کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ- وَ يا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ- بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ 995 ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَنَا وَ اللَّهِ بَقِيَّةُ اللَّهِ أَنَا وَ اللَّهِ بَقِيَّةُ اللَّهِ قَالَ وَ كَانَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ بَلَغَ السِّنَّ وَ أَدَّبَتْهُ التَّجَارِبُ وَ قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ وَ عَرَفَهُ أَهْلُ مَدْيَنَ بِالصَّلَاحِ فَلَمَّا سَمِعَ النِّدَاءَ قَالَ لِأَهْلِهِ أَخْرِجُونِي فَحُمِلَ وَ وُضِعَ وَسَطَ الْمَدِينَةِ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ مَا هَذَا الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ فَوْقِ الْجَبَلِ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ يَطْلُبُ السُّوقَ فَمَنَعَهُ السُّلْطَانَ مِنْ ذَلِكَ وَ حَالَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَنَافِعِهِ فَقَالَ لَهُمُ الشَّيْخُ تُطِيعُونَنِي قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ قَوْمُ صَالِحٍ إِنَّمَا وَلِيَ عَقْرَ النَّاقَةِ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ عُذِّبُوا جَمِيعاً عَلَى الرِّضَا بِفِعْلِهِ وَ هَذَا رَجُلٌ قَدْ قَامَ مَقَامَ شُعَيْبٍ وَ نَادَى مِثْلَ نِدَاءِ شُعَيْبٍ ع فَارْفُضُوا السُّلْطَانَ وَ أَطِيعُونِي وَ أَخْرِجُوا إِلَيْهِ بِالسُّوقِ فَاقْضُوا حَاجَتَهُ وَ إِلَّا لَمْ آمَنْ وَ اللَّهِ عَلَيْكُمُ الْهَلَكَةَ قَالَ فَفَتَحُوا الْبَابَ وَ أَخْرَجُوا السُّوقَ إِلَى أَبِي فَاشْتَرَوْا حَاجَتَهُمْ وَ دَخَلُوا مَدِينَتَهُمْ وَ كَتَبَ عَامِلُ هِشَامٍ إِلَيْهِ بِمَا فَعَلُوهُ وَ بِخَبَرِ الشَّيْخِ فَكَتَبَ هِشَامٌ إِلَى عَامِلِهِ بِمَدْيَنَ بِحَمْلِ الشَّيْخِ إِلَيْهِ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
إيضاح قال الجوهري 996 تربد وجه فلان أي تغير من الغضب و قال 997 يقال امتقع لونه إذا تغير من حزن أو فزع.
أقول قد مر الخبر بوجه آخر في باب معجزاته ع.
4- قب، المناقب لابن شهرآشوب أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ الْأَزْدِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ النَّاصِرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ وَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِمْ كُلُّهُمْ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: لَمَّا أُشْخِصَ أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى دِمَشْقَ سَمِعَ النَّاسَ يَقُولُونَ هَذَا ابْنُ أَبِي تُرَابٍ قَالَ فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى جِدَارِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ
وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ص ثُمَّ قَالَ اجْتَنِبُوا أَهْلَ الشِّقَاقِ وَ ذُرِّيَّةَ النِّفَاقِ وَ حَشْوَ النَّارِ وَ حَصَبَ جَهَنَّمَ عَنِ الْبَدْرِ الزَّاهِرِ وَ الْبَحْرِ الزَّاخِرِ وَ الشِّهَابِ الثَّاقِبِ وَ شِهَابِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُطْمَسَ وُجُوهٌ فَتُرَدَّ عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ يُلْعَنُوا كَمَا لُعِنَ أَصْحَابُ السَّبْتِ- وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا* ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ أَ بِصِنْوِ رَسُولِ اللَّهِ تَسْتَهْزِءُونَ أَمْ بِيَعْسُوبِ الدِّينِ تَلْمِزُونَ وَ أَيَّ سَبِيلٍ بَعْدَهُ تَسْلُكُونَ وَ أَيَّ حُزْنٍ بَعْدَهُ تَدْفَعُونَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ بَرَزَ وَ اللَّهِ بِالسَّبْقِ وَ فَازَ بِالْخَصْلِ وَ اسْتَوَى عَلَى الْغَايَةِ وَ أَحْرَزَ الْخِطَارَ فَانْحَسَرَتْ عَنْهُ الْأَبْصَارُ وَ خَضَعَتْ دُونَهُ الرِّقَابُ وَ فَرَعَ الذِّرْوَةَ الْعُلْيَا فَكَذَّبَ مَنْ رَامَ مِنْ نَفْسِهِ السَّعْيَ وَ أَعْيَاهُ الطَّلَبُ فَ أَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ وَ قَالَ
أَقِلُّوا عَلَيْهِمْ لَا أَبَا لِأَبِيكُمْ -
مِنَ اللَّوْمِ أَوْ سُدُّوا مَكَانَ الَّذِي سَدُّوا
أُولَئِكَ قَوْمٌ إِنْ بَنَوْا أَحْسَنُوا الْبِنَاءَ -
وَ إِنْ عَاهَدُوا أَوْفُوا وَ إِنْ عَقَدُوا شَدُّوا
فَأَنَّى يُسَدُّ ثُلْمَةُ أَخِي رَسُولِ اللَّهِ إِذْ شُفِعُوا وَ شَقِيقِهِ إِذْ نُسِبُوا وَ نَدِيدِهِ إِذْ فَشِلُوا وَ ذِي قَرْنَيْ كَنْزِهَا إِذْ فَتَحُوا وَ مُصَلِّي الْقِبْلَتَيْنِ إِذْ تَحَرَّفُوا وَ الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْإِيمَانِ إِذْ كَفَرُوا وَ الْمُدَّعَى لِنَبْذِ عَهْدِ الْمُشْرِكِينَ إِذْ نَكَلُوا وَ الْخَلِيفَةِ عَلَى الْمِهَادِ لَيْلَةَ الْحِصَارِ إِذْ جَزِعُوا وَ الْمُسْتَوْدَعِ لِأَسْرَارِ سَاعَةِ الْوَدَاعِ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ 998 .
توضيح أهل الشقاق أي يا أهل الشقاق عن البدر الزاهر أي عن سوء القول فيه و ذخر البحر أي مد و كثر ماؤه و ارتفعت أمواجه و الثاقب المضيء و الصنو بالكسر المثل و أصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد و اللمز العيب و الوقوع في الناس برز و الله بالسبق أي ظهر و خرج من بينهم بأن سبقهم في جميع الفضائل.
قوله ع بالخصل أي بالغلبة على من راهنه في إحراز سبق الكمال قال الفيروزآبادي 999 الخصل أصابه القرطاس و تخاصلوا تراهنوا على النضال و أحرز
خصلة و أصاب خصلة غلب و خصلهم خصلا و خصالا بالكسر فضلهم انتهى.
و الغاية العلامة التي تنصب في آخر الميدان فمن انتهى إليه قبل غيره فقد سبقه و الخطار بالكسر جمع خطر بالتحريك و هو السبق الذي يتراهن عليه فانحسرت أي كلت عن إدراكه الأبصار لبعده في السبق عنهم و فرع أي صعد و ارتفع أعلى الدرجة العليا من الكمال.
فكذب بالتشديد أي صار ظهور كماله سببا لظهور كذب من طلب السعي لتحصيل الفضل و أعياه الطلب و مع ذلك ادعى مرتبته و يحتمل التخفيف أيضا و يمكن عطف قوله و أعياه على قوله كذب و على قوله رام و التناوش التناول أي كيف يتيسر تناول درجته و فضله و هم في مكان بعيد منها أقلوا عليهم أي على أهل البيت ع.
قوله ع و سدوا مكان الذي سدوا لعل المراد سدوا الفرج و الثلم التي سدها أهل البيت ع من البدع و الأهواء في الدين أو كونوا مثل الذين سدوا ثلم الباطل كما يقال سد مسده مؤيده قوله فأنى يسد و يحتمل أن يكون من قولهم سد يسد أي صار سديدا قوله ع فأنى يسد أي كيف يمكن سد ثلمة حصلت بفقده ع بغيره و الحال أنه كان أخا رسول الله ص إذ صار كل منهم شفعا بنظيره كسلمان مع أبي ذر و أبي بكر مع عمر و الشقيق الأخ كأنه شق نسبه من نسبه و كل ما انشق نصفين كل منهما شقيق أي عده الرسول ص شقيق نفسه عند ما لحق كل ذي نسب بنسبه و نديده أي مثله في الثبات و القوة إذ قتلوا و صرفوا وجوههم عن الحرب أو فشلوا من الفشل الضعف و الجبن.
قوله و ذي قرني كنزها إشارة إلى قول النبي ص له ع لك كنز في الجنة و أنت ذو قرنيها و يحتمل إرجاع الضمير إلى الجنة و إلى الأمة و قد مر تفسيرها في كتاب تاريخه ع.
و قوله إذ فتحوا أي قال ذلك حين أصابهم فتح أو أنه ع ملكه و فوض إليه عند كل الفتوح اختيار طرفي كنزها و غنائهما لكونها على يده و على
تقدير إرجاع الضمير إلى الجنة يحتمل أن يكون المراد فتح بابها و يحتمل أن يكون إذ قبحوا على المجهول من التقبيح أي مدحه حين ذمهم و الادعاء لنبذ عهد المشركين يمكن حمله على زمان النبي ص و بعده فعلى الأول المراد أنه لما أراد النبي ص طرح عهد المشركين و المحاربة معهم كان هو المدعى و المقدم عليه و قد نكل غيره عن ذلك فيكون إشارة إلى تبليغ سورة براءة و قراءتها في الموسم و نقض عهود المشركين و إيذانهم بالحرب و غير ذلك مما شاكله و على الثاني إشارة إلى العهود التي كان عهدها النبي ص على المشركين فنبذ خلفاء الجور تلك العهود وراءهم فادعى ع إثباتها و إبقاءها و الأول أظهر قوله ع ليلة الحصار أي محاصرة المشركين النبي ص في بيته.
باب 8 أحوال أصحابه و أهل زمانه من الخلفاء و غيرهم و ما جرى بينه ع و بينهم
1- ب، قرب الإسناد ابْنُ طَرِيفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: لَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَعْطَانَا عَطَايَا عَظِيمَةً قَالَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَخُوهُ فَقَالَ لَهُ إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ- لَا تَرْضَى مِنْكَ بِأَنْ تُفَضِّلَ بَنِي فَاطِمَةَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أُفَضِّلُهُمْ لِأَنِّي سَمِعْتُ حَتَّى- لَا أُبَالِيَ ألا [أَنْ] أَسْمَعَ أَوْ لَا أَسْمَعَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يَقُولُ إِنَّمَا فَاطِمَةُ شِجْنَةٌ 1000 مِنِّي يَسُرُّنِي مَا أَسَرَّهَا وَ يَسُوؤُنِي مَا أَسَاءَهَا فَأَنَا أَبْتَغِي سُرُورَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَتَّقِي مَسَاءَتَهُ 1001 .
بيان قوله حتى لا أبالي أي سمعت كثيرا بحيث لا أبالي أن لا أسمع بعد ذلك و الترديد من الراوي في كلمة أن.
