کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
توقع خصمك فيه، أ ليس الأمّة مجمعة على أنّه من اعترف بالشكّ في دين اللّه عزّ و جلّ و الريب في نبوّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقد اعترف بالكفر و أقرّ به على نفسه؟. فقال: بلى.
فقال له الشيخ أدام اللّه عزّه: فإنّ الأمّة مجمعة [مجتمعة] لا خلاف بينها على أنّ عمر بن الخطّاب قال: ما شككت منذ يوم أسلمت إلّا يوم قاضى فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أهل مكّة، فإنّي جئت إليه فقلت له: يا رسول اللّه! أ لست بنبيّ؟! فقال: بلى، فقلت: ألسنا بالمؤمنين؟! قال: بلى، فقلت [له]: فعلى م تعطي هذه الدنيّة من نفسك؟! فقال: إنّها ليست بدنيّة، و لكنّها خير لك، فقلت له: أ ليس قد وعدتنا أن ندخل مكّة؟! قال: بلى، قلت: فما بالنا لا ندخلها؟!، قال: أو وعدتك أن تدخلها العام؟!، قلت: لا، قال:
فسندخلها إن شاء اللّه تعالى، فاعترف بشكّه في دين اللّه و نبوّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم .. و ذكر مواضع شكوكه و بيّن عن جهاتها، و إذا كان الأمر على ما وصفناه فقد حصل الإجماع على كفره بعد إظهار الإيمان، و اعترافه بموجب ذلك على نفسه، ثمّ ادّعى خصومنا من الناصبة أنّه تيقّن بعد الشكّ و رجع الى الإيمان بعد الكفر، فأطرحنا قولهم لعدم البرهان [منهم] عليه و اعتمدنا على الإجماع فيما ذكرناه، فلم يأت بشيء أكثر من أن قال: ما كنت أظنّ أحدا يدّعي الإجماع على كفر عمر بن الخطّاب حتّى الآن.
و أورده العلّامة المجلسي في بحار الأنوار: 10/ 413- 414.
***** [قضيّة الوحدة بين المسلمين مسألة عقليّة]
ثمّ إنّ قضيّة الوحدة بين المسلمين ما هي إلّا مسألة عقليّة قبل أن تكون نصيّة، و فريضة شرعيّة قبل أن تكون مسئوليّة اجتماعيّة، و هي- على كلّ حال- لا يمكن التعامي و التغاضي عنها أو غضّ الطرف عنها بعد قوله سبحانه و تعالى: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا (آل عمران: 99) بذا أمر
سبحانه- على أن يكون حبل اللّه هو عليّ عليه السلام و ولده كما صرّحت به نصوص العامّة فضلا عن الخاصّة، و قد سلفت في ديباجة الكتاب.
و توعّد عزّ اسمه على التهاون بالوحدة و تضييعها بالعذاب العظيم، فقال تعالى: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (آل عمران: 105).
فالوحدة بين المسلمين يجب أن تفهم على أنّها قضيّة رساليّة أساسيّة لا سياسيّة وقتية، و هي ذات أبعاد متشعّبة فرّط بها قوم و أفرط آخرون، مع كلّ ما لها من الأهميّة، و في لزوم حمايتها و الحرص عليها، إلّا أنّه- و يا للأسف- قد خلط بين الوحدة السياسية و الدينيّة، حتى جرأ البعض- ممّن لا بصيرة له- فقال بوحدة الأديان بعد أن فرغ من وحدة المذاهب!!.
فليست الوحدة هي كون الباطل حقّا و لا الحقّ باطلا «فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ» و «جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ» ، بل المنهج التحقيقي و الموضوعيّة العلميّة تستدعي الباحث عن الحقيقة أن يفحص و يبحث ... ثم يستنتج من رسالة السماء ما هو واجبه و ما تمليه عليه فريضته، لا أنّه تحت شعار حفظ الوحدة يهمل كلّ الفروع و الأصول التي يلقاها خلال بحثه و تفتيشه، بل ينسى- و يا للعار- الحقيقة و الحقّ، بل يلتزم الضلالة و الباطل متذرّعا بهذه اللفظة ..
و هذا ما وجدناه عند بعض ممّن شاركنا باسم المذهب.
إذ البحث العلمي يتوخّى دوما الحقائق المجرّدة عن أيّة مواقف مسبقة، أو التزامات نسبيّة، أو شعائر و عادات موروثة، أو أيّة اعتبارات تصرفه عن مسيره العلمي.
فهل- يا ترى- تجنّب الفرقة و الخلاف و التمسّك بالوحدة و الوفاق يلزم منه توافق الجميع حتّى فيما اختلفوا فيه؟!.
و هل معنى الوحدة هي حفظ جميع الخلافات و أسبابها و دواعيها و جذورها الى الأبد ..؟!.
و هل معنى الوحدة هو مجرّد مجاملات و تملّق و تزلّف بعضنا لبعض ..؟!.
