کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
أَوْ قَالَ إِنْ كَتَبَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَقَدْ خَانَكَ وَ إِنْ أَمَرْتَهُ بِذَلِكَ فَأَنْتُمَا خَائِنَانِ كَاذِبَانِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَا مُعَاوِيَةُ أَظُنُّكَ تُهَدِّدُ الْبَطَّ بِالشَّطِّ فَدَعِ الْوَعِيدَ فَمَا وَعِيدُكَ ضَائِرٌ أَ طَنِينُ أَجْنِحَةِ الذُّبَابِ يَضِيرُ وَ اللَّهِ إِنَّ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع لَدِيكاً عَلِيَّ الصَّوْتِ عَظِيمَ الْمِنْقَارِ يَلْتَقِطُ الْجَيْشَ بِخَيْشُومِهِ وَ يَصْرِفُهُ إِلَى قَانِصَتِهِ وَ يَحُطُّهُ إِلَى حَوْصَلَتِهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَ اللَّهِ كَذَلِكَ هُوَ مَالِكُ بْنُ [الْحَارِثِ] الْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ ثُمَّ قَالَ ارْجِعْ بِسَلَامٍ مِنِّي وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى خُذِ الْمَالَ وَ الْكِتَابَ وَ انْصَرِفْ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ صَاحِبِكَ خَيْراً فَأَخَذَ الطِّرِمَّاحُ الْكِتَابَ وَ حَمَلَ الْمَالَ وَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَ رَكِبَ مَطِيَّتَهُ وَ سَارَ ثُمَّ الْتَفَتَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَوْ أَعْطَيْتُ جَمِيعَ مَا أَمْلِكُ لِرَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يُؤَدِّ عَنِّي عُشْرَ عَشِيرِ مَا أَدَّى هَذَا الْأَعْرَابِيُّ عَنْ صَاحِبِهِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لَوْ أَنَّ لَكَ قَرَابَةً كَقَرَابَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ كَانَ مَعَكَ الْحَقُّ كَمَا هُوَ مَعَهُ لَأَدَّيْنَا عَنْكَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فَضَّ اللَّهُ فَاكَ وَ قَطَعَ شَفَتَيْكَ وَ اللَّهِ لَكَلَامُكَ عَلَيَّ أَشَدُّ مِنْ كَلَامِ الْأَعْرَابِيِّ وَ لَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا.
توضيح الزعزعة تحريك الرياح لشجرة و نحوها ذكره الفيروزآبادي و قال وقب الظلام دخل و الشمس وقبا و وقوبا غابت و الوثيق المحكم و المصاف جمع المصف و هو موضع الصف و السميدع بفتح السين و الميم بعدها مثناة تحتانية السيد الكريم الشريف السخي الموطأ الأكتاف و الشجاع و في الصحاح ضاره يضوره و يضيره ضورا و ضيرا أي ضره.
552 5157 - أَقُولُ نُقِلَ مِنْ خَطِّ الشَّهِيدِ قُدِّسَ سِرُّهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ
مُعَاوِيَةُ لِأَبِي الْمُرَقِّعِ الْهَمْدَانِيِّ اشْتِمْ عَلِيّاً قَالَ بَلْ أَشْتِمُ شَاتِمَهُ وَ ظَالِمَهُ قَالَ أَ هُوَ مَوْلَاكَ قَالَ وَ مَوْلَاكَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَادْعُ عَلَيْهِ قَالَ بَلْ أَدْعُو عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ قَالَ مَا تَقُولُ فِي قَاتِلِهِ قَالَ هُوَ فِي النَّارِ مَعَ مَنْ سَرَّهُ ذَلِكَ قَالَ مَنْ قَوْمُكَ قَالَ الزُّرْقُ مِنْ هَمْدَانَ الَّذِينَ أَسْحَبُوكَ يَوْمَ صِفِّينَ.
552 5158 - وَ مِنْ خَطِّهِ أَيْضاً قَالَ رَوَى أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ فِي كِتَابِ فَائِتِ الْجَمْهَرَةِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّينَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ لَهُ سَلْ عَلِيّاً فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مِنِّي قَالَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ جَوَابُكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَوَابِهِ فَقَالَ لَهُ لَقَدْ كَرِهْتَ رَجُلًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَغُرُّهُ بِالْعِلْمِ غَرّاً وَ لَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ قَالَ أَ هَاهُنَا أَبُو الْحَسَنِ قُمْ لَا أَقَامَ اللَّهُ رِجْلَيْكَ وَ مَحَا اسْمَهُ مِنَ الدِّيوَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَكُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَجَاءَنَا الرَّجُلُ وَ قَدْ سَبَقَهُ خَبَرُهُ إِلَيْنَا فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ جِئْتُكَ مُسْتَأْمِناً فَقَالَ لَهُ أَنْتَ صَاحِبُ الْكَلَامِ أَنْتَ تُعَرِّفُ مُعَاوِيَةَ مَنْ أَنَا فَكَيْفَ رَأَيْتَ جَوَابَ الْمُنَافِقِ قُمْ لَا أَقَامَ اللَّهُ رِجْلَيْكَ فَبَقِيَ مُذَبْذَباً.
