کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فالكلام في مقامات ثلاثة الأول أنه هل عليها استبراء أم لا الثاني أن حكمها بعد وجود البلل ما ذا الثالث هل تستبرئ بعد البول أو لا أما الأول فالظاهر عدم وجوبه بل و لا استحبابه إذ أخبار الاستبراء مخصوصة بالرجال و يمكن القول باستحبابه للاستظهار و لذهاب بعض الأصحاب إليه و قالوا إن استبراء المرأة بالاجتهاد إنما يكون بالعرض.
و أما الثاني فإما أن يكون وجدان البلل بعد الاستبراء أو قبله و على التقديرين إما أن تعلم أنه مني أو يشتبه فإن كان بعد الاستبراء و يعلم أنه مني فلا يخلو إما أن يكون في فرجها مني رجل أو لا فإن لم يكن فالظاهر وجوب الغسل.
و إن كان في فرجها مني رجل فإما أن تعلم أن الخارج مني نفسها أو لا فعلى الأول الظاهر أنه أيضا كسابقه في وجوب الغسل و على الثاني الظاهر عدم الوجوب لهذا الخبر الموثق و صحيحة 2359 منصور بن حازم موافقا له و للروايات الدالة على عدم نقض اليقين بالشك و قطع ابن إدريس في هذه الصورة أيضا بوجوب الغسل و طرح الخبرين لعموم الماء من الماء و لا يخفى ضعفه لمنع شموله ما نحن فيه لا سيما بعد ورود الروايتين و الأحوط الإعادة.
و إن لم تعلم أنه مني فلا يخلو أيضا إما أن يكون في فرجها مني رجل أو لا فإن كان فلا خفاء في عدم وجوب الغسل للأصل و الأخبار و إن لم يكن فالظاهر أيضا عدم الوجوب للأصل و الاستصحاب و الاحتياط في هاتين الصورتين أيضا في الإعادة و إن كان قبل الاستبراء فإما أن تعلم أنه مني أو لا فإن علمت فلا يخلو أيضا إما أن يكون في فرجها مني رجل أو لا فإن لم يكن فالظاهر وجوب الغسل و إن كان فإما أن تعلم أنه مني نفسها أو لا فإن علمت فالظاهر أيضا الوجوب و
إن لم تعلم فالظاهر عدم الوجوب للأصل و الاستصحاب و الروايات و خلاف ابن إدريس هاهنا أيضا و الاحتياط في الإعادة.
و إن لم تعلم أنه مني فلا يخلو أيضا من الوجهين فعلى الأول الظاهر عدم الوجوب إذ الروايات المتضمنة لوجوب الإعادة مع عدم البول مختصة بالرجل سوى رواية ضعيفة فيها إطلاق و الاحتياط أيضا في الإعادة و تمام الاحتياط في ضم الوضوء و على الثاني فالظاهر أيضا أنه مثل سابقه في الحكم و الاحتياط.
و أما الثالث فالظاهر أيضا عدم لزوم الاستبراء لا وجوبا و لا استحبابا و ربما يقال بالاستحباب للاستظهار و لقول بعض الأصحاب فلو وجدت بللا مشتبها فإن كان بعد الاستبراء فالظاهر عدم الالتفات للأصل و الاستصحاب و الإجماع أيضا ظاهرا و إن كان قبله فالظاهر أيضا ذلك إذ الروايات مختصة بالرجل ظاهرا و الاحتياط ظاهر.
و أما المجنب بالجماع بدون الإنزال فلا استبراء عليه و إذا رأى بللا مشتبها فالظاهر عدم الغسل سواء استبرأ أم لا و ربما يحتمل وجوب الغسل مع عدم الاستبراء لإطلاق بعض الروايات و هو ضعيف و إن كان الأحوط الغسل مع ضم الوضوء و الله يعلم حقائق الأحكام و حججه الكرام ع.
