کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
بيان: أقول أخذنا أخبار كشف الغمة من نسخة قديمة مصححة كانت عليها إجازات العلماء الكرام و كان مكتوبا عليها في هذا الموضع على الهامش أشياء نذكرها و هي هذه و كتب بقلمه الشريف تحت قوله و الخلافة من بعده جعلت فداك و كتب تحت ذكر اسمه ع وصلتك رحم و جزيت خيرا و كتب عند تسميته بالرضا رضي الله عنك و أرضاك و أحسن في الدارين جزاك و كتب بقلمه الشريف تحت الثناء عليه أثنى الله عليك فأجمل و أجزل لديك الثواب فأكمل.
ثم كان على الهامش بعد ذلك العبد الفقير إلى الله تعالى الفضل بن يحيى عفا الله عنه قابلت المكتوب الذي كتبه الإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه و على آله الطاهرين مقابلة بالذي كتبه الإمام المذكور ع حرفا فحرفا و ألحقت ما فات منه و ذكرت أنه من خطه ع و ذلك في يوم الثلاثاء مستهل المحرم من سنة تسع و تسعين و ستمائة الهلالية بواسط و الحمد لله على ذلك و له المنة انتهى.
قوله ع أن أتخير الكفاة أي أختار لكفاية أمور الخلق و إمارتهم من يصلح لذلك قوله للغير هو بكسر الغين و فتح الياء اسم للتغيير قوله رسم أي كتب و أمر أن يقرأ هذه الصحيفة في حرم الرسول ص.
26- كشف، كشف الغمة رَأَيْتُ خَطَّهُ ع فِي وَاسِطٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَ سَبْعِينَ وَ سِتِّمِائَةٍ جَوَاباً عَمَّا كَتَبَهُ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ وَ هُوَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَصَلَ كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ يَذْكُرُ مَا ثَبَتَ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَ رَسَمَ أَنْ أَكْتُبَ لَهُ مَا صَحَّ عِنْدِي مِنْ حَالِ هَذِهِ الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ وَ الْخَشَبَةِ الَّتِي لِرَحَى الْيَدِ 3337 لِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهَا وَ عَلَى أَبِيهَا وَ زَوْجِهَا وَ بَنِيهَا فَهَذِهِ الشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ شَعْرَةٌ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص لَا شُبْهَةَ وَ لَا شَكَّ وَ هَذِهِ الْخَشَبَةُ الْمَذْكُورَةُ لِفَاطِمَةَ ع لَا رَيْبَ وَ لَا شُبْهَةَ وَ أَنَا قَدْ تَفَحَّصْتُ وَ تَحَدَّيْتُ وَ كَتَبْتُ إِلَيْكَ فَاقْبَلْ قَوْلِي فَقَدْ أَعْظَمَ اللَّهُ لَكَ فِي هَذَا الْفَحْصِ أَجْراً عَظِيماً وَ بِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَ كَتَبَ
عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَ عَلَيَّ سَنَةَ إِحْدَى وَ مِائَتَيْنِ مِنْ هِجْرَةِ صَاحِبِ التَّنْزِيلِ جَدِّي ص 3338 .
27- كا، الكافي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ لِيَ الْمَأْمُونُ يَا أَبَا الْحَسَنِ لَوْ كَتَبْتَ إِلَى بَعْضِ مَنْ يُطِيعُكَ فِي هَذِهِ النَّوَاحِي الَّتِي قَدْ فَسَدَتْ عَلَيْنَا قَالَ قُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ وَفَيْتَ لِي وَفَيْتُ لَكَ إِنَّمَا دَخَلْتُ فِي هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي دَخَلْتُ فِيهِ عَلَى أَنْ لَا آمُرَ وَ لَا أَنْهَى وَ لَا أُوَلِّيَ وَ لَا أَعْزِلَ وَ مَا زَادَنِي هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي دَخَلْتُ فِيهِ فِي النِّعْمَةِ عِنْدِي شَيْئاً وَ لَقَدْ كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ وَ كِتَابِي يَنْفُذُ فِي الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لَقَدْ كُنْتُ أَرْكَبُ حِمَارِي وَ أَمُرُّ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ وَ مَا بِهَا أَعَزُّ مِنِّي وَ مَا كَانَ بِهَا أَحَدٌ يَسْأَلُنِي حَاجَةً يُمْكِنُنِي قَضَاؤُهَا لَهُ إِلَّا قَضَيْتُهَا لَهُ فَقَالَ لِي أَفِي بِذَلِكَ 3339 .
28- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الصُّولِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ هَارُونَ الْقَزْوِينِيِّ قَالَ: لَمَّا جَاءَتْنَا بَيْعَةُ الْمَأْمُونِ لِلرِّضَا ع بِالْعَهْدِ إِلَى الْمَدِينَةِ خَطَبَ بِهَا النَّاسَ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُسَاحِقِيُّ فَقَالَ فِي آخِرِ خُطْبَتِهِ أَ تَدْرُونَ مَنْ وَلِيُّ عَهْدِكُمْ هَذَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع
سَبْعَةٌ آبَاؤُهُمْ مَنْ هُمْ -
أَخْيَرُ مَنْ يَشْرَبُ صَوْبَ الْغَمَامِ
3340 .
تذييل
قال السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب تنزيه الأنبياء.
فإن قيل كيف تولى ع العهد للمأمون و تلك جهة لا يستحق الإمامة منها أ و ليس هذا إيهاما فيما يتعلق بالدين.
قلنا قد مضى من الكلام في سبب دخول أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الشورى ما هو أصل لهذا الباب و جملته أن ذا الحق له أن يتوصل إليه من كل
جهة و سبب لا سيما إذا كان يتعلق بذلك الحق تكليف عليه فإنه يصير واجبا عليه التوصل و التمحل بالتصرف فالإمامة يستحقه الرضا ع بالنص من آبائه عليهم السلام عليه فإذا دفع عن ذلك و جعل إليه من وجه آخر أن يتصرف وجب عليه أن يجيب إلى ذلك الوجه ليصل منه إلى حقه.
و ليس في هذا إيهاما لأن الأدلة الدالة على استحقاقه ع للإمامة بنفسه يمنع من دخول الشبهة بذلك و إن كان فيه بعض الإيهام يحسنه دفع الضرورة إليه كما حملته و آباءه ع على إظهار مبايعة الظالمين و القول بإمامتهم و لعله ع أجاب إلى ولاية العهد للتقية و الخوف لأنه لم يؤثر الامتناع على من ألزمه ذلك و حمله عليه فيفضي الأمر إلى المجاهرة و المباينة و الحال لا يقتضيها و هذا بين.
