کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
شهادة المعصومين الذين أنزل اللّه تعالى فيهم ما أنزل، و قال فيهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما قال، و منعها الميراث خلافا لحكم الكتاب، و افترائه على الرسول صلّى اللّه عليه و آله بما شهد الكتاب و السنّة بكذبه، فتبوّأ مقعده من النار، و ظلمه عليها صلوات اللّه عليها في منع سهم ذي القربى خلافا للّه تعالى، و مناقضته لما رواه حيث مكّن الأزواج من التصرّف في الحجر و غيرها 28016 ممّا يستنبط من فحاوي ما ذكر من الأخبار 28017 ، و لا يخفى طريق استنباطها على أولي الأبصار.
12- باب 28018 العلّة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين عليه السلام فدك لما ولي الناس
1- ع 28019 : الدَّقَّاقُ، عَنِ الْأَسَدِيِّ، عَنِ النَّخَعِيِّ، عَنِ النَّوْفَلِيِ 28020 ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ:
لِمَ لَمْ يَأْخُذْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَكَ لَمَّا وَلِيَ النَّاسَ؟ وَ لِأَيِّ عَلَّةٍ تَرَكَهَا؟ فَقَالَ لَهُ:
لِأَنَّ الظَّالِمَ وَ الْمَظْلُومَةَ قَدْ كَانَا قَدِمَا 28021 عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَثَابَ اللَّهُ الْمَظْلُومَةَ 28022 وَ عَاقَبَ الظَّالِمَ 28023 ، فَكَرِهَ أَنْ يَسْتَرْجِعَ شَيْئاً قَدْ عَاقَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ غَاصِبَهُ وَ أَثَابَ عَلَيْهِ
الْمَغْصُوبَةَ 28024 .
2- ع 28025 : ابْنُ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ 28026 الْكَرْخِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَهُ: لِأَيِّ عِلَّةٍ تَرَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَكاً 28027 لَمَّا وَلِيَ النَّاسَ؟ فَقَالَ: لِلِاقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ وَ قَدْ بَاعَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ دَارَهُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَ لَا تَرْجِعُ إِلَى دَارِكَ؟ فَقَالَ (ص): وَ هَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ لَنَا دَاراً، إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَسْتَرْجِعُ شَيْئاً يُؤْخَذُ مِنَّا ظُلْماً، فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَرْجِعْ فَدَكاً لَمَّا وَلِيَ.
3- ن، ع 28028 : الْقَطَّانُ، عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَلِيِ 28029 بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ 28030 ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَ لَمْ يَسْتَرْجِعْ فَدَكَ لَمَّا وَلِيَ 28031 النَّاسَ؟ فَقَالَ: لِأَنَّا أَهْلُ بَيْتٍ وَلِيُّنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَأْخُذُ لَنَا حُقُوقَنَا مِمَّنْ يَظْلِمُنَا إِلَّا هُوَ 28032 ، وَ نَحْنُ أَوْلِيَاءُ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا نَحْكُمُ لَهُمْ وَ نَأْخُذُ 28033 حُقُوقَهُمْ مِمَّنْ يَظْلِمُهُمْ 28034 ، وَ لَا نَأْخُذُ لِأَنْفُسِنَا.
تبيين:
اعلم أنّ بعض المخالفين 28035 تمسّكوا في تصحيح ما زعموه في أمر الميراث و قصّة فدك بإمضاء أمير المؤمنين عليه السلام ما فعلته الخلفاء لمّا صار الأمر إليه، و قد استدلّ قاضي القضاة 28036 بذلك على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن شاهدا في قضيّة فدك، إذ لو كان هو الشاهد فيها لكان الأقرب أن يحكم بعلمه، و كذلك في ترك الحجر لنساء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثم قال: و ليس لهم 28037 بعد ذلك إلّا التعلّق بالتقيّة التي هي مفزعهم عند لزوم الكلام، و لو علموا ما عليهم في ذلك لاشتدّ هربهم منه، لأنّه إن جاز للأئمّة التقيّة- و حالهم في العصمة ما يقولون- ليجوزنّ ذلك 28038 من رسول اللّه، و تجويز ذلك فيه يوجب أن لا يوثق بنصّه على أمير المؤمنين عليه السلام لتجويز التقيّة، و متى قالوا يعلم بالمعجز 28039 إمامته فقد أبطلوا كون النصّ طريقا للإمامة، و الكلام مع ذلك لازم لهم، بأن يقال: جوّزوا مع ظهور المعجز أن يدّعي الإمامة تقيّة، و أن يفعل سائر ما يفعله تقيّة 28040 ؟ و كيف يوثق مع ذلك بما ينقل عن الرسول و عن الأئمّة؟! و هلّا جاز أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام نبيّا بعد الرسول و ترك ادّعاء ذلك تقيّة و خوفا؟! فإنّ الشبهة 28041 في ذلك أوكد من النصّ، لأنّ التعصّب للنبيّ 28042 في النبوة أعظم من التعصّب لأبي بكر و غيره في الإمامة! فإن عوّلوا في ذلك على علم الاضطرار فعندهم أنّ الضرورة في
النصّ على الإمامة قائمة، و إن 28043 فزعوا في ذلك إلى الإجماع، فمن قولهم أنّه لا يوثق به 28044 و يلزمهم في الإجماع أن يجوز أن يقع على طريق التقيّة لأنّه لا يكون أوكد من قول الرسول و قول الإمام عندهم، و بعد، فقد ذكر الخلاف في ذلك كما ذكر الخلاف في أنّه إله، فلا يصحّ على شروطهم أن يتعلّقوا بذلك 28045 .
