کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
أَوْلِيَائِي حَقّاً اخْتَرْتُ لَهُمْ نَبِيّاً مُصْطَفَى وَ أَمِيناً مُرْتَضَى فَجَعَلْتُهُ لَهُمْ نَبِيّاً وَ رَسُولًا وَ جَعَلْتُهُمْ لَهُ أَوْلِيَاءَ وَ أَنْصَاراً تِلْكَ أُمَّةٌ اخْتَرْتُهَا لِلنَّبِيِّ الْمُصْطَفَى وَ أَمِينِيَ الْمُرْتَضَى ذَلِكَ وَقْتٌ حَجَبْتُهُ فِي عِلْمِ غَيْبِي وَ لَا بُدَّ أَنَّهُ وَاقِعٌ أُبِيدُكَ 8388 يَوْمَئِذٍ وَ خَيْلَكَ وَ رَجِلَكَ وَ جُنُودَكَ أَجْمَعِينَ فَاذْهَبْ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ لِآدَمَ قُمْ فَانْظُرْ إِلَى هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ قِبَالَكَ فَإِنَّهُمْ مِنَ الَّذِينَ سَجَدُوا لَكَ فَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَأَتَاهُمْ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَقَالُوا وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا آدَمُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَ اللَّهُ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ يَا آدَمُ وَ تَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ ذَكَرَ شَرْحَ خَلْقِ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَ شَهَادَةِ مَنْ تَكَلَّفَ مِنْهُمْ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ الْوَحْدَانِيَّةِ لِلَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ ثُمَّ قَالَ وَ نَظَرَ آدَمُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ يَتَلَأْلَأُ نُورُهُمْ يَسْعَى قَالَ آدَمُ مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ قَالَ كَمْ هُمْ يَا رَبِّ قَالَ هُمْ مِائَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ الْمُرْسَلُونَ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ خَمْسَةَ عَشَرَ نَبِيّاً مُرْسَلًا قَالَ يَا رَبِّ فَمَا بَالُ نُورِ هَذَا الْأَخِيرِ سَاطِعاً عَلَى نُورِهِمْ جَمِيعاً قَالَ لِفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً قَالَ وَ مَنْ هَذَا النَّبِيُّ يَا رَبِّ وَ مَا اسْمُهُ قَالَ هَذَا مُحَمَّدٌ نَبِيِّي وَ رَسُولِي وَ أَمِينِي وَ نَجِيبِي وَ نَجِيِّي وَ خِيَرَتِي وَ صَفْوَتِي وَ خَالِصَتِي وَ حَبِيبِي وَ خَلِيلِي وَ أَكْرَمُ خَلْقِي عَلَيَّ وَ أَحَبُّهُمْ إِلَيَّ وَ آثَرُهُمْ عِنْدِي وَ أَقْرَبُهُمْ مِنِّي وَ أَعْرَفُهُمْ لِي وَ أَرْجَحُهُمْ حِلْماً وَ عِلْماً وَ إِيمَاناً وَ يَقِيناً وَ صِدْقاً وَ بِرّاً وَ عَفَافاً وَ عِبَادَةً وَ خُشُوعاً وَ وَرَعاً وَ سِلْماً وَ إِسْلَاماً أَخَذْتُ لَهُ مِيثَاقَ حَمَلَةِ عَرْشِي فَمَا دُونَهُمْ مِنْ خَلَائِقِي فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَ الْإِقْرَارِ بِنُبُوَّتِهِ فَآمِنْ بِهِ يَا آدَمُ تَزِدْ مِنِّي قُرْبَةً وَ مَنْزِلَةً وَ فَضْلًا وَ نُوراً وَ وَقَاراً قَالَ آدَمُ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ قَالَ اللَّهُ قَدْ أَوْجَبْتُ لَكَ يَا آدَمُ وَ قَدْ زِدْتُكَ فَضْلًا وَ كَرَامَةً أَنْتَ يَا آدَمُ أَوَّلُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ ابْنُكَ مُحَمَّدٌ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الرُّسُلِ وَ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى وَ يُحْمَلُ إِلَى الْمَوْقِفِ وَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَ أَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَ أَوَّلُ قَارِعٍ لِأَبْوَابِ الْجِنَانِ وَ أَوَّلُ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ وَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَدْ كَنَّيْتُكَ بِهِ فَأَنْتَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَقَالَ آدَمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ فَضَّلَهُ بِهَذِهِ الْفَضَائِلِ وَ سَبَقَنِي إِلَى الْجَنَّةِ وَ لَا أَحْسُدُهُ ثُمَّ ذَكَرَ مُشَاهَدَةَ آدَمَ لِمَنْ أَخْرَجَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ مِنْ ظَهْرِهِ مِنْ جَوْهَرِ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ اخْتِيَارِهِ لِلْمُطِيعِينَ وَ إِعْرَاضِهِ ع عَنِ الْعُصَاةِ لَهُ سُبْحَانَهُ وَ ذَكَرَ خَلْقَ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ ع 8389 .
