کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
تذييل
اعلم أن أصحابنا و المخالفين اختلفوا أن الرضا ع هل مات حتف أنفه أو مضى شهيدا بالسم و على الأخير هل سمه المأمون لعنه الله أو غيره 3580 و الأشهر بيننا أنه ع مضى شهيدا بسم المأمون و ينسب إلى السيد علي بن طاوس أنه أنكر ذلك و كذا أنكره الإربلي في كشف الغمة و رد ما ذكره المفيد بوجوه سخيفة حيث قال بعد إيراد كلام المفيد.
بلغني ممن أثق به أن السيد رضي الدين علي بن طاوس رحمه الله كان لا يوافق على أن المأمون سقى عليا ع السم و لا يعتقده و كان ره كثير المطالعة و التنقيب و التفتيش على مثل ذلك و الذي كان يظهر من المأمون من حنوه عليه و ميله إليه و اختياره له دون أهله و أولاده مما يؤيد ذلك و يقرره و قد ذكر المفيد رحمه الله شيئا ما يقبله عقلي و لعلي واهم و هو أن الإمام ع كان يعيب ابني سهل و يقبح ذكرهما إلى غير ذلك و ما كان أشغله بأمور دينه و آخرته و اشتغاله بالله عن مثل ذلك.
و على رأي المفيد رحمه الله أن الدولة المذكورة من أصلها فاسدة و على غير قاعدة مرضية فاهتمامه ع بالوقيعة فيهما حتى أغراهما بتغيير رأي الخليفة عليه فيه ما فيه ثم إن نصيحته للمأمون و إشارته عليه بما ينفعه في دينه لا توجب أن يكون سببا لقتله و موجبا لركوب هذا الأمر العظيم منه و قد كان يكفي في هذا الأمر أن يمنعه عن الدخول عليه أو يكفه عن وعظه ثم إنا لا نعرف أن الإبر إذا غرست في العنب صار العنب مسموما و لا يشهده القياس الطبي و الله تعالى أعلم بحال الجميع و إليه المصير و عند الله يجتمع الخصوم انتهى كلامه 3581 .
و لا يخفى وهنه إذ الوقيعة في ابني سهل لم يكن للدنيا حتى يمنعه عنه الاشتغال بعبادة الله تعالى بل كان ذلك لما وجب عليه من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و رفع الظلم عن المسلمين مهما أمكن و كون خلافة المأمون فاسدة أيضا لا يمنع منه كما لا يمنع بطلان خلافة الغاصبين إرشاد أمير المؤمنين إياهم لمصالح المسلمين في الغزوات و غيرها.
ثم إنه ظاهر أن نصيحة الأشقياء و وعظهم بمحضر الناس لا سيما المدعين للفضل و الخلافة مما يثير حقدهم و حسدهم و غيظهم مع أنه لعنه الله كان أول أمره مبنيا على الحيلة و الخديعة لإطفاء نائرة الفتن الحادثة من خروج الأشراف و السادة من العلويين في الأطراف فلما استقر أمره أظهر كيده فالحق ما اختاره الصدوق و المفيد و غيرهما من أجلة أصحابنا أنه ع مضى شهيدا بسم المأمون اللعين عليه اللعنة و على سائر الغاصبين و الظالمين أبد الآبدين.