باب 14 سائر ما جرى بينه ع و بين المأمون و أمرائه
1- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام وَجَدْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ نُسْخَةَ كِتَابِ الْحِبَاءِ وَ الشَّرْطِ مِنَ الرِّضَا عَلِيِّ بْنِ مُوسَى ع إِلَى الْعُمَّالِ فِي شَأْنِ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ وَ أَخِيهِ وَ لَمْ أُرَوَّ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ أَمَّا بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْبَدِيءِ الْبَدِيعِ الْقَادِرِ الْقَاهِرِ الرَّقِيبِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُقِيتِ عَلَى خَلْقِهِ الَّذِي خَضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِمُلْكِهِ وَ ذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لِعِزَّتِهِ وَ اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْءٍ لِقُدْرَتِهِ وَ تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِسُلْطَانِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمُهُ وَ أَحْصَاهُ عَدَدَهُ فَلَا يَئُودُهُ كَبِيرٌ وَ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ صَغِيرٌ الَّذِي لَا تُدْرِكُهُ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ وَ لَا تُحِيطُ بِهِ صِفَةُ الْوَاصِفِينَ لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ وَ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَعَ الْإِسْلَامَ دِيناً فَفَضَّلَهُ وَ عَظَّمَهُ وَ شَرَّفَهُ وَ كَرَّمَهُ وَ جَعَلَهُ الدِّينَ الْقَيِّمَ الَّذِي لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ وَ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ الَّذِي لَا يَضِلُّ مَنْ لَزِمَهُ وَ لَا يَهْتَدِي مَنْ صَدَفَ عَنْهُ وَ جَعَلَ فِيهِ النُّورَ وَ الْبُرْهَانَ وَ الشِّفَاءَ وَ الْبَيَانَ وَ بَعَثَ بِهِ مَنِ اصْطَفَى مِنْ مَلَائِكَتِهِ إِلَى مَنِ اجْتَبَى مِنْ رُسُلِهِ فِي الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ وَ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ حَتَّى انْتَهَتْ رِسَالَتُهُ إِلَى مُحَمَّدٍ ص فَخَتَمَ بِهِ النَّبِيِّينَ وَ قَفَّى بِهِ عَلَى آثَارِ الْمُرْسَلِينَ وَ بَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَ بَشِيراً لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُصَدِّقِينَ وَ نَذِيراً لِلْكَافِرِينَ الْمُكَذِّبِينَ لِتَكُونَ لَهُ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ وَ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَوْرَثَ أَهْلَ بَيْتِهِ مَوَارِيثَ النُّبُوَّةِ وَ اسْتَوْدَعَهُمُ الْعِلْمَ وَ الْحِكْمَةَ