و أجاب عنه السيّد الأجل رضي اللّه عنه في الشافي 28046 بما هذا لفظه: أمّا قوله: إن جازت التقيّة للأئمّة- و حالهم في العصمة ما يدّعون 28047 - جازت على الرسول صلّى اللّه عليه و آله، فالفرق بين الأمرين واضح، لأنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله مبتدئ بالشرع، و مفتتح لتعريف الأحكام التي لا تعرف إلّا من جهته و بيانه، فلو جازت عليه التقيّة لأخلّ ذلك بإزاحة علّة المكلّفين، و لفقدوا الطريق إلى معرفة مصالحهم الشرعيّة، و قد بيّنا 28048 أنّها لا تعرف إلّا من جهته، و الإمام بخلاف هذا الحكم، لأنّه مفيد 28049 للشرائع التي قد علمت من غير جهته، و ليس يقف العلم بها و الحقّ فيها على قوله دون غيره، فمن اتّقى في بعض الأحكام بسبب يوجب ذلك لم يخل تقيّته بمعرفة الحقّ و إمكان الوصول إليه، و الإمام و الرسول- و إن 28050 استويا في العصمة- فليس يجب أن يستويا في جواز التقيّة للفرق الذي ذكرناه، لا أنّ الإمام لم يجز 28051 التقيّة عليه لأجل العصمة، و ليس للعصمة تأثير في جواز التقيّة و لا نفي جوازها.
فإن قيل: أ ليس من قولكم إنّ الإمام حجّة في الشرائع و قد يجوز عندكم أن ينتهي الأمر إلى أن يكون الحقّ لا يعرف إلّا من جهته و بقوله، بأن يعرض الناقلون عن النقل فلا يرد إلّا من جهة من يقوم الحجّة بقوله 28052 و هذا يوجب مساواة الإمام للرسول فيما فرّقتم بينهما فيه؟.
قلنا: إذا كانت الحال في الإمام ما صوّرتموه و تعيّنت الحجّة في قوله، فإنّ التقيّة لا تجوز عليه كما لا تجوز على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
فإن قيل: فلو قدّرنا أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قد بيّن جميع الشرائع و الأحكام التي يلزمه بيانها حتّى لم يبق شبهة في ذلك و لا ريب، لكان يجوز عليه و الحال هذه- التقيّة في بعض الأحكام.
قلنا: ليس يمنع 28053 عند قوّة أسباب الخوف الموجبة للتقيّة أن يتّقي إذا لم يكن 28054 التقيّة مخلّة بالوصول إلى الحقّ و لا منفرة عنه.
ثم يقال له 28055 : أ ليست التقيّة عندك جائزة على جميع المؤمنين عند حصول أسبابها و على الإمام و الأمير؟!.
فإن قال: هي جائزة على المؤمنين و ليست جائزة على الإمام و الأمير.
قلنا: و أيّ فرق بين ذلك؟ و الإمام و الأمير عندك ليسا بحجّة في شيء كما أنّ النبيّ (ص) حجّة فيمنع 28056 من ذلك لمكان الحجّة بقولهما، فإن اعترف بجوازها عليهما قيل له فإلا جاز على النبيّ (ص) قياسا على الأمير و الإمام.
فإن قال: لأنّ قول النبيّ (ص) حجّة، و ليس الإمام و الأمير كذلك.
قيل له: و أيّ تأثير في الحجّة 28057 في ذلك إذا لم تكن التقيّة مانعة من إصابة الحقّ، و لا بمخلّة بالطريق إليه. و خبرنا عن الجماعة التي نقلها في باب الأخبار حجّة لو ظفر بهم جبّار ظالم متفرّقين أو مجتمعين فسألهم عن مذاهبهم- و هم يعلمون أو يغلب في ظنونهم أنّهم متى ذكروها على وجهها قتلهم و أباح حريمهم أ ليست التقيّة جائزة على هؤلاء مع الحجّة 28058 في أقوالهم؟ فإن منع من جواز التقيّة على ما ذكرناه دفع ما هو معلوم.
و قيل له: و أيّ فرق بين هذه الجماعة و بين من نقص عن عدّتها في جواز التقيّة؟ فلا يجد فرقا.
فإن قال: إنّما جوّزنا التقيّة على من ذكرتم لظهور الإكراه و الأسباب الملجئة إلى التقيّة و منعناكم من مثل ذلك، لأنّكم تدعون تقيّة لم تظهر أسبابها و لا الأمور الحاملة عليها من إكراه و غيره.