27- فس، تفسير القمي ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ الْآيَةَ أَمَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَهُوَ مِنْ قِبَلِ الْآخِرَةِ لَأُخْبِرَنَّهُمْ أَنَّهُ لَا جَنَّةَ وَ لَا نَارَ وَ لَا نُشُورَ وَ أَمَّا خَلْفَهُمْ يَقُولُ مِنْ قِبَلِ دُنْيَاهُمْ آمُرُهُمْ بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ وَ آمُرُهُمْ أَنْ لَا يَصِلُوا فِي أَمْوَالِهِمْ رَحِماً وَ لَا يُعْطُوا مِنْهُ حَقّاً وَ آمُرُهُمْ أَنْ لَا يُنْفِقُوا عَلَى ذَرَارِيِّهِمْ 8390 وَ أُخَوِّفُهُمْ عَلَى الضَّيْعَةِ 8391 وَ أَمَّا عَنْ أَيْمَانِهِمْ يَقُولُ مِنْ قِبَلِ دِينِهِمْ فَإِنْ كَانُوا عَلَى ضَلَالَةٍ زَيَّنْتُهَا لَهُمْ وَ إِنْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى أُخْرِجُهُمْ مِنْهُ- 8392 وَ أَمَّا عَنْ شَمَائِلِهِمْ يَقُولُ مِنْ قِبَلِ اللَّذَّاتِ وَ الشَّهَوَاتِ يَقُولُ اللَّهُ وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ قَوْلُهُ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً فَالْمَذْءُومُ الْمَعِيبُ وَ الْمَدْحُورُ الْمُقْصَى أَيْ مُلْقًى فِي جَهَنَّمَ 8393 .
28- فس، تفسير القمي مِنْ صَلْصالٍ قَالَ الْمَاءِ الْمُتَصَلْصِلِ بِالطِّينِ- مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ قَالَ حَمَإٍ مُتَغَيِّرٍ- وَ الْجَانَ قَالَ أَبُو إِبْلِيسَ 8394 .
29- فس، تفسير القمي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَيَّارٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ بِيَدِهِ لَمْ يَحْتَجَّ فِي آدَمَ أَنَّهُ خَلَقَهُ بِيَدِهِ فَيَقُولَ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ أَ فَتَرَى اللَّهَ يَبْعَثُ الْأَشْيَاءَ بِيَدِهِ 8395 .
بيان: أ فترى الله أنما ذكر ذلك لئلا يحمل اليد على الحقيقة أو المعنى أنه لو كان خلقه تعالى الأشياء بالجوارح لكان خلق الجميع بها فلا وجه للاختصاص.
30- فس، تفسير القمي أَبِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ 8396 عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَيَّ شَيْءٍ يَقُولُ أَصْحَابُكَ فِي قَوْلِ إِبْلِيسَ- خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ وَ ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ قَالَ كَذَبَ يَا إِسْحَاقُ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ إِلَّا مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَالَ قَالَ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ النَّارِ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَ الشَّجَرَةُ أَصْلُهَا مِنْ طِينٍ 8397 .
