کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
صدقات رسول الله ص أموالا لمخيريق اليهودي بالخاء المعجمة و القاف مصغرا و قال عبد العزيز بن عمران بلغني أنه كان من بقايا بني قينقاع.
و نقل الذهبي عن الواقدي أنه قال حبرا عالما من بني النضير آمن بالنبي ص و لذا عده الذهبي من الصحابة لكن رأيت في أوقاف الحصاف قال الواقدي مخيريق لم يسلم و لكنه قاتل و هو يهودي فلما مات دفن في ناحية من مقبرة المسلمين و لم يصل عليه انتهى.
و قال ابن شهاب أوصى بأمواله للنبي ص و شهد أحدا فقتل به
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مُخَيْرِيقٌ سَابِقُ الْيَهُودِ وَ سَلْمَانُ سَابِقُ فَارِسَ وَ بِلَالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ.
قال و أسماء أموال مخيريق التي صارت للنبي ص الدلال و برقة و الأعواف و الصافية و الميثب و حسنا 13675 و مشربة أم إبراهيم فأما الصافية و برقة و الدلال و الميثب فمجاورات بأعلى الصورين 13676 من خلف قصر مروان بن الحكم و يسقيها مهزور 13677 و أما مشربة أم إبراهيم سميت بها لأن أم إبراهيم بن النبي ص ولدت فيها و تعلقت حين ضربها المخاض بخشبة من خشب تلك المشربة فتلك الخشبة اليوم معروفة 13678 و كان النبي ص أسكن مارية هناك و
المشربة الغرفة فكان ذلك المكان سمي باسمها 13679 و أما حسنا 13680 و الأعواف فيسقيهما مهزور انتهى 13681 .
و قال أبو غسان اختلف في الصدقات فقال بعض الناس هي من أموال بني قريظة و النضير.
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: كَانَ الدَّلَالُ لِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ وَ كَانَ لَهَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ فَكَاتَبَتْهُ عَلَى أَنْ يُحْيِيَهَا لَهَا ثُمَّ هُوَ حُرٌّ فَأَعْلَمَ بِذَلِكَ النَّبِيَّ ص فَخَرَجَ إِلَيْهَا فَجَلَسَ عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ جَعَلَ يَحْمِلُ إِلَيْهِ الْوَدِيَّ فَيَضَعُهُ بِيَدِهِ فَمَا عَدَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ أَنْ أَطْلَعَتْ 13682 قَالَ ثُمَّ أَفَاءَهَا اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ص.
قال أبو غسان الذي تظاهر عندنا أن الصدقات المذكورة من أموال بني النضير 13683 و يؤيده ما في سنن أبي داود أنه كانت نخل بني النضير لرسول الله ص خاصة أعطاه الله إياه فقال ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ 13684 الآية فأعطى أكثرها المهاجرين و بقي منها صدقة رسول الله ص التي في أيدي بني فاطمة الحوائط السبعة 13685 .
ثم قال و أما الصدقات السبع فالصافية معروفة اليوم شرقي المدينة بجزع زهيرة و برقة معروفة اليوم أيضا في قبلة المدينة مما يلي المشرق و الدلال جزع معروف أيضا قبل الصافية و الميثب غير معروف اليوم و الأعواف جزع معروف اليوم بالعالية 13686 و مشربة أم إبراهيم أيضا معروفة بالعالية و حسنا 13687 ضبطه
المراغي بخطه بضم الحاء و سكون السين المهملتين ثم نون مفتوحة و لا يعرف اليوم و لعله تصحيف من الحناء بالنون بعد الحاء و هو معروف اليوم قلت هو خطأ لأنه مخالف للضبط و لا تشرب من مهزور 13688 و الذي يظهر أن الحسنا هي الموضع المعروف اليوم بالحسينيار قرب جزع الدلال 13689 و هو يشرب من مهزور و هذه الصدقات مما طلبته فاطمة ع من أبي بكر مع سهمه ص بخيبر و فدك كما في الصحيح فأبى أبو بكر عليها ذلك ثم دفع عمر صدقته بالمدينة إلى علي و العباس و أمسك خيبر و فدك و قال هما صدقة رسول الله ص و كانتا لحقوقه التي تعروه و كانت هذه الصدقة بيد علي منعها العباس فغلبه عليها ثم كانت بيد الحسن ثم بيد الحسين 13690 ثم بيد عبد الله بن الحسن حتى ولي بنو العباس فقبضوها انتهى 13691 .
و في القاموس الجزع بالكسر منعطف الوادي و وسطه أو منقطعه أو منحناه أو هو مكان بالوادي لا شجر فيه و ربما كان رملا و محلة القوم و المشرف من الأرض إلى جنبه طمأنينة و قال الفقير البئر التي تغرس فيها الفسيلة.
