کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الجزء السابع و السبعون
كتاب الطهارة
أبواب المياه و أحكامها
باب 1 طهورية الماء
الآيات البقرة إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ 1140 الأنفال وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ 1141 التوبة فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ 1142 الفرقان وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً 1143 تفسير الآية الأولى تدل على رجحان التطهر و أظهر أفراده التطهر بالماء و يؤيده ما
رَوَاهُ الصَّدُوقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْفَقِيهِ 1144 قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ فَأَكَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طَعَاماً فَلَانَ بَطْنُهُ فَاسْتَنْجَى بِالْمَاءِ فَأَنْزَلَ
اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَخَشِيَ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَلَ فِيهِ أَمْرٌ يَسُوؤُهُ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص هَلْ عَمِلْتَ فِي يَوْمِكَ هَذَا شَيْئاً قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلْتُ طَعَاماً فَلَانَ بَطْنِي فَاسْتَنْجَيْتُ بِالْمَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ فِيكَ الْآيَةَ.
و المشهور بين المفسرين أن المراد التواب من الذنوب و المتطهر منها مطلقا أو التواب من الكبائر و المتطهر من الصغائر أو التواب من الذنوب و المتطهر من الأقذار 1145 و سيأتي بعض القول فيها.
و أما الآية الثانية فالمراد من السماء إما السحاب فإن كل ما علا يطلق عليه السماء لغة و لذا يسمون سقف البيت سماء و إما الفلك بمعنى أن ابتداء نزول المطر منه إلى السحاب و من السحاب إلى الأرض و لا التفات إلى ما زعمه الطبيعيون في سبب حدوث المطر فإنه مما لم يقم عليه دليل قاطع و ربما يقال إن المراد بإنزاله من السماء أنه حصل من أسباب سماوية و تصعد أجزاء رطبة من أعماق الأرض إلى الجو فينعقد سحابا ماطرا و قد مر القول فيه في كتاب السماء و العالم.
ثم المشهور في سبب نزولها أنها نزلت في بدر بسبب أن الكفار سبقوا المسلمين إلى الماء فاضطر المسلمون و نزلوا إلى تل من رمل سيال لا تثبت فيه أقدامهم و أكثرهم خائفون لقلتهم و كثرة الكفار فباتوا تلك الليلة على
غير ماء فاحتلم أكثرهم فتمثل لهم إبليس و قال تزعمون أنكم على الحق و أنتم تصلون بالجنابة و على غير وضوء و قد اشتد عطشكم و لو كنتم على الحق ما سبقوكم إلى الماء و إذا أضعفكم العطش قتلوكم كيف شاءوا فأنزل الله عليهم المطر و زالت تلك العلل و قويت قلوبهم و نزلت الآية.
فتدل ظاهرا على تطهير ماء المطر للحدث و الخبث 1146 و لعل المراد بتطهير الله إياهم توفيقهم للطهارة و قيل الحكم به بعد استعمال الماء على الوجه المعتبر و المراد بقوله لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ الطهارة من النجاسة الحكمية أعني الجنابة و الحدث الأصغر أو منها و من العينية أيضا كالمني.
و يراد برجز الشيطان 1147 ، إما الجنابة فإنها من فعله و أما وسوسته لهم و الربط على القلوب يراد به تشجيعها و تقويتها و وثوقها بلطف الله بهم و قيل إن هذا المعنى هو المراد أيضا بتثبيت أقدامهم.
و بالجملة الآية تدل على تطهير ماء المطر للحدث و الخبث في الجملة و أما الاستدلال بها على مطهرية الماء مطلقا فلا يخلو من إشكال 1148 .
و أما الآية الثالثة فتدل في الجملة على مدح التطهر من الأقذار لا سيما بالماء و
قَدْ رُوِيَ عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ ع أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَهْلِ قُبَاءَ لِجَمْعِهِمْ فِي الِاسْتِنْجَاءِ عَنِ الْغَائِطِ بَيْنَ الْأَحْجَارِ وَ الْمَاءِ.
و روي لاستنجائهم بالماء و قيل ربما
دلت على استحباب المبالغة في الاجتناب من النجاسات و لا يبعد فهم استحباب النورة و أمثالها بل استحباب الكون على الطهارة و تأييد لدلائل الأغسال المستحبة و استحباب المبالغة في الاجتناب عن المحرمات و المكروهات و الاجتناب عن محال الشبهات و كل ما فيه نوع خسة و دناءة و الحرص على الطاعات و الحسنات فإنهن يذهبن السيئات فإن الطهارة إن كان لها شرعا حقيقة فهي رافع الحدث أو المبيح للصلاة و هنا ليست مستعملة فيه اتفاقا فلم يبق إلا معناها اللغوي العرفي أي النزاهة و النظافة و هي يعم الكل انتهى.
و أكثر ما ذكر لا يخلو من مناقشة كما لا يخفى.
و أما الآية الرابعة فاستدل بها على طهارة مطلق الماء و مطهريته و أورد عليه بأنه ليس في الكلام ما يدل على العموم و إنما يدل على أن الماء من السماء مطهر و بأن الطهور مبالغة في الطاهر و لا يدل على كونه مطهرا بوجه.