31- فس، تفسير القمي أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ يَوْمٌ يَذْبَحُهُ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ 8398 .
: قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ اللَّهُ الْحَقَ أَيْ إِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ وَ الْحَقَّ أَقُولُهُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ 8399 .
بيان: قال البيضاوي في قوله تعالى فَالْحَقُّ وَ الْحَقَّ أَقُولُ أي فأحق الحق و أقوله و قيل إن الحق اسم الله و نصبه بحذف حرف القسم و جوابه لَأَمْلَأَنَ و ما بينهما اعتراض و قرأ عاصم و حمزة برفع الأول على الابتداء أي الحق يميني أو قسمي أو الخبر أي أنا الحق انتهى 8400 .
أقول ما ذكره علي بن إبراهيم يصح على القراءتين فلا تغفل.
باب 3 ارتكاب ترك الأولى و معناه و كيفيته و كيفية قبول توبته و الكلمات التي تلقاها من ربه
الآيات البقرة وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَ قُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ الأعراف وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَ فِيها تَمُوتُونَ وَ مِنْها تُخْرَجُونَ و قال تعالى يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما طه وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَ لا تَعْرى وَ أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَ لا تَضْحى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى
فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً تفسير قال الطبرسي رحمه الله اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ أي اتخذاها مسكنا و
روي عن ابن عباس و ابن مسعود أنه لما أخرج إبليس من الجنة و لعن بقي آدم وحده فاستوحش إذ ليس معه من يسكن إليه فخلقت حواء ليسكن إليها.
و روي أن الله تعالى ألقى على آدم النوم و أخذ منه ضلعا فخلق منه حواء فاستيقظ آدم فإذا عند رأسه امرأة فسألها من أنت قالت امرأة قال لم خلقت قال لتسكن إلي فقالت الملائكة ما اسمها يا آدم فقال حواء قالوا و لم سميت حواء قال لأنها خلقت من حي فعندها قال الله اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ و قيل إنها خلقت قبل أن يسكن آدم الجنة ثم أدخلا معا الجنة..
و في كتاب النبوة أن الله تعالى خلق آدم من الطين و خلق حواء من آدم فهمة الرجال الماء و الطين و همة النساء الرجال.
قال أهل التحقيق ليس يمتنع أن يخلق الله حواء من جملة جسد آدم بعد أن لا يكون مما لا يتم الحي حيا إلا معه لأن ما هذه صفته لا يجوز أن ينقل إلى غيره أو يخلق منه حي آخر من حيث يؤدي إلى أن لا يمكن إيصال الثواب إلى مستحقه 8401 رَغَداً أي كثيرا واسعا لا عناء فيه وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ أي لا تأكلا منها و هو المروي عن الباقر ع و كان هذا نهي تنزيه فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ يجوز أن يقال لمن يبخس نفسه الثواب 8402 إنه ظالم لنفسه فَأَزَلَّهُمَا أي حملهما على الزلة عَنْها أي عن الجنة فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ من النعمة و الدعة أو من الجنة أو من الطاعة و إنما
