کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
حَصَلَتْ لِي عَلَى جَمِيعِ الْيَهُودِ لَآمَنْتُ بِأَحْمَدَ وَ اتَّبَعْتُ أَمْرَكَ فَوَ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَ الزَّبُورَ عَلَى دَاوُدَ مَا رَأَيْتُ أَقْرَأَ لِلتَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ مِنْكَ وَ لَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ تَفْسِيراً وَ فَصَاحَةً لِهَذِهِ الْكُتُبِ مِنْكَ فَلَمْ يَزَلِ الرِّضَا ع مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ الزَّوَالِ فَقَالَ لَهُمْ حِينَ حَضَرَ وَقْتُ الزَّوَالِ أَنَا أُصَلِّي وَ أَصِيرُ إِلَى الْمَدِينَةِ لِلْوَعْدِ الَّذِي وَعَدْتُ وَالِيَ الْمَدِينَةِ لِيَكْتُبَ جَوَابَ كِتَابِهِ وَ أَعُودُ إِلَيْكُمْ بُكْرَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَأَذَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَ أَقَامَ وَ تَقَدَّمَ الرِّضَا ع فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَ خَفَّفَ الْقِرَاءَةَ وَ رَكَعَ تَمَامَ السُّنَّةِ وَ انْصَرَفَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ عَادَ إِلَى مَجْلِسِهِ ذَلِكَ فَأَتَوْهُ بِجَارِيَةٍ رُومِيَّةٍ فَكَلَّمَهَا بِالرُّومِيَّةِ وَ الْجَاثَلِيقُ يَسْمَعُ وَ كَانَ فَهِماً بِالرُّومِيَّةِ فَقَالَ الرِّضَا ع بِالرُّومِيَّةِ أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكِ مُحَمَّدٌ أَمْ عِيسَى فَقَالَتْ كَانَ فِيمَا مَضَى عِيسَى أَحَبَّ إِلَيَّ حِينَ لَمْ أَكُنْ عَرَفْتُ مُحَمَّداً فَأَمَّا بَعْدَ أَنْ عَرَفْتُ مُحَمَّداً فَمُحَمَّدٌ الْآنَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عِيسَى وَ مِنْ كُلِّ نَبِيٍّ فَقَالَ لَهَا الْجَاثَلِيقُ فَإِذَا كُنْتِ دَخَلْتِ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ فَتُبْغِضِينَ عِيسَى قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ بَلْ أُحِبُّ عِيسَى وَ أُومِنُ بِهِ وَ لَكِنَّ مُحَمَّداً أَحَبُّ إِلَيَّ فَقَالَ الرِّضَا ع لِلْجَاثَلِيقِ فَسِّرْ لِلْجَمَاعَةِ مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ الْجَارِيَةُ وَ مَا قُلْتَ أَنْتَ لَهَا وَ مَا أَجَابَتْكَ بِهِ فَفَسَّرَ لَهُمُ الْجَاثَلِيقُ ذَلِكَ كُلَّهُ ثُمَّ قَالَ الْجَاثَلِيقُ يَا ابْنَ مُحَمَّدٍ هَاهُنَا رَجُلٌ سِنْدِيٌّ وَ هُوَ نَصْرَانِيٌّ صَاحِبُ احْتِجَاجٍ وَ كَلَامٍ بِالسِّنْدِيَّةِ فَقَالَ لَهُ أَحْضِرْنِيهِ فَأَحْضَرَهُ فَتَكَلَّمَ مَعَهُ بِالسِّنْدِيَّةِ ثُمَّ أَقْبَلَ يُحَاجُّهُ وَ يَنْقُلُهُ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ بِالسِّنْدِيَّةِ فِي النَّصْرَانِيَّةِ فَسَمِعْنَا السِّنْدِيَّ يَقُولُ ثبطى ثبطى ثبطلة فَقَالَ الرِّضَا ع قَدْ وَحَّدَ اللَّهَ بِالسِّنْدِيَّةِ ثُمَّ كَلَّمَهُ فِي عِيسَى وَ مَرْيَمَ فَلَمْ يَزَلْ يُدْرِجُهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ إِلَى أَنْ قَالَ بِالسِّنْدِيَّةِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ رَفَعَ مِنْطِقَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَظَهَرَ مِنْ تَحْتِهَا زُنَّارٌ فِي وَسَطِهِ فَقَالَ اقْطَعْهُ أَنْتَ بِيَدِكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَدَعَا الرِّضَا ع بِسِكِّينٍ فَقَطَعَهُ ثُمَّ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ خُذِ السِّنْدِيَّ إِلَى الْحَمَّامِ وَ طَهِّرْهُ وَ اكْسُهُ وَ عِيَالَهُ وَ احْمِلْهُمْ جَمِيعاً إِلَى الْمَدِينَةِ
