کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و لا ينكر حب الجمادات للأنبياء و الأولياء كما حنت الأسطوانة على مفارقته و كان يسلم الحجر عليه و قيل أراد به أرض المدينة و خص الجبل لأنه أول ما يبدو منها و لعله حبب إليه بدعائه اللهم حبب إلينا المدينة انتهى و أقول سيأتي تحقيق منا في ذلك في المجلد السابع إن شاء الله.
26- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا نَفَّرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ ص نَاقَتَهُ قَالَتْ لَهُ النَّاقَةُ وَ اللَّهِ لَا أَزَلْتُ خُفّاً عَنْ خُفٍّ وَ لَوْ قُطِّعْتُ إِرْباً إِرْباً 11473 .
27- أَقُولُ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى كَانَ النَّبِيُّ ص فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَدْ ظَهَرَ مِنْهُ مُعْجِزَاتٌ شَتَّى فَمِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إِلَى وَادِي الْقُرَى وَ قَدْ أَمْسَى بِالْحِجْرِ قَالَ إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلَا يَقُومَنَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا مَعَ صَاحِبِهِ وَ مَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيُوثِقْهُ بِعِقَالِهِ فَهَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ أَفْزَعَتِ النَّاسَ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ إِلَّا مَعَ صَاحِبِهِ إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ خَرَجَ أَحَدُهُمَا لِحَاجَتِهِ وَ آخَرُ لِطَلَبِ 11474 بَعِيرٍ لَهُ فَأَمَّا الْخَارِجُ لِحَاجَتِهِ فَقَدْ خُنِقَ فِي مَذْهَبِهِ وَ أَمَّا الَّذِي خَرَجَ فِي طَلَبِ الْبَعِيرِ فَاحْتَمَلَتْهُ الرِّيحُ فَطَرَحَتْهُ فِي جَبَلَيْ 11475 طَيِّئٍ ثُمَّ دَعَا ص لِلَّذِي أُصِيبَ فِي مَذْهَبِهِ فَعَادَ إِلَيْهِ وَ أَمَّا الَّذِي وَقَعَ بِجَبَلَيْ [بِجَبَلِ] طَيِّئٍ فَإِنَّ طَيِّئاً أَهْدَتْهُ لِلنَّبِيِّ ص حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ.
وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا ارْتَحَلَ عَنِ الْحِجْرِ أَصْبَحَ وَ لَا مَاءَ مَعَهُ وَ لَا مَعَ أَصْحَابِهِ وَ نَزَلُوا عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَشَكَوْا إِلَيْهِ الْعَطَشَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَ دَعَا وَ لَمْ تَكُنْ فِي السَّمَاءِ سَحَابَةٌ فَمَا زَالَ يَدْعُو حَتَّى اجْتَمَعَتِ السَّحَائِبُ 11476 مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ فَمَا بَرِحَ مِنْ مَقَامِهِ حَتَّى سَحَّتْ بِالرَّوَاءِ 11477 فَانْكَشَفَتِ السَّحَابَةُ مِنْ سَاعَتِهَا فَسُقِيَ النَّاسُ وَ ارْتَوَوْا 11478 وَ
مَلَئُوا الْأَسْقِيَةَ قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ 11479 قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَيْلَكَ أَ بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ فَقَالَ سَحَابَةٌ مَارَّةٌ ثُمَّ ارْتَحَلَ النَّبِيُّ ص مُتَوَجِّهاً إِلَى تَبُوكَ فَأَصْبَحَ فِي مَنْزِلٍ فَضَلَّتْ نَاقَةُ النَّبِيِّ ص فَقَالَ مُنَافِقٌ 11480 يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَ يُخْبِرُكُمْ بِخَبَرِ السَّمَاءِ وَ لَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ فَخَرَجَ ص فَقَالَ يَزْعُمُ مُنَافِقٌ أَنَّ مُحَمَّداً ص يَقُولُ إِنَّهُ نَبِيٌّ وَ يُخْبِرُكُمْ بِخَبَرِ السَّمَاءِ وَ لَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ وَ إِنِّي وَ اللَّهِ لَا أَعْلَمُ إِلَّا مَا عَلَّمَنِيَ اللَّهُ وَ لَقَدْ أَعْلَمَنِيَ الْآنَ وَ دَلَّنِي عَلَيْهَا وَ أَنَّهَا فِي الْوَادِي فِي شِعْبِ كَذَا وَ أَشَارَ إِلَى الشِّعْبِ حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بِزِمَامِهَا فَذَهَبُوا وَ جَاءُوا بِهَا.
