کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
وَ كَانَ يَقْرَأُ حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى صَلَاةِ الْعَصْرِ وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ 12094 وَ كَانَ يَقْرَأُ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَارْجِعُوهُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ 12095 وَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فِي دُعَاءِ إِبْرَاهِيمَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوُلْدِي 12096 يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ وَ كَانَ يَقْرَأُ وَ كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ وَ طُبِعَ كَافِراً 12097 وَ كَانَ يَقْرَأُ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي 12098 وَ قَرَأَ وَ مَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لَا نَبِيٍّ وَ لَا مُحَدَّثٍ 12099 يَعْنِي الْأَئِمَّةَ ع وَ قَرَأَ الشَّيْخُ وَ الشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ فَإِنَّهُمَا قَدْ قَضَيَا الشَّهْوَةَ وَ قَرَأَ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَ هُوَ أَبٌ لَهُمْ- 12100 وَ قَرَأَ وَ جَاءَتْ سَكَرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ 12101 وَ قَرَأَ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ 12102 وَ قَرَأَ وَ إِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْصَرَفُوا إِلَيْهَا وَ تَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجَارَةِ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ 12103 وَ قَرَأَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ 12104 وَ قَرَأَ فَسَتُبْصِرُونَ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْفُتُونُ 12105 وَ قَرَأَ وَ مَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لَهُمْ لِيَعْمَوْا فِيهَا 12106 وَ قَرَأَ وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ ضُعَفَاءُ 12107 قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا كَانُوا أَذِلَّةً وَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِيهِمْ وَ قَرَأَ وَ كَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْباً 12108 وَ قَرَأَ أَ فَلَمْ يَتَبَيَّنِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ
لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً- 12109 وَ قَرَأَ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبَانِ اصْلَيَاهَا فَلَا تَمُوتَانِ فِيهَا وَ لَا تَحْيَيَانِ 12110 وَ قَرَأَ فَإِنَّ اللَّهَ بَيَّتَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ 12111 قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع بَيَّتَ مَكْرَهُمْ هَكَذَا نَزَلَتْ وَ قَرَأَ يَحْكُمُ بِهِ ذُو عَدْلٍ مِنْكُمْ 12112 يَعْنِي الْإِمَامَ وَ قَرَأَ وَ مَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ آمَنُوا بِاللَّهِ 12113 وَ قَرَأَ وَ يَسْئَلُونَكَ الْأَنْفَالَ 12114 .
وَ رَوَوْا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع بِهَذِهِ الْآيَةِ هَكَذَا وَ قَالَ الظَّالِمُونَ آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً 12115 وَ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ فِي عَلِيٍّ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً 12116 وَ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ ع هَذِهِ الْآيَةَ وَ قَالَ هَكَذَا نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا وَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً 12117 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع نَزَلَ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ هَكَذَا وَ قَالَ الظَّالِمُونَ آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدِ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ 12118 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع نَزَلَ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ هَكَذَا فَإِنَّ لِلظَّالِمِينَ آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَ لَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ 12119 يَعْنِي عَذَاباً فِي الرَّجْعَةِ وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ ص فَأَبَى أَكْثَرُ
النَّاسِ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ إِلَّا كُفُوراً 12120 : وَ قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ 12121 فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ مَنْشُورَةٌ هَكَذَا وَ اللَّهِ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا سَيَنْشُرُ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَيَنْشُرُونَ إِلَى قُرَّةِ أَعْيُنِهِمْ وَ أَمَّا الْفُجَّارُ فَيَحْشُرُونَ إِلَى خِزْيِ اللَّهِ وَ أَلِيمِ عَذَابِهِ وَ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ هَكَذَا وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ 12122 وَ قَالَ وَ نَزَلَ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ هَكَذَا وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا 12123 .
وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع أَنَّهُ قَرَأَ أَ فَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ فَيَقْضُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا 12124 وَ سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ وَ إِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَ جَبْرَئِيلُ وَ صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً 12125 وَ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ 12126 وَ قَرَأَ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ زَاغَتْ قُلُوبُكُمَا 12127 وَ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ وَ سَبْعَ سَنَابِلَ خُضْرٍ وَ أُخَرَ يَابِسَاتٍ 12128 وَ قَرَأَ يَأْكُلْنَ مَا قَرَّبْتُمْ لَهُنَّ- 12129 وَ قَرَأَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً 12130 وَ قَرَأَ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ
صَمْتاً 12131 وَ قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ- فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ 12132 فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بَلَى وَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَّبُوهُ أَشَدَّ التَّكْذِيبِ وَ لَكِنْ نَزَلَتْ بِالتَّخْفِيفِ يَكْذِبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ أَيْ لَا يَأْتُونَ بِحَقٍّ يُبْطِلُونَ بِهِ حَقَّكَ وَ صَلَّى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع بِقَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَرَأَ قُتِلَ أَصْحَابُ الْخُدُودِ 12133 وَ قَالَ مَا الْأُخْدُودُ وَ قَرَأَ رَجُلٌ عَلَيْهِ وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ فَقَالَ لَا طَلْعٍ مَنْضُودٍ 12134 وَ قَرَأَ وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ وَ إِنَّهُ فِيهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَ قَرَأَ إِذَا جَاءَ فَتْحُ اللَّهِ وَ النَّصْرُ وَ قَرَأَ أَ لَمْ يَأْتِكَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ وَ قَرَأَ إِنِّي جَعَلْتُ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَ سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ الْفَجْرِ فَقَالَ لَيْسَ فِيهَا وَاوٌ وَ إِنَّمَا هُوَ الْفَجْرُ وَ قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ 12135 فَقَالَ هَلْ رَأَيْتُمْ وَ سَمِعْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَاتَلَ مُنَافِقاً إِنَّمَا كَانَ يَتَأَلَّفُهُمْ وَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ بِالْمُنَافِقِينَ.
وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ كَيْفَ تَقْرَأُ لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ 12136 قَالَ فَقَالَ هَكَذَا نَقْرَؤُهَا قَالَ لَيْسَ هَكَذَا قَالَ اللَّهُ إِنَّمَا قَالَ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ بِالنَّبِيِّ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ 12137 .
باب تأليف القرآن و أنه على غير ما أنزل الله عز و جل
فمن الدلالة عليه في باب الناسخ و المنسوخ منه الآية في عدة النساء في المتوفى عنها زوجها و قد ذكرنا ذلك في باب الناسخ و المنسوخ و احتجنا إلى
إعادة ذكره في هذا الباب ليستدل على أن التأليف على خلاف ما أنزل الله جل و عز لأن العدة في الجاهلية كانت سنة فأنزل الله في ذلك قرآنا في العلة التي ذكرناها في باب الناسخ و المنسوخ و أقرهم عليها ثم نسخ بعد ذلك فأنزل آية أربعة أشهر و عشرا و الآيتان جميعا في سورة البقرة في التأليف الذي في أيدي الناس فيما يقرءونه أولا الناسخة و هي الآية التي ذكرها الله قوله وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً ثم بعد هذا بنحو من عشر آيات تجيء الآية المنسوخة قوله وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ 12138 فعلمنا أن هذا التأليف على خلاف ما أنزل الله جل و عز و إنما كان يجب أن يكون المتقدم في القراءة أولا الآية المنسوخة التي ذكر فيها أن العدة متاعا إلى الحول غير إخراج ثم يقرأ بعد هذه الآية الناسخة التي ذكر فيها أنه قد جعل العدة أربعة أشهر و عشرا فقدموا في التأليف الناسخ على المنسوخ.
و مثله في سورة الممتحنة في الآية التي أنزلها الله في غزوة الحديبية و كان بين فتح مكة و الحديبية ثلاث سنين و ذلك أن الحديبية كانت في سنة ست من الهجرة و فتح مكة في سنة ثمان من الهجرة فالذي نزل في سنة ست قد جعل في آخر السورة و التي نزلت في سنة ثماني في أول السورة و
ذلك أن رسول الله صلى الله عليه و آله لما كان في غزوة الحديبية شرط لقريش في الصلح الذي وقع بينه و بينهم أن يرد إليهم كل من جاء من الرجال على أن يكون الإسلام ظاهرا بمكة لا يؤذى أحد من المسلمين و لم يقع في النساء شرط و كان رسول الله ص على هذا يرد إليهم كل من جاء من الرجال إلى أن جاءه رجل يكنى أبا بصير.
