کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
أَخْرَجَتِ الْحُوتُ رَأْسَهَا وَ ابْتَلَعَتْهُ وَ قَالَتْ يَا سُلَيْمَانُ أَيْنَ تَمَامُ قُوتِيَ الْيَوْمَ هَذَا بَعْضُ قُوتِي فَعَجِبَ سُلَيْمَانُ ع فَقَالَ لَهَا هَلْ فِي الْبَحْرِ دَابَّةٌ مِثْلُكِ فَقَالَتْ أَلْفُ أُمَّةٍ فَقَالَ سُلَيْمَانُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ.
وَ رَوَى غَيْرُهُ أَنَّ سُلَيْمَانَ ع رَأَى عُصْفُوراً يَقُولُ لِعُصْفُورَةٍ لِمَ تَمْنَعِينَ نَفْسَكِ مِنِّي وَ لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ قُبَّةَ سُلَيْمَانَ بِمِنْقَارِي فَأَلْقَيْتُهَا فِي الْبَحْرِ فَتَبَسَّمَ سُلَيْمَانُ ع مِنْ كَلَامِهِ ثُمَّ دَعَاهُمَا وَ قَالَ لِلْعُصْفُورِ أَ تُطِيقُ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لَكِنَّ الْمَرْءَ قَدْ يُزَيِّنُ نَفْسَهُ وَ يُعَظِّمُهَا عِنْدَ زَوْجَتِهِ وَ الْمُحِبُّ لَا يُلَامُ عَلَى مَا يَقُولُ فَقَالَ سُلَيْمَانُ ع لِلْعُصْفُورَةِ لِمَ تَمْنَعِينَهُ مِنْ نَفْسِكِ وَ هُوَ يُحِبُّكِ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ مُحِبّاً وَ لَكِنَّهُ مُدَّعٍ لِأَنَّهُ يُحِبُّ مَعِي غَيْرِي فَأَثَّرَ كَلَامُ الْعُصْفُورَةِ فِي قَلْبِ سُلَيْمَانَ وَ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً وَ احْتَجَبَ عَنِ النَّاسِ أَرْبَعِينَ يَوْماً يَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُفَرِّغَ قَلْبَهُ لِمَحَبَّتِهِ وَ أَنْ لَا يُخَالِطَهَا بِمَحَبَّةِ غَيْرِهِ.
وَ رُوِيَ أَنَّهُ ع سَمِعَ يَوْماً عُصْفُوراً يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ ادْنِي مِنِّي حَتَّى أُجَامِعَكِ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُنَا وَلَداً يَذْكُرُ اللَّهَ فَإِنَّا كَبِرْنَا فَتَعَجَّبَ سُلَيْمَانُ مِنْ كَلَامِهِ وَ قَالَ هَذِهِ النِّيَّةُ خَيْرٌ مِنْ مَمْلَكَتِي.
و قال البيضاوي حكي أنه مر ببلبل يتصوت و يترقص فقال يقول إذا أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء 13892 و صاحت فاختة فقال إنها تقول ليت الخلق لم يخلقوا 13893 .
و قال الزمخشري روي أن قتادة دخل الكوفة و التف عليه الناس 13894 فقال سلوا عما شئتم و كان أبو حنيفة حاضرا و هو غلام حدث 13895 فقال سلوه عن نملة سليمان أ كانت ذكرا أم أنثى فسألوه فأفحم فقال أبو حنيفة كانت أنثى بدليل قوله تعالى
قالَتْ نَمْلَةٌ و ذلك أن النملة مثل الحمامة و الشاة في وقوعها على الذكر و الأنثى فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم حمامة ذكر و حمامة أنثى انتهى 13896 .
و قال ابن الحاجب في بعض تصانيفه إن تأنيث مثل الشاة و النملة و الحمامة من الحيوانات تأنيث لفظي و لذلك كان قول من زعم أن النملة في قوله تعالى قالَتْ نَمْلَةٌ أنثى لورود تاء التأنيث في قالت وهما لجواز أن يكون مذكرا في الحقيقة و ورود تاء التأنيث كورودها في فعل المؤنث اللفظي و لذا قيل إفحام قتادة خير من جواب أبي حنيفة.
