کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
سحاب و نحوه و هذا مثل قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ 3427 و المسح كناية عن شمول اللطف و الرحمة.
67- كشف، كشف الغمة مِنْ كِتَابِ دَلَائِلِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ ع فَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْأَرْمَنِيُّ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ ع ثَبَتَتِ الْمَعْرِفَةُ وَ نَسُوا ذَلِكَ الْمَوْقِفَ وَ سَيَذْكُرُونَهُ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ يَدْرِ أَحَدٌ مَنْ خَالِقُهُ وَ لَا مَنْ رَازِقُهُ قَالَ أَبُو هَاشِمٍ فَجَعَلْتُ أَتَعَجَّبُ فِي نَفْسِي مِنْ عَظِيمِ مَا أَعْطَى اللَّهُ وَلِيَّهُ وَ جَزِيلِ مَا حَمَّلَهُ فَأَقْبَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَيَّ فَقَالَ الْأَمْرُ أَعْجَبُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ يَا أَبَا هَاشِمٍ وَ أَعْظَمُ مَا ظَنُّكَ بِقَوْمٍ مَنْ عَرَفَهُمْ عَرَفَ اللَّهَ وَ مَنْ أَنْكَرَهُمْ أَنْكَرَ اللَّهَ فَلَا مُؤْمِنَ إِلَّا وَ هُوَ بِهِمْ مُصَدِّقٌ وَ بِمَعْرِفَتِهِمْ مُوقِنٌ.
بيان: اعلم أن أخبار هذا الباب من متشابهات الأخبار و معضلات الآثار و لأصحابنا رضي الله عنهم فيها مسالك.
منها ما ذهب إليه الأخباريون و هو أنا نؤمن بها مجملا و نعترف بالجهل عن حقيقة معناها و عن أنها من أي جهة صدرت و نرد علمه إلى الأئمة ع.
و منها أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة و لما ذهبت إليه الأشاعرة و هم جلّهم و لمخالفتها ظاهرا لما مر من أخبار الاختيار و الاستطاعة.
و منها أنها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون فإنه تعالى لما خلقهم مع علمه بأحوالهم فكأنه خلقهم من طينات مختلفة.
و منها أنها كناية عن اختلاف استعداداتهم و قابلياتهم و هذا أمر بيّن لا يمكن إنكاره فإنه لا شبهة في أن النبي ص و أبا جهل ليسا في درجة واحدة من الاستعداد و القابلية و هذا لا يستلزم سقوط التكليف فإن الله تعالى كلّف النبي ص حسب ما أعطاه من الاستعداد لتحصيل الكمالات و كلف أبا جهل حسب ما أعطاه من ذلك و لم يكلفه ما ليس في وسعه و لم يجبره على شيء من الشر و الفساد.
و منها أنه لما كلّف الله تعالى الأرواح أولا في الذرّ و أخذ ميثاقهم فاختاروا الخير و الشر باختيارهم في ذلك الوقت و تفرع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم كما دل عليه بعض الأخبار السابقة فلا فساد في ذلك.
و لا يخفى ما فيه و في كثير من الوجوه السابقة و ترك الخوض في أمثال تلك المسائل الغامضة التي تعجز عقولنا عن الإحاطة بكنهها أولى لا سيما في تلك المسألة التي نهى أئمتنا عن الخوض فيها و لنذكر بعض ما ذكره في ذلك علماؤنا رضوان الله عليهم و مخالفوهم.
فمنها ما ذكره الشيخ المفيد قدس الله روحه في جواب المسائل السرويّة
حيث سئل ما قوله أدام الله تأييده في معنى الأخبار المرويّة عن الأئمة الهادية ع في الأشباح و خلق الله تعالى الأرواح قبل خلق آدم ع بألفي عام و إخراج الذرّيّة من صلبه على صور الذرّ و
مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَ مَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ.
الجواب و بالله التوفيق
أن الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها و تتباين معانيها و قد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة و صنّفوا فيها كتبا لغوا فيها و هزءوا فيما أثبتوه منه في معانيها و أضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من شيوخ أهل الحق و تخرصوا الباطل بإضافتها إليهم من جملتها كتاب سموه كتاب الأشباح و الأظلة نسبوه في تأليفه إلى محمد بن سنان و لسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه و إن كان صحيحا فإن ابن سنان قد طعن عليه و هو متهم بالغلو فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضلال لضال عن الحق و إن كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك و الصحيح من حديث الأشباح الرواية التي جاءت عن الثقات بأن آدم ع رأى على العرش أشباحا يلمع نورها فسأل الله تعالى عنها فأوحى إليه أنها أشباح رسول الله ص و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و فاطمة ص و أعلمه أنه لو لا الأشباح التي رآها ما خلقه و لا خلق سماء و لا أرضا و الوجه فيما
أظهره الله تعالى من الأشباح و الصور لآدم أن دله على تعظيمهم و تبجيلهم 3428 و جعل ذلك إجلالا لهم و مقدمة لما يفترضه من طاعتهم و دليلا على أن مصالح الدين و الدنيا لا تتم إلا بهم و لم يكونوا في تلك الحال صورا مجيبة و لا أرواحا ناطقة لكنها كانت على مثل صورهم في البشرية يدل على ما يكونوا عليه في المستقبل في الهيئة و النور الذي جعله عليهم يدل على نور الدين بهم و ضياء الحق بحججهم و قد روي أن أسماءهم كانت مكتوبة إذ ذاك على العرش و أن آدم ع لما تاب إلى الله عز و جل و ناجاه بقبول توبته سأله بحقهم عليه و محلهم عنده فأجابه و هذا غير منكر في العقول و لا مضاد للشرع المنقول و قد رواه الصالحون الثقات المأمونون و سلم لروايته طائفة الحق و لا طريق إلى إنكاره و الله ولي التوفيق.