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْقَوْمِ قَالَ قَدْ صَحَّ عِنْدَكُمْ صِدْقُ مَا كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يُلْقِي عَلَيْكُمْ عَنِّي قَالُوا نَعَمْ وَ اللَّهِ لَقَدْ بَانَ لَنَا مِنْكَ فَوْقَ ذَلِكَ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَ قَدْ ذَكَرَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَنَّكَ تُحْمَلُ إِلَى خُرَاسَانَ فَقَالَ صَدَقَ مُحَمَّدٌ إِلَّا 3197 أَنِّي أُحْمَلُ مُكَرَّماً مُعَظَّماً مُبَجَّلًا: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: فَشَهِدَ لَهُ الْجَمَاعَةُ بِالْإِمَامَةِ وَ بَاتَ عِنْدَنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَلَمَّا أَصْبَحَ وَدَّعَ الْجَمَاعَةَ وَ أَوْصَانِي بِمَا أَرَادَ وَ مَضَى وَ تَبِعْتُهُ حَتَّى إِذَا صِرْنَا فِي وَسَطِ الْقَرْيَةِ عَدَلَ عَنِ الطَّرِيقَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ انْصَرِفْ فِي حِفْظِ اللَّهِ غَمِّضْ طَرْفَكَ فَغَمَّضْتُهُ ثُمَّ قَالَ افْتَحْ عَيْنَيْكَ فَفَتَحْتُهُمَا فَإِذَا أَنَا عَلَى بَابِ مَنْزِلِي بِالْبَصْرَةِ وَ لَمْ أَرَى الرِّضَا ع قَالَ وَ حَمَلْتُ السِّنْدِيَّ وَ عِيَالَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي وَقْتِ الْمَوْسِمِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: كَانَ فِيمَا أَوْصَانِي بِهِ الرِّضَا ع فِي وَقْتِ مُنْصَرَفِهِ مِنَ الْبَصْرَةِ أَنْ قَالَ لِي صِرْ إِلَى الْكُوفَةِ فَاجْمَعِ الشِّيعَةَ هُنَاكَ وَ أَعْلِمْهُمْ أَنِّي قَادِمٌ عَلَيْهِمْ وَ أَمَرَنِي أَنْ أَنْزِلَ فِي دَارِ حَفْصِ بْنِ عُمَيْرٍ الْيَشْكُرِيِّ فَصِرْتُ إِلَى الْكُوفَةِ فَأَعْلَمْتُ الشِّيعَةَ أَنَّ الرِّضَا ع قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فَأَنَا يَوْماً عِنْدَ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ إِذْ مَرَّ بِي سَلَامٌ خَادِمُ الرِّضَا فَعَلِمْتُ أَنَّ الرِّضَا ع قَدْ قَدِمَ فَبَادَرْتُ إِلَى دَارِ حَفْصِ بْنِ عُمَيْرٍ فَإِذَا هُوَ فِي الدَّارِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لِي احْتَشِدْ مِنْ طَعَامٍ تُصْلِحُهُ لِلشِّيعَةِ فَقُلْتُ قَدِ احْتَشَدْتُ وَ فَرَغْتُ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى تَوْفِيقِكَ فَجَمَعْنَا الشِّيعَةَ فَلَمَّا أَكَلُوا قَالَ يَا مُحَمَّدُ انْظُرْ مَنْ بِالْكُوفَةِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَ الْعُلَمَاءِ فَأَحْضِرْهُمْ فَأَحْضَرْنَاهُمْ فَقَالَ لَهُمُ الرِّضَا ع إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَجْعَلَ لَكُمْ حَظّاً مِنْ نَفْسِي كَمَا جَعَلْتُ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْلَمَنِي كُلَّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى جَاثَلِيقَ وَ كَانَ مَعْرُوفاً بِالْجَدَلِ وَ الْعِلْمِ وَ الْإِنْجِيلِ فَقَالَ يَا جَاثَلِيقُ هَلْ تَعْرِفُ لِعِيسَى صَحِيفَةً فِيهَا خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ يُعَلِّقُهَا فِي عُنُقِهِ إِذَا كَانَ بِالْمَغْرِبِ فَأَرَادَ الْمَشْرِقَ فَتَحَهَا فَأَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِاسْمٍ وَاحِدٍ مِنْ خَمْسَةِ الْأَسْمَاءِ أَنْ تَنْطَوِيَ لَهُ الْأَرْضُ فَيَصِيرَ مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ وَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ فِي لَحْظَةٍ فَقَالَ الْجَاثَلِيقُ لَا عِلْمَ
