کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الْتَقَمَ صَاحِبُ الْقَرْنِ الْقَرْنَ وَ حَنَى جَبْهَتَهُ وَ أَصْغَى سَمْعَهُ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْمَرَ أَنْ يَنْفُخَ فَيَنْفُخَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ فَكَيْفَ نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا 8906 .
توضيح قال الجوهري فيه كيف أنعم و صاحب القرن قد التقمه أي كيف أتنعم من النعمة بالفتح و هي المسرة و الفرح و الترفه.
40- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الصُّورُ كَهَيْئَةِ الْقَرْنِ يُنْفَخُ فِيهِ 8907 .
41- وَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا طَرَفَ صَاحِبُ الصُّورِ مُذْ وُكِّلَ بِهِ مُسْتَعِدّاً يَنْظُرُ نَحْوَ الْعَرْشِ مَخَافَةَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالصَّيْحَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْهِ طَرْفُهُ كَأَنَّ عَيْنَهُ كَوْكَبَانِ دُرِّيَّانِ 8908 .
42- وَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَيِ الصُّورِ بِأَيْدِيهِمَا قَرْنَانِ يُلَاحِظَانِ النَّظَرَ مَتَى يُؤْمَرَانِ 8909 .
43- وَ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: وَ مَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَ مَلَكَانِ مُوَكَّلَانِ بِالصُّورِ يَنْتَظِرَانِ مَتَى يُؤْمَرَانِ أَنْ يَنْفُخَا 8910 فِي الصُّورِ فَيَنْفُخَا 8911 .
44- وَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إِسْرَافِيلُ لَهُ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ جَنَاحَانِ فِي الْهَوَاءِ وَ جَنَاحٌ قَدْ تَسَرْوَلَ بِهِ وَ جَنَاحٌ عَلَى كَاهِلِهِ وَ الْقَلَمُ عَلَى أُذُنِهِ فَإِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ كَتَبَ الْقَلَمُ وَ دَرَسَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ مَلَكُ الصُّورِ أَسْفَلَ مِنْهُ جَاثٍ عَلَى إِحْدَى رُكْبَتَيْهِ وَ قَدْ نَصَبَ الْأُخْرَى فَالْتَقَمَ الصُّورَ فَحَنَى ظَهْرَهُ وَ طَرْفَهُ إِلَى إِسْرَافِيلَ وَ قَدْ أُمِرَ إِذَا رَأَى إِسْرَافِيلَ قَدْ ضَمَّ جَنَاحَهُ أَنْ يَنْفُخَ فِي الصُّورِ 8912 .
و عن عائشة مثله.
45- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَيْفَ أُنْعَمُ وَ صَاحِبُ الصُّورِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَ حَنَى جَبْهَتَهُ يَسْتَمِعُ مَتَى يُؤْمَرُ قَالُوا كَيْفَ نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ وَ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا 8913 .
46- عَنْ قَتَادَةَ فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ قَالَ فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ 8914 .
47- وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ قَالَ جَبْرَئِيلُ فِي رَفْرَفٍ أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ 8915 .
48- وَ عَنْهُ أَيْضاً قَالَ رَأَى جَبْرَئِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ 8916 .
49- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ إِنَّمَا عَنَى جَبْرَئِيلَ أَنَّ مُحَمَّداً رَآهُ فِي صُورَتِهِ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى 8917 .
50- وَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِجَبْرَئِيلَ مَا أَحْسَنَ مَا أَثْنَى عَلَيْكَ رَبُّكَ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ مَا كَانَتْ قُوَّتُكَ وَ مَا كَانَتْ أَمَانَتُكَ قَالَ أَمَّا قُوَّتِي فَإِنِّي بُعِثْتُ إِلَى مَدَائِنِ قَوْمِ لُوطٍ وَ هِيَ أَرْبَعُ مَدَائِنَ وَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ سِوَى الذَّرَارِيِّ حَمَلْتُهُمْ مِنَ الْأَرْضِ السُّفْلَى حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ أَصْوَاتَ الدَّجَاجِ وَ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَ هَوَيْتُ بِهِنَّ فَقَتَلْتُهُنَ 8918 وَ أَمَّا أَمَانَتِي فَلَمْ أُومَرْ بِشَيْءٍ فَعَدَوْتُهُ إِلَى غَيْرِهِ 8919 .
51- وَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ قَالَ جَبْرَئِيلُ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ قَالَ عَلَى سَبْعِينَ حِجَاباً يَدْخُلُهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ 8920 .
52- وَ عَنِ الْخَزْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ وَ نَظَرَ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأْسِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْفُقْ بِصَاحِبِي فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ طِبْ نَفْساً وَ قَرَّ عَيْناً وَ اعْلَمْ بِأَنِّي بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِيقٌ وَ اعْلَمْ إِنِّي يَا مُحَمَّدُ لَأَقْبِضُ رُوحَ ابْنِ آدَمَ فَإِذَا صَرَخَ صَارِخٌ قُمْتُ فِي الدَّارِ وَ مَعِي رُوحُهُ فَقُلْتُ مَا هَذَا الصَّارِخُ وَ اللَّهِ مَا ظَلَمْنَا وَ لَا سَبَقْنَا أَجَلَهُ وَ لَا اسْتَعْجَلْنَا قَدْرَهُ وَ مَا لَنَا فِي قَبْضِهِ مِنْ ذَنْبٍ فَإِنْ تَرْضَوْا بِمَا صَنَعَ اللَّهُ تُؤْجَرُوا وَ إِنْ تَسْخَطُوا تَأْثَمُوا وَ تُوزَرُوا وَ إِنَّ لَنَا عِنْدَكُمْ عَوْدَةً بَعْدَ عَوْدَةٍ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ وَ مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ شَعَرٍ وَ لَا مَدَرٍ بِرٍّ وَ لَا فَاجِرٍ سَهْلٍ وَ لَا جَبَلٍ إِلَّا وَ أَنَا أَتَصَفَّحُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ حَتَّى لَأَنَا أَعْرَفُ بِصَغِيرِهِمْ وَ كَبِيرِهِمْ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَ اللَّهِ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرْتُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ يَأْذَنُ بِقَبْضِهَا 8921 .
53- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُكِّلَ مَلَكُ الْمَوْتِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ الْآدَمِيِّينَ فَهُوَ الَّذِي يَلِي قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ وَ مَلَكٌ فِي الْجِنِّ وَ مَلَكٌ فِي الشَّيَاطِينِ وَ مَلَكٌ فِي الطَّيْرِ وَ الْوَحْشِ وَ السِّبَاعِ وَ الْحِيتَانِ وَ النَّمْلِ فَهُمْ أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ وَ الْمَلَائِكَةُ يَمُوتُونَ فِي الصَّعْقَةِ الْأَوْلَى وَ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ يَلِي قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ ثُمَّ يَمُوتُ وَ أَمَّا الشُّهَدَاءُ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّ اللَّهَ يَلِي قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ لَا يَكِلُ ذَلِكَ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ لِكَرَامَتِهِمْ عَلَيْهِ 8922 .
54- وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع 8923 قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ ص عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَعُودُهُ فَإِذَا مَلَكُ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْفُقْ بِصَاحِبِي فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ فَقَالَ أَبْشِرْ يَا مُحَمَّدُ فَإِنِّي بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِيقٌ وَ اعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لَأَقْبِضُ رُوحَ ابْنِ آدَمَ فَيَصْرَخُ أَهْلُهُ فَأَقُومُ فِي جَانِبٍ مِنَ الدَّارِ فَأَقُولُ وَ اللَّهِ مَا لِي ذَنْبٌ وَ إِنَّ لِي لَعَوْدَةً وَ عَوْدَةً الْحَذَرَ الْحَذَرَ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مَدَرٍ وَ لَا شَعَرٍ وَ لَا وَبَرٍ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا وَ أَنَا أَتَصَفَّحُهُمْ فِيهِ فِي كُلِ
يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ حَتَّى إِنِّي لَأَعْرَفُ بِصَغِيرِهِمْ وَ كَبِيرِهِمْ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَ بَعُوضَةٍ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الَّذِي يَأْمُرُ بِقَبْضِهِ 8924 .
55- الْكَافِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مِثْلَهُ بِأَدْنَى تَغْيِيرٍ 8925 .
56- وَ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع مِثْلَهُ أَيْضاً لَكِنْ فِيهِمَا خَمْسُ مَرَّاتٍ عِنْدَ مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ 8926 .
