کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
رُءُوسَهُمْ يُنَادُونَ بِأَعْلَى أَصْوَاتِهِمْ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ ثُمَّ تَفَرَّقُوا فِرْقَةٌ بِالنُّخَيْلَةِ وَ أُخْرَى بِحَرُورَاءَ وَ أُخْرَى رَاكِبَةٌ رَأْسَهَا تَخْبِطُ الْأَرْضَ شَرْقاً حَتَّى عَبَرَتْ دِجْلَةَ فَلَمْ تَمُرَّ بِمُسْلِمٍ إِلَّا امْتَحَنَتْهُ فَمَنْ تَابَعَهَا اسْتَحْيَتْهُ وَ مَنْ خَالَفَهَا قَتَلَتْهُ فَخَرَجْتُ إِلَى الْأُولَيَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى أَدْعُوهُمْ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ فَأَبَيَا إِلَّا السَّيْفَ لَا يَقْنَعُهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَمَّا أَعْيَتِ الْحِيلَةُ فِيهِمَا حَاكَمْتُهُمَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَتَلَ اللَّهُ هَذِهِ وَ هَذِهِ وَ كَانُوا يَا أَخَا الْيَهُودِ لَوْ لَا مَا فَعَلُوا لَكَانُوا رُكْناً قَوِيّاً وَ سَدّاً مَنِيعاً فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا مَا صَارُوا إِلَيْهِ ثُمَّ كَتَبْتُ إِلَى الْفِرْقَةِ الثَّالِثَةِ وَ وَجَّهْتُ رُسُلِي تَتْرَى 13477 وَ كَانُوا مِنْ جُلَّةِ أَصْحَابِي وَ أَهْلِ التَّعَبُّدِ مِنْهُمْ وَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا فَأَبَتْ إِلَّا اتِّبَاعَ أُخْتَيْهَا وَ الِاحْتِذَاءَ عَلَى مِثَالِهِمَا وَ شَرَعَتْ 13478 فِي قَتْلِ مَنْ خَالَفَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ تَتَابَعَتْ إِلَيَّ الْأَخْبَارُ بِفِعْلِهِمْ فَخَرَجْتُ حَتَّى قَطَعْتُ إِلَيْهِمْ دِجْلَةَ أُوَجِّهُ السُّفَرَاءَ وَ النُّصَحَاءَ وَ أَطْلُبُ الْعُتْبَى بِجُهْدِي 13479 بِهَذَا مَرَّةً وَ بِهَذَا مَرَّةً وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَشْتَرِ وَ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيِّ وَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا تِلْكَ رَكِبْتُهَا مِنْهُمْ فَقَتَلَهُمُ اللَّهُ يَا أَخَا الْيَهُودِ عَنْ آخِرِهِمْ وَ هُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ أَوْ يَزِيدُونَ حَتَّى لَمْ يُفْلِتْ 13480 مِنْهُمْ مُخْبِرٌ فَاسْتَخْرَجْتُ ذَا الثُّدَيَّةِ مِنْ قَتْلَاهُمْ بِحَضْرَةِ مَنْ تَرَى لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ الْتَفَتَ ع إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ ع قَدْ وَفَيْتُ سَبْعاً وَ سَبْعاً يَا أَخَا الْيَهُودِ وَ بَقِينَ الْأُخْرَى وَ أُوشِكُ بِهَا فَكَانَ قَدْ 13481 فَبَكَى أَصْحَابُ عَلِيٍّ ع وَ بَكَى رَأْسُ الْيَهُودِ وَ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا بِالْأُخْرَى فَقَالَ الْأُخْرَى أَنْ تُخْضَبَ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِهِ مِنْ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى هَامَتِهِ قَالَ وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالضَّجَّةِ وَ الْبُكَاءِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِالْكُوفَةِ دَارٌ إِلَّا خَرَجَ أَهْلُهَا فَزِعاً وَ أَسْلَمَ رَأْسُ الْيَهُودِ عَلَى يَدَيْ عَلِيٍّ ع مِنْ سَاعَتِهِ وَ لَمْ يَزَلْ مُقِيماً حَتَّى
قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ أُخِذَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَأَقْبَلَ رَأْسُ الْيَهُودِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْحَسَنِ ع وَ النَّاسُ حَوْلَهُ وَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اقْتُلْهُ قَتَلَهُ اللَّهُ فَإِنِّي رَأَيْتُ فِي الْكُتُبِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى ع أَنَّ هَذَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُرْماً مِنِ ابْنِ آدَمَ قَاتِلِ أَخِيهِ وَ مِنَ الْقُدَارِ 13482 عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ 13483 .