لِي بِهَا وَ أَمَّا الْأَسْمَاءُ الْخَمْسَةُ فَقَدْ كَانَتْ مَعَهُ يَسْأَلُ اللَّهَ بِهَا أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا يُعْطِيهِ اللَّهُ جَمِيعَ مَا يَسْأَلُهُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ إِذَا لَمْ تُنْكِرِ الْأَسْمَاءَ فَأَمَّا الصَّحِيفَةُ فَلَا يَضُرُّ أَقْرَرْتَ بِهَا أَمْ أَنْكَرْتَهَا اشْهَدُوا عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ يَا مَعَاشِرَ النَّاسِ أَ لَيْسَ أَنْصَفُ النَّاسِ مَنْ حَاجَّ خَصْمَهُ بِمِلَّتِهِ وَ بِكِتَابِهِ وَ بِنَبِيِّهِ وَ شَرِيعَتِهِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ الرِّضَا ع فَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِإِمَامٍ بَعْدَ مُحَمَّدٍ إِلَّا مَنْ قَامَ بِمَا قَامَ بِهِ مُحَمَّدٌ حِينَ يُفْضَى الْأَمْرُ إِلَيْهِ وَ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ إِلَّا مَنْ حَاجَّ الْأُمَمَ بِالْبَرَاهِينِ لِلْإِمَامَةِ فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ وَ مَا هَذَا الدَّلِيلُ عَلَى الْإِمَامِ قَالَ أَنْ يَكُونَ عَالِماً بِالتَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ فَيُحَاجَّ أَهْلَ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ وَ أَهْلَ الْإِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ وَ أَهْلَ الْقُرْآنِ بِقُرْآنِهِمْ وَ أَنْ يَكُونَ عَالِماً بِجَمِيعِ اللُّغَاتِ حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ لِسَانٌ وَاحِدٌ فَيُحَاجَّ كُلَّ قَوْمٍ بِلُغَتِهِمِ ثُمَّ يَكُونَ مَعَ هَذِهِ الْخِصَالِ تَقِيّاً نَقِيّاً مِنْ كُلِّ دَنَسٍ طَاهِراً مِنْ كُلِّ عَيْبٍ عَادِلًا مُنْصِفاً حَكِيماً رَءُوفاً رَحِيماً غَفُوراً عَطُوفاً صَادِقاً مُشْفِقاً بَارّاً أَمِيناً مَأْمُوناً رَاتِقاً فَاتِقاً فَقَامَ إِلَيْهِ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ مَا أَقُولُ فِي إِمَامٍ شَهِدَتْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ قَاطِبَةً بِأَنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِي مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ كَانَ مِثْلَهُ قَالَ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ تَحَيَّرُوا فِي أَمْرِهِ قَالَ إِنَّ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عَمَرَ بُرْهَةً مِنَ الزَّمَانِ فَكَانَ يُكَلِّمُ الْأَنْبَاطَ بِلِسَانِهِمْ وَ يُكَلِّمُ أَهْلَ خُرَاسَانَ بِالدَّرِيَّةِ وَ أَهْلَ رُومٍ بِالرُّومِيَّةِ وَ يُكَلِّمُ الْعَجَمَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ كَانَ يَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ الْآفَاقِ عُلَمَاءُ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى فَيُحَاجُّهُمْ بِكُتُبِهِمْ وَ أَلْسِنَتِهِمْ فَلَمَّا نَفِدَتْ مُدَّتُهُ وَ كَانَ وَقْتُ وَفَاتِهِ أَتَانِي مَوْلًى بِرِسَالَتِهِ يَقُولُ يَا بُنَيَّ إِنَّ الْأَجَلَ قَدْ نَفِدَ وَ الْمُدَّةَ قَدِ انْقَضَتْ وَ أَنْتَ وَصِيُّ أَبِيكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا كَانَ وَقْتُ وَفَاتِهِ دَعَا عَلِيّاً وَ أَوْصَاهُ وَ دَفَعَ إِلَيْهِ الصَّحِيفَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا الْأَسْمَاءُ الَّتِي خَصَّ اللَّهُ بِهَا الْأَنْبِيَاءَ وَ الْأَوْصِيَاءَ ثُمَّ قَالَ يَا عَلِيُّ ادْنُ مِنِّي فَغَطَّى رَسُولُ اللَّهِ ص رَأْسَ عَلِيٍّ ع بِمُلَاءَةٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَخْرِجْ لِسَانَكَ فَأَخْرَجَهُ
فَخَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ ثُمَّ قَالَ يَا عَلِيُّ اجْعَلْ لِسَانِي فِي فِيكَ فَمُصَّهُ وَ ابْلَعْ عَنِّي 3198 كُلَّ مَا تَجِدُ فِي فِيكَ فَفَعَلَ عَلِيٌّ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ فَهَّمَكَ مَا فَهَّمَنِي وَ بَصَّرَكَ مَا بَصَّرَنِي وَ أَعْطَاكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا أَعْطَانِي إِلَّا النُّبُوَّةَ فَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي ثُمَّ كَذَلِكَ إِمَامٌ بَعْدَ إِمَامٍ فَلَمَّا مَضَى مُوسَى عَلِمْتُ كُلَّ لِسَانٍ وَ كُلَّ كِتَابٍ 3199 .
باب 5 استجابة دعواته ع
1- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّهْدِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: دَخَلَ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمُكَارِي عَلَى الرِّضَا ع فَقَالَ لَهُ أَبْلَغَ اللَّهُ مِنْ قَدْرِكَ أَنْ تَدَّعِيَ مَا ادَّعَى أَبُوكَ فَقَالَ لَهُ مَا لَكَ أَطْفَأَ اللَّهُ نُورَكَ وَ أَدْخَلَ الْفَقْرَ بَيْتَكَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَى عِمْرَانَ ع أَنِّي وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً فَوَهَبَ لَهُ مَرْيَمَ وَ وَهَبَ لِمَرْيَمَ عِيسَى ع فَعِيسَى مِنْ مَرْيَمَ وَ مَرْيَمُ مِنْ عِيسَى وَ عِيسَى وَ مَرْيَمُ ع شَيْءٌ وَاحِدٌ وَ أَنَا مِنْ أَبِي وَ أَبِي مِنِّي وَ أَنَا وَ أَبِي شَيْءٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ لَا إِخَالُكَ تَقْبَلُ مِنِّي وَ لَسْتَ مِنْ غَنَمِي وَ لَكِنْ هَلُمَّهَا فَقَالَ رَجُلٌ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي قَدِيمٍ فَهُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ 3200 فَمَا كَانَ مِنْ مَمَالِيكِهِ أَتَى لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَهُوَ قَدِيمٌ حُرٌّ قَالَ فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَافْتَقَرَ حَتَّى مَاتَ وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَبِيتُ لَيْلَةٍ لَعَنَهُ اللَّهُ 3201 .
2- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْوَرَّاقُ وَ الْمُكَتِّبُ وَ حَمْزَةُ الْعَلَوِيُّ وَ الْهَمَدَانِيُّ جَمِيعاً عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْهَرَوِيِّ وَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ الْهَرَوِيِّ قَالَ: رُفِعَ إِلَى الْمَأْمُونِ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا ع يَعْقِدُ مَجَالِسَ الْكَلَامِ وَ النَّاسُ يَفْتَتِنُونَ بِعِلْمِهِ فَأَمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو الطُّوسِيَّ حَاجِبَ الْمَأْمُونِ فَطَرَدَ النَّاسَ عَنْ مَجْلِسِهِ وَ أَحْضَرَهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ زَبَرَهُ وَ اسْتَخَفَّ بِهِ فَخَرَجَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع مِنْ عِنْدِهِ مُغْضَباً وَ هُوَ يُدَمْدِمُ بِشَفَتَيْهِ وَ يَقُولُ وَ حَقِّ الْمُصْطَفَى وَ الْمُرْتَضَى وَ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ لَأَسْتَنْزِلَنَّ مِنْ حَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِدُعَائِي عَلَيْهِ مَا يَكُونُ سَبَباً لِطَرْدِ كِلَابِ أَهْلِ هَذِهِ الْكُورَةِ إِيَّاهُ وَ اسْتِخْفَافِهِمْ بِهِ وَ بِخَاصَّتِهِ وَ عَامَّتِهِ ثُمَّ إِنَّهُ ع انْصَرَفَ إِلَى مَرْكَزِهِ وَ اسْتَحْضَرَ الْمِيضَاةَ وَ تَوَضَّأَ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَ قَنَتَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ يَا ذَا الْقُدْرَةِ الْجَامِعَةِ وَ الرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ وَ الْمِنَنِ الْمُتَتَابِعَةِ وَ الْآلَاءِ الْمُتَوَالِيَةِ وَ الْأَيَادِي الْجَمِيلَةِ وَ الْمَوَاهِبِ الْجَزِيلَةِ يَا مَنْ لَا يُوصَفُ بِتَمْثِيلٍ وَ لَا يُمَثَّلُ بِنَظِيرٍ وَ لَا يُغْلَبُ بِظَهِيرٍ يَا مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ وَ أَلْهَمَ فَأَنْطَقَ وَ ابْتَدَعَ فَشَرَعَ وَ عَلَا فَارْتَفَعَ وَ قَدَّرَ فَأَحْسَنَ وَ صَوَّرَ فَأَتْقَنَ وَ احْتَجَّ فَأَبْلَغَ وَ أَنْعَمَ فَأَسْبَغَ وَ أَعْطَى فَأَجْزَلَ يَا مَنْ سَمَا فِي الْعِزِّ فَفَاتَ خَوَاطِرَ الْأَبْصَارِ وَ دَنَا فِي اللُّطْفِ فَجَازَ هَوَاجِسَ الْأَفْكَارِ يَا مَنْ تَفَرَّدَ بِالْمُلْكِ فَلَا نِدَّ لَهُ فِي مَلَكُوتِ سُلْطَانِهِ وَ تَوَحَّدَ بِالْكِبْرِيَاءِ فَلَا ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ يَا مَنْ حَارَتْ فِي كِبْرِيَاءِ هَيْبَتِهِ دَقَائِقُ لَطَائِفِ الْأَوْهَامِ وَ حَسَرَتْ دُونَ إِدْرَاكِ عَظَمَتِهِ
خَطَائِفُ أَبْصَارِ الْأَنَامِ يَا عَالِمَ خَطَرَاتِ قُلُوبِ الْعَالَمِينَ وَ يَا شَاهِدَ لَحَظَاتِ أَبْصَارِ النَّاظِرِينَ يَا مَنْ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ وَ خَضَعَتِ الرِّقَابُ لِجَلَالَتِهِ وَ وَجِلَتِ الْقُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ وَ ارْتَعَدَتِ الْفَرَائِصُ مِنْ فَرَقِهِ يَا بَدِيءُ يَا بَدِيعُ يَا قَوِيُّ يَا مَنِيعُ يَا عَلِيُّ يَا رَفِيعُ صَلِّ عَلَى مَنْ شَرَّفْتَ الصَّلَاةَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَ انْتَقِمْ لِي مِمَّنْ ظَلَمَنِي وَ اسْتَخَفَّ بِي وَ طَرَدَ الشِّيعَةَ عَنْ بَابِي وَ أَذِقْهُ مَرَارَةَ الذُّلِّ وَ الْهَوَانِ كَمَا أَذَاقَنِيهَا وَ اجْعَلْهُ طَرِيدَ الْأَرْجَاسِ وَ شَرِيدَ الْأَنْجَاسِ:
