کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الْقَوْمَ كَانُوا يَقُولُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُخْطِئُونَ وَ يُصِيبُونَ، وَ كَانَ أَبِي لَا يَقُولُ بِرَأْيِهِ 194 .
وَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ:
جَمَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ فِيهِمْ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟. فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَبْلَ (الْمَائِدَةِ) أَوْ بَعْدَهَا؟. فَقَالَ: لَا أَدْرِي. فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَبَقَ الْكِتَابُ الْخُفَّيْنِ، إِنَّمَا أُنْزِلَتِ الْمَائِدَةُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ 195 .
أقول: : لعلّ الترديد من الراوي، أو لكون ذلك ممّا اختلفوا فيه، فتردّد عليه السلام إلزاما على الفريقين.
و مخالفة هذه الرأي للقرآن واضح، فإنّ الخفّ ليس بالرجل الذي أمر اللّه بمسحه، كما أنّ (الكمّ) ليس باليد، و النقاب ليس بالوجه، و لو غسلهما أحد لم يكن آتيا بالمأمور به، كما أشار عليه السلام إليه بقوله: سبق الكتاب الخفّين.
و قد ورد المنع من المسح على الخفّين في كثير من أخبارهم.،
فَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: أَشَدُّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ رَأَى وُضُوءَهُ عَلَى جِلْدِ غَيْرِهِ 196 .
وَ رُوِيَ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: لَأَنْ أَمْسَحَ عَلَى ظَهْرِ عَيْرٍ 197 بِالْفَلَاةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَى خُفِّي 198 .
وَ عَنْهَا، قَالَتْ: لَأَنْ يُقْطَعَ رِجْلَايَ بِالْمَوَاسِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ 199 .
وَ رَوَوْا الْمَنْعُ مِنْهُ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ 200 وَ ابْنِ عَبَّاسٍ 201 وَ غَيْرِهِمَا، و سيأتي 202 بعض القول فيه في محلّه.
و منها: نقص 203 تكبير من الصلاة على الجنائز و جعلها أربعا،
قَالَ: ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْمُحَلَّى 204 : وَ احْتَجَّ مَنْ مَنَعَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِخَبَرٍ رَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: جَمَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فَاسْتَشَارَهُمْ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ، فَقَالُوا: كَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَبْعاً وَ خَمْساً وَ أَرْبَعاً، فَجَمَعَهُمْ عُمَرُ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ 205 .
و هو خلاف ما فعله رسول اللّه (ص).،
كما رواه مُسْلِمٌ فِي 206 صَحِيحِهِ 207 ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى 208 ، قَالَ: كَانَ زَيْدٌ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعاً، وَ إِنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْساً، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: كَانَ رَس ُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] يُكَبِّرُهَا.
وَ رَوَاهُ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ 209 ، عَنْ مُسْلِمٍ وَ النَّسَائِيِ 210 وَ أَبِي دَاوُدَ 211 وَ التِّرْمِذِيِ 212 ، وَ قَالَ 213 : وَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا خَمْساً وَ قَالَ: كَبَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ].
وَ رَوَى ابْنُ شِيرَوَيْهِ فِي الْفِرْدَوْسِ 214 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْمَيِّتِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ 215 .
فالروايات كما ترى صريحة في أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يكبّر خمس تكبيرات، و ظاهر (كان) الدوام، و لو سلّم أنّه قد كان يكبّر أربعا فلا ريب
في جواز الخمس، فالمنع من الزيادة على الأربع من أسوإ البدع.
و منها:
مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ 216 وَ حَكَاهُ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ 217 ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: أَبَى عُمَرُ أَنْ يُوَرِّثَ أَحَداً 218 مِنَ الْأَعَاجِمِ إِلَّا أَحَداً وُلِدَ فِي الْعَرَبِ.
قَالَ: وَ زَادَ رَزِينٌ 219 وَ 220 امْرَأَةٌ جَاءَتْ حَامِلًا فَوَلَدَتْ فِي الْعَرَبِ فَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ وَ تَرِثُهُ إِنْ مَاتَ مِيرَاثَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ. انتهى.
و مضادة هذا المنع للآيات و الأخبار، بل مخالفته لما علم ضرورة من دين الإسلام 221 من ثبوت التوارث بين المسلمين ممّا لا يريب فيه أحد.
