کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
أهل اللغة على أنه إحداث و إيجاد مع تقدير سواء كان عن مادة كما في خلقكم من تراب أو بدونه كما في خلق الله العالم. الخامس قوله تعالى كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ 4307 و الفناء هو العدم و أجيب بالمنع بل هو خروج الشيء من الصفة التي ينتفع به عندها كما يقال فني زاد القوم و فني الطعام و الشراب و لذا يستعمل في الموت مثل أفناهم الحرب و قيل معنى الآية كل من على وجه الأرض من الأحياء فهو ميت قال الإمام و لو سلم كون الفناء و الهلاك بمعنى العدم فلا بد في الآيتين من تأويل إذ لو حملتا على ظاهرهما لزم كون الكل هالكا فانيا في الحال و ليس كذلك و ليس التأويل بكونه آئلا إلى العدم على ما ذكرتم أولى من التأويل بكونه قابلا له و هذه منه إشارة إلى ما اتفق عليه أئمة العربية من كون اسم الفاعل و نحوه مجازا في الاستقبال و أنه لا بد من الاتصاف بالمعنى المشتق منه و إنما الخلاف في أنه هل يشترط بقاء ذلك المعنى و قد توهم صاحب التلخيص أنه كالمضارع يشترك بين الحال و الاستقبال فاعترض بأن حمله على الاستقبال ليس تأويلا و صرفا عن الظاهر. و احتج الآخرون بوجوه الأول أنه لو كان كذلك لما كان الجزاء واصلا إلى مستحقه و اللازم باطل عندنا سمعا للنصوص الواردة في أن الله لا يضيع أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا و عقلا عند المعتزلة لما سبق من وجوب ثواب المطيع و عقاب العاصي و بيان اللزوم أن المنشأ لا يكون هو المبتدأ بل مثله لامتناع إعادة المعدوم بعينه و رد بالمنع و قد مر بيان ضعف أدلته و لو سلم فلا يقوم على من يقول ببقاء الروح أو الأجزاء الأصلية و إعدام البواقي ثم إيجادها و إن لم يكن الثاني هو الأول بعينه بل مغايرا له في وصفه الابتداء و الإعادة أو باعتبار آخر و لا شك أن العمدة في الاستحقاق هو الروح على ما مر و قد يقرر بأنها لو عدمت لما علم إيصال الجزاء إلى مستحقه لأنه لا يعلم أن ذلك المحشور هو الأول أعيد بعينه أم مثل له خلق على صفته أما على تقدير الفناء بالكلية فظاهر و أما على تقدير بقاء الروح و الأجزاء الأصلية فلانعدام التركيب و الهيئات و الصفات التي بها يتمايز المسلمون سيما على قول من يجعل
الروح أيضا من قبيل الأجسام و اللازم منتف لأن الأدلة قائمة على وصول الجزاء إلى المستحق. لا يقال لعل الله يحفظ الروح و الأجزاء الأصلية عن التفرق و الانحلال بل الحكمة تقتضي ذلك ليعلم وصول الحق إلى المستحق لأنا نقول المقصود إبطال رأي من يقول بفناء الأجساد بجميع الأجزاء بل أجسام العالم بأسرها ثم الإيجاد و قد حصل و لو سلم فقد علمت أن العمدة في الحشر هو الأجزاء الأصلية لا الفضلية و قد سلمتم أنها لا تتفرق فضلا عن الانعدام بالكلية بل الجواب أن المعلوم بالأدلة هو أن الله تعالى يوصل الجزاء إلى المستحق و لا دلالة على أنا نعلم ذلك عند الإيصال البتة وَ كَفى بِاللَّهِ عَلِيماً و لو سلم فلعل الله تعالى يخلق علما ضروريا أو طريقا جليا جزئيا أو كليا. الثاني و هو للمعتزلة أن فعل الحكيم لا بد أن يكون لغرض لامتناع العبث عليه و لا يتصور له غرض في الإعدام إذ لا منفعة فيه لأحد لأنها إنما تكون مع الوجود بل الحياة و ليس به أيضا جزاء المستحق كالعذاب و السؤال و الحساب و نحو ذلك و هذا ظاهر و رد بمنع انحصار الغرض في المنفعة و الجزاء فلعل لله في ذلك حكما و مصالح لا يعلمها غيره على أن في الإخبار بالإعدام لطفا للمكلفين و إظهارا لغاية العظمة و الاستغناء و التفرد بالدوام و البقاء ثم الإعدام تحقيق لذلك و تصديق. الثالث النصوص الدالة على كون النشور بالإحياء بعد الموت و الجمع بعد التفريق كقوله تعالى وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى الآية 4308 و كقوله تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها إلى قوله وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً 4309 و كقوله تعالى و كَذلِكَ النُّشُورُ 4310 وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ 4311 و كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ 4312 بعد ما ذكر بدء الخلق من الطين و على وجه نرى و نشاهد مثل أَ وَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ 4313 أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ و كقوله تعالى
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ 4314 إلى غير ذلك من الآيات المشعرة بالتفريق دون الإعدام. و الجواب أنها لا تنفي الانعدام و إن لم تدل عليه و إنما سيقت لكيفية الإحياء بعد الموت و الجمع بعد التفريق لأن السؤال وقع عن ذلك و لأنه أظهر في بادئ النظر و الشواهد عليه أكثر ثم هي معارضة بالآيات المشعرة بالإعدام و الفناء انتهى كلامه. و الحق أنه لا يمكن الجزم في تلك المسألة بأحد الجانبين لتعارض الظواهر فيها و على تقدير ثبوته لا يتوقف انعدامها على شيء سوى تعلق إرادة الرب تعالى بإعدامها و أكثر متكلمي الإمامية على عدم الانعدام بالكلية لا سيما في الأجساد 4315 قال المحقق الطوسي رحمه الله في التجريد و السمع دل عليه و يتأول في المكلف بالتفريق كما في قصة إبراهيم ع انتهى. و أما الصور فيجب الإيمان به على ما ورد في النصوص الصريحة و تأويله بأنه جمع للصورة كما مر من الطبرسي و قد سبقه الشيخ المفيد رحمه الله فهو خروج عن ظواهر الآيات بل صريحها إذ لا يتأتى ذلك في النفخة الأولى و يأبى عنه أيضا توحيد الضمير في قوله تعالى ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى و إطراح للنصوص الصحيحة الصريحة من غير حاجة و قد قال سيد الساجدين صلوات الله عليه في الدعاء الثالث من الصحيفة الكاملة و إسرافيل صاحب الصور الشاخص الذي ينتظر منك الإذن و حلول الأمر فينبه بالنفخة صرعى رهائن القبور.