فبعثت قريش رجلين إلى رسول الله ص و كتبوا إليه يسألونه بأرحامهم أن يرد إليهم أبا بصير فقال له رسول الله ص ارجع إلى القوم فقال يا رسول الله تردني إلى المشركين يعينوني و يعذبوني و قد آمنت بالله و صدقت برسول الله
فقال يا أبا بصير إنا قد شرطنا لهم شرطا و نحن وافون لهم بشرطهم و الله سيجعل لك مخرجا فدفعه إلى الرجلين.
فخرج معهما فلما بلغوا ذا الحليفة أخرج أبا بصير جرابا كان معه فيه كسر و تمرات فقال لهما ادنوا فأصيبا من هذا الطعام فامتنعا فقال أما لو دعوتماني إلى طعامكما لأجبتكما فدنيا فأكلا و مع أحدهما سيف قد علقه في الجدار فقال له أبو بصير أ صارم سيفك هذا قال نعم قال ناولنيه فدفع إليه قائمة السيف فسله فعلاه به فقتله و فر الآخر و رجع إلى المدينة فدخل إلى رسول الله ص فقال يا محمد إن صاحبكم قتل صاحبي و ما كدت أن أفلت منه إلا بشغله بسلبه.
فوافى أبو بصير و معه راحلته و سلاحه فقال رسول الله ص يا أبا بصير اخرج من المدينة فإن قريشا تنسب ذلك إلي فخرج إلى الساحل و جمع جمعا من الأعراب فكان يقطع على عير قريش و يقتل من قدر عليه حتى اجتمع إليه سبعون رجلا و كتبت قريش إلى رسول الله ص و سألوه أن يأذن لأبي بصير و أصحابه في دخول المدينة و قد أحلوه من ذلك فوافاه الكتاب و أبو بصير قد مرض و هو في آخر رمق فمات و قبره هناك و دخل أصحابه المدينة.
و كانت هذه سبيل من جاءه و كانت امرأة يقال لها كلثم بنت عقبة بمكة و هي بنت عقبة بن أبي معيط مؤمنة تكتم إيمانها و كان أخواها كافرين أهلها يعذبونها و يأمرونها بالرجوع عن الإسلام فهربت إلى المدينة و حملها رجل من خزاعة حتى وافى بها إلى المدينة فدخلت على أم سلمة زوج النبي ص فقالت يا أم سلمة إن رسول الله ص قد شرط لقريش أن يرد إليهم الرجال و لم يشرط لهم في النساء شيئا و النساء إلى ضعف و إن ردني رسول الله ص إليهم فتنوني و عذبوني و أخاف على نفسي فاسألي رسول الله ص أن لا يردني إليهم.
فدخل رسول الله ص على أم سلمة و هي عندها فأخبرته أم سلمة خبرها فقالت يا رسول الله هذه كلثم بنت عقبة و قد فرت بدينها فلم يجبها رسول الله صلى الله عليه و آله بشيء و نزل عليه الوحي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ
الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَ 12139 إلى قوله جل و عز وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ فحكم الله في هذا أن النساء لا يرددن إلى الكفار و إذا امتحنوا بمحنة الإسلام أن تحلف المرأة بالله الذي لا إله إلا هو ما حملها على اللحاق بالمسلمين بغضا لزوجها الكافر أو حبا لأحد من المسلمين و إنما حملها على ذلك الإسلام فإذا حلفت و عرف ذلك منها لم ترد إلى الكفار و لم تحل للكافر و ليس للمؤمن أن يتزوجها و لا تحل له حتى يرد على زوجها الكافر صداقها فإذا رد عليه صداقها حلت له و حل له مناكحتها.
و هو قوله جل و عز وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا يعني آتوا الكفار ما أنفقوا عليهن.
ثم قال وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ثم قال وَ سْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ على نسائكم الذي يلحقن بالكفار ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ثم قال وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فاطلبوا من الكفار ما أنفقتم عليهم فإن امتنع به عليكم فَعاقَبْتُمْ أي أصبتم غنيمة فليؤخذ من أول الغنيمة قبل القسمة ما يرد على المؤمن الذي ذهبت امرأته إلى الكفار فرضي بذلك المؤمنون و رضي به الكافرون.
فهذه هي القصة في هذه السورة فنزلت هذه الآية في هذا المعنى في سنة ست من الهجرة و