أقول هذا هو الحق و قد ارتضاه الرضي رضي الله عنه و غيره و الحمد لله الذي فضح من أراد أن يدعي رتبة أمير المؤمنين ع بهذه البضاعة من العلم و هذا الناصبي الآخر الذي أراد أعوانه إثبات علو شأنه بأنه تكلم في بدء شبابه بمثل ذلك 13897 .
و قال الثعلبي في تفسيره قال مقاتل كان سليمان ع جالسا إذ مر به طائر يطوف فقال لجلسائه هل تدرون ما يقول هذا الطائر الذي مر بنا قالوا أنت أعلم فقال سليمان إنه قال لي السلام عليك أيها الملك المتسلط على بني إسرائيل أعطاك الله سبحانه و تعالى الكرامة و أظهرك على عدوك إني منطلق إلى فروخي ثم أمر بك الثانية و إنه سيرجع إلينا الثانية فانظروا إلى رجوعه قال فنظر القوم طويلا إذ مر بهم فقال السلام عليك أيها الملك إن شئت أن تأذن لي كيما أكتسب على فروخي حتى يشبوا ثم آتيك فافعل بي ما شئت فأخبرهم سليمان بما قال و أذن له.
و عن كعب قال صاح وَرَشَانٌ 13898 عند سليمان فقال أ تدرون ما تقول قالوا لا قال فإنها تقول لدوا للموت و ابنوا للخراب و صاحت فاختة فقال تقول ليت الخلق
لم يخلقوا و صاح طاوس عنده فقال أ تدرون ما يقول قالوا لا قال فإنه يقول كما تدين تدان و صاح هدهد عنده فقال إنه يقول من لا يرحم لا يرحم و صاح صرد 13899 عنده فقال تقول استغفروا الله يا مذنبين و صاح طوطي فقال يقول كل حي ميت و كل جديد بال و صاح خطاف 13900 فقال يقول قدموا خيرا تجدوه و هدرت حمامة فقال تقول سبحان ربي الأعلى ملء سماواته و أرضه و صاح قمري فقال يقول سبحان ربي الأعلى قال و الغراب يدعو على العشار و الحدأ 13901 يقول كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ و القطا 13902 يقول من سكت سلم و الببغاء 13903 و هو طائر أخضر يقول ويل لمن الدنيا همه و الضفدع يقول سبحان ربي القدوس و الباز يقول سبحان ربي و بحمده و الضفدعة تقول سبحان المذكور بكل مكان.
وَ رُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ صَاحَ دُرَّاجٌ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ع فَقَالَ أَ تَدْرُونَ مَا يَقُولُ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّهُ يَقُولُ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى 13904 .
4 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، ذَكَرُوا أَنَّ سُلَيْمَانَ ع كَانَ جَالِساً عَلَى شَاطِئِ بَحْرٍ فَبَصُرَ بِنَمْلَةٍ تَحْمِلُ حَبَّةَ قَمْحٍ تَذْهَبُ بِهَا نَحْوَ الْبَحْرِ فَجَعَلَ سُلَيْمَانُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا حَتَّى بَلَغَتِ الْمَاءَ فَإِذَا بِضِفْدِعَةٍ قَدْ أَخْرَجَتْ رَأْسَهَا مِنَ الْمَاءِ فَفَتَحَتْ فَاهَا فَدَخَلَتِ النَّمْلَةُ فَاهَا وَ غَاصَتِ الضِّفْدِعَةُ فِي الْبَحْرِ سَاعَةً طَوِيلَةً وَ سُلَيْمَانُ يَتَفَكَّرُ فِي ذَلِكَ مُتَعَجِّباً ثُمَّ إِنَّهَا خَرَجَتْ مِنَ
الْمَاءِ وَ فَتَحَتْ فَاهَا فَخَرَجَتِ النَّمْلَةُ مِنْ فِيهَا وَ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا الْحَبَّةُ فَدَعَاهَا سُلَيْمَانُ ع وَ سَأَلَهَا عَنْ حَالِهَا وَ شَأْنِهَا وَ أَيْنَ كَانَتْ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ فِي قَعْرِ هَذَا الْبَحْرِ الَّذِي تَرَاهُ صَخْرَةً مُجَوَّفَةً وَ فِي جَوْفِهَا دُودَةٌ عَمْيَاءُ وَ قَدْ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى هُنَالِكَ فَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا لِطَلَبِ مَعَاشِهَا وَ قَدْ وَكَّلَنِيَ اللَّهُ بِرِزْقِهَا فَأَنَا أَحْمِلُ رِزْقَهَا وَ سَخَّرَ اللَّهُ هَذِهِ الضِّفْدِعَةَ لِتَحْمِلَنِي فَلَا يَضُرُّنِي الْمَاءُ فِي فِيهَا وَ تَضَعُ فَاهَا عَلَى ثَقْبِ الصَّخْرَةِ وَ أَدْخُلُهَا ثُمَّ إِذَا أَوْصَلْتُ رِزْقَهَا إِلَيْهَا خَرَجْتُ مِنْ ثَقْبِ الصَّخْرَةِ إِلَى فِيهَا فَتُخْرِجُنِي مِنَ الْبَحْرِ قَالَ سُلَيْمَانُ ع وَ هَلْ سَمِعْتِ لَهَا مِنْ تَسْبِيحَةٍ قَالَتْ نَعَمْ تَقُولُ يَا مَنْ لَا يَنْسَانِي فِي جَوْفِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ تَحْتَ هَذِهِ اللُّجَّةِ بِرِزْقِكَ لَا تَنْسَ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَحْمَتِكَ 13905 .
