کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فِيهِمْ مِنَ النَّاسِ بَلْ شَاهَدُوا قَتْلَهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَ الصِّحَّةِ لَا عَلَى الْخَيَالِ وَ الْحَيْلُولَةِ 20617 وَ لَا عَلَى الشَّكِّ وَ الشُّبْهَةِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ شُبِّهُوا أَوْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَلَيْسَ مِنْ دِينِنَا فِي شَيْءٍ وَ نَحْنُ مِنْهُ بِرَاءٌ وَ قَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ ص وَ الْأَئِمَّةُ ع أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ 20618 فَمَنْ قَالَ إِنَّهُمْ لَمْ يُقْتَلُوا فَقَدْ كَذَّبَهُمْ وَ مَنْ كَذَّبَهُمْ فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَفَرَ بِهِ وَ خَرَجَ بِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ .
وَ كَانَ الرِّضَا ع يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي بَرِيءٌ 20619 مِنَ الْحَوْلِ وَ الْقُوَّةِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ وَ أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنَ الَّذِينَ ادَّعَوْا لَنَا مَا لَيْسَ لَنَا بِحَقٍّ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا فِينَا مَا لَمْ نَقُلْهُ فِي أَنْفُسِنَا اللَّهُمَّ لَكَ الْخَلْقُ وَ مِنْكَ الرِّزْقُ وَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اللَّهُمَّ أَنْتَ خَالِقُنَا وَ خَالِقُ آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ وَ آبَائِنَا الْآخِرِينَ اللَّهُمَّ لَا تَلِيقُ الرُّبُوبِيَّةُ إِلَّا بِكَ وَ لَا تَصْلُحُ الْإِلَهِيَّةُ إِلَّا لَكَ فَالْعَنِ النَّصَارَى الَّذِينَ صَغَّرُوا عَظَمَتَكَ وَ الْعَنِ الْمُضَاهِئِينَ لِقَوْلِهِمْ مِنْ بَرِيَّتِكَ اللَّهُمَّ إِنَّا عَبِيدُكَ وَ أَبْنَاءُ عَبِيدِكَ لَا نَمْلِكُ لِأَنْفُسِنَا نَفْعاً وَ لَا ضَرّاً وَ لَا مَوْتاً وَ حَيَاةً وَ لَا نُشُوراً اللَّهُمَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّا أَرْبَابٌ فَنَحْنُ مِنْهُ بِرَاءٌ وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ إِلَيْنَا الْخَلْقَ وَ عَلَيْنَا الرِّزْقَ 20620 فَنَحْنُ بِرَاءٌ مِنْهُ كَبَرَاءَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع مِنَ النَّصَارَى اللَّهُمَّ إِنَّا لَمْ نَدْعُهُمْ إِلَى مَا يَزْعُمُونَ فَلَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا يَقُولُونَ وَ اغْفِرْ لَنَا مَا يَدَّعُونَ وَ لَا تَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُمْ دَيَّاراً 20621 إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً .
وَ رُوِيَ عَنْ زُرَارَةَ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ ع إِنَّ رَجُلًا مِنْ وُلْدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَإٍ يَقُولُ بِالتَّفْوِيضِ فَقَالَ وَ مَا التَّفْوِيضُ قُلْتُ 20622 إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ مُحَمَّداً
وَ عَلِيّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَفَوَّضَ إِلَيْهِمَا فَخَلَقَا وَ رَزَقَا وَ أَمَاتَا وَ أَحْيَيَا 20623 فَقَالَ ع كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ إِذَا انْصَرَفْتَ إِلَيْهِ فَاتْلُ عَلَيْهِ 20624 هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ الرَّعْدِ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ 20625 فَانْصَرَفْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَأَخْبَرْتُهُ فَكَأَنِّي أَلْقَمْتُهُ حَجَراً 20626 أَوْ قَالَ فَكَأَنَّمَا خَرِسَ وَ قَدْ فَوَّضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيِّهِ ص أَمْرَ دِينِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا 20627 وَ قَدْ فَوَّضَ ذَلِكَ إِلَى الْأَئِمَّةِ ع وَ عَلَامَةُ الْمُفَوِّضَةِ وَ الْغُلَاةِ وَ أَصْنَافِهِمْ نِسْبَتُهُمْ مَشَايِخَ قُمْ وَ عُلَمَاءَهُمْ إِلَى الْقَوْلِ بِالتَّقْصِيرِ وَ عَلَامَةُ الْحَلَّاجِيَّةِ مِنَ الْغُلَاةِ دَعْوَى التَّجَلِّي بِالْعِبَادَةِ مَعَ تَرْكِهِمُ الصَّلَاةَ 20628 وَ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ وَ دَعْوَى الْمَعْرِفَةِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ الْعُظْمَى وَ دَعْوَى انْطِبَاعِ الْحَقِّ لَهُمْ وَ أَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا خَلُصَ وَ عَرَفَ مَذْهَبَهُمْ فَهُوَ عِنْدَهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ع وَ مِنْ عَلَامَتِهِمْ دَعْوَى عِلْمِ الْكِيمِيَاءِ وَ لَمْ يَعْلَمُوا مِنْهُ إِلَّا الدَّغَلَ وَ تَنْفِيقَ الشَّبَهِ وَ الرَّصَاصِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ 20629 .
أقول: قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح هذا الكلام الغلو في اللغة هو تجاوز الحد و الخروج عن القصد قال الله تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ 20630 الآية فنهى عن تجاوز الحد في المسيح و حذّر من الخروج عن القصد في القول و جعل ما ادعته النصارى 20631 غلوا لتعدية
الحد على ما بيناه و الغلاة من المتظاهرين بالإسلام هم الذين نسبوا أمير المؤمنين و الأئمة من ذريته ع إلى الإلهية 20632 و النبوة و وصفوهم من الفضل في الدين و الدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحد و خرجوا عن القصد و هم ضلال كفار حكم فيهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالقتل و التحريق بالنار و قضت الأئمة ع عليهم بالإكفار و الخروج عن الإسلام.
و المفوضة صنف من الغلاة و قولهم الذي فارقوا به من سواهم من الغلاة اعترافهم بحدوث الأئمة و خلقهم و نفي القدم عنهم و إضافة الخلق و الرزق مع ذلك إليهم و دعواهم أن الله تعالى تفرد بخلقهم خاصة و أنه فوض إليهم خلق العالم بما فيه و جميع الأفعال.
و الحلاجية ضرب من أصحاب التصوف و هم أصحاب الإباحة و القول بالحلول و كان الحلاج يتخصص بإظهار التشيع و إن كان ظاهر أمره التصوف و هم قوم ملحدة و زنادقة يموهون بمظاهرة كل فرقة بدينهم و يدعون للحلاج الأباطيل و يجرون في ذلك مجرى المجوس في دعواهم لزردشت المعجزات و مجرى النصارى في دعواهم لرهبانهم الآيات و البينات و المجوس و النصارى أقرب إلى العمل بالعبادات منهم و هم أبعد من الشرائع و العمل بها من النصارى و المجوس.
و أما نصه رحمه الله بالغلو على من نسب مشايخ القميين و علمائهم إلى التقصير فليس نسبة هؤلاء القوم إلى التقصير علامة على غلو الناس إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخية و العلم من كان مقصرا و إنما يجب الحكم بالغلو على من نسب المحقين إلى التقصير سواء كانوا من أهل قم أو غيرها من البلاد و سائر الناس.
و قد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله لم نجد لها دافعا في التقصير و هي ما حكي عنه أنه قال أول درجة في الغلو نفي السهو 20633
عن النبي ص و الإمام ع فإن صحت هذه الحكاية عنه فهو مقصر مع أنه من علماء القميين و مشيختهم.
و قد وجدنا جماعة وردت إلينا من قم يقصرون تقصيرا ظاهرا في الدين ينزلون الأئمة ع عن مراتبهم و يزعمون أنهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم و رأينا من يقول إنهم كانوا يلجئون في حكم الشريعة إلى الرأي و الظنون و يدعون مع ذلك أنهم من العلماء و هذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه.
