کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فتصير أقدر على أفعالها بما لا ينضبط بالقياس كما وقع للصديقة مريم بنت عمران على نبينا و آله و على ابنها و عليها السلام حيث تمثل لها روح القدس بشرا سوي الخلق حسن الصورة فتأثر نفسها به فتحركت على مقتضى الجبلة و سري الأثر من الخيال في الطبيعة فتحركت شهوتها فأنزلت كما يقع في المنام من الاحتلام انتهى.
و أقول قد مر أن نفوذ إرادة الله سبحانه و قدرته في أمر لا يتوقف على حصول تلك الأسباب العادية حتى يتكلف أمثال تلك التكلفات التي ربما انتهى القول به إلى نسبة أمور إلى النساء المقدسات المطهرات لا يرضى الله بها و الكف عنها أحوط و أحرى.
ثم قالوا ابتداء خلقه الجنين 10417 هو حصول الماء في الرحم و شبه بالعجين إذا ألصق بالتنور ثم يتغير عن حاله قليلا و يشبه بالبذر إذا طرح في الأرض و يسمى نطفة ثم تحصل فيه نقط دموية من دم الحيض و يسمى علقة ثم يظهر فيه حمرة ظاهرة منه فيصير شبيها بالدم الجامد و يعظم قليلا و يهيج فيه ريح حارة و يسمى مضغة ثم يتم و يتميز فيه الأعضاء الرئيسة الثلاثة 10418 و يظهر لسائر الأعضاء رسوم خفية و يسمى جنينا ثم يظهر فيه رسوم سائر الأعضاء و يقوى و يصلب و يجري فيه الروح و يتحرك و يسمى صبيا ثم تنفصل الرسوم و تظهر الصورة و ينبت الشعر ثم ينفتح لسانه و تتم خلقته و تكمل خلقة الذكر قبل خلقة الأنثى و إذا كمل لم يكتف بما
يجيئه من الغذاء من دم الحيض فيتحرك حركات صعبة قوية و انتهكت رباطات الرحم فكانت الولادة.
و قال بعضهم الرحم موضوعة في ما بين المثانة و المعى المستقيم و هي مربوطة برباطات على هيئة السلسلة و جسمها عصبي ليمكن امتدادها و اتساعها وقت الولادة و الحاجة إلى ذلك و تنضم إذا استغنت و لها بطنان ينتهيان إلى فم واحد و زائدتان تسميان قرني 10419 الرحم و خلف هاتين الزائدتين بيضتا المرأة و هما أصغر من بيضتي الرجل و أشد تفرطحا و المفرطح العريض و منهما ينصب مني المرأة إلى تجويف الرحم و للرحم رقبة منتهية إلى فرج المرأة و تلك الرقبة من المرأة بمنزلة الذكر من الرجل فإذا امتزج مني الرجل بمني المرأة من تجويف الرحم كان العلوق ثم ينمي من دم الطمث و يتصل بالجنين عروق تأتي إلى الرحم فتغذوه حتى يتم و يكمل فإذا لم يكتف بما يجيئه من تلك العروق يتحرك حركات قوية طلبا للغذاء فيهتك أربطة الرحم التي قلنا إنها على هيئة السلسلة و يكون منها الولادة انتهى.
و اعلم أنهم اتفقوا على أن المني يتولد من فضلة الهضم الرابع في الأعضاء قال بقراط في كتابه في المني إن جمهور مادة المني هو من الدماغ فإنه ينزل منه إلى العرقين اللذين خلف الأذنين ثم منهما إلى النخاع لئلا يبعد من الدماغ و ما يشبهه مسافة طويلة فيغير مزاجه ثم منه إلى الكليتين بعد نفوذه في العرقين الطالعين المتشعبين من الأجوف إلى العروق التي تأتي الأنثيين و لهذا قيل إن قطعهما يقطع النسل. و نقل الطبري عن بقراط أن الصقالبة إذا أرادوا أن يرتبوا 10420 أولادهم للدعوة أو للناموس بتروا منهم هذين العرقين فينقطع هذا المقطوع العرق عن الجماع و يصير بصورة النساء فيتبركون به و يتوسلون به إلى الله تعالى و يرون أن دعاءه مستجاب و أن الله قد اصطفاه و اختاره و طهره من الخبائث و جالينوس أنكر ذلك و خطّأ قول بقراط.
