النِّسَاءُ مَكَانَ الرِّجَالِ وَ الرِّجَالُ مَكَانَ النِّسَاءِ وَ جَعَلُوا الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ إِلَى الْكَعْبَةِ وَ صَلَّوْا صَلَاةً وَاحِدَةً إِلَى قِبْلَتَيْنِ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ مَسْجِدُهُمْ مَسْجِدَ الْقِبْلَتَيْنِ 5541 وَ هُوَ بِالْمَدِينَةِ قَرِيباً مِنْ بِئْرِ رُومَةَ 5542 .
فصل في ذكر من كان في جوف الكعبة أو فوقها أو عرصتها مع عدم حيطانها
إذا كان الإنسان في جوف الكعبة صلى إلى أي جهة شاء إلا إلى الباب فإنه إذا كان مفتوحا لا يجوز التوجه إلى جهته و كذلك الحكم إذا كان فوقها سواء كان السطح له سترة من نفس البناء أو كان مغروزا فيه أو لم يكن له سترة ففي أي موضع وقف جاز اللهم إلا أن يقف على طرف الحائط بحيث لا يبقى بين يديه جزء من بناء البيت فإنه لا يجوز حينئذ صلاته لأنه يكون قد استدبر القبلة.
و يجوز لمن كان فوق الكعبة أيضا أن يصلي مستلقيا متوجها إلى البيت المعمور الذي يسمى الضراح في السماء الرابعة أو الثالثة على خلاف فيه و تكون صلاته إيماء.
و متى انهدم البيت و العياذ بالله جازت الصلاة إلى عرصته و إن وقف وسط عرصته و صلى كان أيضا جائزا ما لم يقف على طرف قواعده بحيث لم يبق بين يديه جزء من أساسه.
فصل في التوجه إلى القبلة من أربع جوانب البيت
اعلم أن الناس يتوجهون إلى القبلة من أربع جوانب الأرض فأهل العراق و خراسان إلى جيلان و جبال ديلم و ما كان في حدوده مثل الكوفة و بغداد و حلوان إلى الري و طبرستان إلى جبل سابور و إلى ما وراء النهر إلى خوارزم إلى الشاش 5543 و إلى منتهى حدوده و من يصلي إلى قبلتهم من أهل الشرق إلى حيث يقابل المقام و الباب.
و يستدل على ذلك من النجوم بتصيير بنات نعش خلف الأذن اليمنى و الجدي إذا طلع خلف منكبه الأيمن و الفجر موازيا لمنكبه الأيسر و الشفق محاذيا لمنكبه الأيمن و الهنعة إذا طلعت بين الكتفين 5544 و الدبور مقابله و الصبا خلفه و الشمال على يمينه و الجنوب على يساره 5545 أو بجعل عين الشمس عند الزوال على حاجبه الأيمن.
و على أهل العراق و من يصلي إلى قبلتهم من أهل الشرق التياسر قليلا.
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنِ التَّيَاسُرِ فَقَالَ إِنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ لَمَّا أُنْزِلَ بِهِ مِنَ الْجَنَّةِ
وَ وُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ جُعِلَ أَنْصَابُ الْحَرَمِ مِنْ حَيْثُ يَلْحَقُهُ نُورُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَهِيَ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ وَ عَنْ يَسَارِهَا ثَمَانِيَةُ أَمْيَالٍ كُلُّهَا اثْنَا عَشَرَ مِيلًا فَإِذَا انْحَرَفَ الْإِنْسَانُ ذَاتَ الْيَمِينِ خَرَجَ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ لِقِلَّةِ أَنْصَابِ الْحَرَمِ وَ إِذَا انْحَرَفَ ذَاتَ الْيَسَارِ لَمْ يَكُنْ خَارِجاً عَنْ حَدِّ الْقِبْلَةِ 5546 .
و الأنصاب هي الأعلام المبنية على حدود الحرم و الفرق بين الحل و الحرم.
فصل في ذكر التوجه إلى القبلة من مالطة و شمشاط 5547 و الجزيرة إلى الموصل و ما وراء ذلك من بلاد آذربيجان و الأبواب إلى حيث يقابل ما بين الركن الشامي إلى نحو المقام و يستدل على ذلك من النجوم بتصيير بنات نعش خلف الأذن اليمنى و العيوق 5548 إذا طلع خلف الأذن اليسرى و سهيل إذا تدلى للمغيب بين
العينين و الجدي إذا طلع بين الكتفين و الشرق على يده اليسرى و الشمال على صفحة الخد الأيمن و الدبور على العين اليمنى و الجنوب على العين اليسرى.
فصل في ذكر التوجه إلى القبلة من الشام و التوجه إلى القبلة من عسفان 5549 و ينبع و المدينة و حر دمشق 5550 و حلب و حمص و حماة و آمد و ميافارقين و أقلاد و إلى الروم و سماوة و الجوذا و إلى مدين شعيب و إلى الطور و تبوك و الدار و من بيت المقدس و بلاد الساحل كلها و دمشق إلى حيث يقابل الميزاب إلى الركن الشامي و يستدل على ذلك من النجوم بتصيير بنات نعش إذا غابت خلف الأذن اليمنى و الجدي إذا طلع خلف الكتف الأيسر و موضع مغيب السهيل على العين اليمنى و طلوعه بين العينين و المشرق على عينه اليسرى و الصبا على خده الأيسر و الشمال على الكتف الأيمن و الدبور على صفحة الخد الأيمن و الجنوب مستقبل الوجه.