کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
اللَّهِ ص أَرْبَعَ خُطَطٍ فِي الْأَرْضِ وَ قَالَ أَ تَدْرُونَ مَا هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَفْضَلُ نِسَاءِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ 11585 .
4- ل، الخصال سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ الْكِنْدِيِّ عَنْ عِلْبَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ ص أَرْبَعَ خُطُوطٍ 11586 ثُمَّ قَالَ خَيْرُ نِسَاءِ الْجَنَّةِ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَ آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ 11587 .
5- فس، تفسير القمي وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ قَالَ كَتَمَ إِيمَانَهُ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ وَ كَانَ مَجْذُوماً مُكَنَّعاً 11588 وَ هُوَ الَّذِي قَدْ وَقَعَتْ أَصَابِعُهُ وَ كَانَ يُشِيرُ إِلَى قَوْمِهِ بِيَدَيْهِ الْمَكْنُوعَتَيْنِ وَ يَقُولُ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ 11589 قَوْلُهُ فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا يَعْنِي مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ اللَّهِ لَقَدْ قَطَعُوهُ إِرْباً إِرْباً وَ لَكِنْ وَقَاهُ اللَّهُ أَنْ يَفْتِنُوهُ فِي دِينِهِ 11590 .
6- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام حِزْبِيلُ 11591 هُوَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ أَرْسَلَ فِرْعَوْنُ رَجُلَيْنِ فِي طَلَبِهِ فَانْطَلَقَا فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَاهُ قَائِماً يُصَلِّي بَيْنَ الْجِبَالِ وَ الْوُحُوشُ خَلْفَهُ فَأَرَادَا أَنْ يُعَجِّلَاهُ عَنْ صَلَاتِهِ فَأَمَرَ اللَّهُ دَابَّةً مِنْ تِلْكَ الْوُحُوشِ كَأَنَّهَا بَعِيرٌ أَنْ تَحُولَ بَيْنَهُمَا وَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ فَطَرَدَتْهُمَا عَنْهُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ فَلَمَّا رَآهُمَا أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً وَ قَالَ يَا رَبِّ أَجِرْنِي مِنْ فِرْعَوْنَ فَإِنَّكَ إِلَهِي عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَ بِكَ آمَنْتُ وَ إِلَيْكَ أَنَبْتُ أَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي إِنْ كَانَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ يُرِيدَانِ بِي سُوءاً فَسَلِّطْ عَلَيْهِمَا فِرْعَوْنَ وَ عَجِّلْ ذَلِكَ وَ إِنْ هُمَا أَرَادَانِي بِخَيْرٍ فَاهْدِهِمَا فَانْطَلَقَا حَتَّى دَخَلَا عَلَى فِرْعَوْنَ لِيُخْبِرَاهُ بِالَّذِي عَايَنَاهُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَا الَّذِي نَفَعَكَ أَنْ يُقْتَلَ فَكَتَمَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْآخَرُ
وَ عِزَّةِ فِرْعَوْنَ لَا أَكْتُمُ عَلَيْهِ وَ أَخْبَرَ فِرْعَوْنَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ بِمَا رَأَى وَ كَتَمَ الْآخَرُ فَلَمَّا دَخَلَ حِزْبِيلُ قَالَ فِرْعَوْنُ لِلرَّجُلَيْنِ مَنْ رَبُّكُمَا قَالا أَنْتَ فَقَالَ لِحِزْبِيلَ وَ مَنْ رَبُّكَ قَالَ رَبِّي رَبُّهُمَا فَظَنَّ فِرْعَوْنُ أَنَّهُ يَعْنِيهِ فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ وَ سُرَّ فِرْعَوْنُ وَ أَمَرَ بِالْأَوَّلِ فَصُلِبَ فَنَجَا اللَّهُ الْمُؤْمِنَ وَ آمَنَ الْآخَرُ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى قُتِلَ مَعَ السَّحَرَةِ 11592 .
سن، المحاسن أَبِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِ اللَّهِ فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا قَالَ أَمَا لَقَدْ سَطَوْا عَلَيْهِ وَ قَتَلُوهُ وَ لَكِنْ أَ تَدْرُونَ مَا وَقَاهُ وَقَاهُ أَنْ يَفْتِنُوهُ فِي دِينِهِ 11593 .
بيان: سطا عليه أي قهر و بطش به قال الثعلبي قالت الرواة كان حزبيل من أصحاب فرعون نجارا و هو الذي نجر التابوت لأم موسى حين قذفته في البحر و قيل إنه كان خازنا لفرعون مائة سنة و كان مؤمنا مخلصا يكتم إيمانه إلى أن ظهر موسى عليه السلام على السحرة فأظهر حزبيل إيمانه فأخذ يومئذ و قتل مع السحرة صلبا و أما امرأة حزبيل فإنها كانت ماشطة بنات فرعون و كانت مؤمنة.
وَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِي مَرَّتْ بِي رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ فَقُلْتُ لِجَبْرَئِيلَ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ قَالَ هَذِهِ مَاشِطَةُ آلِ فِرْعَوْنَ 11594 وَ أَوْلَادُهَا كَانَتْ تَمْشُطُهَا فَوَقَعَتِ الْمُشْطَةُ مِنْ يَدِهَا فَقَالَتْ بِسْمِ اللَّهِ فَقَالَتْ بِنْتُ فِرْعَوْنَ أَبِي فَقَالَتْ لَا بَلْ رَبِّي وَ رَبُّكِ وَ رَبُّ أَبِيكِ فَقَالَتْ لَأُخْبِرَنَّ بِذَلِكِ أَبِي فَقَالَتْ نَعَمْ فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَا بِهَا وَ بِوُلْدِهَا وَ قَالَ مَنْ رَبُّكِ فَقَالَتْ إِنَّ رَبِّي وَ رَبُّكَ اللَّهُ فَأَمَرَ بِتَنُّورٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَ فَدَعَا بِهَا وَ بِوُلْدِهَا فَقَالَتْ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً قَالَ وَ مَا هِيَ قَالَتْ تَجْمَعُ عِظَامِي وَ عِظَامَ وُلْدِي فَتَدْفَنُهَا قَالَ ذَاكِ لَكِ لِمَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ حَقٍّ فَأَمَرَ بِأَوْلَادِهَا فَأُلْقُوا وَاحِداً وَاحِداً فِي التَّنُّورِ حَتَّى كَانَ آخِرُ وُلْدِهَا وَ كَانَ صَبِيّاً مُرْضَعاً فَقَالَ اصْبِرِي يَا أُمَّاهْ إِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ فَأُلْقِيَتْ فِي التَّنُّورِ مَعَ وُلْدِهَا.
و أما امرأة فرعون آسية فكانت من بني إسرائيل و كانت مؤمنة مخلصة و كانت تعبد الله سرا و كانت على ذلك أن قتل فرعون امرأة حزبيل فعاينت حينئذ الملائكة يعرجون بروحها لما أراد الله تعالى بها من الخير فزادت يقينا و إخلاصا و تصديقا فبينا هي كذلك إذ دخل عليها فرعون يخبرها بما صنع بها فقالت الويل لك يا فرعون ما أجرأك على الله جل و علا فقال لها لعلك قد اعتراك الجنون الذي اعترى صاحبتك فقالت ما اعتراني جنون لكن آمنت بالله تعالى ربي و ربك و رب العالمين فدعا فرعون أمها فقال لها إن ابنتك أخذها الجنون فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإله موسى فخلت بها أمها فسألتها موافقة 11595 فيما أراد فأبت و قالت أما أن أكفر بالله فلا و الله لا أفعل ذلك أبدا فأمر بها فرعون حتى مدت بين أربعة أوتاد ثم لا زالت تعذب حتى ماتت كما قال الله سبحانه وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ و عن ابن عباس قال أخذ فرعون امرأته آسية حين تبين له إسلامها يعذبها لتدخل في دينه فمر بها موسى و هو يعذبها فشكت إليه بإصبعها فدعا الله موسى أن يخفف عنها فلم تجد للعذاب مسا و إنها ماتت من عذاب فرعون لها 11596 فقالت و هي في العذاب رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ و أوحى الله إليها أن ارفعي رأسك ففعلت فأريت البيت 11597 في الجنة بني لها من در فضحكت فقال فرعون انظروا إلى الجنون الذي بها تضحك و هي في العذاب انتهى 11598 .
و قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ هي آسية بنت مزاحم قيل إنها لما عاينت المعجز من عصا موسى و غلبت السحرة أسلمت فلما ظهر لفرعون إيمانها نهاها فأبت فأوتد يديها و رجليها بأربعة أوتاد و ألقاها في الشمس
ثم أمر أن يلقى عليها صخرة عظيمة فلما قربت أجلها قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ فرفعها الله تعالى إلى الجنة فهي فيها تأكل و تشرب عن الحسن و ابن كيسان و قيل إنها أبصرت بيتها في الجنة من درة و انتزع الله روحها فألقيت الصخرة على جسدها و ليس فيه روح فلم تجد ألما من عذاب فرعون و قيل إنها كانت تعذب بالشمس و إذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة و جعلت ترى بيتها في الجنة عن سلمان 11599 ..