و منها: القول بالعول و التعصيب في الميراث
كما سيأتي، و روت الخاصّة و العامّة ذلك بأسانيد جمّة يأتي 222 بعضها، و لنورد هنا خبرا واحدا
رواه الشَّهِيدُ الثَّانِي رَحِمَهُ اللَّهُ 223 وَ غَيْرُهُ 224 : عَنْ أَبِي طَالِبٍ الْأَنْبَارِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَافِظِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ 225 ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى 226 ابْنِ عَبَّاسٍ، فَجَرَى ذِكْرُ الْفَرَائِضِ وَ الْمَوَارِيثِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ! أَ تَرَوْنَ 227 الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ 228 عَدَداً جَعَلَ فِي مَالٍ نِصْفَيْنِ 229 وَ ثُلُثاً وَ رُبُعاً أَوْ قَالَ: نِصْفاً وَ نِصْفاً وَ ثُلُثاً وَ هَذَانِ النِّصْفَانِ قَدْ ذَهَبَا بِالْمَالِ، فَأَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ؟! فَقَالَ لَهُ زُفَرُ بْنُ أَوْسٍ الْبَصْرِيُّ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ! فَمَنْ أَوَّلُ مَنْ أَعَالَ الْفَرَائِضَ؟. فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ 230 ، لَمَّا الْتَفَّتْ عِنْدَهُ الْفَرَائِضُ وَ دَفَعَ 231 بَعْضُهَا بَعْضاً، فَقَالَ: وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي أَيَّكُمْ قَدَّمَ اللَّهُ وَ أَيَّكُمْ أَخَّرَ، وَ مَا أَجِدُ شَيْئاً هُوَ أَوْسَعُ إِلَّا أَنْ أَقْسِمَ عَلَيْكُمْ هَذَا الْمَالَ بِالْحِصَصِ، وَ أَدْخَلَ عَلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ عَوْلِ الْفَرِيضَةِ، وَ ايْمُ اللَّهِ لَوْ قَدَّمَ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ وَ أَخَّرَ مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ مَا عَالَتْ فَرِيضَةٌ 232 فَقَالَ لَهُ زُفَرُ بْنُ أَوْسٍ: فَأَيَّهَا قَدَّمَ وَ أَيَّهَا أَخَّرَ؟. فَقَالَ: كُلُّ فَرِيضَةٍ 233 . لَمْ يُهْبِطْهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ فَرِيضَةٍ إِلَّا إِلَى فَرِيضَةٍ، فَهَذَا مَا قَدَّمَ اللَّهُ. وَ أَمَّا مَا أَخَّرَ
فَكُلُّ فَرِيضَةٍ إِذَا زَالَتْ عَنْ فَرْضِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إِلَّا مَا بَقِيَ، فَتِلْكَ الَّتِي أَخَّرَ، وَ أَمَّا 234 الَّذِي ق َدَّمَ، فَالزَّوْجُ لَهُ النِّصْفُ فَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ مَا يُزِيلُهُ عَنْهُ رَجَعَ إِلَى الرُّبُعِ لَا يُزِيلُهُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَ الزَّوْجَةُ لَهَا الرُّبُعُ فَإِذَا زَالَتْ عَنْهُ صَارَتْ إِلَى الثُّمُنِ لَا يُزِيلُهَا عَنْهُ شَيْءٌ، وَ الْأُمُّ لَهَا الثُّلُثُ فَإِذَا زَالَتْ عَنْهُ صَارَتْ إِلَى السُّدُسِ لَا يُزِيلُهَا عَنْهُ شَيْءٌ، فَهَذِهِ الْفَرَائِضُ الَّتِي قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ أَمَّا الَّتِي أَخَّرَ، فَفَرِيضَةُ الْبَنَاتِ وَ الْأَخَوَاتِ لَهُنَّ النِّصْفُ وَ الثُّلُثَانِ، فَإِذَا أَزَالَتْهُنَّ الْفَرَائِضُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ إِلَّا مَا بَقِيَ، فَتِلْكَ الَّتِي أَخَّرَ، فَإِذَا اجْتَمَعَ مَا قَدَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَ مَا أَخَّرَ 235 ، بُدِئَ بِمَا قَدَّمَ اللَّهُ فَأُعْطِيَ حَقَّهُ كَامِلًا، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِمَنْ أَخَّرَ 236 ، وَ إِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ زُفَرُ بْنُ أَوْسٍ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُشِيرَ بِهَذَا الرَّأْيِ عَلَى عُمَرَ؟. فَقَالَ: هِبْتُهُ 237 ، وَ اللَّهِ وَ كَانَ امْرَأً مَهِيباً، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنْ تَقَدَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِمَامَ عَدْلٍ كَانَ أَمْرُهُ عَلَى الْوَرَعِ أَمْضَى أَمْراً وَ حَكَمَ بِهِ وَ أَمْضَاهُ لَمَا اخْتَلَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ اثْنَانِ 238 .
و منها: التثويب،
و هو قول: الصلاة خير من النوم، في الأذان.
فقد 239 رَوَى فِي جَامِعِ الْأُصُولِ 240 مِمَّا رَوَاهُ عَنِ الْمُوَطَّإِ 241 ، قَالَ 242 عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ الْمُؤَذِّنُ جَاءَ عُمَرَ يُؤْذِنُهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَوَجَدَهُ نَائِماً، فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَجْعَلَهُمَا فِي الصُّبْحِ.
و يظهر منها أنّ ما
رووه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالتثويب.