کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
خلاف مقصودهم و هذه الرواية أوردها الصدوق بطريق صحيح عن ابن سنان 9865 و متنه مغاير لما أورده الشيخ فإنه قال المكاري إذا لم يستقر في منزله إلا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار و أتم صلاة الليل و عليه صوم شهر رمضان فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام أو أكثر و ينصرف إلى منزله و يكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره و أفطر.
و الظاهر أن في رواية الشيخ سقطت هذه الفقرة و مقتضى هذه الرواية اعتبار إقامة العشرة في المنزل الذي يذهب إليه أيضا و القول به غير معروف بين الأصحاب إلا أن العمل بمقتضى هذه الرواية الصحيحة غير بعيد.
و استوجه ذلك بعض أفاضل المتأخرين و لم يعتن بمخالفة المشهور
6 وَ مُرْسَلَةُ يُونُسَ 9866 أَيْضاً تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ ع أَيُّمَا مُكَارٍ أَقَامَ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَدْخُلُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَعَلَيْهِ التَّقْصِيرُ.
لكنها تدل على الاكتفاء بأحدهما و يمكن حمل الخبر الأول عليه و المسألة محل إشكال و قل مكار لا يقيم في بلده
أو في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام.
و قال في المدارك ظاهر الأصحاب الاتفاق على أن إقامة العشرة أيام في البلدة قاطعة لكثرة السفر و موجبة للقصر و الظاهر أنه محل للاحتياط و ألحق الفاضلان و من تأخر عنهما بإقامة العشرة في البلد العشرة المنوية في غير بلده و هو حسن بحمل العشرة في رواية يونس على المنوية للإجماع المنقول على عدم تأثير غير المنوية و ألحق الشهيد العشرة الحاصلة بعد التردد ثلاثين و في التردد ثلاثين خلاف و الأقرب عدم الإلحاق كما اختاره الشهيدان.
و متى وجب القصر على كثير السفر بإقامة العشرة ثم سافر مرة ثانية بدون إقامة فالأظهر وجوب الإتمام عليه مع بقاء الاسم كما صرح به ابن إدريس و غيره و اعتبر في الذكرى المرة الثالثة و هو ضعيف.
و أما إقامة الخمسة فذهب الشيخ و ابن البراج و ابن حمزة إلى أنه يتم صلاة الليل خاصة للرواية المتقدمة و المشهور أنه لا تأثير لذلك أصلا و أجيب عن الرواية بأنها متروكة الظاهر فإنها تتضمن المساواة بين الخمسة و الأقل منها و الأقل يصدق على يوم و بعض يوم و لا قائل به مع أنها معارضة بقوله في صحيحة معاوية بن وهب 9867 هما واحد إذا قصرت أفطرت و إذا أفطرت قصرت.
و مال بعض أفاضل المتأخرين إلى العمل به و أول الخبر بأن المراد إثبات الحكم المذكور لمن أقام خمسة أحيانا و أقل منه أحيانا أو بأن المراد بالأقل ما قارب الخمسة و ظاهر الصدوق العمل به و عدم الاشتهار بين المتأخرين غير ضائر.
و ربما يحمل الخبر على التقية لأن الشافعي و جماعة كثيرة من العامة ذهبوا إلى الاكتفاء للإتمام بإقامة أربعة أيام سوى يوم القدوم و الخروج و ذهب جماعة منهم إلى احتساب اليومين و فيه تأمل و المسألة مشكلة و لعل الاحتياط
في الجمع.
7- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع 9868 فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ مُسَافِراً قَالَ يُقَصِّرُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْبُيُوتِ 9869 .
وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ حَمَّادٍ 9870 عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمُسَافِرُ يُقَصِّرُ حَتَّى يَدْخُلَ الْمِصْرَ 9871 .
وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْهُ ع قَالَ: إِذَا سُمِعَ الْأَذَانُ أَتَمَّ الْمُسَافِرُ 9872 .
8- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ الزُّرَارِيِّينَ يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ بِالْبَصْرَةِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ لَهُ بِالْكُوفَةِ دَارٌ وَ عِيَالٌ فَيَخْرُجُ وَ يَمُرُّ بِالْكُوفَةِ يُرِيدُ مَكَّةَ لِيَتَجَهَّزَ مِنْهَا وَ لَيْسَ مِنْ رَأْيِهِ أَنْ يُقِيمَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ قَالَ يُقِيمُ فِي جَانِبِ الْكُوفَةِ وَ يُقَصِّرُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ جَهَازِهِ وَ إِنْ هُوَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَلْيُتِمَّ الصَّلَاةَ 9873 .
6 وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ بِالْبَصْرَةِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ لَهُ بِهَا دَارٌ وَ أَهْلٌ وَ مَنْزِلٌ وَ يَمُرُّ بِهَا وَ إِنَّمَا هُوَ يَخْتَلِفُ لَا يُرِيدُ الْمُقَامَ وَ لَا يَدْرِي مَا يَتَجَهَّزُ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ قَالَ يُقِيمُ فِي جَانِبِهَا وَ يُقَصِّرُ قَالَ قُلْتُ لَهُ فَإِنْ دَخَلَ أَهْلَهُ قَالَ عَلَيْهِ التَّمَامُ 9874 .
وَ مِنْهُ عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ وَهْبٍ الْقُرَشِيِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيّاً ع كَانَ إِذَا خَرَجَ مُسَافِراً لَمْ يُقَصِّرْ مِنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنِ احْتِلَامِ الْبُيُوتِ وَ إِذَا رَجَعَ لَا يُتِمُّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ احْتِلَامَ الْبُيُوتِ 9875 .
تبيين
اعلم أن الأصحاب اختلفوا في أنه هل يعتبر في قصر المسافر حد يصل إليه ذهابا و عودا أم لا فقال الشيخ علي بن بابويه إذا خرجت من منزلك فقصر حتى تعود إليه و ذهب المرتضى و الشيخ في الخلاف و العلامة و جماعة من المتأخرين إلى اشتراط خفاء الجدران و الأذان و ذهب الأكثر إلى أن المعتبر أحد الأمرين المذكورين و نسبه الشهيد الثاني إلى أكثر القدماء و قال ابن إدريس الاعتماد عندي على الأذان المتوسط و الصدوق في المقنع اعتبر خفاء الحيطان و القائلون بالجمع جمعوا بين الأخبار بذلك و القائلون بالتخيير جمعوا بينها بالحمل على أن كلا منهما كاف لذلك و هو أصوب.
ثم المشهور اتحاد حكم الذهاب و العود و ذهب المرتضى و ابن الجنيد إلى أنه يجب عليه التقصير في العود حتى يبلغ منزله 9876 .
و اعلم أن الظاهر من أخبار التواري تواري المسافر عن البيوت أي أهلها لا تواري البيوت عنه و هو أقرب إلى خفاء الأذان و لا يبعد العمل به و حينئذ هل يكفي التواري بالحائل بحيث لا تضر الرؤية بعده أم لا وجهان و لعل العمل باعتبار الأذان أضبط و أولى و أما خفاء الجدران فإن اعتبر خفاء شبحها فلا تحصل في فراسخ و لذا اعتبروا خفاء صورتها و عدم تميز خصوصياتها لتقارب العلامة الأخرى.
و ذكر الشهيدان أن البلد لو كان في علو مفرط أو وهدة اعتبر فيها الاستواء تقديرا و يحتمل الاكتفاء بالتواري في المنخفضة كيف كان لإطلاق الخبر.
و قالوا لا عبرة بأعلام البلد كالمنارة و القلاع و لا عبرة بسماع الأذان المفرط في العلو كما أنه لا عبرة بخفاء الأذان المفرط في الانخفاض فتكون الرواية مبنية على الغالب.
و قالوا المراد جدران آخر البلد الصغير و القرية و إلا فالمحلة و كذا أذان مسجد البلد و المحلة و يحتمل البيت و نهاية البلد و ظاهر بعض الروايات خفاء جميع بيوت البلد و أذانه و يحتمل البيوت المتقاربة من بيته و كذا أذانها.
وَ يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُرْتَضَى وَ ابْنِ الْجُنَيْدِ فِي الْعَوْدِ صَحِيحَةُ الْعِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ 9877 عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا يَزَالُ الْمُسَافِرُ مُقَصِّراً حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ.
6 وَ فِي مُوَثَّقَةِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ 9878 حَتَّى يَدْخُلَ أَهْلَهُ.
و حملوهما على أن المراد الوصول إلى موضع يسمع فيه الأذان و يشاهد الجدران و هو بعيد جدا.