باب 6 خروجه عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل و أحوال التيه
الآيات البقرة وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ وَ إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها قالَ أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ المائدة وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَ آتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً
جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ الأعراف وَ جاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ قالَ أَ غَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَ هُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ وَ إِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ و قال تعالى الأعراف وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَ ظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ وَ إِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَ كُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَ قُولُوا حِطَّةٌ وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ تفسير قوله تعالى وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ قال الطبرسي رحمه الله أي جعلنا لكم الغمام ظلة و سترة تقيكم حر الشمس في التيه وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَ هو الذي يعرفه الناس يسقط على الشجر و قيل إنه شيء كالصمغ كان يقع على الأشجار طعمه كالزبد و العسل و قيل إنه الخبز المرقق و قيل إنه جميع النعم التي أتتهم مما من الله به عليهم بلا تعب 11600
وَ السَّلْوى قيل هو السماني 11601 و قيل طائر أبيض يشبه السماني كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ أي قلنا لهم كلوا من الشهي اللذيذ و قيل المباح الحلال و قيل المباح الذي يستلذ أكله وَ ما ظَلَمُونا أي فكفروا هذه النعمة و ما نقصونا بكفرانهم أنعمنا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ينقصون و قيل أي ما ضرونا و لكن كانوا أنفسهم يضرون و كان سبب إنزال المن و السلوى عليهم أنه لما ابتلاهم الله بالتيه إذ قالوا لموسى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ حين أمرهم بالمسير إلى بيت المقدس و حرب العمالقة بقوله ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فوقعوا في التيه فصاروا كلما ساروا تاهوا في قدر خمسة فراسخ أو ستة و كلما أصبحوا ساروا غادين فأمسوا فإذا هم في مكانهم الذي ارتحلوا منه كذلك حتى تمت المدة و بقوا فيها أربعين سنة و في التيه توفي موسى و هارون ثم خرج يوشع بن نون و قيل كان الله يرد الجانب الذي انتهوا إليه من الأرض إلى الجانب الذي ساروا منه فكانوا يضلون على الطريق لأنهم كانوا خلقا عظيما فلا يجوز أن يضلوا كلهم عن الطريق في هذه المدة المديدة و في هذا المقدار من الأرض و لما حصلوا في التيه ندموا على ما فعلوه فألطف الله بهم بالغمام لما شكوا حر الشمس و أنزل عليهم المن من وقت طلوع الفجر إلى طلوع الشمس و كانوا يأخذون منها ما يكفيهم ليومهم.
وَ قَالَ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَنْزِلُ الْمَنُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَمَنْ نَامَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَنْزِلْ نَصِيبُهُ فَلِذَلِكَ يُكْرَهُ النَّوْمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
و قال ابن جريح و كان الرجل منهم إن أخذ من المن و السلوى زيادة على طعام يوم واحد فسد إلا يوم الجمعة فإنهم إذا أخذوا طعام يومين لم يفسد و كانوا يأخذون منها ما يكفيهم ليوم الجمعة و السبت لأنه كان لا يأتيهم يوم السبت و كانوا يخبزونه مثل القرصة و يوجد له طعم كالشهد المعجون بالسمن و كان الله تعالى يبعث لهم السحاب بالنهار فيدفع عنهم حر الشمس و كان ينزل عليهم في الليل من السماء عمود من نور يضيء لهم مكان السراج و إذا ولد فيهم مولود يكون عليه ثوب يطول بطوله كالجلد حَيْثُ شِئْتُمْ أي
أنى شئتم 11602 رَغَداً أي موسعا عليكم مستمتعين بما شئتم من طعام القرية و قيل إن هذه إباحة منه لغنائمها و تملك أموالها وَ قُولُوا حِطَّةٌ 11603 .
رُوِيَ عَنِ الْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: نَحْنُ بَابُ حِطَّتِكُمْ 11604 .
وَ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ على ما يستحقونه من الثواب تفضلا وَ إِذِ اسْتَسْقى مُوسى أي في التيه لما شكوا إليه الظماء فأوحى الله تعالى إليه أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ و هو عصاه المعروف الْحَجَرَ أي أي حجر كان أو حجر مخصوص و سيأتي ذكر الأقوال فيه قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ أي كل سبط موضع شربهم كُلُوا وَ اشْرَبُوا أي قلنا لهم كلوا و اشربوا وَ لا تَعْثَوْا أي لا تسعوا في الأرض فسادا 11605 .
و قال البيضاوي و من أنكر أمثال هذه المعجزات فلغاية جهله بالله و قلة تدبره في عجائب صنعه فإنه لما أمكن أن يكون من الأحجار ما يحلق الشعر و ينفر الخل 11606 و يجذب الحديد لم يمتنع أن يخلق الله حجرا يسخره لجذب الماء من تحت الأرض أو لجذب الهواء من الجوانب و تصييره ماء بقوة التبريد عَلى طَعامٍ واحِدٍ يريد به ما رزقوا في التيه من المن و السلوى و بوحدته أنها لا تختلف و لا تتبدل الَّذِي هُوَ أَدْنى أي أدون قدرا 11607 .
إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ إذ لم يبعث في أمة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً أي و جعل منكم أو فيكم و قد تكاثر فيهم الملوك تكاثر الأنبياء بعد فرعون و قيل لما كانوا مملوكين في أيدي القبط فأنقذهم و جعلهم مالكين لأنفسهم و أمورهم سماهم ملوكا وَ آتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ من فلق البحر و تظليل الغمام و المن و السلوى و نحوها و قيل أي عالمي زمانهم.