60 الْهِدَايَةُ، إِذَا أَرَدْتَ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابِةِ فَاجْهَدْ أَنْ تَبُولَ لِيَخْرُجَ مَا بَقِيَ فِي إِحْلِيلِكَ مِنَ الْمَنِيِّ ثُمَّ اغْسِلْ يَدَيْكَ ثَلَاثاً مِنْ قَبْلِ أَنْ تُدْخِلَهُمَا الْإِنَاءَ ثُمَّ اسْتَنْجِ وَ أَنْقِ فَرْجَكَ ثُمَّ ضَعْ عَلَى رَأْسِكَ ثَلَاثَ أَكُفٍّ مِنَ الْمَاءِ وَ مَيِّزِ الشَّعْرَ كُلَّهُ بِأَنَامِلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ أَصْلَ الشَّعْرِ كُلِّهِ وَ تَنَاوَلِ الْإِنَاءَ بِيَدِكَ وَ صُبَّهُ عَلَى رَأْسِكَ وَ بَدَنِكَ مَرَّتَيْنِ وَ امْرُرْ يَدَكَ عَلَى بَدَنِكَ كُلِّهِ وَ خَلِّلْ أُذُنَيْكَ بِإِصْبَعَيْكَ وَ كُلُّ مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ فَقَدْ طَهُرَ وَ اجْهَدْ أَنْ لَا تَبْقَى شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِكَ وَ لِحْيَتِكَ إِلَّا وَ تُدْخِلُ الْمَاءَ تَحْتَهَا فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ شَعْرَةً مِنَ الْجَنَابَةِ فَلَمْ يَغْسِلْهَا مُتَعَمِّداً فَهُوَ فِي النَّارِ وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَتَمَضْمَضَ وَ تَسْتَنْشِقَ فَافْعَلْ وَ لَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّ الْغُسْلَ
عَلَى مَا ظَهَرَ لَا عَلَى مَا بَطَنَ غَيْرَ أَنَّكَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْكُلَ أَوْ تَشْرَبَ قَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ يُجْزِ لَكَ إِلَّا أَنْ تَغْسِلَ يَدَيْكَ وَ تَتَمَضْمَضَ وَ تَسْتَنْشِقَ فَإِنَّكَ إِنْ أَكَلْتَ أَوْ شَرِبْتَ قَبْلَ ذَلِكَ خِيفَ عَلَيْكَ الْبَرَصُ وَ رُوِيَ إِذَا ارْتَمَسَ الْجُنُبُ فِي الْمَاءِ ارْتِمَاسَةً وَاحِدَةً أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ غُسْلِهِ وَ إِنْ أَجْنَبْتَ فِي يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ مِرَاراً أَجْزَأَكَ غُسْلٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تُجْنِبُ بَعْدَ الْغُسْلِ أَوْ تَحْتَلِمُ فَإِنْ احْتَلَمْتَ فَلَا تُجَامِعْ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الِاحْتِلَامِ وَ لَا بَأْسَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنَ لِلْجُنُبِ وَ الْحَائِضِ إِلَّا الْعَزَائِمَ الَّتِي يُسْجَدُ فِيهَا وَ هِيَ سَجْدَةُ لُقْمَانَ 2360 وَ حم السَّجْدَةُ وَ النَّجْمُ وَ سُورَةُ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ وَ لَا تَمَسَّ الْقُرْآنَ إِذَا كُنْتَ جُنُباً أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَ مَسِّ الْوَرَقَ 2361 وَ مَنْ خَرَجَ مِنْ إِحْلِيلِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ شَيْءٌ وَ قَدْ كَانَ بَالَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ بَالَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَلْيُعِدِ الْغُسْلَ وَ لَا بَأْسَ بِتَبْعِيضِ الْغُسْلِ تَغْسِلُ يَدَيْكَ وَ فَرْجَكَ وَ رَأْسَكَ وَ تُؤَخِّرُ غَسْلَ جَسَدِكَ إِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَإِنْ أَحْدَثْتَ حَدَثاً مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ بَعْدَ مَا غَسَلْتَ رَأْسَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَغْسِلَ جَسَدَكَ فَأَعِدِ الْغُسْلَ مِنْ أَوَّلِهِ وَ لَا يَدْخُلِ الْحَائِضُ وَ الْجُنُبُ الْمَسْجِدَ إِلَّا مُجْتَازَيْنِ وَ لَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا مِنْهُ وَ لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَضَعَا فِيهِ شَيْئاً لِأَنَّ مَا فِيهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَ إِنِ احْتَلَمْتَ فِي مَسْجِدٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ فَاخْرُجْ مِنْهُ وَ اغْتَسِلْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ احْتِلَامُكَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ ص فَإِنَّكَ إِذَا احْتَلَمْتَ فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ تَيَمَّمْتَ وَ خَرَجْتَ وَ لَمْ تَمْشِ فِيهِمَا إِلَّا مُتَيَمِّماً وَ الْجُنُبُ إِذَا عَرِقَ فِي ثَوْبِهِ فَإِنْ كَانَتِ الْجَنَابَةُ مِنْ حَلَالٍ فَحَلَالٌ الصَّلَاةُ فِيهِ وَ إِنْ كَانَتْ مِنْ حَرَامٍ فَحَرَامٌ الصَّلَاةُ فِيهِ 2362 .