و هل هذا إلّا تجديد للنزاعات الطائفيّة و تعميق الفرقة و تصحيح الخلاف، و فوق ذلك قتل بعضنا البعض بحجّة العمل بما سار عليه رجال السلف ..؟!.
و هل هذا إلّا إبقاء للخلافات و حفظا لجذوره حيّة طريّة فينا ما حيينا، كما هو واقعنا اليوم؟!.
و لبّ المقال؛ إنّه متى كان التمسّك بأسباب الشقاق و الخلاف هو الجامع المحقّق لدواعي الانسجام و الوحدة ..؟!.
و حرام علينا استغلال شعار «الوحدة الإسلامية» لقتل روح التفكير الحرّ و البحث العلمي و التصدّي للمسئوليّة الشرعيّة، و تحجير عقولنا، و إماتة الحقائق متذرّعين بهذه الذريعة لقتل الموقف القائم عن بصيرة و وعي!.
و مسعانا و عقيدتنا و مسئوليّتنا- لو كنّا مسلمين- تتلخّص في حفظ الدين الحنيف كما أرادته السماء لنا، و قام الدليل بالالتزام بالموقف الحقّ الثابت الذي لا غبار عليه، و حمايته بالغالي و الرخيص، و طرح جميع الأفكار على طاولة التشريح و الدقّة في الدليل، سواء وافق ميول الأشخاص و أهواءهم أم خالفها.
و ليس معنى هذا- و العياذ باللّه- هو الإفراط- تحت هذه الذريعة- لتعميق الخلافات المذهبيّة، و تغذية الروح الطائفيّة البغيضة. فلو أخذنا بنظر الاعتبار وحدة العقيدة و المبدأ، و اتّحاد مصادر التشريع، و الاتّفاق على جملة من فروع الدين، و فوق هذا وحدة المصير و الهدف، و العدوّ المشترك و .. لأمكن بها إزاحة الكثير من العقبات التي تحول دون تفاهمنا، و بذا يحفظ المسلم حقوق أخيه المسلم بما بيّنه الشارع المقدّس في مئات النصوص .. من حرمة دمه و ماله و عرضه .. هذا عدا ما هناك من أحكام أخلاقيّة و آداب إسلاميّة فرضها عليه؛ كحرمة سبّه- و كونه فسوقا-، و قتاله- و كونه كفرا-، و غشّه- و عدّه حراما-، و الغدر به- و صيرورته غيلة-، و .. هذا مع ما أمر به الشارع من الوفاء بوعده،
و إفشاء السلام عليه، و عيادة مريضه، و تشييع جنازته، و إكرامه و احترامه و ..
بل هما كأعضاء الجسد الواحد يشدّ بعضه بعضا .. و يحبّ له ما يحبّ لنفسه و يكره له ما يكره لها ..
***** [بعض العناوين العامّة في أبواب متفرّقة حول هذا الموضوع]
ثمّ إنّه يلزمنا أن نطلّ على هذه الموسوعة من خلال عرض أبواب متفرّقة تمتّ بشدّة بموضوع بحثنا هذا، غايته أنّ هذه الأجزاء عدّت بعض الروايات و حاولنا استدراك الباقي في خاتمة الكتاب ممّا جاء في أبواب متفرّقة عن القوم، و هنا ندرج بعض العناوين العامّة في أبواب متفرّقة حول هذا الموضوع.
فمثلا؛ باب: من يجوز أخذ العلم منه و من لا يجوز، و ذمّ التقليد و النهي عن متابعة غير المعصوم في كلّ ما يقول، و وجوب التمسّك بعروة اتّباعهم عليهم السلام و جواز الرجوع الى رواة الأخبار و الفقهاء الصالحين .. [2/ 81- 105 باب 14].
باب: تأويل المؤمنين و الإيمان و المسلمين و الإسلام بهم و بولايتهم عليهم السلام، و الكفّار و المشركين و الكفر و الشرك و الجبت و الطاغوت و اللّات و العزّى و الأصنام بأعدائهم و مخالفيهم [23/ 354- 393 باب 20].
باب: أنّهم (عليهم السلام) الأبرار و المتّقون و السابقون و المقرّبون و شيعتهم أصحاب اليمين، و أعداؤهم الفجّار و الأشرار و أصحاب الشمال [24/ 1- 9 باب 23].
باب: أنّهم (عليهم السلام) السبيل و الصراط، و هم و شيعتهم المستقيمون عليها [24/ 9- 25 باب 24، و باب 25 من أنّ الاستقامة إنّما هي على الولاية].
باب: أنّ ولايتهم الصدق، و أنّهم الصادقون و الصدّيقون و الشهداء و الصالحون [24/ 30- 40 باب 26].
باب: أنّ الحسنة و الحسنى الولاية، و السيّئة عداوتهم (عليهم السلام) [24/ 41- 48 باب 28].