قَالَ أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ: فَمَا اسْتَتَمَّ مَوْلَايَ ع دُعَاءَهُ حَتَّى وَقَعَتِ الرَّجْفَةُ فِي الْمَدِينَةِ وَ ارْتَجَّ الْبَلَدُ وَ ارْتَفَعَتِ الزَّعْقَةُ وَ الصَّيْحَةُ وَ اسْتَفْحَلَتِ النَّعْرَةُ وَ ثَارَتِ الْغَبَرَةُ وَ هَاجَتِ الْقَاعَةُ فَلَمْ أُزَايِلْ مَكَانِي إِلَى أَنْ سَلَّمَ مَوْلَايَ ع فَقَالَ لِي يَا أَبَا الصَّلْتِ اصْعَدِ السَّطْحَ فَإِنَّكَ سَتَرَى امْرَأَةً بَغِيَّةً عُثَّةً رِثَّةً مُهَيِّجَةَ الْأَشْرَارِ مُتَّسِخَةَ الْأَطْمَارِ يُسَمِّيهَا أَهْلُ هَذِهِ الْكُورَةِ سُمَانَةَ لِغَبَاوَتِهَا وَ تَهَتُّكِهَا قَدْ أَسْنَدَتْ مَكَانَ الرُّمْحِ إِلَى نَحْرِهَا قَصَباً وَ قَدْ شَدَّتْ وِقَايَةً لَهَا حَمْرَاءَ إِلَى طَرْفِهِ مَكَانَ اللِّوَاءِ فَهِيَ تَقُودُ جُيُوشَ الْقَاعَةِ وَ تَسُوقُ عَسَاكِرَ الطَّغَامِ إِلَى قَصْرِ الْمَأْمُونِ وَ مَنَازِلِ قُوَّادِهِ فَصَعِدْتُ السَّطْحَ فَلَمْ أَرَ إِلَّا نُفُوساً تَنْتَزِعُ بِالْعَصَا وَ هَامَاتٍ تُرْضَخُ بِالْأَحْجَارِ وَ لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَأْمُونَ مُتَدَرِّعاً قَدْ بَرَزَ مِنْ قَصْرِ الشَّاهْجَانِ مُتَوَجِّهاً لِلْهَرَبِ فَمَا شَعَرْتُ إِلَّا بِشَاجِرْدِ الْحَجَّامِ قَدْ رَمَى مِنْ بَعْضِ أَعَالِي السُّطُوحِ بِلَبِنَةٍ ثَقِيلَةٍ فَضَرَبَ بِهَا رَأْسَ الْمَأْمُونِ فَأُسْقِطَتْ بَيْضَتُهُ بَعْدَ أَنْ شُقَّتْ جَلْدَةُ هَامَتِهِ فَقَالَ لِقَاذِفِ اللَّبِنَةِ بَعْضُ مَنْ عَرَفَ الْمَأْمُونَ وَيْلَكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَسَمِعْتُ سُمَانَةَ
تَقُولُ اسْكُتْ لَا أُمَّ لَكَ لَيْسَ هَذَا يَوْمَ التَّمَيُّزِ وَ الْمُحَابَاةِ وَ لَا يَوْمَ إِنْزَالِ النَّاسِ عَلَى طَبَقَاتِهِمْ فَلَوْ كَانَ هَذَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَا سَلَّطَ ذُكُورَ الْفُجَّارِ عَلَى فُرُوجِ الْأَبْكَارِ وَ طُرِدَ الْمَأْمُونُ وَ جُنُودُهُ أَسْوَأَ طَرْدٍ بَعْدَ إِذْلَالٍ وَ اسْتِخْفَافٍ شَدِيدٍ 3202 .
3- قب، المناقب لابن شهرآشوب الْهَرَوِيُ مِثْلَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ وَ نَهَبُوا أَمْوَالَهُ فَصَلَبَ الْمَأْمُونُ أَرْبَعِينَ غُلَاماً وَ أَسْلَى دِهْقَانَ مَرْوَ وَ أَمَرَ أَنْ يُطَوَّلَ جُدْرَانُهُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنِ اسْتِخْفَافِ الرِّضَا فَانْصَرَفَ وَ دَخَلَ عَلَيْهِ وَ حَلَّفَهُ أَنْ لَا يَقُومَ وَ قَبَّلَ رَأْسَهُ وَ جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالَ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي بَعْدُ مَعَ هَؤُلَاءِ فَمَا تَرَى فَقَالَ الرِّضَا ع اتَّقِ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ مَا وَلَّاكَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ خَصَّكَ بِهِ فَإِنَّكَ قَدْ ضَيَّعْتَ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ وَ فَوَّضْتَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِكَ إِلَى آخِرِ مَا أَوْرَدْنَاهُ فِي بَابِ مَا جَرَى بَيْنَهُ ع وَ بَيْنَ الْمَأْمُونِ 3203 .
بيان: الزبر الزجر و المنع و الانتهار و يقال دمدم عليه إذا كلمه مغضبا و الزعق الصياح و استفحل الأمر أي تفاقم و عظم و قاعة الدار ساحتها و لعل المراد أهل الميدان من الأجامرة و العثة العجوز و المرأة البذية و الحمقاء و الرثة بالكسر المرأة الحمقاء و فلان رث الهيئة أي سيئ الحال و في مناسبة لفظ السمانة للغباوة و التهتك خفاء إلا أن يقال سمي به لتسمنه من الشر و لعله كان سمامة من السم و الطغام كسحاب أوغاد الناس و أسلى دهقان مرو 3204 أي أرضاه و كشف همه.