کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الجزء التسعون
تتمة كتاب القرآن
تتمة أبواب فضائل سور القرآن و آياته و ما يناسب ذلك من المطالب
باب 128 ما ورد عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في أصناف آيات القرآن و أنواعها و تفسير بعض آياتها برواية النعماني و هي رسالة مفردة مدونة كثيرة الفوائد نذكرها من فاتحتها إلى خاتمتها
الحمد لله العدل ذي العظمة و الجبروت و العز و الملكوت الحي الذي لا يموت و مبدئ الخلق و معيده و منشئ كل شيء و مبيده الذي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ واحد لا كالآحاد الخالي من الأنداد لا إله إلا هو راحم العباد و صلى الله على نوره الساطع و ضيائه اللامع محمد نبيه و صفيه و عروته الوثقى و مثله الأعلى المفضل على جميع الورى و على أخيه و وصيه و وارث علمه و آيته العظمى و على آله الأئمة المصطفين و عترته المنتجبين المفضلين على جميع العالمين مصابيح الدجى و أعلام الهدى و سفن النجاة الذين قرنهم الله بنفسه و نبيه حيث يقول جل ثناؤه أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ 13014 فدل سبحانه و أرشد إليهم
فَقَالَ النَّبِيُّ ص إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِي فَإِنَّ رَبِّيَ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ أَنْبَأَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ.
وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع فِي خُطْبَةٍ لَهُ أَلَا إِنَّ الْعِلْمَ الَّذِي هَبَطَ بِهِ آدَمُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَ جَمِيعَ مَا فُضِّلَتْ بِهِ النَّبِيُّونَ فِي عِتْرَةِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ.
و اعلم يا أخي وفقك الله لما يرضيه بفضله و جنبك ما يسخطه برحمته إن القرآن جليل خطره عظيم قدره و لما أخبرنا رسول الله ص أن القرآن مع أهل بيته و هم التراجمة عنه المفسرون له وجب أخذ ذلك عنهم و منهم قال الله تعالى فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ 13015 ففرض جلت عظمته على الناس العلم و العمل بما في القرآن فلا يسعهم مع ذلك جهله و لا يعذرون في تركه و جميع ما أنزله في كتابه عند أهل بيت نبيه الذين ألزم العباد طاعتهم و فرض سؤالهم و الأخذ عنهم حيث يقول فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فالذكر هاهنا رسول الله ص قال الله تعالى قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ 13016 الآية و أهل الذكر هم أهل بيته و لما اختلف الناس في ذلك أنزل الله تعالى ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا 13017 فلم يفرض على عباده طاعة غير من اصطفاه و طهره دون من وقع منه الشك أو الظلم و يتوقع فالويل لمن خالف الله تعالى و رسوله و أسند أمره إلى غير المصطفين قال الله تعالى وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا 13018 فالسبيل هاهنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي و الذكر هاهنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وَ قالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً 13019 فالقرآن هاهنا إشارة إلى أمير المؤمنين صلوات الله ثم وصف
الأئمة ع فقال تعالى التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ 13020 أ لا ترى أنه لا يصلح أن يأمر بالمعروف إلا من قد عرف المعروف كله حتى لا يخطأ فيه و لا يزل لا ينسى و لا يشك و لا ينهى عن المنكر إلا من عرف المنكر كله و أهله و لا يجوز لأحد أن يقتدي و يأتم إلا بمن هذه صفته و هم الراسخون في العلم الذين قرنهم الله بالقرآن و قرن القرآن بهم.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ النُّعْمَانِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْجُعْفِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ ع يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً فَخَتَمَ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَاباً فَخَتَمَ بِهِ الْكُتُبَ فَلَا كِتَابَ بَعْدَهُ أَحَلَّ فِيهِ حَلَالًا وَ حَرَّمَ حَرَاماً فَحَلَالُهُ حَلَالٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ حَرَامُهُ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِيهِ شَرْعُكُمْ وَ خَبَرُ مَنْ قَبْلَكُمْ وَ بَعْدَكُمْ.
و جعله النبي ص علما باقيا في أوصيائه فتركهم الناس و هم الشهداء على أهل كل زمان و عدلوا عنهم ثم قتلوهم و اتبعوا غيرهم و أخلصوا لهم الطاعة حتى عاندوا من أظهر ولاية ولاة الأمر و طلب علومهم قال الله سبحانه فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَ لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ 13021 و ذلك أنهم ضربوا بعض القرآن ببعض و احتجوا بالمنسوخ و هم يظنون أنه الناسخ و احتجوا بالمتشابه و هم يرون أنه المحكم و احتجوا بالخاص و هم يقدرون أنه العام و احتجوا بأول الآية و تركوا السبب في تأويلها و لم ينظروا إلى ما يفتح الكلام و إلى ما يختمه و لم يعرفوا موارده و مصادره إذ لم يأخذوه
عن أهله فضلوا و أضلوا.
و اعلموا رحمكم الله أنه من لم يعرف من كتاب الله عز و جل الناسخ من المنسوخ و الخاص من العام و المحكم من المتشابه و الرخص من العزائم و المكي و المدني و أسباب التنزيل و المبهم من القرآن في ألفاظه المنقطعة و المؤلفة و ما فيه من علم القضاء و القدر و التقديم و التأخير و المبين و العميق و الظاهر و الباطن و الابتداء و الانتهاء و السؤال و الجواب و القطع و الوصل و المستثنى منه و الجاري فيه و الصفة لما قبل مما يدل على ما بعد و المؤكد منه و المفصل و عزائمه و رخصه و مواضع فرائضه و أحكامه و معنى حلاله و حرامه الذي هلك فيه الملحدون و الموصول من الألفاظ و المحمول على ما قبله و على ما بعده فليس بعالم بالقرآن و لا هو من أهله و متى ما ادعى معرفة هذه الأقسام مدع بغير دليل فهو كاذب مرتاب مفتر على الله الكذب و رسوله وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