أخرج من الجنة لا على وجه العقوبة بل لأن المصلحة قد تغيرت بتناوله من الشجرة فاقتضت الحكمة إهباطه إلى الأرض و ابتلاءه و التكليف بالمشقة و سلبه ما ألبسه من ثياب الجنة لأن إنعامه بذلك كان على وجه التفضل و الامتنان فله أن يمنع ذلك تشديدا للبلوى و الامتحان كما له أن يفقر بعد الإغناء و يميت بعد الإحياء و يسقم بعد الصحة وَ قُلْنَا اهْبِطُوا الخطاب لآدم و حواء و إبليس و إن كان إبليس قد أخرج قبل ذلك لأنهم قد اجتمعوا في الهبوط و إن كانت أوقاتهم متفرقة و قيل أراد آدم و حواء و الحية و قيل أراد آدم و حواء و ذريتهما و قيل خاطب الاثنين خطاب الجمع بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ يعني آدم و ذريته و إبليس و ذريته مُسْتَقَرٌّ أي مقر و مقام و ثبوت وَ مَتاعٌ أي استمتاع إِلى حِينٍ أي إلى الموت أو إلى القيامة فَتَلَقَّى أي قبل و أخذ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ و أغنى قوله فَتَلَقَّى عن أن يقول فرغب إلى الله بهن أو سأله بحقهن لأن التلقي يفيد ذلك و اختلف في الكلمات فقيل هي قوله رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا الآية و قيل هي قوله اللهم لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إنك خير الغافرين اللهم لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك رب إني ظلمت نفسي فتب علي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ و هو المروي عن الباقر ع و قيل بل هي سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و قيل و هي رواية تختص بأهل البيت ع إن آدم رأى مكتوبا على العرش أسماء مكرمة معظمة فسأل عنها فقيل له هذه أسماء أجلة الخلق عند الله منزلة و الأسماء محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع فتوسل آدم إلى ربه بهم في قبول توبته و رفع منزلته فَتابَ عَلَيْهِ أي تاب آدم فتاب الله عليه أي قبل توبته و قيل أي وفقه للتوبة و هداه إليها إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ أي كثير القبول للتوبة و إنما قال فَتابَ عَلَيْهِ و لم يقل عليهما لأنه اختصر و حذف للإيجاز و التغليب و قال الحسن لم يخلق الله آدم إلا للأرض 8403 و لو لم يعص لأخرجه إلى الأرض على غير تلك الحال و قال غيره يجوز أن يكون خلقه للأرض إن عصى و لغيرها إن لم يعص و هو الأقوى
قُلْنَا اهْبِطُوا قيل الهبوط الأول من الجنة إلى السماء و هذا من السماء إلى الأرض و قيل إنما كرر للتأكيد و قيل لاختلاف الحالين فقد بين بالأول أن الإهباط إنما كان حال عداوة بعضهم لبعض و بهذا أن الإهباط للابتلاء و التكليف فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً أي بيان و دلالة و قيل أنبياء و رسل و على الأخير يكون الخطاب في اهبطوا لآدم و حواء و ذريتهما فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ أي اقتدى برسلي فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ في القيامة من العقاب وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ على فوات الثواب 8404 .
لِيُبْدِيَ لَهُما قال البيضاوي أي ليظهر لهما و اللام للعاقبة أو للغرض على أنه أراد أيضا بوسوسته أن يسوأهما بانكشاف عورتهما و لذلك عبر عنها بالسوءة ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما أي ما غطي عنهما من عوراتهما و كانا لا يريانها من أنفسهما و لا أحدهما من الآخر إِلَّا أَنْ تَكُونا إلا كراهة أن تكونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ الذين لا يموتون أو يخلدون في الجنة و استدل به على فضل الملائكة على الأنبياء و جوابه أنه كان من المعلوم أن الحقائق لا تنقلب و إنما كان رغبتهما في أن يحصل لهما أيضا ما للملائكة من الكمالات الفطرية و الاستغناء عن الأطعمة و الأشربة و ذلك لا يدل على فضلهم مطلقا وَ قاسَمَهُما أي أقسم لهما و أخرجه على زنة المفاعلة للمبالغة و قيل أقسم لهما بالقبول و قيل أقسما عليه بالله إنه لَمِنَ النَّاصِحِينَ و أقسم لهما فجعل ذلك مقاسمة فَدَلَّاهُما فنزلهما إلى الأكل من الشجرة نبه به على أنه أهبطهما بذلك من درجة عالية إلى رتبة سافلة فإن التدلية و الإدلاء إرسال الشيء من أعلى إلى أسفل بِغُرُورٍ بما غرهما به من القسم فإنهما ظنا أن أحدا لا يحلف بالله كاذبا أو متلبسين بغرور 8405 .