کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الخسيسة فإنه كما أن الإنسان يلتذ بأكل السكر فكذلك الجعل يلتذ بتناول السرقين فلو كانت هذه اللذات البدنية هي السعادة الكبرى للإنسان لوجب أن لا يكون للإنسان فضيلة على هذه الحيوانات الخسيسة بل نزيد و نقول لو كانت سعادة الإنسان متعلقة بهذه اللذات الخسيسة لوجب أن يكون الإنسان أخس الحيوانات و التالي باطل فالمقدم مثله و بيان وجه الملازمة أن الحيوانات الخسيسة مشاركة للإنسان في هذه اللذات الخسيسة البدنية إلا أن الإنسان يتنغص عليه المطالب بسبب العقل فإن العقل سمي عقلا لكونه عقالا له و حبسا له عن أكثر ما يشتهيه و يميل طبعه إليه فإذا كان التقدير أن كمال السعادة ليس إلا في هذه اللذات الخسيسة ثم بينا أن هذه اللذات الخسيسة حاصلة على سبيل الكمال و التمام للبهائم و السباع من غير معارض و مدافع و هي حاصلة للإنسان مع المنازع القوي و المعارض الكامل وجب أن يكون الإنسان أخس الحيوانات و لما كان هذا معلوم الفساد بالبديهة ثبت أن هذه اللذات الخسيسة ليست موجبة للبهجة و السعادة.
الحجة الرابعة أن هذه اللذات الخسيسة إذا بحث عنها فهي في الحقيقة ليست لذات بل حاصلها يرجع إلى دفع الألم و الدليل عليه أن الإنسان كلما كان أكثر جوعا كان التذاذه بالأكل أكمل و كلما كان ألم الجوع أقل كان الالتذاذ بالأكل أقل و أيضا إذا طال عهد الإنسان بالوقاع و اجتمع المني الكثير في أوعية المني حصلت في تلك الأوعية دغدغة شديدة و تمدد و ثقل و كلما كانت هذه الأحوال الموذية أكثر كانت اللذة الحاصلة عند اندفاع ذلك المني أقوى و لهذا السبب فإن لذة الوقاع في حق من طال عهده بالوقاع يكون أكمل منها في حق من قرب عهده به فثبت أن هذه الأحوال التي يظن أنها لذات جسمانية فهي في الحقيقة ليست إلا دفع الألم و هكذا القول في اللذة الحاصلة بسبب لبس الثياب فإنه لا حاصل لتلك اللذة إلا دفع ألم الحر و البرد و إذا ثبت أنه لا حاصل لهذه اللذات إلا دفع الآلام فنقول ظهر أنه ليس فيها سعادة لأن الحالة السابقة هي حصول الألم و الحالة الحاضرة عدم الألم و هذا العدم كان حاصلا عند العدم الأصلي فثبت أن هذه الأحوال ليست
سعادات و لا كمالات البتة.
الحجة الخامسة أن الإنسان من حيث يأكل و يشرب و يجامع و يؤذي يشاركه سائر الحيوانات و إنما يمتاز عنها بالإنسانية و هي مانعة من تكميل تلك الأحوال و موجبة لنقصانها و تقليلها فلو كانت هذه الأحوال عين السعادة لكان الإنسان من حيث إنه إنسان ناقصا شقيا خسيسا و لما حكمت البديهة بفساد هذا التالي ثبت فساد المقدم.
الحجة السادسة أن العلم الضروري حاصل بأن بهجة الملائكة و سعادتهم أكمل و أشرف من بهجة الحمار و سعادته و من بهجة الديدان و الذباب و سائر الحيوانات و الحشرات ثم لا نزاع أن الملائكة ليس لها هذه اللذات فلو كانت السعادة القصوى ليست إلا هذه اللذات لزم كون هذه الحيوانات الخسيسة أعلى حالا و أكمل درجة من الملائكة المقربين و لما كان هذا التالي باطلا كان المقدم مثله بل هاهنا ما هو أعلى و أقوى مما ذكرناه و هو أنه لا نسبة لكمال واجب الوجود و جلاله و شرفه و عزته إلى أحوال غيره مع أن هذه اللذات الحسية ممتنعة عليه فثبت أن الكمال و الشرف قد يحصلان سوى هذه اللذات الجسمية فإن قالوا ذلك الكمال لأجل حصول الإلهية و ذلك في حق الخلق محال فنقول لا نزاع أن حصول الإلهية في حق الخلق محال إلا
أَنَّهُ قَالَ ع تَخَلَّقُوا بِأَخْلَاقِ اللَّهِ.