فصل
و مثل ما بشر الله به آدم ع من تأهيله نبيه ص لما أهَّله له و تأهيل أمير المؤمنين و الحسن و الحسين ع لما أهَّلهم له و فرض عليه تعظيمهم و إجلالهم كما بشر به في الكتب الأولى من بعثته لنبينا ص فقال في محكم كتابه النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 3429 و قوله تعالى مخبرا عن المسيح ع وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ 3430 و قوله سبحانه وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ 3431 يعني رسول الله ص فحصلت البشائر به من الأنبياء و أممهم قبل إخراجه إلى العالم بالوجود و إنما أراد جل اسمه بذلك إجلاله و إعظامه و أن يأخذ العهد له على الأنبياء و الأمم كلها فلذلك أظهر لآدم ع صورة شخصه و أشخاص أهل بيته ع و أثبت أسماءهم له ليخبره بعاقبتهم و بين له عن محلهم عنده و منزلتهم لديه و لم يكونوا
في تلك الحال أحياء ناطقين و لا أرواحا مكلفين و إنما كانت أشباحهم دالة عليهم حسب ما ذكرناه.
فصل
و قد بشر الله عز و جل بالنبي و الأئمة ع في الكتب الأولى فقال في بعض كتبه التي أنزلها على أنبيائه ع و أهل الكتب يقرءونه و اليهود يعرفونه أنه ناجى إبراهيم الخليل ع في مناجاته إني قد عظمتك و باركت عليك و على إسماعيل و جعلت منه اثني عشر عظيما و كبرتهم جدا جدا و جعلت منهم شعبا عظيما لأمة عظيمة و أشباه ذلك كثير في كتب الله تعالى الأولى.
فصل
فأما الحديث في إخراج الذرية من صلب آدم ع على صورة الذر فقد جاء الحديث بذلك على اختلاف ألفاظه و معانيه و الصحيح أنه أخرج الذرية من ظهره كالذر فملأ بهم الأفق و جعل على بعضهم نورا لا يشوبه ظلمة و على بعضهم ظلمة لا يشوبها نور و على بعضهم نورا و ظلمة فلما رآهم آدم ع عجب من كثرتهم و ما عليهم من النور و الظلمة فقال يا رب ما هؤلاء قال الله عز و جل له هؤلاء ذريتك يريد تعريفه كثرتهم و امتلاء الآفاق بهم و أن نسله يكون في الكثرة كالذر الذي رآه ليعرفه قدرته و يبشره بإفضال نسله و كثرتهم فقال ع يا رب ما لي أرى على بعضهم نورا لا ظلمة فيه و على بعضهم ظلمة لا يشوبها نور و على بعضهم ظلمة و نورا فقال تبارك و تعالى أما الذين عليهم النور منهم بلا ظلمة فهم أصفيائي من ولدك الذي يطيعوني و لا يعصوني في شيء من أمري فأولئك سكان الجنة و أما الذين عليهم ظلمة و لا يشوبها نور فهم الكفار من ولدك الذين يعصوني و لا يطيعوني فأما الذين عليهم نور و ظلمة فأولئك الذين يطيعوني من ولدك و يعصوني فيخلطون أعمالهم السيئة بأعمال حسنة فهؤلاء أمرهم إلي إن شئت عذبتهم فبعدلي و إن شئت عفوت عنهم فبفضلي فأنبأه الله تعالى بما يكون من ولده و شبههم بالذر الذي أخرجهم من ظهره و جعله علامة على كثرة ولده و يحتمل أن يكون ما أخرجه من ظهره و جعل أجسام ذريته دون أرواحهم و إنما فعل الله تعالى ذلك ليدل آدم ع على العاقبة منه و يظهر له من قدرته و سلطانه و عجائب صنعته و أعلمه
بالكائن قبل كونه و ليزداد آدم ع يقينا بربه و يدعوه ذلك إلى التوفر على طاعته و التمسك بأوامره و الاجتناب لزواجره فأما الأخبار التي جاءت بأن ذرية آدم ع استنطقوا في الذر فنطقوا فأخذ عليهم العهد فأقروا فهي من أخبار التناسخية و قد خلطوا فيها و مزجوا الحق بالباطل و المعتمد من إخراج الذرية ما ذكرناه دون ما عداه مما استمر القول به على الأدلة العقلية و الحجج السمعية و إنما هو تخليط لا يثبت به أثر على ما وصفناه.