باب 22 ما أنشد من المراثي فيه ع
1- قب، المناقب لابن شهرآشوب أَبُو فِرَاسٍ
بَاءُوا بِقَتْلِ الرِّضَا مِنْ بَعْدِ بَيْعَتِهِ
وَ أَبْصَرُوا بُغْضَهُ مِنْ رُشْدِهِمْ وَ عَمُوا
عِصَابَةٌ شَقِيَتْ مِنْ بَعْدِ مَا سَعِدَتْ
وَ مَعْشَرٌ هَلَكُوا مِنْ بَعْدِ مَا سَلِمُوا
لَا بَيْعَةٌ رَدَعَتْهُمْ عَنْ دِمَائِهِمْ
وَ لَا يَمِينٌ وَ لَا قُرْبَى وَ لَا رَحِمٌ
وَ أَكْثَرَ دِعْبِلٌ مَرَاثِيَهُ ع مِنْهَا
يَا حَسْرَةً تَتَرَدَّدُ وَ عَبْرَةً لَيْسَ تَنْفَدُ -
عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ
وَ مِنْهَا
يَا نَكْبَةً جَاءَتْ مِنَ الشَّرْقِ
لَمْ تَتْرُكَنْ مِنِّي وَ لَمْ تُبْقِ
مَوْتُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا
مِنْ سَخَطِ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ
وَ أَصْبَحَ الْإِسْلَامُ مُسْتَعْبِراً
لِثُلْمَةٍ بَائِنَةِ الرَّتْقِ
سَقَى الْغَرِيبَ الْمُبْتَنَى قَبْرُهُ - 3582
بِأَرْضِ طُوسَ سَيْلُ الْوَدْقِ - 3583
أَصْبَحَ عَيْنِي مَانِعاً لِلْكَرَى
وَ أُولِعَ الْأَحْشَاءُ بِالْخَفَقِ
وَ مِنْهَا
أَلَا مَا لَعِينٍ بِالدُّمُوعِ اسْتَهَلَّتْ
وَ لَوْ نَقَرَتْ مَاءَ الشُّئُونِ لَقَلَّتْ
عَلَى مَنْ بَكَتْهُ الْأَرْضُ وَ اسْتَرْجَعَتْ لَهُ
رُءُوسُ الْجِبَالِ الشَّامِخَاتِ وَ ذَلَّتْ
وَ قَدْ أَعْوَلَتْ تَبْكِي السَّمَاءُ لِفَقْدِهِ
وَ أَنْجُمُهَا نَاحَتْ عَلَيْهِ وَ كَلَّتْ
فَنَحْنُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ أَجْدَرُ بِالْبُكَاءِ
لِمَرْزِئَةٍ عَزَّتْ عَلَيْنَا وَ جَلَّتْ
رُزِئْنَا رَضِيَّ اللَّهِ سِبْطَ نَبِيِّنَا
فَأَخْلَفَتِ الدُّنْيَا لَهُ وَ تَوَلَّتْ
وَ مَا خَيْرُ دُنْيَا بَعْدَ آلِ مُحَمَّدٍ ص
أَلَا لَا تُبَالِيهَا إِذَا مَا اضْمَحَلَّتْ
تَجَلَّتْ مُصِيبَاتُ الزَّمَانِ وَ لَا أَرَى
مُصِيبَتَنَا بِالْمُصْطَفَيْنَ تَجَلَّتْ
وَ مِنْهَا
أَلَا أَيُّهَا الْقَبْرُ الْغَرِيبُ مَحَلُّهُ
بِطُوسَ عَلَيْكَ السَّارِيَاتُ هَتُونٌ - 3584
شَكَكْتُ فَمَا أَدْرِي أَ مَسْقِيٌّ شَرْبَةً
فَأَبْكِيكَ أَمْ رَيْبَ الرَّدَى فَيَهُونُ
أَيَا عَجَباً مِنْهُمْ يُسَمُّونَكَ الرِّضَا
وَ يَلْقَاكَ مِنْهُمْ كَلَحَةٌ وَ غُضُونٌ
وَ مِنْهَا
وَ قَدْ كُنَّا نُؤَمِّلُ أَنْ يُحَيَّا
إِمَامُ هُدًى لَهُ رَأْيٌ طَرِيفٌ
يُرَى سَكَنَاتُهُ فَيَقُولُ عَنْهُمْ
وَ تَحْتَ سُكُونِهِ رَأْيٌ ثَقِيفٌ
لَهُ سَمْحَاءُ تَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ
بِنَائِلَةٍ وَ سَارِيَةٍ تَطُوفُ
فَأَهْدَى رِيحَهُ قَدْرَ الْمَنَايَا
وَ قَدْ كَانَتْ لَهُ رِيحٌ عَصُوفٌ
أَقَامَ بِطُوسَ مُلْقَحَةَ الْمَنَايَا
مَزَارٌ دُونَهُ نَأْيٌ قَذُوفٌ 3585 .