و قال الشيخ أنا أرى أن المني ليس يجب أن يكون من الدماغ وحده و إن كانت خميرته منه و صح ما يقوله بقراط من أمر العرقين بل يجب أن يكون له من كل عضو رئيس عين و من الأعضاء الأخرى ترشح أيضا إلى هذه الأصول.
و قال القرشي في شرح القانون إنما يكون تولد المني من الرطوبة المبثوثة على الأعضاء كالطل و معلوم أنه ليس في كل عضو من الأعضاء مجرى يسيل فيه ما هناك من تلك الرطوبة إلى الأنثيين ثم إلى القضيب فلا يمكن أن يكون وصولها إلى هناك إلا بأن تتبخر تلك الرطوبة من الأعضاء حتى تتصعد إلى الدماغ و هناك تفارقها الحرارة المتبخرة فتبرد و تتكاثف و تعود إلى قوامها قبل التبخر ثم من هناك ينزل إلى العروق التي خلف الأذنين و ينفذ إلى النخاع في عروق هناك لئلا يتغير عن التعدل الذي أفاده الدماغ فلا يتبخر بالحرارة كرة أخرى فإذا نزلت من هناك حتى وصلت إلى قرب الأنثيين صادف هناك عروقا واصلة من الكليتين إلى الأنثيين و تلك العروق مملوءة من الدم فتتسخن في الكليتين و تعدل فيحيله ذلك النازل من الدماغ إلى مشابهة بعض استحالة ثم بعد ذلك ينفذ إلى الأنثيين و يكمل فيهما تعدله و بياضه و نضجه و منهما يندفع إلى أوعيته.
و أيد ذلك بما نقل من كتاب منسوب إلى هرمس في سر الخليقة قد فسره بليناس و هو أن المني إذا خرج من معادنه عند الجماع ائتلف بعضه إلى بعض و سما إلى الدماغ و أخذ الصورة منه ثم نزل في الذكر و خرج منه.
و قال شارح الأسباب مادة المني يأتي من الكبد إلى الكليتين في شعب من الأجوف النازل و يتصفى فيهما من المائية ثم منهما إلى المجرى الذي بينهما و بين الأنثيين و هو عرق كثير المعاطف و الاستدارات ليطول المسافة بينهما فينضج فيه المني و يبيض بعد احمراره ثم منه إلى الأنثيين فهما يعينان على تمام تكون المني بإسخانها الدم النافذ في هذه العروق انتهى.
و قالوا و نبت من الأنثيين وعاءان مثل البربخين شبيهين بجوهر الأنثيين يصعدان أولا إلى العانة و إلى معلق البيضتين ثم ينزلان متوربين إلى عنق المثانة أسفل من
مجرى البول ثم يتصلان إلى المجرى الذي في أصل القضيب و يسمى هذان الوعاءان أوعية المني و هذان في الرجال أطول و أوسع منهما في النساء و في القضيب مجار ثلاثة مجرى المني و مجرى البول و مجرى الودي كذا ذكر الشيخ في القانون و قال صاحب ترويح الأرواح في القضيب مجريان أحدهما مجرى البول و الودي و الآخر مجرى المني و كلامهم في ذلك كثير اكتفينا بذلك لتطلع في الجملة على بعض مصطلحاتهم فتستعملها في فهم ما مر و سيأتي من الآيات و الأخبار و الله يعلم حقائق الأمور.
و في القاموس البربخ منفذ الماء و مجراه و هو الأردبة و البالوعة من الخزف.
[كلمة المصحّح]
بسمه تعالى إلى هنا تمّ الجزء الرابع من المجلّد الرابع عشر كتاب السماء و العالم من بحار الأنوار و هو الجزء السابع و الخمسون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة البهيّة. و قد قابلناه على النسخة الّتي صحّحها الفاضل الخبير الشيخ محمّد تقيّ اليزديّ بما فيها من التعليق و التنميق و اللّه وليّ التوفيق.
محمد الباقر البهبودى
[كلمة المحقّق]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه كما هو أهله و كما ينبغي لكرم وجهه و عزّ جلاله و الصلاة و السلام على رسوله و آله.