وَ جَعَلَهُمْ مَعْدِنَ الْإِمَامَةِ وَ الْخِلَافَةِ وَ أَوْجَبَ وَلَايَتَهُمْ وَ شَرَّفَ مَنْزِلَتَهُمْ فَأَمَرَ رَسُولَهُ بِمَسْأَلَةِ أُمَّتِهِ مَوَدَّتَهُمْ إِذْ يَقُولُ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى 3341 وَ مَا وَصَفَهُمْ بِهِ مِنْ إِذْهَابِ الرِّجْسِ عَنْهُمْ وَ تَطْهِيرِهِ إِيَّاهُمْ فِي قَوْلِهِ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 3342 ثُمَّ إِنَّ الْمَأْمُونَ بَرَّ رَسُولَ اللَّهِ ص فِي عِتْرَتِهِ وَ وَصَلَ أَرْحَامَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَرَدَّ أُلْفَتَهُمْ وَ جَمَعَ فُرْقَتَهُمْ وَ رَأَبَ صَدْعَهُمْ وَ رَتَقَ فَتْقَهُمْ وَ أَذْهَبَ اللَّهُ بِهِ الضَّغَائِنَ وَ الْإِحَنَ بَيْنَهُمْ وَ أَسْكَنَ التَّنَاصُرَ وَ التَّوَاصُلَ وَ الْمَحَبَّةَ وَ الْمَوَدَّةَ قُلُوبَهُمْ فَأَصْبَحَتْ بِيُمْنِهِ وَ حِفْظِهِ وَ بَرَكَتِهِ وَ بِرِّهِ وَ صِلَتِهِ أَيْدِيهُمْ وَاحِدَةً وَ كَلِمَتُهُمْ جَامِعَةً وَ أَهْوَاؤُهُمْ مُتَّفِقَةً وَ رَعَى الْحُقُوقَ لِأَهْلِهَا وَ وَضَعَ الْمَوَارِيثَ مَوَاضِعَهَا وَ كَافَأَ إِحْسَانَ الْمُحْسِنِينَ وَ حَفِظَ بَلَاءَ الْمُبْلَيْنَ وَ قَرَّبَ وَ بَاعَدَ عَلَى الدِّينِ- ثُمَّ اخْتَصَّ بِالتَّفْضِيلِ وَ التَّقْدِيمِ وَ التَّشْرِيفِ مَنْ قَدَّمَتْهُ مَسَاعِيهِ فَكَانَ ذَلِكَ ذَا الرِّئَاسَتَيْنِ الْفَضْلَ بْنَ سَهْلٍ إِذْ رَآهُ لَهُ مُؤَازِراً وَ بِحَقِّهِ قَائِماً وَ بِحُجَّتِهِ نَاطِقاً وَ لِنُقَبَائِهِ نَقِيباً وَ لِخُيُولِهِ قَائِداً وَ لِحُرُوبِهِ مُدَبِّراً وَ لِرَعِيَّتِهِ سَائِساً وَ إِلَيْهِ دَاعِياً وَ لِمَنْ أَجَابَ إِلَى طَاعَتِهِ مُكَافِئاً وَ لِمَنْ عَنَدَ 3343 عَنْهَا مُبَايِناً وَ بِنُصْرَتِهِ مُنْفَرِداً وَ لِمَرَضِ الْقُلُوبِ وَ النِّيَّاتِ مُدَاوِياً لَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ قِلَّةُ مَالٍ وَ لَا عَوَزُ رِجَالٍ وَ لَمْ يَمِلْ بِهِ طَمَعٌ وَ لَمْ يَلْفِتْهُ عَنْ نِيَّتِهِ وَ بَصِيرَتِهِ وَجَلٌ بَلْ عِنْدَ مَا يُهَوِّلُهُ الْمُهَوِّلُونَ وَ يُرْعِدُ وَ يُبْرِقُ بِهِ الْمُبْرِقُونَ الْمُرْعِدُونَ وَ كَثْرَةُ الْمُخَالِفِينَ وَ الْمُعَانِدِينَ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ وَ الْمُخَاتِلِينَ أَثْبَتُ مَا يَكُونُ عَزِيمَةً وَ أَجْرَأُ جَنَاناً وَ أَنْفَذُ مَكِيدَةً وَ أَحْسَنُ تَدْبِيراً وَ أَقْوَى تَثَبُّتاً فِي حَقِّ الْمَأْمُونِ وَ الدُّعَاءِ إِلَيْهِ حَتَّى قَصَمَ أَنْيَابَ الضَّلَالَةِ وَ فَلَّ حَدَّهُمْ وَ قَلَّمَ أَظْفَارَهُمْ وَ حَصَدَ شَوْكَتَهُمْ وَ صَرَعَهُمْ مَصَارِعَ الْمُلْحِدِينَ فِي دِينِهِ النَّاكِثِينَ لِعَهْدِهِ الْوَانِينَ فِي أَمْرِهِ الْمُسْتَخِفِّينَ بِحَقِّهِ الْآمِنِينَ لِمَا حَذَّرَ مِنْ سَطْوَتِهِ وَ بَأْسِهِ مَعَ آثَارِ ذِي الرِّئَاسَتَيْنِ فِي صُنُوفِ الْأُمَمِ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ مَا زَادَ اللَّهُ بِهِ فِي حُدُودِ دَارِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا قَدْ وَرَدَتْ أَنْبَاؤُهُ عَلَيْكُمْ وَ قُرِئَتْ بِهِ الْكُتُبُ عَلَى مَنَابِرِكُمْ وَ حَمَلَتْ أَهْلُ الْآفَاقِ عَنْكُمْ إِلَى غَيْرِكُمْ فَانْتَهَى شُكْرُ ذِي الرِّئَاسَتَيْنِ بَلَاءَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَهُ وَ قِيَامَهُ بِحَقِّهِ وَ ابْتِذَالَهُ مُهْجَتَهُ وَ مُهْجَةَ أَخِيهِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ الْمَيْمُونِ النَّقِيبَةِ الْمَحْمُودِ السِّيَاسَةِ إِلَى غَايَةٍ تَجَاوَزَ فِيهَا الْمَاضِينَ وَ فَاقَ بِهَا الْفَائِزِينَ وَ انْتَهَتْ مُكَافَاةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِيَّاهُ إِلَى مَا جَعَلَ لَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَ الْقَطَائِعِ وَ الْجَوَاهِرِ وَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَفِي بِيَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِ وَ لَا مَقَامٍ مِنْ مَقَامَاتِهِ فَتَرَكَهُ زُهْداً فِيهِ وَ ارْتِفَاعاً مِنْ هِمَّتِهِ عَنْهُ وَ تَوْفِيراً لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ إِطْرَاحاً لِلدُّنْيَا وَ اسْتِصْغَاراً لَهَا وَ إِيثَاراً لِلْآخِرَةِ وَ مُنَافَسَةً فِيهَا وَ سَأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَمْ يَزَلْ لَهُ سَائِلًا وَ إِلَيْهِ رَاغِباً مِنَ التَّخَلِّي وَ التَّزَهُّدِ فَعَظُمَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَ عِنْدَنَا لِمَعْرِفَتِنَا بِمَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ مِنَ الْعِزِّ لِلدِّينِ وَ السُّلْطَانِ وَ الْقُوَّةِ عَلَى صَلَاحِ الْمُسْلِمِينَ وَ جِهَادِ الْمُشْرِكِينَ وَ مَا أَرَى اللَّهَ بِهِ مِنْ تَصْدِيقِ نِيَّتِهِ وَ يُمْنِ نَقِيبَتِهِ وَ صِحَّةِ تَدْبِيرِهِ وَ قُوَّةِ رَأْيِهِ وَ نُجْحِ طَلِبَتِهِ وَ مُعَاوَنَتِهِ عَلَى الْحَقِّ وَ الْهُدَى وَ الْبِرِّ وَ التَّقْوَى فَلَمَّا وَثِقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَثِقْنَا مِنْهُ بِالنَّظَرِ لِلدِّينِ وَ إِيْثَارِ مَا فِيهِ صَلَاحُهُ وَ أَعْطَيْنَاهُ سُؤْلَهُ الَّذِي يُشْبِهُ قَدْرَهُ وَ كَتَبْنَا لَهُ كِتَابَ حِبَاءٍ وَ شَرْطٍ قَدْ نَسَخَ فِي أَسْفَلِ كِتَابِي هَذَا وَ أَشْهَدْنَا اللَّهَ عَلَيْهِ وَ مَنْ حَضَرَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِنَا وَ الْقُوَّادِ وَ الصَّحَابَةِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْفُقَهَاءِ وَ الْخَاصَّةِ وَ الْعَامَّةِ وَ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْكِتَابَ بِهِ إِلَى الْآفَاقِ لِيَذِيعَ وَ يَشِيعَ فِي أَهْلِهَا وَ يُقْرَأَ عَلَى مَنَابِرِهَا وَ يَثْبُتَ عِنْدَ وُلَاتِهَا وَ قُضَاتِهَا فَسَأَلَنِي أَنْ أَكْتُبَ بِذَلِكَ وَ أَشْرَحَ مَعَانِيَهُ وَ هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ فَفِي الْبَابِ الْأَوَّلِ الْبَيَانُ عَنْ كُلِّ آثَارِهِ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ بِهَا حَقَّهُ عَلَيْنَا وَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ الْبَابُ الثَّانِي الْبَيَانُ عَنْ مَرْتَبَتِهِ فِي إِزَاحَةِ عِلَّتِهِ فِي كُلِّ مَا دَبَّرَ وَ دَخَلَ فِيهِ وَ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ فِيمَا تَرَكَ وَ كَرِهَ وَ ذَلِكَ مَا لَيْسَ لِخَلْقٍ مِمَّنْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِلَّا لَهُ وَحْدَهُ