ختص، الإختصاص جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْجَعْفَرِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ الْكُوفِيِ مِثْلَهُ 13484 بيان ندبه الأمر فانتدب له أي دعاه له فأجاب و قال الجزري الجحاجحة جمع جحجاح السيد الكريم و الهاء فيه لتأكيد الجمع 13485 و قال فيه جاءت هوازن على بكرة أبيها هذه كلمة للعرب يريدون بها الكثرة و توفر العدد و أنهم جاءوا جميعا لم يتخلف منهم أحد و ليس هناك بكرة في الحقيقة و هي التي يستقى عليها الماء فاستعيرت في هذا الموضع و قد تكررت في الحديث 13486 و قال الفيروزآبادي حاش الصيد جاءه من حواليه ليصرفه إلى الحبالة كأحاشه و أحوشه و الإبل جمعها و ساقها و التحويش التجميع و حاوشته عليه حرضته 13487 و قال الجزري يقال رعد و برق و أرعد و أبرق إذا توعد و تهدد 13488 و قال الهدير ترديد صوت البعير في حنجرته 13489 و قال الفيروز آبادي اغتلم البعير هاج من شهوة الضراب 13490 و قال خطر الرجل بسيفه و رمحه يخطر بالكسر رفعه مرة و وضعه أخرى 13491 و قال الجزري يقال نكيت في العدو أنكي نكاية فأنا ناك إذا أكثرت فيهم الجراح و القتل فوهنوا لذلك انتهى 13492 و الإرب بالكسر
العضو و استنام إليه سكن و الحظوة بالضم و الكسر المكانة و المنزلة و العنوة القهر و الفادح الثقيل.
قوله ع بادر دمعة أي الدمعة التي تبدر بغير اختيار و الزفرة بالفتح و قد يضم النفس الطويل و لذع الحب قلبه آلمه و النار الشيء لفحته و أوعز إليه في كذا أي تقدم.
قوله ع و يلزم غيره أي كان يقول لم يكن هذا مني بل كان من عمر و العفو السهل المتيسر و لعل الكر و الفر كناية عن الأخذ و الجر و يحتمل أن يكون تصحيف الكزم و القزم بالمعجمتين و الكزم بالتحريك شدة الأكل و القزم اللوم و الشح و الصعداء بضم الصاد و فتح العين تنفس ممدود و يقال دلوت الدلو أي نزعتها و أدليتها أي أرسلتها في البئر و دلوت الرجل و داليته رفقت به و داريته.
قوله ع لم أشك أني قد استرجعت أقول أمثال هذا الكلام إنما صدر عنه ع بناء على ظاهر الأمر مع قطع النظر عما كان يعلمه بإخبار الله و رسوله من استيلاء هؤلاء الأشقياء و حاصل الكلام أن حق المقام كان يقتضي أن لا يشك في ذلك كما قيل في قوله تعالى لا رَيْبَ فِيهِ 13493 قوله ع و مشى إلى أصحابه ظاهره يدل أن عثمان في أول الأمر لما علم ندامة القوم استقالهم من بيعته و لم ينقل ذلك و يحتمل أن يكون المراد ما كان منه بعد حصره و إرادة قتله و أمض أوجع و الصدى مخففة الياء العطشان قوله ع بما تطاعموا به أي بما أوصل كل منهم إلى صاحبه في دولة الباطل طعمه و لذته من اعتقال الأموال أي اكتسابها و ضبطها من قولهم عقل البعير و اعتقله إذا شد يديه و في بعض النسخ بالدال و يئول إليه في المعنى يقال اعتقد ضيعة و مالا أي اقتناها.