وَ مِنْهَا أَنَّهُ ص قَالَ: إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ وَ إِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا إِلَّا حِينَ يَضْحَى النَّهَارُ 11481 فَمَنْ جَاءَهَا فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئاً حَتَّى آتِيَ قَالَ مُعَاذٌ فَجِئْنَاهَا وَ قَدْ سَبَقَ إِلَيْهَا رَجُلَانِ 11482 وَ الْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ يَبِضُ 11483 بِشَيْءٍ يَسِيرٍ مِنَ الْمَاءِ فَسَأَلَهُمَا هَلْ مَسِسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئاً فَقَالا نَعَمْ فَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ أَمَرَ فَغَرَفُوا مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى اجْتَمَعَ شَيْءٌ ثُمَّ غَسَلَ النَّبِيُّ ص فِيهِ وَجْهَهُ وَ يَدَيْهِ ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَاءَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ فَاسْتَقَى النَّاسُ وَ كَفَاهُمْ.
وَ مِنْهَا أَنَّ ذَا الْبِجَادَيْنِ 11484 لَمَّا أَسْلَمَ وَ لَبِثَ زَمَاناً وَ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ خَرَجَ مَعَهُ ص إِلَى تَبُوكَ فَلَمَّا حَصَلَ بِتَبُوكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ ائْتِنِي بِلِحَاءِ سَمُرَةٍ فَأَتَاهُ بِهِ فَرَبَطَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى عَضُدِهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ حَرِّمْ دَمَهُ عَلَى الْكُفَّارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا أَرَدْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّكَ إِذْ خَرَجَتْ غَازِياً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَخَذَتْكَ الْحُمَّى وَ قَتَلَتْكَ فَأَنْتَ شَهِيدٌ فَلَمَّا أَقَامُوا بِتَبُوكَ أَيَّاماً أَخَذَتْهُ الْحُمَّى فَتُوُفِّيَ.
وَ مِنْهَا أَنَّهُ ص فِي تَبُوكَ دَعَا مِرَاراً كَثِيرَةً بِالطَّعَامِ فَجَاءَهُ بِلَالٌ بِبَقِيَّةٍ مِنَ
الطَّعَامِ قَلِيلَةٍ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ فَمَسَّ بِيَدِهِ الطَّعَامَ وَ كَانَ تَمْراً وَ غَيْرَهُ فَأَكَلُوا مِنْهُ جَمِيعاً حَتَّى شَبِعُوا وَ بَقِيَ مِنَ الطَّعَامِ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ أَوَّلًا.
و قد ظهر على يده من المعجزات في هذه السفرة أكثر من ذلك لكنا ذكرنا منها لمعا.
و لما نزل النبي ص تبوك أقام بها شهرين و كان ما أخبر به النبي ص من بعث 11485 هرقل أصحابه و دنوه إلى أدنى الشام و عزمه على قتال النبي ص و المسلمين باطلا و بعث هرقل رجلا من غسان إلى النبي ص ينظر إلى صفته و علاماته و إلى حمرة في عينيه و إلى خاتم النبوة 11486 و سأل فإذا هو لا يقبل الصدقة فوعى أشياء من صفات النبي ص ثم انصرف إلى هرقل فذكرها له فدعا هرقل قومه إلى التصديق به فأبوا عليه حتى خافهم على ملكه و أسلم هو سرا منهم و امتنع من قتال النبي ص فلم يؤذن النبي ص لقتاله فرجع قالوا و هاجت ريح شديدة بتبوك فقال رسول الله ص هذا لموت منافق عظيم النفاق فقدموا المدينة فوجدوا منافقا قد مات ذلك اليوم 11487 .
ثم ذكر قصة العقبة و قصة أكيدر.