[كلام المصحّح]
إلى هنا تمّ الجزء السادس من هذه الطبعة المزدانة بتعاليق نفيسة قيّمة و فوائد جمّة ثمينة؛ و يحوي هذا الجزء 501 حديثاً في 17 بابا.
و قد بالغنا في تصحيح الكتاب و قابلناه بنسخة المصنّف قدسّ سرّه الشريف، و النسخة لخزانة كتب فضيلة الفقيد ثقة الإسلام و المحدّثين الحاج السيّد (صدر الدين العامليّ) الخطيب الشهير الأصفهانيّ رضوان اللّه عليه؛ و أتحفنا إيّاه ولده المعظّم العاام العامل الحاج السيّد (مهديّ الصدر العامليّ) نزيل طهران، فمن واجبنا أن نقدّم إليه ثناءنا العاطر و شكرنا الجزيل. و لا ننسى الثناء على الشريف الجليل، المحقّق الفاضل السيّد جلال الدين المحدّث- أدام اللّه تأييده- فإنّه لم يضنّ علينا بنفائس مخطوطات كتاب بحار الأنوار الّتي تعدّ أعلاق أصوله القيّمة؛ وفّقه اللّه تعالى و إيّانا لجميع مرضاته إنّه وليّ التوفيق.
يحيى عابدي
فهرست ما في هذا الجزء
الموضوع/ الصفحه
بقيّة أبواب العدل
باب 19 عفو اللّه تعالى و غفرانه؛ و فيه 17 حديثاً. 1- 10
باب 30 التوبةو أنواعها و شرائطها؛ و فيه 78 حديثاً. 11- 48
باب 21 نفي البعث و مايوجب النقص من الاستهزاء و السخريّة و المكر و الخديعة عنه تعالى، و تأويل الآيات فيها؛ و فيه؛ حديثان. 49- 54
باب 22 عقاب الكفّار و الفجّار في الدنيا؛ و فيه تسعة أحاديث. 54- 57
باب 23 عللل الشرائع و الأحكام؛ الفصل الأوّل العلل الّتي رواها الفضل بن شاذان. 58- 63
الفصل الثانيّ: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93- 107
الفصل الثالث: في نوادر العلل و متفرّقاتها. 107- 115
أبواب الموت
باب 1 حكمة الموت و حقيقته، وما ينبغي أن يعبّر عنه؛ و فيه خمسة أحاديث. 116- 118
باب 2 علامات الكبَر، و أنّ ما بين الستّين إلى السبعين معترك المنايا، و تفسير أَرْذَلِ الْعُمُرِ* ؛ و فيه تسعة أحاديث. 118- 120
باب 3 الطاعون و الفرار منه؛ و فيه عشرة أحاديث. 120- 124
باب 4 حبّ لقاء اللّه و ذمّ الفرار من الموت؛ و فيه 46 حديثاً. 124- 139
باب 5 ملك الموت و أحواله و أعوانه و كيفية نزعه للروح؛ و فيه 18 حديثاً. 139- 145
باب 6 سكرات الموت و شدائده، و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده؛ و فيه 52 حديثاً. 145- 137
باب 7 ما يعاين المؤمن و الكافر عند الموت، و حضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك و عند الدفن، و عرض الأعمال عليهم صلوات اللّه عليهم، و فيه 56 حديثا. 173- 202
باب 8 أحوال البرزخ و القبر و عذابه و سؤاله و سائر ما يتعلق بذلك، و فيه 128 حديثا. 202- 282
باب 9 في جنّة الدنيا و نارها؛ و فيه 18 حديثا. 282- 293
باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر؛ و فيه خمسة أحاديث. 293- 294
أبواب المعاد و ما يتبعه و يلحق به
باب 1 ما أشراط الساعة، و قصّة يأجوج؛ و فيه 32 حديثا. 295- 316