بيان: الخفق الاضطراب أي جعل الأحشاء حريصة في الاضطراب و يقال تهللت دموعه أي سالت و استهلت السماء في أول مطرها.
و قال الجوهري التنقير عن الأمر البحث عنه و قال الشأن واحد الشئون و هي مواصل قبائل الرأس و ملتقاها و منها تجيء الدموع أي لو بحثت و أنزلت جميع ماء الشئون لكان قليلا في ذلك قوله فأخلفت أي فسدت و تغيرت و قل خيرها قوله لا تباليها أي لا تبال بها و السارية السحاب يسري ليلا و الأسطوانة و هتنت السماء تهتن هتنا و هتونا انصبت و سحاب هاتن و هتون و الردى الهلاك و ريب الردى كناية عن الموت بغير سبب من الخلق و كلح تكشر في عبوس و دهر كالح شديد و غضنت الرجل غضنا حبسته و غضون الجبهة ما يحدث فيها عند العبس من الطي قوله فيقول عنهم أي تخبر سكناته عن فضائل أهل البيت و رفعة محلهم
قوله سمحاء أي يد سمحاء أو طبيعة قوله فأهدى أي أسكن مهموز و القذوف البعيد.
2- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام تَمِيمٌ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ ابْنُ الْمُشَيِّعِ الْمُرْقِي 3586 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْثِي الرِّضَا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَيْهِ
يَا بُقْعَةُ مَاتَ بِهَا سَيِّدِي -
مَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ مِنْ سَيِّدٍ -
مَاتَ الْهُدَى مِنْ بَعْدِهِ وَ النَّدَى
وَ شَمَّرَ الْمَوْتُ بِهِ يَقْتَدِي -
لَا زَالَ غَيْثُ اللَّهِ يَا قَبْرَهُ -
عَلَيْكَ مِنْهُ رَائِحاً مُغْتَدِي -
كَانَ لَنَا غَيْثاً بِهِ نَرْتَوِي -
وَ كَانَ كَالنَّجْمِ بِهِ نَهْتَدِي -
إِنَّ عَلِيّاً ابْنَ مُوسَى الرِّضَا -
قَدْ حَلَّ وَ السُّؤْدُدَ فِي مَلْحَدٍ -
يَا عَيْنُ فَابْكِي بِدَمٍ بَعْدَهُ -
عَلَى انْقِرَاضِ الْمَجْدِ وَ السُّؤْدُدِ
وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْخَوَافِي يَرْثِي الرِّضَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَ أَكْمَلُ التَّحِيَّاتِ
يَا أَرْضَ طُوسَ سَقَاكِ اللَّهُ رَحْمَتَهُ -
مَا ذَا حَوِيتِ مِنَ الْخَيْرَاتِ يَا طُوسُ -
طَابَتْ بِقَاعُكِ فِي الدُّنْيَا وَ طَيَّبَهَا
شَخْصٌ ثَوَى بِسَنَابَادَ مَرْمُوسٌ -
شَخْصٌ عَزِيزٌ عَلَى الْإِسْلَامِ مَصْرَعُهُ
فِي رَحْمَةِ اللَّهِ مَغْمُورٌ وَ مَغْمُوسٌ -
يَا قَبْرَهُ أَنْتَ قَبْرٌ قَدْ تَضَمَّنَهُ
حِلْمٌ وَ عِلْمٌ وَ تَطْهِيرٌ وَ تَقْدِيسٌ
فَخْراً فَإِنَّكَ مَغْبُوطٌ بِجُثَّتِهِ
وَ بِالْمَلَائِكَةِ الْأَبْرَارِ مَحْرُوسٌ 3587 .