بيان لا يخفى عدم دلالة هذه الأخبار على كون قابض أرواح الحيوانات ملك الموت فإن الغرض منها المبالغة في عدم قدرته على فعل صغير أو كبير بدون إذنه سبحانه فلا ينافي خبر ابن عباس لكن ليس في أخبارنا تصريح بأحد الطرفين و التوقف في مثله أحوط و قد مضت الأخبار المناسبة لهذا الباب و الذي قبله في كتاب المعاد و غيره.
باب 25 عصمة الملائكة و قصة هاروت و ماروت و فيه ذكر حقيقة السحر و أنواعه
ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ 8927 النساء لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ 8928 الأعراف إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُ يَسْجُدُونَ 8929 النحل وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ 8930 مريم وَ ما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَ ما خَلْفَنا وَ ما بَيْنَ ذلِكَ وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا 8931 الأنبياء وَ مَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ 8932 و قال تعالى وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَ مَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ 8933 التحريم عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ 8934 .
تفسير وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ
أقول هذه الآية مما يوهم نفي عصمة الملائكة و للعلماء في تأويلها مسالك نشير إلى بعضها و إن أفضى إلى الإطناب
قال السيد المرتضى رحمه الله في كتاب الغرر و الدرر إن سأل سائل عن قوله عز و علا وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ إلى قوله تعالى وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ فقال كيف ينزل الله سبحانه السحر على الملائكة أم كيف تعلم الملائكة الناس السحر و التفريق بين المرء و زوجه و كيف نسب الضرر الواقع عند ذلك إلى أنه بإذنه و هو تعالى قد نهى عنه و حذر من فعله و كيف أثبت العلم لهم و نفاه عنهم بقوله وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ثم بقوله لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الجواب قلنا في الآية وجوه كل منها يزيل الشبهة الداخلة على من لم يمعن النظر فيها أولها أن يكون ما في قوله تعالى وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بمعنى الذي فكأنه تعالى خبر 8935 عن طائفة من أهل الكتاب بأنهم اتبعوا ما تكذب فيه الشياطين على ملك سليمان و تضيفه إليه من السحر فبرأه الله عز و جل من قرفهم و أكذبهم في قولهم فقال تعالى وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَ لكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا باستعمال السحر و التمويه على الناس ثم قال يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ و أراد أنهم يعلمونهم السحر و ما الذي أنزل على الملكين و إنما أنزل على الملكين وصف السحر و ماهيته و كيفية الاحتيال فيه ليعرفا ذلك و يعرفاه الناس فيجتنبوه و يحذروا منه كما أنه تعالى قد أعلمنا ضروب المعاصي و وصف لنا أحوال القبائح لنجتنبها لا لنواقعها إلا أن الشياطين كانوا إذا علموا ذلك و عرفوه استعملوه و أقدموا على فعله و إن كان غيرهم من المؤمنين لما عرفه اجتنبه و حارزه 8936 و انتفع باطلاعه على كيفيته ثم قال وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ يعني الملكين و معنى يعلمان يعلمان و العرب تستعمل لفظة علمه بمعنى أعلمه. قال القطامي
تعلم أن بعد الغي رشدا
و أن لتانك الغمر انقشاعا
و قال كعب بن زهير
تعلم رسول الله أنك مدركي
و أن وعيدا منك كالأخذ باليد
و معنى تعلم في البيتين معنى اعلم و الذي يدل على أنه هاهنا الإعلام لا التعليم قوله وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ أي أنهما لا يعرفان صفات السحر و كيفيته إلا بعد أن يقولا إنما نحن محنة لأن الفتنة بمعنى المحنة من حيث ألقيا إلى المكلفين أمرا لينزجروا عنه و ليتمتعوا من مواقعته و هم إذا عرفوه أمكن أن يستعملوه و يرتكبوه فقالا لمن يطلعانه على ذلك لا تكفر باستعماله و لا تعدل عن الغرض في إلقاء هذا إليك فإنه إنما ألقي إليك و اطلعت عليه لتجتنبه لا لتفعله ثم قال فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ أي فيعرفون من جهتهما ما يستعملونه في هذا الباب و إن كان الملكان ما ألقياه إليهم لذلك و لهذا قال وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ لأنهم لما قصدوا بتعلمه أن يفعلوه و يرتكبوه لا أن يجتنبوه صار ذلك بسوء اختيارهم ضررا عليهم.