قوله ع و شديد عادة منتزعة كذا فيما عندنا من النسخ و لعل قوله عادة مبتدأ و شديد خبره أي انتزاع العادة و سلبها شديد و خبط البعير الأرض بيده خبطا ضربها و منه قيل خبط عشواء و هي الناقة التي في بصرها ضعف إذا مشت لا تتوقى
شيئا و خبطه ضربه شديدا و القوم بسيفه جلدهم و الشجرة شدها ثم نفض ورقها و الدبرة بالتحريك الهزيمة و قال الجزري فيه اغزوا تغنموا بنات الأصفر يعني الروم لأن أباهم الأول كان أصفر اللون و هو روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم 13494 .
قوله ع و جعل يحثني أي أبو سفيان في أول خلافة أبي بكر و أعور ثقيف هو المغيرة بن شعبة الثقفي و شرح تلك الفقرات مع ما مضى و غيرها مثبت في كتاب أحوال النبي ص و كتاب الفتن و المناجزة المبارزة و المقاتلة و فللت الجيش هزمته و الفواق الوقت ما بين الحلبتين لأنها تحلب ثم تترك سويعة 13495 يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب و العتبى الرجوع عن الإساءة إلى المسرة قوله ع فكان قد أي فكان قد وقعت.
باب 63 النوادر
1 عم، إعلام الورى : قَدْ ثَبَتَ بِالدِّلَالَةِ الْقَاطِعَةِ وُجُوبُ الْإِمَامَةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ لِكَوْنِهَا لُطْفاً فِي فَعْلِ الْوَاجِبَاتِ وَ الِامْتِنَاعِ عَنِ الْمُقَبَّحَاتِ فَإِنَّا نَعْلَمُ ضَرُورَةً أَنَّ عِنْدَ وُجُودِ الرَّئِيسِ الْمَهِيبِ يَكْثُرُ الصَّلَاحُ مِنَ النَّاسِ وَ يَقِلُّ الْفَسَادُ وَ عِنْدَ عَدَمِهِ يَكْثُرُ الْفَسَادُ وَ يَقِلُّ الصَّلَاحُ مِنْهُمْ بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ عِنْدَ ضَعْفِ أَمْرِهِ مَعَ وُجُودِ عَيْنِهِ 13496 وَ ثَبَتَ أَيْضاً وُجُوبُ كَوْنِهِ مَعْصُوماً مَقْطُوعاً عَلَى عِصْمَتِهِ لِأَنَّ جِهَةَ الْحَاجَةِ إِلَى هَذَا الرَّئِيسِ هِيَ ارْتِفَاعُ الْعِصْمَةِ عَنِ النَّاسِ وَ جَوَازُ فِعْلِ الْقَبِيحِ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَ هُوَ غَيْرَ مَعْصُومٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجاً إِلَى رَئِيسٍ آخَرَ 13497 لِأَنَّ عِلَّةَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ قَائِمَةٌ فِيهِ وَ الْكَلَامُ فِي رَئِيسِهِ كَالْكَلَامِ فِيهِ فَيُؤَدِّي إِلَى وُجُوبِ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَوِ الِانْتِهَاءِ إِلَى إِمَامٍ مَعْصُومٍ وَ هُوَ الْمَطْلُوبُ فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ عِصْمَةِ الْإِمَامِ وَ الْعِصْمَةُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا إِلَّا بِإِعْلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ الْعَالِمِ بِالسَّرَائِرِ وَ الضَّمَائِرِ وَ لَا طَرِيقَ إِلَى ذَلِكَ سِوَاهُ فَيَجِبُ
النَّصُّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ مُؤَيَّدٍ بِالْمُعْجِزَاتِ أَوْ إِظْهَارُ مُعْجِزٍ دَالٍّ عَلَى إِمَامَتِهِ وَ إِذَا ثَبَتَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ الْقَرِيبَةُ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى تَدْقِيقِ كَثِيرٍ سَبَرْنَا 13498 أَحْوَالَ الْأُمَّةِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ص فَوَجَدْنَاهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ بَعْدَهُ عَلَى أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فَقَالَتِ الشِّيعَةُ الْإِمَامُ بَعْدَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِالنَّصِّ عَلَى إِمَامَتِهِ وَ قَالَتِ الْعَبَّاسِيَّةُ الْإِمَامُ بَعْدَهُ الْعَبَّاسُ بِالنَّصِّ أَوِ الْمِيرَاثِ وَ قَالَ الْبَاقُونَ مِنَ الْأُمَّةِ الْإِمَامُ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ كُلُّ مَنْ قَالَ بِإِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ وَ الْعَبَّاسِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا مَقْطُوعاً عَلَى عِصْمَتِهِمَا فَخَرَجَا بِذَلِكَ مِنَ الْإِمَامَةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ بَعْدَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع بِالنَّصِّ الْحَاصِلِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ وَ الْإِشَارَةِ إِلَيْهِ وَ إِلَّا كَانَ الْحَقُّ خَارِجاً عَنْ أَقْوَالِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ وَ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بِالاتِّفَاقِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مُخَالِفِينَا وَ هَذَا هُوَ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ عَلَى كَوْنِهِ مَنْصُوصاً عَلَيْهِ وَ أَمَّا الْأَدِلَّةُ السَّمْعِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَوْفَاهَا أَصْحَابُنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدِيماً وَ حَدِيثاً فِي كُتُبِهِمْ لَا سِيَّمَا مَا ذَكَرَهُ سَيِّدُنَا الْأَجَلُّ الْمُرْتَضَى عَلَمُ الْهُدَى ذُو الْمَجْدَيْنِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ الْعَزِيزَ فِي كِتَابِ الشَّافِي فِي الْإِمَامَةِ فَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ وَ غَارَ فِي ذَلِكَ وَ أَنْجَدَ 13499 وَ صَوَّبَ وَ صَعِدَ 13500 وَ بَلَغَ غَايَةَ الِاسْتِيفَاءِ وَ الِاسْتِقْصَاءِ وَ أَجَابَ عَنْ شُبَهِ الْمُخَالِفِينَ الَّتِي عَوَّلُوا عَلَى اعْتِمَادِهَا وَ اجْتَهَدُوا فِي إِيرَادِهَا أَحْسَنَ اللَّهُ عَنِ الدِّينِ وَ كَافَّةِ الْمُؤْمِنِينَ جَزَاءَهُ وَ نَحْنُ نَذْكُرُ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ وَ الْإِجْمَالِ دُونَ الْبَسْطِ وَ الْإِكْمَالِ فَنَقُولُ إِنَّ الَّذِي يَدُلُ 13501 عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ص نَصَّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع بِالْإِمَامَةِ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ وَ دَلَّ عَلَى فَرْضِ طَاعَتِهِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ إِلَى الْفِعْلِ وَ إِنْ كَانَ يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضاً الْقَوْلُ وَ الْآخَرُ يَرْجِعُ إِلَى الْقَوْلِ فَأَمَّا النَّصُّ الدَّالُّ عَلَى إِمَامَتِهِ بِالْفِعْلِ وَ الْقَوْلِ فَهُوَ أَفْعَالُ نَبِيِّنَا ص 13502 الْمُبَيِّنَةُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ التَّعْظِيمَ وَ الْإِجْلَالَ وَ التَّقْدِيمَ الَّتِي لَمْ تَحْصُلْ وَ لَا بَعْضُهَا لِأَحَدٍ سِوَاهُ وَ
ذَلِكَ مِثْلُ إِنْكَاحِهِ ابْنَتَهُ الزَّهْرَاءَ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَ مُوَاخَاتِهِ إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ وَ أَنَّهُ لَمْ يَنْدَبْهُ لِأَمْرٍ مُهِمٍّ وَ لَا بَعَثَهُ فِي جَيْشٍ قَطُّ إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ إِلَّا كَانَ هُوَ الْوَالِيَ عَلَيْهِ الْمُقَدَّمَ فِيهِ وَ لَمْ يُوَلِّ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِهِ وَ أَقْرَبِيهِ وَ أَنَّهُ لَمْ يَنْقِمْ 13503 عَلَيْهِ شَيْئاً مِنْ أَمْرِهِ مَعَ طُولِ صُحْبَتِهِ إِيَّاهُ وَ لَا أَنْكَرَ مِنْهُ فِعْلًا وَ لَا اسْتَبْطَأَهُ وَ لَا اسْتَزَادَهُ فِي صَغِيرٍ مِنَ الْأُمُورِ وَ لَا كَبِيرٍ هَذَا مَعَ كَثْرَةِ مَا عَاتَبَ سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِهِ إِمَّا تَصْرِيحاً وَ إِمَّا تَلْوِيحاً وَ أَمَّا مَا يَجْرِي فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ مِنَ الْأَقْوَالِ الصَّادِرَةِ عَنْهُ ص الدَّالَّةِ عَلَى تَمَيُّزِهِ مِمَّنْ سِوَاهُ الْمُنَبِّئَةِ عَنْ كَمَالِ عِصْمَتِهِ وَ عُلُوِّ رُتْبَتِهِ فَكَثِيرَةٌ
مِنْهَا قَوْلُهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَ قَدِ انْهَزَمَ النَّاسَ وَ بَقِيَ عَلِيٌّ ع يُقَاتِلُ الْقَوْمَ حَتَّى فَضَّ جَمْعَهُمْ 13504 وَ انْهَزَمُوا فَقَالَ جَبْرَئِيلُ إِنَّ هَذِهِ لَهِيَ الْمُوَاسَاةُ فَقَالَ ص لِجَبْرَئِيلَ عَلِيٌّ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ وَ أَنَا مِنْكُمَا.
فَأَجْرَاهُ مَجْرَى نَفْسِهِ كَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَفْسَ النَّبِيِّ فِي آيَةِ الْمُبَاهَلَةِ بِقَوْلِهِ وَ أَنْفُسَنا 13505
وَ مِنْهَا قَوْلُهُ ص لِبُرَيْدَةَ يَا بُرَيْدَةُ لَا تُبْغِضْ عَلِيّاً فَإِنَّهُ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ إِنَّ النَّاسَ خُلِقُوا مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّى وَ خُلِقْتُ أَنَا وَ عَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَ مِنْهَا قَوْلُهُ ص عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ يَدُورُ حَيْثُمَا دَارَ.
وَ مِنْهَا مَا اشْتَهَرَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ مِنْ حَدِيثِ الطَّائِرِ
وَ قَوْلُهُ ص اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ فَجَاءَ عَلِيٌّ ع.