و الفلاسفة قالوا الفلسفة عبارة عن التشبه بالإله بقدر الطاقة البشرية فيجب عليه أن يعرف تفسير هذا التخلق و هذا التشبه و معلوم أنه لا معنى لهما إلا تقليل الحاجات و إضافة الخيرات و الحسنات لا بالاستكثار من اللذات و الشهوات.
الحجة السابعة أن هؤلاء الذين حكموا بأن سعادة الإنسان ليس إلا في تحصيل هذه اللذات البدنية و الراحات الجسمانية إذا رأوا إنسانا أعرض عن طلبها مثل أن يكون مواظبا للصوم مكتفيا بما جاءت الأرض عظم اعتقادهم فيه و زعموا أنه ليس من جنس الإنسان بل من زمرة الملائكة و يعدون أنفسهم بالنسبة إليه أشقياء أراذل و إذا رأوا إنسانا مستغرق الفكر و الهمة في طلب الأكل و الشرب و الوقاع مصروف الهمة إلى تحصيل أسباب هذه الأحوال معرضا عن العلم و الزهد و العبادة قضوا بالبهيمية
و الخزي و النكال و لو لا أنه تقرر في عقولهم أن الاشتغال بتحصيل هذه اللذات الجسدانية نقص و دناءة و أن الترفع عن الالتفات إليها كمال و سعادة لما كان الأمر على ما ذكرنا و لكان يجب أن يحكموا على المعرض عن تحصيل هذه اللذات بالخزي و النكال و على المستغرق فيها بالسعادة و الكمال و فساد التالي يدل على فساد المقدم.
الحجة الثامنة كل شيء يكون في نفسه كمالا و سعادة وجب أن لا يستحيا من إظهاره بل يجب أن يفتخر بإظهاره و يتبجح بفعله و نحن نعلم بالضرورة أن أحدا من العقلاء لا يفتخر بكثرة الأكل و لا بكثرة المباشرة و لا بكونه مستغرق الوقت و الزمان في هذه الأعمال و أيضا فالعاقل لا يقدر على الوقاع إلا في الخلوة فأما عند حضور الناس فإن أحدا من العقلاء لا يجد في نفسه تجويز الإقدام عليه و ذلك يدل على أنه تقرر في عقول الخلق أنه فعل خسيس و عمل قبيح فيجب إخفاؤه عن العيون و أيضا فقد جرت عادة السفهاء بأنه لا يشتم بعضهم بعضا إلا بذكر ألفاظ الوقاع و ذلك يدل على أنه مرتبة خسيسة و درجة قبيحة و أيضا لو أن واحدا من السفهاء أخذ يحكي عند حضور الجمع العظيم فلانا كيف يواقع زوجته فإن ذلك الرجل يستحيي من ذلك الكلام و يتأذى من ذلك القائل و كل هذا يدل على أن ذلك الفعل ليس من الكمالات و السعادات بل هو عمل باطل و فعل قبيح.
الحجة التاسعة كل فرس و حمار كان ميله إلى الأكل و الشرب و الإيذاء أكثر و كان قبوله للرياضة أقل كان قيمته أقل و كل حيوان كان أقل رغبة في الأكل و الشرب و كان أسرع قبولا للرياضة كانت قيمته أكثر أ لا ترى أن الفرس الذي يقبل الرياضة في الكر و الفر و العدو الشديد فإنه يشترى بثمن رفيع و كل فرس لا يقبل هذه الرياضة يوضع على ظهره الإكاف و يسوى بينه و بين الحمار و لا يشترى إلا بثمن قليل فلما كانت الحيوانات التي هي غير ناطقة لا تظهر فضائلها بسبب الأكل و الشرب و الوقاع بل بسبب تقليلها و بسبب قبول الأدب و حسن الخدمة لمولاه فما ظنك بالحيوان الناطق العاقل.
