کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الجزء التاسع و الستون
تتمة كتاب الإيمان و الكفر
تتمة أبواب مكارم الأخلاق
باب 94 فضل الفقر و الفقراء و حبهم و مجالستهم و الرضا بالفقر و ثواب إكرام الفقراء و عقاب من استهان بهم
الآيات الكهف وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً 11616 الفرقان تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً 11617 الزخرف وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ وَ لِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَ سُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وَ زُخْرُفاً وَ إِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ 11618 الفجر فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَ نَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ 11619
تفسير
وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ أَيِ احْبِسْهَا وَ ثَبِّتْهَا قَالَ الطَّبْرِسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ 11620 فِي نُزُولِهَا إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي سَلْمَانَ 11621 وَ أَبِي ذَرٍّ وَ صُهَيْبٍ وَ عَمَّارٍ وَ خَبَّابٍ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ فُقَرَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ص وَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَ ذَوُوهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ جَلَسْتَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ وَ نَحَّيْتَ عَنَّا هَؤُلَاءِ وَ رَوَائِحَ صُنَانِهِمْ 11622 وَ كَانَتْ عَلَيْهِمْ جِبَابُ الصُّوفِ جَلَسْنَا نَحْنُ إِلَيْكَ وَ أَخَذْنَا عَنْكَ فَمَا يَمْنَعُنَا مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْكَ إِلَّا هَؤُلَاءِ فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ قَامَ النَّبِيُّ ص يَلْتَمِسُهُمْ فَأَصَابَهُمْ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَمَرَنِي أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَ رِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي مَعَكُمُ الْمَحْيَا وَ مَعَكُمُ الْمَمَاتُ.
مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ إلخ أي يداومون على الصلوات و الدعاء عند الصباح و المساء لا شغل لهم غيره فيستفتحون يومهم بالدعاء و يختمونه بالدعاء يُرِيدُونَ وَجْهَهُ أي رضوانه و قيل يريدون تعظيمه و القربة إليه دون الرئاء و السمعة وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ أي و لا تتجاوز عيناك عنهم بالنظر إلى غيرهم من أبناء الدنيا تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا تريد في موضع الحال أي مريدا مجالسة أهل الشرف و الغناء و كان النبي ص حريصا على إيمان العظماء من المشركين طمعا في إيمان أتباعهم و لم يمل إلى الدنيا و زينتها قط و لا إلى أهلها و إنما كان يلين في بعض الأحايين للرؤساء طمعا في إيمانهم فعوتب بهذه الآية و أمر بالإقبال على فقراء المؤمنين
و أن لا يرفع بصره عنهم إلى مجالسة الأشراف.
وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا قيل فيه أقوال أحدها أن معناه و لا تطع من جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا بتعريضه للغفلة و لهذا قال وَ اتَّبَعَ هَواهُ و مثله فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ و ثانيها نسبنا قلبه إلى الغفلة كما يقال أكفره إذا نسبه إلى الكفر و ثالثها صادفناه غافلا و رابعها جعلناه غفلا لم نسمه بسمة قلوب المؤمنين و لم نعلم فيه علامة لتعرفه الملائكة بتلك السمة و خامسها تركنا قلبه و خذلناه و خلينا بينه و بين الشيطان بتركه أمرنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ أي في شهواته و أفعاله وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً أي سرفا و إفراطا و تجاوزا عن الحد أو ضياعا و هلاكا.
و أقول فيها مدح عظيم للفقراء و حث على مصاحبتهم و مجالستهم إذا كانوا زاهدين في الدنيا مواظبين على ذكر الله و الصلوات و منع عن مجالسة الأغنياء المتكبرين اللاهين عن الله.
قوله تعالى تَبارَكَ 11623 أي تقدس الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ أي في الدنيا خَيْراً مِنْ ذلِكَ أي مما قالوا وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً في الدنيا أو في الآخرة على القراءتين و معلوم من السياق أن الآخرة خير من الدنيا و اختارها الله لأحب خلقه.
وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ 11624 قد مر تفسيره مرارا.
قوله سبحانه فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ 11625 أي اختبره و امتحنه بالنعمة فَأَكْرَمَهُ بالمال وَ نَعَّمَهُ بما وسع عليه من أنواع الإفضال فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ أي فيفرح بذلك و يسرّ.
1- الْمُؤْمِنُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَاعِداً فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ فَقَالَ صَدَقْتَ إِنَ
طِينَتَنَا مَخْزُونَةٌ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهَا مِنْ صُلْبِ آدَمَ ع فَاتَّخِذْ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ وَ اللَّهِ يَا عَلِيُّ إِنَّ الْفَقْرَ لَأَسْرَعُ إِلَى مُحِبِّيكَ مِنَ السَّيْلِ إِلَى بَطْنِ الْوَادِي 11626 .
2- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرٌ الْأَرْقَطُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَوْ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنِّي رَجُلٌ مُنْقَطِعٌ إِلَيْكُمْ بِمَوَدَّتِي وَ قَدْ أَصَابَتْنِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ وَ قَدْ تَقَرَّبْتُ بِذَلِكَ إِلَى أَهْلِ بَيْتِي وَ قَوْمِي فَلَمْ يَزِدْنِي بِذَلِكَ مِنْهُمْ إِلَّا بُعْداً قَالَ فَمَا آتَاكَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا أَخَذَ مِنْكَ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَنِي عَنْ خَلْقِهِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ رِزْقَ مَنْ شَاءَ عَلَى يَدَيْ مَنْ شَاءَ وَ لَكِنِ اسْأَلِ اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَكَ عَنِ الْحَاجَةِ الَّتِي تَضْطَرُّكَ إِلَى لِئَامِ خَلْقِهِ 11627 .