باب 8 تفسير قوله تعالى فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ و قوله عز و جل وَ أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ
الآيات ص وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَ أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ تفسير قال الطبرسي رحمه الله نِعْمَ الْعَبْدُ أي سليمان إِنَّهُ أَوَّابٌ أي رجاع إلى الله تعالى في أموره ابتغاء مرضاته إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ متعلق بنعم أو بِاذْكُرِ المقدر بِالْعَشِيِ أي بعد زوال الشمس حُبَّ الْخَيْرِ أي الخيل أو المال عَنْ ذِكْرِ رَبِّي أي آثرته على ذكر ربي 13906 .
1- فس، تفسير القمي قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِلَى قَوْلِهِ حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ وَ ذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ ع كَانَ يُحِبُّ الْخَيْلَ
وَ يَسْتَعْرِضُهَا فَعُرِضَتْ عَلَيْهِ يَوْماً إِلَى أَنْ غَابَتِ الشَّمْسُ وَ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَاغْتَمَّ مِنْ ذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الشَّمْسَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعَصْرَ فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ الشَّمْسَ إِلَى وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى صَلَّاهَا ثُمَّ دَعَا بِالْخَيْلِ فَأَقْبَلَ يَضْرِبُ أَعْنَاقَهَا وَ سُوقَهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا كُلَّهَا وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَ أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ وَ هُوَ أَنَّ سُلَيْمَانَ لَمَّا تَزَوَّجَ بِالْيَمَانِيَّةِ وُلِدَ مِنْهَا ابْنٌ وَ كَانَ يُحِبُّهُ فَنَزَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى سُلَيْمَانَ وَ كَانَ كَثِيراً مَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَى ابْنِهِ نَظَراً حَدِيداً فَفَزِعَ سُلَيْمَانُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِأُمِّهِ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ نَظَرَ إِلَى ابْنِي نَظْرَةً أَظُنُّهُ قَدْ أُمِرَ بِقَبْضِ رُوحِهِ فَقَالَ لِلْجِنِّ وَ الشَّيَاطِينِ هَلْ لَكُمْ حِيلَةٌ فِي أَنْ تُفِرُّوهُ مِنَ الْمَوْتِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَا أَضَعُهُ تَحْتَ عَيْنِ الشَّمْسِ فِي الْمَشْرِقِ فَقَالَ سُلَيْمَانُ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ يُخْرِجُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَا أَضَعُهُ فِي الْأَرَضِينَ السَّابِعَةِ 13907 فَقَالَ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ يَبْلُغُ ذَلِكَ فَقَالَ آخَرُ أَنَا أَضَعُهُ فِي السَّحَابِ وَ الْهَوَاءِ 13908 فَرَفَعَهُ وَ وَضَعَهُ فِي السَّحَابِ فَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَبَضَ رُوحَهُ فِي السَّحَابِ فَوَقَعَ مَيِّتاً عَلَى كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ فَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ فَحَكَى اللَّهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَ أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ فَقَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ وَ الرُّخَاءُ اللَّيِّنَةُ وَ الشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ أَيْ فِي الْبَحْرِ وَ آخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ يَعْنِي مُقَيَّدِينَ قَدْ شُدَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ هُمُ الَّذِينَ عَصَوْا سُلَيْمَانَ ع حِينَ سَلَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُلْكَهُ وَ قَالَ الصَّادِقُ ع جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُلْكَ سُلَيْمَانَ ع فِي خَاتَمِهِ فَكَانَ إِذَا لَبِسَهُ حَضَرَتْهُ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الشَّيَاطِينُ وَ جَمِيعُ الطَّيْرِ وَ الْوَحْشِ وَ أَطَاعُوهُ فَيَقْعُدُ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَ يَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رِيحاً تَحْمِلُ الْكُرْسِيَّ بِجَمِيعِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَ الطَّيْرِ وَ الْإِنْسِ وَ الدَّوَابِّ وَ الْخَيْلِ فَتَمُرُّ بِهَا فِي الْهَوَاءِ إِلَى مَوْضِعٍ يُرِيدُهُ سُلَيْمَانُ ع وَ كَانَ يُصَلِّي الْغَدَاةَ
بِالشَّامِ وَ الظُّهْرَ بِفَارِسَ وَ كَانَ يَأْمُرُ الشَّيَاطِينَ أَنْ يَحْمِلُوا الْحِجَارَةَ مِنْ فَارِسَ يَبِيعُونَهَا بِالشَّامِ فَلَمَّا مَسَحَ أَعْنَاقَ الْخَيْلِ وَ سُوقَهَا بِالسَّيْفِ سَلَبَهُ اللَّهُ مُلْكَهُ وَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ دَفَعَ خَاتَمَهُ إِلَى بَعْضِ مَنْ يَخْدُمُهُ فَجَاءَ شَيْطَانٌ فَخَدَعَ خَادِمَهُ وَ أَخَذَ مِنْ يَدِهِ الْخَاتَمَ وَ لَبِسَهُ فَخَرَّتْ عَلَيْهِ 13909 الشَّيَاطِينُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الطَّيْرُ وَ الْوَحْشُ وَ خَرَجَ سُلَيْمَانُ ع فِي طَلَبِ الْخَاتَمِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَهَرَبَ وَ مَرَّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَ أَنْكَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ الشَّيْطَانَ الَّذِي تَصَوَّرَ فِي صُورَةِ سُلَيْمَانَ وَ صَارُوا إِلَى أُمِّهِ فَقَالُوا لَهَا أَ تُنْكِرِينَ مِنْ سُلَيْمَانَ شَيْئاً فَقَالَتْ كَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِي وَ هُوَ الْيَوْمَ يَعْصِينِي 13910 وَ صَارُوا إِلَى جَوَارِيهِ وَ نِسَائِهِ وَ قَالُوا أَ تُنْكِرْنَ مِنْ سُلَيْمَانَ شَيْئاً قُلْنَ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِي الْحَيْضِ وَ هُوَ يَأْتِينَا فِي الْحَيْضِ فَلَمَّا خَافَ الشَّيْطَانُ أَنْ يَفْطُنُوا بِهِ أَلْقَى الْخَاتَمَ فِي الْبَحْرِ فَبَعَثَ اللَّهُ سَمَكَةً فَالْتَقَمَتْهُ وَ هَرَبَ الشَّيْطَانُ فَبَقُوا بَنُو إِسْرَائِيلَ يَطْلُبُونَ سُلَيْمَانَ ع أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ كَانَ سُلَيْمَانُ ع يَمُرُّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ تَائِباً إِلَى اللَّهِ مِمَّا كَانَ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً مَرَّ بِصَيَّادٍ يَصِيدُ السَّمَكَ فَقَالَ لَهُ أُعِينُكَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي مِنِ السَّمَكِ شَيْئاً قَالَ نَعَمْ فَأَعَانَهُ سُلَيْمَانُ ع فَلَمَّا اصْطَادَ دَفَعَ إِلَى سُلَيْمَانَ ع سَمَكَةً فَأَخَذَهَا