و يمكن القول بالتخيير بعد الوصول إلى سماع الأذان بين القصر و الإتمام جمعا بين الأخبار كما اختاره بعض المحققين من المتأخرين و ربما يحمل أخبار عدم اشتراط حد الترخص في الذهاب و العود على التقية إذ عامة فقهائهم على عدم
اشتراط ذلك.
و أقول يمكن حمل الأخبار الأخر أيضا على التقية لأن فقهاءهم الأربعة يشترطون الخروج من سور البلد و إن كان داخل السور مزارع أو مواضع خربة و ذهب بعضهم إلى أنه إذا كان خارج السور دور و مقابر فلا بد من مجاوزتها و لا يشترط عندهم مجاوزة المزارع و البساتين المتصلة بالبلد إلا إذا كانت فيها دور و قصور يسكن فيها.
و أما الأخبار التي قدمناها فالخبر الأول من المحاسن ظاهره الخروج من البيوت و لا يوافق شيئا من مذاهب الأصحاب إلا بالتكلف و هو بما ذكرنا من أقوال العامة أنسب و كذا الثاني.
و أما الثالث فيوافق القول باعتبار الأذان و هو يشمل ظاهر الذهاب و العود معا و الخبر الرابع من قرب الإسناد يدل آخره على أن المعتبر في العود دخول المنزل و أوله على أنه لا يتوسط البلد إن حمل الجانب على الداخل أو لا يدخل البلد إن حمل على الخارج فيمكن حمل هذا الجزء على التقية و يمكن حمل المنزل على البلد مجازا.
أو يكون محمولا على أنه لما كانت الكوفة من البلاد الوسيعة تعتبر فيها المحلة فإذا لم يدخل البلد يكون غالبا بينه و بين محلته حد الترخص فيحمل على ما إذا لم تكن محلته في آخر البلد من تلك الجهة و يمكن حمل الجزء الأول على الاستحباب و كذا الكلام في الخبر الخامس لكن الأهل فيه أوسع من المنزل و أقبل للتأويل.
و بالجملة يشكل الاستدلال بالخبرين على شيء من المذاهب و الخبر الأخير لعل فيه تصحيفا و لا أعرف لاحتلام البيوت معنا مناسبا في المقام إلا أن يكون كناية عن غيبة شبحها فإنها بمنزلة الخيال و المنام أو يكون بالجيم بمعنى القطع و البيوت تحتمل بيوت البلد و المحلة و بالجملة ظاهره عدم الاكتفاء بالخروج من المنزل
و الدخول فيه و أما تعيين ما يعتبر فيه على أحد المذاهب فلا يستفاد منه.
9- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُكَارِينَ الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إِلَى النِّيلِ هَلْ عَلَيْهِمْ تَمَامُ الصَّلَاةِ قَالَ إِذَا كَانَ مُخْتَلَفَهُمْ فَلْيَصُومُوا وَ لْيُتِمُّوا الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يَجِدَّ بِهِمُ السَّيْرُ فَلْيُفْطِرُوا وَ لْيُقَصِّرُوا 9879 .
بيان: قال في القاموس النيل بالكسر نهر مصر و قرية بالكوفة و آخر بيزد و بلد بين بغداد و واسط انتهى.
قوله ع إذا كان مختلفهم أي يختلفون اختلافهم المعهود بالكراء أو من غير جد.
و اعلم أن هذا و صحيحة محمد بن مسلم 9880 و صحيحة الفضل بن عبد الملك 9881 تدل على أن المكاري و الجمال إذا جد بهما السير يقصران و ظاهر الجد في السير زيادته عن القدر المعتاد في أسفارهما غالبا و الحكمة فيه واضحة فيمكن تخصيص الأخبار السابقة بهذه الأخبار أو القول بالتخيير في صورة الجد في السير و لعل الأول أقوى.
و اختلف كلام الأصحاب في تنزيل هاتين الروايتين فقال الشيخ في التهذيب الوجه في هذين الخبرين ما ذكره محمد بن يعقوب الكليني ره 9882 قال هذا محمول على من يجعل المنزلين منزلا فيقصر في الطريق خاصة و يتم في المنزل.
وَ اسْتَدَلَّ بِمَا رَوَاهُ عَنْ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا 9883 يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْجَمَّالُ وَ الْمُكَارِي إِذَا جَدَّ بِهِمَا السَّيْرُ فَلْيُقَصِّرَا بَيْنَ الْمَنْزِلَيْنِ وَ لْيُتِمَّا فِي الْمَنْزِلِ.