توضيح الحجر بالكسر ديار ثمود خنق أي خنقته الجن في خلائه حتى غشي عليه أو مات و على التقديرين أفاق أو حيي بدعائه ص حتى سحت بتشديده الحاء أي صبت و السح الصب أو السيلان من فوق و الرواء بالفتح و المد الماء الكثير و قيل العذب الذي للواردين فيه ري و يقال بض الماء إذا قطر و سال.
28- مِنَ الدِّيوَانِ الْمَنْسُوبِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع
أَلَا بَاعَدَ اللَّهُ أَهْلَ النِّفَاقِ
وَ أَهْلَ الْأَرَاجِيفِ وَ الْبَاطِلِ
يَقُولُونَ لِي قَدْ قَلَاكَ الرَّسُولُ 11488
فَخَلَّاكَ فِي الْخَالِفِ الْخَاذِلِ
وَ مَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ النَّبِيَ
جَفَاكَ وَ مَا كَانَ بِالْفَاعِلِ
فَسِرْتُ وَ سَيْفِي عَلَى عَاتِقِي
إِلَى الرَّاحِمِ الْحَاكِمِ الْفَاضِلِ 11489
فَلَمَّا رَآنِي هَفَا قَلْبُهُ
وَ قَالَ مَقَالَ الْأَخِ السَّائِلِ
أَ مِمَّ ابْنَ عَمِّي فَأَنْبَأْتُهُ
بِإِرْجَافِ ذِي الْحَسَدِ الدَّاغِلِ
فَقَالَ أَخِي أَنْتَ مِنْ دُونِهِمْ
كَهَارُونَ مُوسَى وَ لَمْ يَأْتَلِ 11490 .
بيان: الخالف المتأخر لنقصان أو قصور و قال الأصمعي إذا تخلف الظبي عن القطيع قيل خذل و هفا الطائر أي خفق و طار و يقال ائتلى في الأمر إذا قصر.
باب 30 قصة أبي عامر الراهب و مسجد الضرار و فيه ما يتعلق بغزوة تبوك
قال الطبرسي قدس الله روحه في قوله تعالى وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً قال المفسرون إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء و بعثوا إلى رسول الله ص أن يأتيهم فأتاهم فصلى فيه فحسدهم جماعة من المنافقين من بني غنم بن عوف فقالوا 11491 نبني مسجدا نصلي فيه و لا نحضر جماعة محمد ص و كانوا
اثني عشر رجلا و قيل خمسة عشر رجلا منهم ثعلبة بن حاطب و معتب بن قشير و نبتل بن الحارث فبنوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء فلما فرغوا منه أتوا رسول الله ص و هو يتجهز 11492 إلى تبوك فقالوا يا رسول الله ص إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة و الحاجة و الليلة المطيرة و الليلة الشاتية و إنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه و تدعو بالبركة فقال ص إني على جناح السفر 11493 و لو قدمنا أتيناكم 11494 إن شاء الله فصلينا لكم 11495 فلما انصرف رسول الله من تبوك نزلت عليه الآية 11496 في شأن المسجد ضِراراً .
أي مضارة بأهل مسجد قباء 11497 أو مسجد الرسول ص ليقل الجمع فيه وَ كُفْراً أي و لإقامة الكفر فيه أو كان اتخاذهم ذلك كفرا أو ليكفروا فيه بالطعن على رسول الله ص و الإسلام وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ أي لاختلاف الكلمة و إبطال الألفة و تفريق الناس عن رسول الله ص وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ و هو أبو عامر الراهب و كان من قصته أنه كان قد ترهب في الجاهلية و لبس المسوح فلما قدم النبي ص المدينة حزب عليه الأحزاب ثم هرب بعد فتح مكة إلى الطائف فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام و خرج إلى الروم و تنصر و هو أبو حنظلة غسيل الملائكة الذي قتل مع النبي ص يوم أحد و كان جنبا فغسلته الملائكة و سمى رسول الله أبا عامر الفاسق و كان قد أرسل إلى المنافقين أن استعدوا و ابنوا مسجدا فإني أذهب إلى قيصر و آتي من عنده بجنود و أخرج محمدا من المدينة فكان هؤلاء المنافقون يتوقعون أن يجيئهم أبو عامر فمات قبل أن يبلغ ملك الروم وَ لَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى أي يحلفون كاذبين ما أردنا ببناء هذا المسجد إلا
الفعلة الحسنى من التوسعة على أهل الضعف و العلة من المسلمين فاطلع الله نبيه على خبث سريرتهم فقال وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ
فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ ص عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ تَبُوكَ عَاصِمَ بْنَ عَوْفٍ الْعَجْلَانِيَّ وَ مَالِكَ بْنَ الدُّخْشُمِ وَ كَانَ مَالِكٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ لَهُمَا انْطَلِقَا إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ الظَّالِمِ أَهْلُهُ فَاهْدِمَاهُ وَ حَرِّقَاهُ.
