کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الْقُرْآنِ قَالَ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ مِنْكُمْ إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ فَقُلْتُ لَهُ لَيْسَ فِيهَا مِنْكُمْ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَهَا ابْنُ أَرْوَى وَ ذَلِكَ أَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مِنْكُمْ لَسَقَطَ عِقَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ خَلْقِهِ إِذْ لَمْ يُسْأَلْ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ فَلِمَنْ يُعَاقَبُ إِذاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ 4674 .
46- ع، علل الشرائع ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ رَفَعَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَاحِبِ الدَّيْنِ يَشْكُو الْوَحْشَةَ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَ قَالَ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِ الدَّيْنِ.
بيان الوحشة الهمّ و الخلوة و الخوف و وحش الرجل جاع و نفد زاده أي يشكو همّه بذهاب ماله أو جوعه و اضطراره بعدم ردّ ماله إليه و يمكن أن يكون بالخاء المعجمة قال الفيروزآبادي الوحش رذال الناس و سقاطهم و الظاهر أنه وقع فيه تصحيف و لعله كان مكانه غريمه أو نحوه.
47- فر، تفسير فرات بن إبراهيم عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ رَفَعَهُ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: إِلَيْنَا إِيَابُ هَذَا الْخَلْقِ وَ عَلَيْنَا حِسَابُهُمْ.
48- فر، تفسير فرات بن إبراهيم جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ رَفَعَهُ عَنْ قَبِيصَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ قَالَ فِينَا 4675 قُلْتُ إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنِ التَّفْسِيرِ قَالَ نَعَمْ يَا قَبِيصَةُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ حِسَابَ شِيعَتِنَا إِلَيْنَا فَمَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ اللَّهِ اسْتَوْهَبَهُ مُحَمَّدٌ ص مِنَ اللَّهِ وَ مَا كَانَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ النَّاسِ مِنَ الْمَظَالِمِ أَدَّاهُ مُحَمَّدٌ ص عَنْهُمْ وَ مَا كَانَ فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ وَهَبْنَاهُ لَهُمْ حَتَّى يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ.
49- م، تفسير الإمام عليه السلام قَالَ ع عِنْدَ ذِكْرِ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ ص وَ كَلَامِ الذِّئْبِ مَعَ الرَّاعِي
قَالَ الذِّئْبُ وَ لَكِنَّ الشَّقِيَّ كُلَّ الشَّقِيِّ مَنْ يُشَاهِدُ آيَاتِ مُحَمَّدٍ ص فِي أَخِيهِ عَلِيٍّ ع وَ مَا يُؤَدِّيهِ عَنِ اللَّهِ مِنْ فَضَائِلِهِ ثُمَّ هُوَ مَعَ ذَلِكَ يُخَالِفُهُ وَ يَظْلِمُهُ وَ سَوْفَ يَقْتُلُونَهُ بَاطِلًا وَ يَقْتُلُونَ ذُرِّيَّتَهُ وَ يَسْبُونَ حَرِيمَهُمْ لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَنَا مَعَاشِرَ الذِّئَابِ أَنَا وَ نُظَرَائِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ نُمَزِّقُهُمْ فِي النِّيرَانِ يَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ وَ جُعِلَ فِي تَعْذِيبِهِمْ شَهَوَاتُنَا وَ فِي شَدَائِدِ آلَامِهِمْ لَذَّاتُنَا.
أقول سيأتي تمامه في أبواب معجزات النبي ص.