فصل
فإن تعلق متعلق بقوله تبارك اسمه وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ 3432 فظن بظاهر هذا القول تحقق ما رواه أهل التناسخ و الحشوية و العامة في إنطاق الذرية و خطابهم و أنهم كانوا أحياء ناطقين فالجواب عنه أن لهذه الآية من المجاز في اللغة كنظائرها مما هو مجاز و استعارة و المعنى فيها أن الله تبارك و تعالى أخذ من كل مكلف يخرج من ظهر آدم و ظهور ذريته العهد عليه بربوبيته من حيث أكمل عقله و دله بآثار الصنعة على حدثه و أن له محدثا أحدثه لا يشبهه يستحق العبادة منه بنعمة عليه فذلك هو أخذ العهد منهم و آثار الصنعة فيهم و الإشهاد لهم على أنفسهم بأن الله تعالى ربهم و قوله تعالى قالُوا بَلى يريد به أنهم لم يمتنعوا من لزوم آثار الصنعة فيهم و دلائل حدثهم اللازمة لهم و حجة العقل عليهم في إثبات صانعهم فكأنه سبحانه لما ألزمهم الحجة بعقولهم على حدثهم و وجود محدثهم قال لهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ فلما لم يقدروا على الامتناع من لزوم دلائل الحدث لهم كانوا كقائلين بَلى شَهِدْنا و قوله تعالى أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ أ لا ترى أنه احتج عليهم بما لا يقدرون يوم القيامة أن يتأولوا في إنكاره و لا يستطيعون و قد قال سبحانه وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ
الْعَذابُ 3433 و لم يرد أن المذكور يسجد كسجود البشر في الصلاة و إنما أراد به غير ممتنع من فعل الله فهو كالمطيع لله و هو معبر عنه بالساجد قال الشاعر.
بجمع تضل البلق في حجراته .
ترى الأكم فيها سجدا للحوافر . 3434
يريد أن الحوافر تذل الأكم بوطيها عليها.
و قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ 3435 و هو سبحانه لم يخاطب السماء بكلام و لا السماء قالت قولا مسموعا و إنما أراد أنه عمد إلى السماء فخلقها و لم يتعذر عليه صنعتها فكأنه لما خلقها فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً فلما تعلقت بقدرته كانتا كالقائل أَتَيْنا طائِعِينَ و كمثل قوله تعالى يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ 3436 و الله تعالى يجل عن خطاب النار و هي مما لا يعقل و لا يتكلم و إنما الخبر عن سعتها و أنها لا تضيق بمن يحلها من المعاقبين و ذلك كله على مذهب أهل اللغة و عادتهم في المجاز أ لا ترى إلى قول شاعر.
و قالت له العينان سمعا و طاعة .
و أَسْبَلَتا 3437 كالدُّرِّ ما لم يُثَقَّب .
و العينان لم تقولا قولا مسموعا و لكنه أراد منهما البكاء فكانت كما أراد من غير تعذر عليه و مثله قول عنترة.
فازوَرّ من وقْع القَنا بلُبانه .
و شكا إليَّ بعَبْرة و تحمُّم . 3438
و الفرس لا يشتكي قولا لكنه ظهر منه علامة الخوف و الجزع فسمي ذلك قولا و منه قول الآخر.
و شكا إليَّ جَمَلِي طولَ السَّرَى 3439 .
و الجمل لا يتكلم لكنه لما ظهر منه النصب و الوصب لطول السرى عبر عن هذه العلامة بالشكوى التي تكون كالنطق و الكلام و منه قولهم أيضا.
امتلأ الحوض و قال قَطْنِي 3440 .
حسبك مني قد ملأت بطني .
و الحوض لم يقل قطني لكنه لما امتلأ بالماء عبر عنه بأنه قال حسبي و لذلك أمثال كثيرة في منثور كلام العرب و منظومة و هو من الشواهد على ما ذكرناه في تأويل الآية و الله تعالى نسأل التوفيق.
فصل
فأما الخبر بأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فهو من أخبار الآحاد و قد روته العامة كما روته الخاصة و ليس هو مع ذلك مما يقطع على الله بصحته و إنما نقله رواته لحسن الظن به و إن ثبت القول فالمعنى فيه أن الله تعالى قدر الأرواح في علمه قبل اختراع الأجساد و اخترع الأجساد و اخترع لها الأرواح فالخلق للأرواح قبل الأجساد خلق تقدير في العلم كما قدمناه و ليس بخلق لذواتها كما وصفناه و الخلق لها بالإحداث و الاختراع بعد خلق الأجسام و الصور التي تدبرها الأرواح و لو لا أن ذلك كذلك لكانت الأرواح تقوم بأنفسها و لا تحتاج إلى آلات يعتملها و لكنا نعرف ما سلف لنا من الأحوال قبل خلق الأجساد كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد و هذا محال لا خفاء بفساده.