و يكفي في علامة الغلو نفي القائل به عن الأئمة ع سمات الحدوث و حكمه لهم بالإلهية و القدم إذ قالوا بما يقتضي ذلك من خلق أعيان الأجسام و اختراع الجواهر و ما ليس بمقدور العباد من الأعراض و لا نحتاج مع ذلك إلى الحكم عليهم و تحقيق أمرهم بما جعله أبو جعفر رحمه الله تتمة في 20634 الغلو على كل حال 20635 ..
فذلكة
اعلم أن الغلو في النبي و الأئمة ع إنما يكون بالقول بألوهيتهم أو بكونهم شركاء الله تعالى في المعبودية أو في الخلق و الرزق أو أن الله تعالى حل فيهم أو اتحد بهم أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى أو بالقول في الأئمة ع إنهم كانوا أنبياء أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات و لا تكليف معها بترك المعاصي.
و القول بكل منها إلحاد و كفر و خروج عن الدين كما دلت عليه الأدلة العقلية و الآيات و الأخبار السالفة و غيرها و قد عرفت أن الأئمة ع تبرءوا منهم و حكموا بكفرهم و أمروا بقتلهم و إن قرع سمعك شيء من الأخبار الموهمة لشيء من ذلك فهي إما مؤولة أو هي من مفتريات الغلاة.
و لكن أفرط بعض المتكلمين و المحدثين في الغلو لقصورهم عن معرفة الأئمة ع و عجزهم عن إدراك غرائب أحوالهم و عجائب شئونهم فقدحوا في كثير من الرواة الثقات لنقلهم بعض غرائب المعجزات حتى قال بعضهم من الغلو نفي السهو عنهم أو القول بأنهم يعلمون ما كان و ما يكون و غير ذلك
مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ لَا تَقُولُوا فِينَا رَبّاً وَ قُولُوا مَا شِئْتُمْ وَ لَنْ تَبْلُغُوا.
وَ وَرَدَ أَنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ.
وَ وَرَدَ لَوْ عَلِمَ أَبُو ذَرٍّ مَا فِي قَلْبِ سَلْمَانَ لَقَتَلَهُ.
و غير ذلك مما مر و سيأتي.
فلا بد للمؤمن المتدين أن لا يبادر برد ما ورد عنهم من فضائلهم و معجزاتهم و معالي أمورهم إلا إذا ثبت خلافه بضرورة الدين أو بقواطع البراهين أو بالآيات المحكمة أو بالأخبار المتواترة كما مر في باب التسليم و غيره.
و أما التفويض فيطلق على معان بعضها منفي عنهم ع و بعضها مثبت لهم فالأول التفويض في الخلق و الرزق و التربية و الإماتة و الإحياء فإن قوما قالوا إن الله تعالى خلقهم و فوض إليهم أمر الخلق فهم يخلقون و يرزقون و يميتون و يحيون و هذا الكلام يحتمل وجهين.
أحدهما أن يقال إنهم يفعلون جميع ذلك بقدرتهم و إرادتهم و هم الفاعلون حقيقة و هذا كفر صريح دلت على استحالته الأدلة العقلية و النقلية و لا يستريب عاقل في كفر من قال به.
و ثانيهما أن الله تعالى يفعل ذلك مقارنا لإرادتهم كشق القمر و إحياء الموتى و قلب العصا حية و غير ذلك من المعجزات فإن جميع ذلك إنما تحصل بقدرته تعالى مقارنا لإرادتهم لظهور صدقهم فلا يأبى العقل عن أن يكون الله تعالى خلقهم و أكملهم و ألهمهم ما يصلح في نظام العالم ثم خلق كل شيء مقارنا لإرادتهم و مشيتهم.
و هذا و إن كان العقل لا يعارضه كفاحا لكن الأخبار السالفة تمنع من القول به فيما عدا المعجزات ظاهرا بل صراحا مع أن القول به قول بما لا يعلم إذ لم يرد ذلك في الأخبار المعتبرة فيما نعلم
و ما ورد من الأخبار الدالة على ذلك كخطبة البيان و أمثالها فلم يوجد إلا في كتب الغلاة و أشباههم مع أنه يحتمل أن يكون المراد كونهم علة غائية لإيجاد جميع المكونات و أنه تعالى جعلهم مطاعين في الأرضين و السماوات و يطيعهم بإذن الله تعالى كل شيء حتى الجمادات و أنهم إذا شاءوا أمرا لا يرد الله مشيتهم و لكنهم لا يشاءون إلا أن يشاء الله.