2- د، العدد القوية رَوَى أَبُو الْحَسَنِ الْيَشْكُرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ يُونُسَ النَّحْوِيِّ اللُّغَوِيِّ قَالَ حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَرُوضِيِّ قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَ قَدِ اسْحَنْفَرَ فِي سَبِّ عَلِيٍّ وَ اثْعَنْجَرَ فِي ثَلْبِهِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ وَ ذِفْرَاهَا يَسِيلَانِ لِإِغْذَاذِ السَّيْرِ دَماً فَلَمَّا رَآهُ الْوَلِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ فِي مَنْظَرَتِهِ قَالَ ائْذَنُوا لِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ فَإِنِّي أَرَاهُ قَدْ قَصَدَنَا وَ جَاءَ الْأَعْرَابِيُّ فَعَقَلَ نَاقَتَهُ بِطَرَفِ زِمَامِهَا ثُمَّ أُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَأَوْرَدَهُ قَصِيدَةً لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ مِثْلَهَا جَوْدَةً قَطُّ إِلَى أَنِ انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ-
وَ لَمَّا أَنْ رَأَيْتُ الدَّهْرَ أَلَّى -
عَلَيَّ وَ لَحَّ فِي إِضْعَافِ حَالِي
وَفَدْتُ إِلَيْكَ أَبْغِي حُسْنَ عُقْبَى -
أَسُدُّ بِهَا خَصَاصَاتِ الْعِيَالِ
وَ قَائِلَةٌ إِلَى مَنْ قَدْ رَآهُ -
يَؤُمُّ وَ مَنْ يُرْجَى لِلْمَعَالِي
فَقُلْتُ إِلَى الْوَلِيدِ أَزَمُّ قَصْداً -
وَقَاهُ اللَّهُ مِنْ غِيَرِ اللَّيَالِي
هُوَ اللَّيْثُ الْهُصُورُ شَدِيدُ بَأْسٍ -
هُوَ السَّيْفُ الْمُجَرَّدُ لِلْقِتَالِ
خَلِيفَةُ رَبِّنَا الدَّاعِي عَلَيْنَا -
وَ ذُو الْمَجْدِ التَّلِيدِ أَخُو الْكَمَالِ
قَالَ فَقَبِلَ مِدْحَتَهُ وَ أَجْزَلَ عَطِيَّتَهُ وَ قَالَ لَهُ يَا أَخَا الْعَرَبِ قَدْ قَبِلْنَا مِدْحَتَكَ وَ أَجْزَلْنَا صِلَتَكَ فَاهْجُ لَنَا عَلِيّاً أَبَا تُرَابٍ فَوَثَبَ الْأَعْرَابِيُّ يَتَهَافَتُ قِطَعاً 1002 وَ يَزْأَرُ حَنَقاً 1003 وَ يُشَمْذِرُ شَفَقاً وَ قَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ الَّذِي عَنَيْتَهُ بِالْهِجَاءِ لَهُوَ أَحَقُّ مِنْكَ بِالْمَدِيحِ وَ أَنْتَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْهِجَاءِ فَقَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ اسْكُتْ نَزَحَكَ اللَّهُ قَالَ عَلَامَ تَرْجُونِي وَ بِمَ تُبَشِّرُونِي وَ لَمَا أَبْدَيْتُ سَقَطاً وَ لَا قُلْتُ شَطَطاً وَ لَا ذَهَبْتُ غَلَطاً عَلَى أَنَّنِي فَضَّلْتُ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْفَضْلِ مِنْهُ- عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ الَّذِي
تَجَلْبَبَ بِالْوَقَارِ وَ نَبَذَ الشَّنَارَ 1004 وَ عَافَ 1005 الْعَارَ وَ عَمَدَ الْإِنْصَافَ وَ أَبَدَّ الْأَوْصَافَ وَ حَصَّنَ الْأَطْرَافَ وَ تَأَلَّفَ الْأَشْرَافَ وَ أَزَالَ الشُّكُوكَ فِي اللَّهِ بِشَرْحِ مَا اسْتَوْدَعَهُ الرَّسُولُ مِنْ مَكْنُونِ الْعِلْمِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ النَّامُوسُ 1006 وَحْياً مِنْ رَبِّهِ وَ لَمْ يَفْتُرْ 1007 طَرْفاً وَ لَمْ يَصْمُتْ إِلْفاً وَ لَمْ يَنْطِقْ خُلْفاً الَّذِي شَرَفُهُ فَوْقَ شَرَفِهِ وَ سَلَفُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَكْرَمُ مِنْ سَلَفِهِ- لَا تُعْرَفُ الْمَادِّيَاتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا بِهِمْ وَ لَا الْفَضْلُ إِلَّا فِيهِمْ صفة [صَفْوَةُ] مَنِ اصْطَفَاهَا اللَّهُ وَ اخْتَارَهَا فَلَا يَغْتَرَّ الْجَاهِلُ بِأَنَّهُ قَعَدَ عَنِ الْخِلَافَةِ بِمُثَابَرَةِ مَنْ ثَابَرَ عَلَيْهَا وَ جَالَدَ بِهَا وَ السِّلَالِ الْمَارِقَةِ وَ الْأَعْوَانِ الظَّالِمَةِ وَ لَئِنْ قُلْتُمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِنَّمَا اسْتَحَقَّهَا بِالسَّبْقِ تَاللَّهِ مَا لَكُمُ الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ هَلَّا سَبَقَ صَاحِبُكُمْ إِلَى الْمَوَاضِعِ الصَّعْبَةِ وَ الْمَنَازِلِ الشُّعْبَةِ وَ الْمَعَارِكِ الْمُرَّةِ كَمَا سَبَقَ إِلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ بِالْقُبَعَةِ وَ لَا الْهُبَعَةِ وَ لَا مُضْطَغِناً آلَ اللَّهِ وَ لَا مُنَافِقاً رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَدْرَأُ عَنِ الْإِسْلَامِ كُلَّ أُصْبُوحَةٍ وَ يَذُبُّ عَنْهُ كُلَّ أُمْسِيَّةٍ وَ يَلِجُ بِنَفْسِهِ فِي اللَّيْلِ الدَّيْجُورِ الْمُظْلِمِ الْحُلْكُوكِ مُرْصِداً لِلْعَدُوِّ هَوْذَلَ تَارَةً وَ تَضَكْضَكَ أُخْرَى وَ يَا رُبَّ لَزْبَةٍ آتِيَةٌ قَسِيَّةٌ وَ أَوَانِ آنٍ أَرْوَنَانٌ قَذَفَ بِنَفْسِهِ فِي لَهَوَاتٍ وَشِيجَةٍ وَ عَلَيْهِ زَغْفَةُ ابْنِ عَمِّهِ الْفَضْفَاضَةُ وَ بِيَدِهِ خَطِّيَّةٌ عَلَيْهَا سِنَانٌ لَهْذَمٌ فَبَرَزَ عَمْرُو بْنُ وُدٍّ الْقَرِمُ الْأَوَدُ وَ الْخَصْمُ الْأَلَدُّ وَ الْفَارِسُ الْأَشَّدُّ عَلَى فَرَسٍ عُنْجُوجٍ كَأَنَّمَا نَجَرٌ نَجَرَهُ بِالْيَلَنْجُوجِ فَضَرَبَ قَوْنَسَهُ ضَرْبَةً قَنَعَ مِنْهَا عُنُقَهُ أَ وَ نَسِيتُمْ عَمْرَو بْنَ مَعْدِيكَرِبَ الزُّبَيْدِيَّ إِذْ أَقْبَلَ يَسْحَبُ ذَلَاذِلَ دِرْعِهِ مُدِلًّا بِنَفْسِهِ قَدْ زَحْزَحَ النَّاسَ عَنْ أَمَاكِنِهِمْ وَ نَهَضَهُمْ عَنْ مَوَاضِعِهِمْ يُنَادِي أَيْنَ الْمُبَارِزُونَ يَمِيناً وَ شِمَالًا فَانْقَضَّ عَلَيْهِ كَسَوْذَنِيقٍ أَوْ كَصَيْخُودَةِ مَنْجَنِيقٍ فَوَقَصَهُ وَقْصَ الْقَطَامِ بِحَجْرِهِ الْحَمَامَ وَ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