وَ رُوِيَ أَنَّهُ بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ وَحْشِيّاً فَحَرَّقَاهُ وَ أَمَرَ بِأَنْ يُتَّخَذَ كُنَاسَةً تُلْقَى فِيهِ الْجِيَفُ.
ثم نهى الله نبيه أن يقوم في هذا المسجد فقال لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً أي لا تصل ثم أقسم فقال لَمَسْجِدٌ أي و الله لمسجد أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى أي بني أصله على تقوى الله و طاعته مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أي منذ أول يوم وضع أساسه أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ أي أولى بأن تصلي فيه و اختلف في هذا المسجد فقيل هو مسجد قباء و قيل مسجد رسول الله ص و قيل كل مسجد بني للإسلام و أريد به وجه الله تعالى فِيهِ أي في هذا المسجد رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا أي يصلوا لله متطهرين بأبلغ الطهارة و قيل يحبون أن يتطهروا من الذنوب و قيل يحبون أن يتطهروا بالماء عن الغائط و البول و هو المروي عن السيدين الباقر و الصادق ع
وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ لِأَهْلِ قُبَاءَ مَا ذَا تَفْعَلُونَ فِي طُهْرِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكُمُ الثَّنَاءَ قَالُوا نَغْسِلُ أَثَرَ الْغَائِطِ فَقَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمْ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ .
أي المتطهرين أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ إلى قوله شَفا جُرُفٍ هارٍ الشفا حرف الشيء و شفيره و جرف الوادي جانبه الذي ينحفر بالماء أصله و هار الجرف يهور هورا فهو هائر و تهور و انهار و هار أصله هائر و هو من المقلوب كما يقال شاكي السلاح أي شائك و تهور البناء تساقط فالله تعالى شبه بنيانهم على نار جهنم بالبناء على جانب نهر هذه صفته فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ أي يوقعه ذلك البناء في نار جهنم و روي عن جابر بن عبد الله أنه قال رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ أي شكا في قلوبهم فيما كان من إظهار إسلامهم و ثباتا على
النفاق و قيل حزازة في قلوبهم و قيل حسرة يترددون فيها 11498 إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ أي إلا أن يموتوا و قيل إلا أن يتوبوا توبة تنقطع بها قلوبهم ندما و أسفا على تفريطهم وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بنيتهم في بناء المسجد حَكِيمٌ في أمره بنقضه 11499 .
1- فس، تفسير القمي قَوْلُهُ الَّذِينَ 11500 اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً فَإِنَّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّهُ جَاءَ قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ تَأْذَنُ لَنَا فَنَبْنِيَ مَسْجِداً فِي بَنِي سَالِمٍ لِلْعَلِيلِ وَ اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَ الشَّيْخِ الْفَانِي فَأَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هُوَ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَى تَبُوكَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَتَيْتَنَا فَصَلَّيْتَ فِيهِ قَالَ أَنَا عَلَى جَنَاحِ الطَّيْرِ 11501 فَإِذَا وَافَيْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَتَيْتُهُ فَصَلَّيْتُ فِيهِ فَلَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ تَبُوكَ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ فِي شَأْنِ الْمَسْجِدِ وَ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ وَ قَدْ كَانُوا حَلَفُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُمْ يَبْنُونَ ذَلِكَ لِلصَّلَاحِ وَ الْحُسْنَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ يَعْنِي أَبَا عَامِرٍ الرَّاهِبَ كَانَ يَأْتِيهِمْ فَيَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ وَ أَصْحَابَهُ قَوْلُهُ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى يَعْنِي مَسْجِدَ قُبَاءَ قَوْلُهُ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا قَالَ كَانُوا يَتَطَهَّرُونَ بِالْمَاءِ.