و أما ما ورد من الأخبار في نزول الملائكة و الروح لكل أمر إليهم و أنه لا ينزل ملك من السماء لأمر إلا بدأ بهم فليس ذلك لمدخليتهم في ذلك و لا الاستشارة بهم بل لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تعالى شأنه و ليس ذلك إلا لتشريفهم و إكرامهم و إظهار رفعة مقامهم.
الثاني التفويض في أمر الدين و هذا أيضا يحتمل وجهين.
أحدهما أن يكون الله تعالى فوض إلى النبي و الأئمة ع عموما أن يحلوا ما شاءوا و يحرموا ما شاءوا من غير وحي و إلهام أو يغيروا ما أوحي إليهم بآرائهم و هذا باطل لا يقول به عاقل فإن النبي ص كان ينتظر الوحي أياما كثيرة لجواب سائل و لا يجيبه من عنده و قد قال تعالى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى 20636 و ثانيهما أنه تعالى لما أكمل نبيه ص بحيث لم يكن يختار من الأمور شيئا إلا ما يوافق الحق و الصواب و لا يحل بباله ما يخالف مشيته تعالى في كل باب فوض إليه تعيين بعض الأمور كالزيادة في الصلاة و تعيين النوافل في الصلاة و الصوم و طعمة الجد و غير ذلك مما مضى و سيأتي إظهارا لشرفه و كرامته عنده و لم يكن أصل التعيين إلا بالوحي و لم يكن الاختيار إلا بإلهام ثم كان يؤكد ما اختاره ص بالوحي و لا فساد في ذلك عقلا و قد دلت النصوص المستفيضة عليه مما تقدم في هذا الباب و في أبواب فضائل نبينا ص من المجلد السادس.
و لعل الصدوق رحمه الله أيضا إنما نفى المعنى الأول حيث قال في الفقيه و قد
فوض الله عز و جل إلى نبيه ص أمر دينه و لم يفوض إليه تعدي حدوده و أيضا هو رحمه الله قد روى كثيرا من أخبار التفويض في كتبه و لم يتعرض لتأويلها.
الثالث تفويض أمور الخلق إليهم من سياستهم و تأديبهم و تكميلهم و تعليمهم و أمر الخلق بإطاعتهم فيما أحبوا و كرهوا و فيما علموا جهة المصلحة فيه و ما يعلموا و هذا حق لقوله تعالى ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا 20637 و غير ذلك من الآيات و الأخبار
وَ عَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ ع نَحْنُ الْمُحَلِّلُونَ حَلَالَهُ وَ الْمُحَرِّمُونَ حَرَامَهُ أَيْ بَيَانُهُمَا عَلَيْنَا وَ يَجِبُ عَلَى النَّاسِ الرُّجُوعُ فِيهِمَا إِلَيْنَا وَ بِهَذَا الْوَجْهِ وَرَدَ خَبَرُ أَبِي إِسْحَاقَ وَ الْمِيثَمِيِّ.
الرابع تفويض بيان العلوم و الأحكام بما رأوا 20638 المصلحة فيها بسبب اختلاف عقولهم أو بسبب التقية فيفتون بعض الناس بالواقع من الأحكام و بعضهم بالتقية و يبينون تفسير الآيات و تأويلها و بيان المعارف بحسب ما يحتمل عقل كل سائل و لهم أن يبينوا و لهم أن يسكتوا
كَمَا وَرَدَ فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ عَلَيْكُمُ الْمَسْأَلَةُ وَ لَيْسَ عَلَيْنَا الْجَوَابُ.
كل ذلك بحسب ما يريهم الله من مصالح الوقت كما ورد في خبر ابن أشيم و غيره و هو أحد معاني خبر محمد بن سنان في تأويل قوله تعالى لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ 20639 و لعل تخصيصه بالنبي ص و الأئمة ع لعدم تيسر هذه التوسعة لسائر الأنبياء و الأوصياء ع بل كانوا مكلفين بعدم التقية في بعض الموارد و إن أصابهم الضرر و التفويض بهذا المعنى أيضا ثابت حق بالأخبار المستفيضة.