ص كَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ يُقَادُ كَرْهاً وَ عَيْنُهُ تَدْمَعُ وَ أَنْفُهُ تَرْمَعُ وَ قَلْبُهُ يَجْزَعُ هَذَا وَ كَمْ لَهُ مِنْ يَوْمٍ عَصِيبٍ بَرَزَ فِيهِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَ بَرَزَ غَيْرُهُ وَ هُوَ أَكْشَفُ أَمْيَلُ أَجَمُّ أَعْزَلُ أَلَا وَ إِنِّي مُخْبِرُكُمْ بِخَبَرٍ عَلَى أَنَّهُ مِنِّي بِأَوْبَاشٍ كَالْمُرَاطَةِ بَيْنَ لغموط وَ حُجَّابِهِ وَ فقامه وَ مُغَذْمِرٍ وَ مُهَزْمِرٍ حَمَلَتْ بِهِ شَوْهَاءُ شَهْوَاءُ فِي أَقْصَى مَهِيلِهَا فَأَتَتْ بِهِ مَحْضاً بَحْتاً وَ كُلُّهُمْ أَهْوَنُ عَلَى عَلِيٍّ مِنْ سَعْدَانَةَ بَغْلٍ أَ فَمِثْلُ هَذَا يَسْتَحِقُّ الْهِجَاءَ وَ عَزْمُهُ الْحَاذِقُ وَ قَوْلُهُ الصَّادِقُ وَ سَيْفُهُ الْفَالِقُ وَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْهِجَاءَ مَنْ سَامَهُ إِلَيْهِ وَ أَخَذَ الْخِلَافَةَ وَ أَزَالَهَا عَنِ الْوَارِثَةِ وَ صَاحِبُهَا يَنْظُرُ إِلَى فَيْئِهِ وَ كَأَنَّ الشَّبَادِعَ تَلْسِبُهُ حَتَّى إِذَا لَعِبَ بِهَا فَرِيقٌ بَعْدَ فَرِيقٍ وَ خَرِيقٌ بَعْدَ خَرِيقٍ اقْتَصَرُوا عَلَى ضَرَاعَةِ الْوَهْزِ وَ كَثْرَةِ الْأَبْزِ وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى سَمْتِ الطَّرِيقِ وَ الْمَرْتِ الْبَسِيطِ وَ التَّامُورِ الْعَزِيزِ أَلْفَوْهُ قَائِماً وَاضِعاً الْأَشْيَاءَ فِي مَوَاضِعِهَا لَكِنَّهُمُ انْتَهَزُوا الْفُرْصَةَ وَ اقْتَحَمُوا الْغُصَّةَ وَ بَاءُوا بِالْحَسْرَةِ- قَالَ فَارْبَدَّ وَجْهُ الْوَلِيدِ وَ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَ غَصَّ بِرِيقِهِ وَ شَرِقَ بِعَبْرَتِهِ كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي عَيْنِهِ حَبُّ الْمَضِّ الْحَاذِقِ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُ جُلَسَائِهِ بِالانْصِرَافِ وَ هُوَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ مَقْتُولٌ بِهِ- فَخَرَجَ فَوَجَدَ بَعْضَ الْأَعْرَابِ الدَّاخِلِينَ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ خَلْعَتِيَ الصَّفْرَاءَ وَ آخُذَ خِلْعَتَكَ السَّوْدَاءَ وَ أَجْعَلَ لَكَ بَعْضَ الْجَائِزَةِ حَظّاً فَفَعَلَ الرَّجُلُ وَ خَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ فَاسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ وَ غَاصَ فِي صَحْرَائِهِ وَ تَوَغَّلَ فِي بَيْدَائِهِ وَ اعْتُقِلَ الرَّجُلُ الْآخَرُ فَضُرِبَ عُنُقُهُ وَ جِيءَ بِهِ إِلَى الْوَلِيدِ فَقَالَ لَيْسَ هُوَ هَذَا بَلْ صَاحِبُنَا وَ أَنْفَذَ الْخَيْلَ السِّرَاعَ فِي طَلَبِهِ فَلَحِقُوهُ بَعْدَ لَأْيٍ فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِمْ أَدْخَلَ يَدَهُ إِلَى كِنَانَتِهِ يُخْرِجُ سَهْماً سَهْماً يَقْتُلُ بِهِ فَارِساً إِلَى أَنْ قَتَلَ مِنَ الْقَوْمِ أَرْبَعِينَ وَ انْهَزَمَ الْبَاقُونَ فَجَاءُوا إِلَى الْوَلِيدِ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْماً وَ لَيْلَةً أَجْمَعَ قَالُوا مَا تَجِدُ قَالَ أَجِدُ عَلَى قَلْبِي غُمَّةً كَالْجَبَلِ مِنْ فَوْتِ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ فَلِلَّهِ دَرُّهُ.