فَشَقَّ بَطْنَهَا وَ ذَهَبَ يَغْسِلُهَا فَوَجَدَ الْخَاتَمَ فِي بَطْنِهَا فَلَبِسَهُ وَ حَوَتْ 13911 عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الطَّيْرُ وَ الْوُحُوشُ وَ رَجَعَ إِلَى مَا كَانَ وَ طَلَبَ ذَلِكَ الشَّيْطَانَ وَ جُنُودَهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فَقَيَّدَهُمْ وَ حَبَسَ بَعْضَهُمْ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَ بَعْضَهُمْ فِي جَوْفِ الصَّخْرِ بِأَسَامِي اللَّهِ فَهُمْ مَحْبُوسُونَ مُعَذَّبُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ وَ لَمَّا رَجَعَ سُلَيْمَانُ إِلَى مُلْكِهِ قَالَ لِآصَفَ بْنِ بَرْخِيَا وَ كَانَ آصَفُ كَاتِبَ سُلَيْمَانَ وَ هُوَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ قَدْ عَذَرْتُ النَّاسَ بِجَهَالَتِهِمْ فَكَيْفَ أَعْذِرُكَ فَقَالَ لَا تَعْذِرُنِي فَلَقَدْ عَرَفْتُ الْحُوتَ الَّذِي أَخَذَ خَاتَمَكَ 13912 وَ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ وَ عَمَّهُ وَ خَالَهُ وَ لَقَدْ قَالَ لِي اكْتُبْ لِي فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ قَلَمِي لَا يَجْرِي بِالْجَوْرِ فَقَالَ اجْلِسْ وَ لَا تَكْتُبْ فَكُنْتُ أَجْلِسُ وَ لَا أَكْتُبُ شَيْئاً وَ لَكِنْ أَخْبِرْنِي عَنْكَ يَا سُلَيْمَانُ صِرْتَ تُحِبُّ الْهُدْهُدَ وَ هُوَ أَخَسُ
الطَّيْرِ مُنْتِناً 13913 وَ أَخْبَثُهُ رِيحاً قَالَ إِنَّهُ يُبْصِرُ الْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ الصَّفَا الْأَصَمِّ فَقَالَ وَ كَيْفَ يُبْصِرُ الْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ الصَّفَا وَ إِنَّمَا يُوَارَى عَنْهُ الْفَخُّ بِكَفٍّ مِنْ تُرَابٍ حَتَّى يَأْخُذُ بِعَقِبِهِ 13914 فَقَالَ سُلَيْمَانُ قِفْ يَا وَقَّافُ إِنَّهُ إِذَا جَاءَ الْقَدَرُ حَالَ دُونَ الْبَصَرِ 13915 .
بيان: قوله حتى يأخذ بعقبه أي يأخذ الفخ برجله و في بعض النسخ بعنقه و في بعضها رقبته أي يأخذ الفخ أو الصائد رقبته.
و قال الفيروزآبادي الوقاف المتأني و المحجم عن القتال.
أقول ما ذكره علي بن إبراهيم في تأويل تلك الآيات كلها موافقة لروايات المخالفين و إنما أولها علماؤنا على وجوه أخر
قَالَ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْفَقِيهِ، قَالَ زُرَارَةُ وَ الْفُضَيْلُ قُلْنَا لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَ رَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً قَالَ يَعْنِي كِتَاباً مَفْرُوضاً وَ لَيْسَ يَعْنِي وَقْتَ فَوْتِهَا إِنْ جَازَ ذَلِكَ الْوَقْتُ ثُمَّ صَلَّاهَا لَمْ تَكُنْ صَلَاةً مُؤَدَّاةً وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَهَلَكَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ع حِينَ صَلَّاهَا بِغَيْرِ وَقْتِهَا وَ لَكِنَّهُ مَتَى ذَكَرَهَا صَلَّاهَا.
ثم قال رحمه الله إن الجهال من أهل الخلاف يزعمون أن سليمان ع اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى توارت الشمس بالحجاب ثم أمر برد الخيل و أمر بضرب سوقها و أعناقها و قال إنها شغلتني عن ذكر ربي و ليس كما يقولون جل نبي الله سليمان ع عن مثل هذا الفعل لأنه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها و أعناقها لأنها لم تعرض نفسها عليه و لم تشغله و إنما عرضت عليه و هي بهائم غير مكلفة