کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الجزء السابع و الخمسون
تتمة كتاب السماء و العالم
تتمة أبواب العناصر كائنات الجو البحر و المعادن و الجبال و الأنهار و البلدان و الأقاليم
باب 29 الرياح و أسبابها و أنواعها
الآيات البقرة وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ 9228 الأعراف وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ 9229 الحجر وَ أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ 9230 الإسراء فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ 9231 الأنبياء وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها 9232 الفرقان وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ 9233 النمل وَ مَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ 9234 الروم وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَ لِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ لِتَجْرِيَ
الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 9235 و قال تعالى وَ لَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ 9236 الذاريات وَ الذَّارِياتِ ذَرْواً 9237 و قال سبحانه وَ فِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ 9238 القمر إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ 9239 المرسلات وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَ النَّاشِراتِ نَشْراً 9240 تفسير وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً قال الرازي حدّ الريح أنه هواء متحرّك فنقول كون هذا الهواء متحركا ليس لذاته و لا للوازم ذاته و إلا لدامت الحركة بدوام ذاته فلا بد و أن يكون بتحريك الفاعل المختار و هو الله جل جلاله قالت الفلاسفة هاهنا سبب آخر و هو أنه يرتفع من الأرض أجزاء أرضية لطيفة مسخنة 9241 تسخينا قويا شديدا فبسبب تلك السخونة الشديدة ترتفع و تتصاعد فإذا وصلت إلى القرب من الفلك كان الهواء الملتصق بمقعّر 9242 الفلك متحركا على استدارة الفلك بالحركة المستديرة التي حصلت لتلك الطبقة من الهواء فهي تمنع هذه الأدخنة من الصعود بل تردّها عن سمت حركتها فحينئذ ترجع تلك الأدخنة و تتفرق في الجوانب و بسبب ذلك التفرق تحصل الرياح ثم كلما كانت تلك الأدخنة أكثر و كان صعودها أقوى كان رجوعها أيضا أشد حركة فكانت الرياح أشد و أقوى هذا حاصل ما ذكروه و هو باطل و يدل على بطلانه وجوه
الأول أن صعود الأجزاء الأرضية إنما يكون لشدة تسخّنها و لا شكّ أن ذلك التسخّن عرضيّ لأن الأرض باردة يابسة بالطبع فإذا كانت تلك الأجزاء الأرضية متصغرة جدا كانت سريعة الانفعال فإذا تصاعدت و وصلت إلى الطبقة الباردة من الهواء امتنع بقاء الحرارة فيها بل تبرّده جدا و إذا بردت امتنع بلوغها في الصعود إلى الطبقة الهوائية المتحرّكة بحركة الفلك فبطل ما ذكروه.
الثاني هب أن تلك الأجزاء الدخانية صعدت إلى الطبقة الهوائية المتحركة بحركة الفلك لكنها لما رجعت وجب أن تنزل على الاستقامة لأن الأرض جسم ثقيل و الثقيل إنما يتحرك بالاستقامة و الرياح ليست كذلك فإنها تتحرك يمنة و يسرة.
الثالث أن حركة تلك الأجزاء الأرضية النازلة لا تكون حركة قاهرة فإن الرياح إذا أحضرت الغبار الكثير ثم عاد ذلك الغبار و نزل على السطوح لم يحس أحد بنزولها و ترى هذه الرياح تقلع الأشجار و تهدم الجبال و تموّج البحار.
الرابع أنه لو كان الأمر على ما قالوه لكانت الرياح كلما كانت أشد وجب أن يكون حصول الأجزاء الغبارية الأرضية أكثر لكنه ليس الأمر كذلك لأن الرياح قد يعظم عصوفها و هبوبها في وجه البحر مع أن الحس يشهد بأنه ليس في ذلك الهواء المتحرك العاصف شيء من الغبار و الكدرة فبطل ما قالوه.
و قال المنجّمون إن قوى الكواكب هي التي تحرك هذه الرياح و توجب هبوبها و ذلك أيضا بعيد لأن الموجب لهبوب الرياح إن كان طبيعة الكواكب وجب دوام الرياح بدوام تلك الطبيعة و إن كان الموجب هو طبيعة الكواكب بشرط حصوله في البرج المعين و الدرجة المعينة وجب أن يتحرك هواء كل العالم و ليس كذلك و أيضا قد بينا أن الأجسام متماثلة فاختصاص الكوكب المعين و البرج المعين و الطبيعة التي لأجلها اقتضت ذلك الأثر الخاص لا بد و أن يكون بتخصيص الفاعل المختار فثبت أن محرّك الرياح هو الله سبحانه و ثبت بالدليل العقلي أيضا صحة قوله وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ
قوله نشرا أي منتشرة متفرقة فجزء من أجزاء الريح يذهب يمنة و جزء آخر يذهب يسرة و كذا القول في سائر الأجزاء فإن كل واحد منها يذهب إلى جانب آخر فنقول لا شك أن طبيعة الهواء طبيعة واحدة و نسبة الأفلاك و الأنجم و الطبائع إلى كل واحد من الأجزاء من ذلك الريح نسبة واحدة فاختصاص بعض أجزاء الريح بالذهاب يمنة و الجزء الآخر بالذهاب يسرة وجب أن لا يكون ذلك إلا بتخصيص الفاعل المختار 9243 .
بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أي بين يدي المطر الذي هو رحمته فإن قيل فقد نجد المطر و لا تتقدمه الرياح قلنا ليس في الآية أن هذا التقدم حاصل في كل الأحوال فلم يتوجه السؤال و أيضا فيجوز أن تتقدمه هذه الرياح و إن كنا لا نشعر بها و عن ابن عمر الرياح ثمان أربع منها عذاب و هو القاصف و العاصف و الصرصر و العقيم و أربع منها رحمة الناشرات و المبشرات و المرسلات و الذاريات
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَ أُهْلِكَ عَادٌ بِالدَّبُورِ وَ الْجَنُوبُ مِنْ رِيحِ الْجَنَّةِ.
و عن كعب لو حبس الله الريح عن عباده ثلاثة أيام لأنتن أكثر الأرض 9244 .
فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ قال الطبرسي ره أي فإذا ركبتم البحر أرسل عليكم ريحا شديدة كاسرة للسفينة و قيل الحاصب الريح المهلكة في البر و القاصف المهلكة في البحر فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ من نعم الله 9245 .
أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ قال البيضاوي أي الشمال و الصبا و الجنوب فإنها رياح الرحمة و أما الدبور فريح العذاب و منه
قوله ص اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحاً وَ لَا تَجْعَلْهَا رِيحاً.