و بعد فقد بذلنا غاية المجهود في تصحيح هذا الجزء من كتاب «بحار الأنوار» و هو الجزء السابع و الخمسون حسب تجزئتنا في هذا الطبعة و تنميقه و التعليق عليه و مقابلته بالنسخ و المصادر. نشكر اللّه تعالى على ما وفّقنا لذلك و نسأله أن يديم توفيقنا و يزيدنا من فضله و اللّه ذو الفضل العظيم.
قم المشرفة: محمد تقى اليزدي
(مراجع التصحيح و التخريج و التعليق)
قوبل هذا الجزء بعدّة نسخ مطبوعة و مخطوطة، منها النسخة المطبوعة بطهران سنة (1305) المعروفة بطبعة أمين الضرب، و منها النسخة المطبوعة بتبرير و منها النسخة المخطوطة النفيسة لمكتبة صاحب الفضيلة السيّد جلال الدين الأرمويّ الشهير ب «المحدّث» و اعتمدنا في التخريج و التصحيح و التعليق على كتب كثيرة نسرد بعض أساميها:
1- القرآن الكريم.
2- تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي المطبوع سنة 1311 في ايران
3- تفسير فرات الكوفيّ المطبوع سنة 1354 في النجف
4- تفسير مجمع البيان المطبوع سنة 1373 في طهران
5- تفسير أنوار التنزيل للقاضي البيضاويّ المطبوع سنة 1285 في استانبول
6- تفسير مفاتيح الغيب للفخر الرازيّ المطبوع سنة 1294 في استانبول
7- الاحتجاج للطبرسيّ المطبوع سنة 1350 في النجف
8- اصول الكافي للكليني المطبوع سنة- في طهران
9- الاقبال للسيّد بن طاوس المطبوع سنة 1312 في طهران
10- تنبيه الخواطر لورّام بن أبي فراس المطبوع سنة- في طهران
11- التوحيد للصدوق المطبوع سنة 1375 في طهران
12- ثواب الأعمال للصدوق المطبوع سنة 1375 في طهران
13- الخصال الأعمال للصدوق المطبوع سنة 1374 في طهران
14- الدرّ المنثور للسيوطيّ
15- روضة الكافي للكليني المطبوع سنة 1374 في طهران
16- علل الشرائع الصدوق المطبوع سنة 1378 في قم
17- عيون الأخبار للصدوق المطبوع سنة 1377 في قم
18- فروع الكافي للكلينى المطبوع سنة- في-
19- المحاسن للبرقيّ المطبوع سنة 1371 في طهران
20- معاني الاخبار للصدوق المطبوع سنة 1379 في طهران
21- مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب المطبوع سنة 1378 في قم
22- من لا يحضره الفقيه للصدوق المطبوع سنة 1376 في طهران
23- نهج البلاغة للشريف الرضي المطبوع سنة- في مصر
24- اسد الغاية لعزّ الدين ابن الأثير المطبوع سنة- في طهران
25- تنقيح المقال للشيخ عبد اللّه المامقاني المطبوع سنة 1350 في النجف
26- تهذيب الاسماء و اللغات للحافظ محيى الدين بن شرف النورى المطبوع في مصر
27- جامع الرواة للاردبيلى المطبوع سنة 1331 في طهران
28- خلاصة تذهيب الكمال للحافظ الخزرجي المطبوع سنة 132 في مصر
29- رجال النجاشى المطبوع-- في طهران
30- روضات الجنات للميرزا محمّد باقر الموسوى المطبوع سنة 1367 في طهران
31- الكنى و الألغاب للمحدّث القميالمطبوع-- في صيدا
32- لسان الميزان لابن حجر العسقلاني المطبوع-- فى حيدرآباد الدكن
33- الرواشح السماوية للسيد محمّد باقر الحسيني الشهير بالداماد المطبوع سنة 1311 في ايران
34- القبسات للسيد محمّد باقر الحسينى الشهير بالداماد المطبوع سنة 1315 في ايران
35- رسالة مذهب ارسطاطا ليس للسيد محمّد باقر الحسينى الشهير بالداماد المطبوعة بهامش القبسات