باب 8 فضل المهاجرين و الأنصار و سائر الصحابة و التابعين و جمل أحوالهم
الآيات البقرة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ آل عمران فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ التوبة وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الفتح مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً الحشر لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا
الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ تفسير قال الطبرسي نور الله ضريحه في قوله تعالى فَالَّذِينَ هاجَرُوا أي إلى المدينة و فارقوا قومهم من أهل الكفر وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ أخرجهم المشركون من مكة وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا في سبيل الله ثَواباً أي جزاء لهم مِنْ عِنْدِ اللَّهِ على أعمالهم وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ أي عنده من حسن الجزاء على الأعمال ما لا يبلغه وصف واصف 13692 وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ أي السابقون إلى الإيمان و إلى الطاعات مِنَ الْمُهاجِرِينَ الذين هاجروا من مكة إلى المدينة و إلى الحبشة وَ الْأَنْصارِ أي و من الأنصار الذين سبقوا نظراءهم من أهل المدينة إلى الإسلام وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ أي بأفعال الخير و الدخول في الإسلام بعدهم و سلوك مناهجهم و يدخل في ذلك من يجيء بعدهم إلى يوم القيامة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أي رضي أفعالهم وَ رَضُوا عَنْهُ لما أجزل لهم من الثواب و فيها دلالة على فضل السابقين و مزيتهم على غيرهم لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدين فمنها مفارقة العشائر و الأقربين و منها مباينة المألوف من الدين و منها نصرة الإسلام مع قلة العدد و كثرة العدو و منها السبق إلى الإسلام و الدعاء إليه.
وَ فِي مُسْنَدِ السَّيِّدِ أَبِي طَالِبٍ الْهَرَوِيِّ مَرْفُوعاً إِلَى أَبِي أَيُّوبَ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: صَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيَّ وَ عَلَى عَلِيٍّ سَبْعَ سِنِينَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِيهَا أَحَدٌ غَيْرِي وَ غَيْرُهُ.
وَ رَوَى الْحَاكِمُ الْحَسْكَانِيُّ مَرْفُوعاً إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ قَالَ هُمْ عَشَرَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَوَّلُهُمْ إِسْلَاماً عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع 13693 .
أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ قال الحسن بلغ من شدتهم على الكفار
أنهم كانوا يتحرزون من ثياب المشركين حتى لا تلتزق بثيابهم و عن أبدانهم حتى لا تمس أبدانهم و بلغ تراحمهم فيما بينهم أن كانوا لا يرى مؤمن مؤمنا إلا صافحه و عانقه.
و مثله قوله أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ 13694 تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً هذا إخبار عن كثرة صلاتهم و مداومتهم عليها يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً أي يلتمسون بذلك زيادة نعمهم من الله و يطلبون مرضاته سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ أي علامتهم يوم القيامة أن يكون مواضع سجودهم أشد بياضا عن ابن عباس و عطية قال شهر بن حوشب تكون مواضع سجودهم كالقمر ليلة البدر و قيل هو التراب على الجباه لأنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب عن عكرمة و ابن جبير و أبي العالية.
و قيل هو الصفرة و النحول قال الحسن إذا رأيتهم حسبتهم مرضى و ما هم بمرضى ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ يعني أن ما ذكر من وصفهم هو ما وصفوا به في التوراة أيضا ثم ذكر نعتهم في الإنجيل فقال وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ أي فراخه و قيل ليس بينهما وقف و المعنى ذلك مثلهم في التوراة و الإنجيل جميعا.
فَآزَرَهُ أي شده و أعانه و قواه قال المبرد يعني أن هذه الأفراخ لحقت الأمهات حتى صارت مثلها فَاسْتَغْلَظَ أي غلظ ذلك الزرع فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ أي قام على قصبه و أصوله فاستوى الصغار مع الكبار و السوق جمع الساق و المعنى أنه تناهى و بلغ الغاية يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ أي يروق 13695 ذلك الزرع الأكرة الذين زرعوه قال الواحدي هذا مثل ضربه الله تعالى لمحمد ص و أصحابه فالزرع محمد و الشطأ أصحابه و المؤمنون حوله و كانوا في ضعف و قلة كما يكون أول الزرع دقيقا ثم غلظ و قوي و تلاحق فكذلك المؤمنون
قوى بعضهم بعضا حتى استغلظوا و استووا على أثرهم 13696 لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ أي إنما كثرهم الله و قواهم ليكونوا غيظا للكافرين بتوافرهم و تظاهرهم و اتفاقهم على الطاعة وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ أي من أقام على الإيمان و الطاعة منهم 13697 .