50- م، تفسير الإمام عليه السلام إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا بَعَثَ الْخَلَائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادِي رَبِّنَا نِدَاءَ تَعْرِيفِ الْخَلَائِقِ فِي إِيمَانِهِمْ وَ كُفْرِهُمْ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ مُنَادٍ آخَرُ يُنَادِي مَعَاشِرَ الْخَلَائِقِ سَاعِدُوهُ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ فَأَمَّا الدَّهْرِيَّةُ وَ الْمُعَطِّلَةُ فَيَخْرَسُونَ عَنْ ذَلِكَ وَ لَا تَنْطِقُ أَلْسِنَتُهُمْ وَ يَقُولُهَا سَائِرُ النَّاسِ ثُمَّ يَقُولُ الْمُنَادِي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَيَقُولُ الْخَلَائِقُ كُلُّهُمْ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ كَانَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْمَجُوسِ وَ النَّصَارَى وَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَإِنَّهُمْ يَخْرَسُونَ فَيَبِينُونَ بِذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْخَلْقِ ثُمَّ يَقُولُ الْمُنَادِي أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَيَقُولُهَا الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعُونَ وَ يَخْرَسُ عَنْهَا الْيَهُودُ وَ النَّصَارَى وَ سَائِرُ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ آخَرُ مِنْ عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ أَلَا فَسُوقُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ لِشَهَادَتِهِمْ لِمُحَمَّدٍ بِالنُّبُوَّةِ فَإِذَا النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا بَلْ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ قَالُوا سُوقُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ لِشَهَادَتِهِمْ لِمُحَمَّدٍ ص بِالنُّبُوَّةِ لِمَا يَقِفُونَ يَا رَبَّنَا فَإِذَا النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عَنْ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي بَابِ أَحْوَالِ الْمُتَّقِينَ وَ الْمُجْرِمِينَ 4676 .
تذنيب اعلم أن الحساب حق نطقت به الآيات المتكاثرة و الأحاديث المتواترة فيجب الاعتقاد به و أما ما يحاسب العبد به و يسأل عنه فقد اختلف فيه الأخبار فمنها ما يدل على عدم السؤال عما تصرف فيه من الحلال و في بعضها لحلالها حساب و لحرامها عقاب و يمكن الجمع بينهما بحمل الأولى على المؤمنين و الأخرى على غيرهم أو الأولى على الأمور الضرورية كالمأكل و الملبس و المسكن و المنكح و الأخرى على
ما زاد على الضرورة كجمع الأموال زائدا على ما يحتاج إليه أو صرفها فيما لا يدعوه إليه ضرورة و لا يستحسن شرعا و يؤيده بعض الأخبار كما عرفت.
و أما حشر الحيوانات فقد ذكره المتكلمون من الخاصة و العامة على اختلاف منهم في كيفيته و قد مر بعض القول فيه في الأبواب السالفة.
و قال الرازي في تفسير قوله تعالى وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ قال قتادة يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص و قالت المعتزلة إن الله تعالى يحشر الحيوانات كلها في ذلك اليوم ليعوّضها على آلامها التي وصلت إليها في الدنيا بالموت و القتل و غير ذلك فإذا عوّضت عن تلك الآلام فإن شاء الله أن يبقي بعضها في الجنة إذا كان مستحسنا فعل و إن شاء أن يفنيه أفناه على ما جاء به الخبر و أما أصحابنا فعندهم أنه لا يجب على الله شيء بحكم الاستحقاق و لكن الله تعالى يحشر الوحوش كلها فيقتص للجماء من القرناء ثم يقال لها موتي فتموت انتهى.
أقول الأخبار الدالة على حشرها عموما و خصوصا و كون بعضها مما يكون في الجنة كثيرة سيأتي بعضها في باب الجنة و قد مر بعضها في باب الركبان يوم القيامة و غيره كقولهم ع في مانع الزكاة تنهشه كل ذات ناب بنابها و يطؤه كل ذات ظلف بظلفها.
وَ رَوَى الصَّدُوقُ فِي الْفَقِيهِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ السَّكُونِيِّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ ص أَبْصَرَ نَاقَةً مَعْقُولَةً وَ عَلَيْهَا جَهَازُهَا فَقَالَ أَيْنَ صَاحِبُهَا مُرُوهُ فَلْيَسْتَعِدَّ غَداً لِلْخُصُومَةِ.
: وَ رُوِيَ فِيهِ أَيْضاً عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: أَيُّ بَعِيرٍ حُجَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَ سِنِينَ يُجْعَلُ مِنْ نَعَمِ الْجَنَّةِ وَ رُوِيَ سَبْعَ سِنِينَ.
وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص اسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ 4677 فَإِنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصِّرَاطِ.
: 16 4678 - وَ رُوِيَ أَنَّ خُيُولَ الْغُزَاةِ فِي الدُّنْيَا خُيُولُهُمْ فِي الْجَنَّةِ.
51 كِتَابُ زَيْدٍ النَّرْسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ
لَيُخَاصِرُ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ الْمُؤْمِنُ يُخَاصِرُ رَبَّهُ يُذَكِّرُهُ ذُنُوبَهُ قُلْتُ وَ مَا يُخَاصِرُ قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ فَقَالَ هَكَذَا يُنَاجِي الرَّجُلُ مِنَّا أَخَاهُ فِي الْأَمْرِ يُسِرُّهُ إِلَيْهِ.
بيان الكلام مسوق على الاستعارة أي يسر إليه و لا يطلع على ذنوبه غيره كأنه يخاصره و الأخبار من هذا الباب كثيرة في سائر الأبواب.
باب 12 السؤال عن الرسل و الأمم
الآيات المائدة يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ الأعراف فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَ ما كُنَّا غائِبِينَ تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ أي ما الذي أجابكم قومكم فيما دعوتموهم إليه و هذا تقرير في صورة الاستفهام على وجه التوبيخ للمنافقين عند إظهار فضيحتهم على رءوس الأشهاد قالُوا لا عِلْمَ لَنا قيل فيه أقوال أحدها أن للقيامة أهوالا حتى تزول القلوب عن مواضعها فإذا رجعت القلوب إلى مواضعها شهدوا لمن صدقهم و على من كذبهم يريد أنهم عزبت عنهم أفهامهم من هول يوم القيامة فقالوا لا علم لنا و ثانيها أن المراد لا علم لنا كعلمك لأنك تعلم غيبهم و باطنهم و لسنا نعلم غيبهم و باطنهم و ذلك هو الذي يقع عليه الجزاء و اختاره الجبائي و أنكر القول الأول و قال كيف يجوز ذهولهم من هول يوم القيامة مع قوله سبحانه لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ و قوله لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ و يمكن أن يجاب عن ذلك بأن الفزع الأكبر دخول النار و قوله لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ هو كالبشارة بالنجاة من أهوال ذلك اليوم مثل ما يقال للمريض لا بأس عليك و لا
خوف عليك و ثالثها أن معناه لا حقيقة لعلمنا إذ كنا نعلم جوابهم و ما كان من أفعالهم وقت حياتنا و لا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا 4679 و إنما الثواب و الجزاء يستحقان بما تقع به الخاتمة مما يموتون عليه و رابعها أن المراد لا علم لنا إلا ما علمتنا فحذف لدلالة الكلام عليه و خامسها أن المراد به تحقيق فضيحتهم أي أنت أعلم بحالهم منا و لا تحتاج في ذلك إلى شهادتنا.
و في قوله تعالى فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ أقسم الله سبحانه أنه يسأل المكلفين الذين أرسل إليهم رسله و أقسم أيضا أنه يسأل المرسلين الذين بعثهم فيسأل هؤلاء عن الإبلاغ و أولئك عن الامتثال و هو تعالى و إن كان عالما بما كان منهم فإنما أخرج الكلام مخرج التهديد و الزجر ليتأهب العباد بحسن الاستعداد لذلك السؤال و قيل إنه يسأل الأمم عن الإجابة و يسأل الرسل ما ذا عملت أممهم في ما جاءوا به و قيل إن الأمم يسألون سؤال توبيخ و الأنبياء يسألون سؤال شهادة على الحق و أما فائدة السؤال فأشياء منها أن تعلم الخلائق أنه سبحانه أرسل الرسل و أزاح العلة و أنه لا يظلم أحدا و منها أن يعلموا أن الكفار استحقوا العذاب بأفعالهم و منها أن يزداد سرور أهل الإيمان بالثناء الجميل عليهم و يزداد غم الكفار بما يظهر من أعمالهم القبيحة و منها أن ذلك لطف للمكلفين إذا أخبروا به.
و مما يسأل على هذا أن يقال كيف يجمع بين قوله تعالى وَ لا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ 4680 فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌ 4681 و قوله فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ 4682 فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ 4683 .
و الجواب عنه من وجوه أحدها أنه سبحانه نفى أن يسألهم سؤال استرشاد و
استعلام و إنما يسألهم سؤال تبكيت و تقريع و لذلك قال عقيبه يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ 4684 و أما سؤال المرسلين فهو توبيخ للكفار و تقريع لهم و ثانيها أنهم إنما يسألون يوم القيامة كما قال وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ 4685 ثم تنقطع مسألتهم عند حصولهم في العقوبة و عند دخولهم النار و ثالثها أن في القيامة مواقف ففي بعضها يسأل و في بعضها لا يسأل فلا تضاد و أما الجمع بين قوله فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ 4686 و قوله فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ 4687 فهو أن الأول معناه أنهم لا يتساءلون سؤال استخبار عن الحال التي جهلها بعضهم لتشاغلهم عن ذلك و الثاني معناه يسأل بعضهم بعضا سؤال تلاوم كما قال في موضع آخر يَتَلاوَمُونَ 4688 و كقوله أَ نَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى 4689 و مثل ذلك كثير في القرآن ثم بين سبحانه ما ذكرناه أنه لا يسألهم سؤال استعلام بقوله فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ أي لنخبرنهم بجميع أفعالهم ليعلموا أن أعمالهم كانت محفوظة و ليعلم كل منهم جزاء عمله و أنه لا ظلم عليه و ليظهر لأهل الموقف أحوالهم بِعِلْمٍ قيل معناه نقص عليهم أعمالهم بأنا عالمون بها و قيل معناه بمعلوم كما قال وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ أي من معلومه و قال ابن عباس معنى قوله فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ ينطق عليهم كتاب أعمالهم كقوله سبحانه هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ 4690 وَ ما كُنَّا غائِبِينَ عن علم ذلك و قيل عن الرسل فيما بلغوا و عن الأمم فيما أجابوا و ذكر ذلك مؤكدا لعلمه بأحوالهم و المعنى أنه لا يخفى عليه شيء.
1- مع، معاني الأخبار أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْجُرْجَانِيِ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَوْصِلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ الطَّرِيفِيِّ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْحَسَنِ 4691 عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا قَالَ يَقُولُونَ لَا عِلْمَ لَنَا سِوَاكَ قَالَ وَ قَالَ الصَّادِقُ ع الْقُرْآنُ كُلُّهُ [ظَاهِرُهُ] تَقْرِيعٌ وَ بَاطِنُهُ تَقْرِيبٌ 4692 .
قال الصدوق يعني بذلك أنه من وراء آيات التوبيخ و الوعيد آيات الرحمة و الغفران.
بيان قوله لا علم لنا سواك أي لا يعلم ذلك غيرك فيكون مؤولا ببعض ما مر من الوجوه و يمكن أن يقدر فيه مضاف أي لا علم لنا سوى علمك فكيف نخبرك و في بعض النسخ بسواك فالباء تعليلية أي أنما علمنا أحوالهم بما أخبرتنا فكيف نخبرك و أما ارتباط قوله القرآن كله تقريع بما سبق فهو أن ظاهر هذا الخطاب تهديد و تقريع للرسل و باطنه لطف و تقريب لهم و تهديد و تقريع للكفار و يحتمل أن يكون كلاما مستأنفا و هذا هو الذي ورد في خبر آخر نزل القرآن بإياك أعني و اسمعي يا جارة و أما ما ذكره الصدوق فلا محصل له إلا أن يؤول إلى ما ذكرناه.
2- فس، تفسير القمي أَبِي عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: مَا ذَا أُجِبْتُمْ فِي أَوْصِيَائِكُمْ فَيَقُولُونَ لَا عِلْمَ لَنَا بِمَا فَعَلُوا بَعْدَنَا بِهِمْ.