باب: أنّهم (عليهم السلام) النجوم و العلامات، و فيه بعض غرائب التأويل فيهم صلوات اللّه عليهم، و في أعدائهم [24/ 67- 82 باب 30].
باب: أنّهم (عليهم السلام) الشجرة الطيّبة في القرآن، و أعداؤهم الشجرة الخبيثة [24/ 136- 143 باب 44].
باب: أنّهم (عليهم السلام) و ولايتهم. العدل و المعروف و الإحسان و القسط و الميزان، و ترك ولايتهم و أعداؤهم: الكفر و الفسوق و العصيان و الفحشاء و المنكر و البغي [24/ 187- 191 باب 52].
باب: أنّهم (عليهم السلام) الصلاة و الزكاة و الحجّ و الصيام و سائر الطاعات، و أعداؤهم الفواحش و المعاصي في بطن القرآن [24/ 286- 304 باب 66، بل ننصح بمراجعة جميع المجلد 24 و 27 من البحار].
باب: عقاب من ادّعى الإمامة بغير حقّ، أو رفع رآية جور، أو أطاع إماما جائرا [25/ 110- 115 باب 3].
باب: أنّ حبّهم (عليهم السلام) علامة طيب الولادة و بغضهم علامة خبث الولادة [27/ 145- 156 باب 5].
باب: ما يجب من حفظ حرمة النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) فيهم و عقاب من قاتلهم أو ظلمهم أو خذلهم و لم ينصرهم [27/ 202- 207 باب 8].
باب: ذمّ مبغضهم، و أنّه كافر حلال الدم، و ثواب اللعن على أعدائهم [27/ 218- 239 باب 10].
باب: عقاب من قتل نبيّا أو إماما، و أنّه لا يقتلهم إلّا ولد زنا [27/ 239- 241 باب 11].
باب: احتجاج الشيخ السديد المفيد (رحمه اللّه) على عمر في الرؤيا.
[27/ 327- 331 باب 1].
باب: افتراق الأمّة بعد النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) على ثلاث و سبعين فرقة، و أنّه يجري فيهم ما جرى في غيرهم من الأمم و ارتدادهم عن الدين [28/ 2- 36 باب 1].
و له نظائر في أبواب مختلفة في الاتّباع حذو القذة بالقذة كما في بحار الأنوار: 13/ 180.
باب: قوله تعالى: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ .. (المائدة: 54) [36/ 32- 34 باب 30].
باب: كفر المخالفين و النصّاب و ما يناسب ذلك [72/ 131- 156 باب 101].
باب: مدح الذريّة الطيّبة و ثواب صلتهم [96/ 217- 236 باب 27].
هذا عموما؛ و ما جاء في خصوص أمير المؤمنين عليه السلام و الزهراء البتول سلام اللّه عليها فندرج بعضها:
باب: أنّه (عليه السلام) المؤمن و الإيمان و الدين و الإسلام و السنّة و السلام و خير البريّة في القرآن، و أعداؤه الكفر و الفسوق و العصيان [35/ 336- 353 باب 13].
باب: أنّه (عليه السلام) الصادق و المصدّق و الصدّيق في القرآن ...
[35/ 407- آخر المجلد باب 21].
باب: كفر من آذاه (عليه السلام) أو حسده أو عانده و عقابهم [39/ 330- 334 باب 89].
باب: قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ [36/ 76- و ما بعدها باب 28]، و غيرها من الآيات الواردة في حقّه (عليه السلام) في المجلد
السادس و الثلاثين منه.
باب: طينة المؤمن و خروجه من الكافر و بالعكس [67/ 77- 129 باب 3].
باب: ما وقع على الزهراء البتول سلام اللّه عليها من الظلم، و بكائها و حزنها و شكايتها في مرضها الى شهادتها و غسلها و دفنها، و بيان العلّة في إخفاء دفنها صلوات اللّه عليها، و لعنة اللّه على من ظلمها [43/ 155- 218 باب 7].
***** [جملة من الروايات و كلمات بعض علمائنا في باب البراءة]
و إليك مسرد لجملة من الروايات 24905 و كلمات بعض علمائنا الأعلام قدّس سرّهم في باب البراءة، ننقلها غالبا عن هذا الكتاب خاصّة لأنّه موضوع البحث هربا من الإطالة و الإسهاب:
[الروايات]
فمما أوحي الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة الإسراء: .. يا محمّد! لو أنّ عبدا عبدني حتّى ينقطع و يصير كالشنّ البالي ثمّ أتاني جاحدا لولايتهم ما أسكنته جنّتي و لا أظللته تحت عرشي.
[بحار الأنوار: 8/ 357 نقلا عن المحاسن: 34]
و عن أبي عبد اللّه عليه السلام، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إنّ أوثق عرى الإيمان الحبّ في اللّه و البغض في اللّه، و توالي وليّ اللّه و تعادي عدوّ اللّه.
[بحار الأنوار: 27/ 56 و 57 حديث 13، عن المحاسن: 165]