باب 4 غسل الحيض و الاستحاضة و النفاس عللها و آدابها و أحكامها
الآيات البقرة وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ- نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَ قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ 2363 تفسير المحيض يكون مصدرا تقول حاضت المرأة محيضا و اسم زمان أي مدة الحيض و اسم مكان أي محل الحيض و هو القبل 2364 و المحيض الأول في الآية بالمعنى الأول أي يسألونك عن الحيض و أحواله و السائل أبو الدحداح في جمع من الصحابة كما قيل و قوله تعالى قُلْ هُوَ أَذىً أي هو أمر مستقذر مؤذ ينفر الطبع عنه و الاعتزال التنحي عن الشيء و أما المحيض الثاني فيحتمل كلا من المعاني الثلاثة السابقة.
و قوله تعالى وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ تأكيد للأمر بالاعتزال
و بيان لغايته و قد قرأه حمزة و الكسائي يطهرن بالتشديد أي يتطهرن و ظاهره أن غاية الاعتزال هي الغسل و قرأ الباقون يَطْهُرْنَ بالتخفيف 2365 و ظاهره أن غايته انقطاع الدم و الخلاف بين الأمة في ذلك مشهور.
و قوله سبحانه فَإِذا تَطَهَّرْنَ يؤيد القراءة الأولى و الأمر بالإتيان للإباحة كقوله تعالى وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا 2366 و أما وجوب الإتيان لو كان قد اعتزلها أربعة أشهر مثلا فقد استفيد من خارج 2367 .
و اختلف المفسرون في معنى قوله جل شأنه مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ فعن
ابن عباس أن معناه من حيث أمركم الله بتجنبه حال الحيض و هو الفرج و عن ابن الحنفية أن معناه من قبل النكاح دون السفاح و عن الزجاج معناه من الجهات التي يحل فيها الوطء لا ما لا يحل كوطيهن و هن صائمات أو محرمات أو معتكفات و الأول مختار الطبرسي رحمه الله إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ أي عن الذنوب وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ أي المتنزهين عن الأقذار كمجامعة الحائض مثلا و قيل التوابين عن الكبائر و المتطهرين عن الصغائر و قد مر تأويل آخر في صدر كتاب الطهارة.
و الحرث قد يفسر بالزرع تشبيها لما يلقى في أرحامهن من النطف بالبذر و قال أبو عبيدة كنى سبحانه بالحرث عن الجماع أي محل حرث لكم و قد جاء في اللغة الحرث بمعنى الكسب و من هنا قال بعض المفسرين معنى حرث لكم أي ذوات حرث تحرثون منهن الولد و اللذة.
و قوله سبحانه أَنَّى شِئْتُمْ قد اختلف في تفسيره فقيل معناه من أي موضع شئتم ففيها دلالة على جواز إتيان المرأة في دبرها و عليه أكثر علمائنا و وافقهم مالك و سيأتي تحقيق المسألة في كتاب النكاح إن شاء الله و قيل معناه من أي جهة شئتم لما روي من أن اليهود كانوا يقولون من جامع امرأته من دبرها في قبلها يكون ولدها أحول فذكر ذلك للنبي ص فنزلت.
و قيل معناه متى شئتم و استدل به على جواز الوطء بعد انقطاع الحيض و قبل الغسل لشمول لفظة أنى جميع الأوقات إلا ما خرج بدليل كوقت الحيض و الصوم و اعترض على هذا الوجه بأن القول بمجيء أنى بمعنى متى يحتاج إلى شاهد و لم يثبت بل قال الطبرسي رحمه الله إنه خطأ عند أهل اللغة.
وَ قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ 2368 أي قدموا الأعمال الصالحة التي أمرتم بها
و رغبتم فيها لتكون لكم ذخرا في القيامة و قيل المراد بالتقديم طلب الولد الصالح و السعي في حصوله و قيل المراد تقديم التسمية عند الجماع و قيل تقديم الدعاء عنده.
وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ أي ملاقو ثوابه إن أطعتم و عقابه إن عصيتم.
و قال الشيخ البهائي رحمه الله قد استنبط بعض المتأخرين من الآية الأولى أحكاما ثلاثة أولها أن دم الحيض نجس لأن الأذى بمعنى المستقذر و ثانيها أن نجاسته مغلظة لا يعفى عن قليلها أعني ما دون الدرهم للمبالغة المفهومة من قوله سبحانه هو أذى و ثالثها أن من الأحداث الموجبة للغسل لإطلاق الطهارة المتعلقة به.
و في دلالة الآية على هذه الأحكام نظر أما الأولان فلعدم نجاسة كل مستقذر فإن القيح و القيء من المستقذرات و هما طاهران عندنا و أيضا فهذا المستنبط قائل كغيره من المفسرين بإرجاع الضمير في قوله تعالى هُوَ أَذىً إلى المحيض بالمعنى المصدري لا إلى الدم و ارتكاب الاستخدام فيه مجرد احتمال لم ينقل عن المفسرين فكيف يستنبط منه حكم شرعي.