الحجة العاشرة أن سكان أطراف الأرض لما لم تكمل عقولهم و معارفهم و
أخلاقهم لا جرم كانوا في غاية الخسة و الدناءة أ لا ترى أن سكان الإقليم السابع و هم الصقالبة لما قل نصيبهم من المعارف الحقيقية و الأخلاق الفاضلة فلا جرم تقرر في عقول العقلاء خسة درجاتهم و دناءة مراتبهم و أما سكان وسط المعمور لما فازوا بالمعارف الحقيقية و الأخلاق الفاضلة لا جرم أقر كل أحد بأنهم أفضل طوائف البشر و أكملهم و ذلك يدل على أن فضيلة الإنسان و كماله لا يظهر إلا بالعلوم الحقيقية و الأخلاق الفاضلة.
باب 43 في خلق الأرواح قبل الأجساد و علة تعلقها بها و بعض شئونها من ائتلافها و اختلافها و حبها و بغضها و غير ذلك من أحوالها
1- الْبَصَائِرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ آدَمَ أَبِي الْحُسَيْنِ 10676 عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فَقَالَ كَذَبْتَ فَقَالَ الرَّجُلُ سُبْحَانَ اللَّهِ كَأَنَّكَ تَعْرِفُ مَا فِي قَلْبِي فَقَالَ عَلِيٌّ ع إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَبْدَانِ بِأَلْفَيْ عَامٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَيْنَا فَأَيْنَ كُنْتَ لَمْ أَرَكَ 10677 .
2- وَ مِنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ 10678 عَنْ عُمَارَةَ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فَسَأَلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ
إِنَّ الْأَرْوَاحَ خُلِقَتْ قَبْلَ الْأَبْدَانِ بِأَلْفَيْ عَامٍ ثُمَّ أُسْكِنَتِ الْهَوَاءَ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ثَمَّ ائْتَلَفَ هَاهُنَا وَ مَا تَنَاكَرَ مِنْهَا ثَمَّ اخْتَلَفَ هَاهُنَا وَ إِنَّ رُوحِي أَنْكَرَ رُوحَكَ 10679 .
3- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ يُونُسَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ عَلِيٌّ ع وَ اللَّهِ مَا تُحِبُّنِي فَغَضِبَ الرَّجُلُ فَقَالَ كَأَنَّكَ وَ اللَّهِ تُخْبِرُنِي مَا فِي نَفْسِي قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع لَا وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَبْدَانِ بِأَلْفَيْ عَامٍ فَلَمْ أَرَ رُوحَكَ فِيهَا 10680 .
الْكَشِّيُّ، وَجَدْتُ فِي كِتَابِ جَبْرَئِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بِخَطِّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ 10681 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ بِأَلْفَيْ عَامٍ ثُمَّ أَسْكَنَهَا الْهَوَاءَ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ثَمَّ ائْتَلَفَ هَاهُنَا وَ مَا تَنَاكَرَ ثَمَّ اخْتَلَفَ هَاهُنَا.
أقول: قد أوردنا أمثال هذه الأخبار في باب إخبار أمير المؤمنين ع بشهادته و باب أنهم ع يعرفون الناس بحقيقة الإيمان و النفاق و باب أنهم المتوسمون.
5 الْبَصَائِرُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَبْدَانِ بِأَلْفَيْ 10682 عَامٍ فَلَمَّا رَكَّبَ الْأَرْوَاحَ فِي أَبْدَانِهَا كَتَبَ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ مُؤْمِنٌ أَوْ كَافِرٌ وَ مَا هُمْ بِهِ مُبْتَلَوْنَ 10683 وَ
مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئِ أَعْمَالِهِمْ وَ حَسَنِهَا فِي قَدْرِ أُذُنِ الْفَأْرَةِ ثُمَّ أَنْزَلَ بِذَلِكَ قُرْآناً عَلَى نَبِيِّهِ فَقَالَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ 10684 وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص هُوَ الْمُتَوَسِّمَ وَ أَنَا بَعْدَهُ وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِي هُمُ الْمُتَوَسِّمُونَ 10685 .
تفسير الفرات، عن أحمد بن يحيى معنعنا عن أبي جعفر ع مثله 10686 .
6- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع لِأَيِّ عِلَّةٍ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَرْوَاحَ فِي الْأَبْدَانِ بَعْدَ كَوْنِهَا فِي مَلَكُوتِهِ الْأَعْلَى فِي أَرْفَعِ مَحَلٍّ فَقَالَ ع إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ فِي شَرَفِهَا وَ عُلُوِّهَا مَتَى مَا تُرِكَتْ عَلَى حَالِهَا نَزَعَ أَكْثَرُهَا إِلَى دَعْوَى الرُّبُوبِيَّةِ دُونَهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَجَعَلَهَا بِقُدْرَتِهِ فِي الْأَبْدَانِ الَّتِي قَدَّرَ لَهَا فِي ابْتِدَاءِ التَّقْدِيرِ نَظَراً لَهَا وَ رَحْمَةً بِهَا وَ أَحْوَجَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَ عَلَّقَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَ رَفَعَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَ رَفَعَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ وَ كَفَى 10687 بَعْضَهَا بِبَعْضٍ وَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رُسُلَهُ وَ اتَّخَذَ عَلَيْهِمْ حُجَجَهُ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ يَأْمُرُونَ بِتَعَاطِي الْعُبُودِيَّةِ وَ التَّوَاضُعِ لِمَعْبُودِهِمْ بِالْأَنْوَاعِ الَّتِي تَعَبَّدَهُمْ بِهَا وَ نَصَبَ لَهُمْ عُقُوبَاتٍ فِي الْعَاجِلِ وَ عُقُوبَاتٍ فِي الْآجِلِ وَ مَثُوبَاتٍ فِي الْعَاجِلِ وَ مَثُوبَاتٍ فِي الْآجِلِ لِيُرَغِّبَهُمْ بِذَلِكَ فِي الْخَيْرِ وَ يُزَهِّدَهُمْ فِي الشَّرِّ وَ لِيُذِلَّهُمْ 10688 بِطَلَبِ الْمَعَاشِ وَ الْمَكَاسِبِ فَيَعْلَمُوا بِذَلِكَ أَنَّهُمْ بِهَا مَرْبُوبُونَ وَ عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ وَ يُقْبِلُوا عَلَى عِبَادَتِهِ فَيَسْتَحِقُّوا بِذَلِكَ نَعِيمَ الْأَبَدِ وَ جَنَّةَ الْخُلْدِ وَ يَأْمَنُوا مِنَ النُزُوعِ إِلَى مَا لَيْسَ لَهُمْ بِحَقٍّ ثُمَّ قَالَ ع يَا ابْنَ الْفَضْلِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَحْسَنُ نَظَراً لِعِبَادِهِ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ أَ لَا تَرَى أَنَّكَ لَا تَرَى فِيهِمْ إِلَّا مُحِبّاً لِلْعُلُوِّ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى إِنَّهُ يَكُونُ مِنْهُمْ
لَمَنْ قَدْ نَزَعَ إِلَى دَعْوَى الرُّبُوبِيَّةِ وَ مِنْهُمْ مَنْ 10689 نَزَعَ إِلَى دَعْوَى النُّبُوَّةِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَ مِنْهُمْ مَنْ 10690 نَزَعَ إِلَى دَعْوَى الْإِمَامَةِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَ ذَلِكَ مَعَ مَا يَرَوْنَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ النَّقْصِ وَ الْعَجْزِ وَ الضَّعْفِ وَ الْمَهَانَةِ وَ الْحَاجَةِ وَ الْفَقْرِ وَ الْآلَامِ وَ الْمُنَاوَبَةِ عَلَيْهِمْ وَ الْمَوْتِ الْغَالِبِ لَهُمْ وَ الْقَاهِرِ لِجَمِيعِهِمْ يَا ابْنَ الْفَضْلِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ بِعِبَادِهِ إِلَّا الْأَصْلَحَ لَهُمْ وَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ 10691 .
بيان في القاموس نزع إلى أهله نزاعا و نزاعة و نزوعا بالضم اشتاق و في المصباح نزع إلى الشيء نزاعا ذهب إليه و المناوبة عليهم أي إنزال المصائب عليهم بالنوبة نوعا بعد نوع أو معاقبتهم بذلك قال في القاموس النوب نزول الأمر كالنوبة و النوبة الدولة و ناوبه عاقبه و يحتمل أن يكون المنادبة بالدال من الندبة و النوحة.