وَ مِنْهَا قَوْلُهُ ص لِابْنَتِهِ الزَّهْرَاءِ لَمَّا عَيَّرَتْهَا نِسَاءُ قُرَيْشٍ بِفَقْرِ عَلِيٍّ أَ مَا تَرْضَيْنَ يَا فَاطِمَةُ أَنِّي زَوَّجْتُكِ أَقْدَمَهُمْ سِلْماً وَ أَكْثَرَهُمْ عِلْماً إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ 13506 اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ أَبَاكِ فَجَعَلَهُ نَبِيّاً وَ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ ثَانِيَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ بَعْلَكِ فَجَعَلَهُ وَصِيّاً وَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أُنْكِحَكِهِ أَ مَا عَلِمْتِ يَا فَاطِمَةُ أَنَّكِ بِكَرَامَةِ اللَّهِ إِيَّاكِ زَوَّجْتُكِ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً وَ أَكْثَرَهُمْ عِلْماً وَ أَقْدَمَهُمْ سِلْماً فَضَحِكَتْ فَاطِمَةُ ع وَ اسْتَبْشَرَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا فَاطِمَةُ إِنَّ لِعَلِيٍّ ثَمَانِيَةَ أَضْرَاسٍ قَوَاطِعَ لَمْ تُجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَوَّلِينَ
وَ الْآخِرِينَ هُوَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ لَيْسَ ذَلِكِ لِغَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ وَ أَنْتِ يَا فَاطِمَةُ سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ زَوْجَتُهُ وَ سِبْطَا الرَّحْمَةِ سِبْطَايَ وُلْدُهُ وَ أَخُوهُ الْمُزَيَّنُ بِالْجَنَاحَيْنِ فِي الْجَنَّةِ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ وَ عِنْدَهُ عِلْمُ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي وَ آخِرُ النَّاسِ عَهْداً بِي وَ هُوَ وَصِيِّي وَ وَارِثُ الْوَصِيِّينَ.
وَ مِنْهَا قَوْلُهُ ص فِيهِ أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِ الْبَابَ 13507 .
وَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص اسْتَدْعَى عَلِيّاً ع فَخَلَا بِهِ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَيْنَا سَأَلْنَاهُ مَا الَّذِي عَهِدَ إِلَيْكَ قَالَ عَلَّمَنِي أَلْفَ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ فُتِحَ لِي بِكُلِّ بَابٍ أَلْفُ بَابٍ.
وَ مِنْهَا أَنَّهُ ص جَعَلَ مَحَبَّتَهُ عَلَماً عَلَى الْإِيمَانِ وَ بُغْضَهُ عَلَماً عَلَى النِّفَاقِ
بِقَوْلِهِ فِيهِ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ.
وَ مِنْهَا أَنَّهُ ص جَعَلَ وَلَايَتَهُ عَلَماً عَلَى طِيبِ الْمَوْلِدِ وَ عَدَاوَتَهُ عَلَماً عَلَى خُبْثِ الْمَوْلِدِ
بِقَوْلِهِ بُورُوا 13508 أَوْلَادَكُمْ بِحُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَمَنْ أَحَبَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ لِرِشْدَةٍ وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ لِغَيَّةٍ- رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْهُ .
وَ رَوَى عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ لِعَلِيٍّ أَ لَا أَسُرُّكَ أَ لَا أَمْنَحُكَ أَ لَا أُبَشِّرُكَ فَقَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ خُلِقْتُ أَنَا وَ أَنْتَ مِنْ طِينَةٍ وَاحِدَةٍ فَفَضَلَتْ مِنْهَا فَضْلَةٌ فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْهَا شِيعَتَنَا فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دُعِيَ النَّاسُ بِأَسْمَاءِ أُمَّهَاتِهِمْ سِوَى شِيعَتِنَا فَإِنَّهُمْ يُدْعَوْنَ بِأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ لِطِيبِ مَوْلِدِهِمْ.
وَ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ كَانَ يَدُورُ فِي سِكَكِ الْأَنْصَارِ وَ يَقُولُ عَلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ فَمَنْ أَبَى فَقَدْ كَفَرَ مَعَاشِرَ الْأَنْصَارِ بُورُوا أَوْلَادَكُمْ بِحُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَمَنْ أَبَى فَانْظُرُوا فِي شَأْنِ أُمِّهِ.
وَ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دُعِيَ النَّاسُ كُلُّهُمْ بِأَسْمَاءِ أُمَّهَاتِهِمْ مَا خَلَا شِيعَتَنَا فَإِنَّهُمْ يُدْعَوْنَ بِأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ لِطِيبِ مَوَالِيدِهِمْ.
وَ مِنْهَا أَنَّهُ جَعَلَهُ وَ شِيعَتَهُ الْفَائِزِينَ بِقَوْلِهِ