و ذكر ابن النديم في الفهرست أن هذا أبا عمر كان نهاية في النصب و الميل على علي ع.
باب 21 باب بدو قصة التحكيم و الحكمين و حكمهما بالجور رأي العين
و قد مر بعض ذلك فيما مضى من قصص صفين.
553 5159 - قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ قَالَ نَصْرٌ رَوَى عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ أَنَّ عَلِيّاً ع بَعَثَ أَرْبَعَمِائَةٍ عَلَيْهِمْ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ وَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ يُصَلِّي بِهِمْ وَ مَعَهُمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ ثُمَّ إِنَّهُمْ خَلَّوْا بَيْنَ الْحَكَمَيْنِ فَكَانَ رَأْيُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ كَانَ يَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَعْتُ لَأُحْيِيَنَّ سُنَّةَ عُمَرَ-.
قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ أَبُو مُوسَى الْمَسِيرَ قَامَ إِلَيْهِ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَ قَالَ يَا أَبَا مُوسَى إِنَّكَ قَدْ نُصِبْتَ لِأَمْرٍ عَظِيمٍ لَا يُجْبَرُ صَدْعُهُ وَ لَا يُسْتَقَالُ فِتْنَتُهُ وَ مَهْمَا تَقُلْ مِنْ شَيْءٍ عَلَيْكَ أَوْ لَكَ تُثْبِتْ حَقَّهُ وَ تَرَى صِحَّتَهُ وَ إِنْ كَانَ بَاطِلًا وَ إِنَّهُ لَا بَقَاءَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ إِنْ
مَلِكَهُمْ مُعَاوِيَةُ وَ لَا بَأْسَ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ إِنْ مَلِكَهُمْ عَلِيٌّ وَ قَدْ كَانَتْ مِنْكَ تَثْبِيطَةٌ أَيَّامَ الْكُوفَةِ وَ الْجَمَلِ وَ إِنْ تُشَفِّعْهَا بِمِثْلِهَا يَكُنِ الظَّنُّ بِكَ يَقِيناً وَ الرَّجَاءُ مِنْكَ يَأْساً فَقَالَ أَبُو مُوسَى مَا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ اتَّهَمُونِي أَنْ يُرْسِلُونِي لِأَدْفَعَ عَنْهُمْ بَاطِلًا أَوْ أَجُرَّ إِلَيْهِمْ حَقّاً-.
وَ رَوَى الْمَدَائِنِيُّ فِي كِتَابِ صِفِّينَ قَالَ- لَمَّا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ عَلَى طَلَبِ أَبِي مُوسَى وَ أَحْضَرُوهُ لِلتَّحْكِيمِ عَلَى كُرْهٍ مِنْ عَلِيٍّ ع لَهُ أَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ وَ عِنْدَهُ وُجُوهُ النَّاسِ وَ الْأَشْرَافِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا مُوسَى إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَرْضَوْا بِكَ وَ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَيْكَ لِفَضْلٍ لَا تُشَارَكُ فِيهِ وَ مَا أَكْثَرَ أَشْبَاهَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ الْمُتَقَدِّمِينَ قَبْلَكَ وَ لَكِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَكَمُ يَمَانِيّاً وَ رَأَوْا أَنَّ مُعْظَمَ أَهْلِ الشَّامِ يَمَانٍ وَ ايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّ ذَلِكَ شَرّاً لَكَ وَ لَنَا فَإِنَّهُ قَدْ ضُمَّ إِلَيْكَ دَاهِيَةُ الْعَرَبِ وَ لَيْسَ فِي مُعَاوِيَةَ خَلَّةٌ يَسْتَحِقُّ بِهَا الْخِلَافَةَ فَإِنْ تَقْذِفْ بِحَقِّكَ عَلَى بَاطِلِهِ تُدْرِكْ حَاجَتَكَ مِنْهُ وَ إِنْ يَطْمَعْ بَاطِلُهُ فِي حَقِّكَ يُدْرِكْ حَاجَتَهُ مِنْكَ وَ اعْلَمْ يَا أَبَا مُوسَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ طَلِيقُ الْإِسْلَامِ وَ أَنَّ أَبَاهُ رَأْسُ الْأَحْزَابِ وَ أَنَّهُ يَدَّعِي الْخِلَافَةَ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ وَ لَا بَيْعَةٍ فَإِنْ زَعَمَ لَكَ أَنَّ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ اسْتَعْمَلَاهُ فَلَقَدْ صَدَقَ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ وَ هُوَ الْوَالِي عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الطَّبِيبِ يَحْمِيهِ مَا يَشْتَهِي وَ يُؤْجِرُهُ مَا يَكْرَهُ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ عُثْمَانُ بِرَأْيِ عُمَرَ وَ مَا أَكْثَرَ مَا اسْتَعْمَلَا مِمَّنْ لَمْ يَدَّعِ الْخِلَافَةَ وَ اعْلَمْ أَنَّ لِعَمْرٍو مَعَ كُلِّ شَيْءٍ يَسُرُّكَ خَبِيئاً يَسُوؤُكَ وَ مَهْمَا نَسِيتَ فَلَا تَنْسَ أَنَّ عَلِيّاً ع بَايَعَهُ الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ أَنَّهَا بَيْعَةُ هُدًى وَ أَنَّهُ لَمْ يُقَاتِلْ إِلَّا الْعَاصِينَ وَ النَّاكِثِينَ فَقَالَ أَبُو مُوسَى رَحِمَكَ اللَّهُ وَ اللَّهِ مَا لِي إِمَامٌ غَيْرُ عَلِيٍّ وَ إِنِّي لَوَاقِفٌ عِنْدَ مَا رَأَى وَ إِنَّ حَقَّ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رِضَا مُعَاوِيَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ وَ مَا أَنْتَ وَ أَنَا إِلَّا بِاللَّهِ.
وَ رَوَى الْبَلاذُرِيُّ فِي كِتَابِ أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ قَالَ- قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْعَبَّاسِ مَا مَنَعَ عَلِيّاً أَنْ يَبْعَثَكَ مَعَ عَمْرٍو يَوْمَ التَّحْكِيمِ قَالَ مَنَعَهُ حَاجِزُ الْقَدَرِ وَ مِحْنَةُ الِابْتِلَاءِ وَ قِصَرُ الْمُدَّةِ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ كُنْتُ لَقَعَدْتُ عَلَى مَدَارِجِ أَنْفَاسِهِ نَاقِضاً مَا أَبْرَمَ وَ مُبْرِماً مَا نَقَضَ أَطِيرُ إِذَا أَسَفَ وَ أَسِفُ إِذَا طَارَ وَ لَكِنْ سَبَقَ قَدَرٌ وَ بَقِيَ أَسَفٌ وَ مَعَ الْيَوْمِ غَدٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ-.
قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ- أَقْبَلَ أَبُو مُوسَى إِلَى عَمْرٍو فَقَالَ يَا عَمْرُو هَلْ لَكَ فِي أَمْرٍ هُوَ لِلْأُمَّةِ صَلَاحٌ وَ لِصُلَحَاءِ النَّاسِ رِضًا نُوَلِّي هَذَا الْأَمْرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ وَ لَا فِي هَذِهِ الْفُرْقَةِ قَالَ وَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَرِيبَيْنِ يَسْمَعَانِ الْكَلَامَ فَقَالَ عَمْرٌو فَأَيْنَ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ فَأَبَى عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى فَقَالَ عَمْرٌو أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ مُعَاوِيَةَ وَلِيُّ عُثْمَانَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً [33 الْإِسْرَاءُ] ثُمَّ إِنَّ بَيْتَ مُعَاوِيَةَ فِي قُرَيْشٍ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَ هُوَ أَخُو أُمِّ حَبِيبَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَ زَوْجِ النَّبِيِّ ص وَ قَدْ صَحِبَهُ وَ هُوَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ بِالسُّلْطَانِ فَقَالَ لَهُ إِنْ هُوَ وَلِيَ الْأَمْرَ أَكْرَمَكَ كَرَامَةً لَمْ يُكْرِمْكَ أَحَدٌ قَطُّ بِمِثْلِهَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى اتَّقِ اللَّهَ يَا عَمْرُو فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَيْسَ عَلَى الشَّرَفِ إِنَّمَا هُوَ لِأَهْلِ الدِّينِ وَ الْفَضْلِ مَعَ أَنِّي لَوْ كُنْتُ أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ قُرَيْشٍ شَرَفاً لَأَعْطَيْتُهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ وَلِيُّ عُثْمَانَ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أُوَلِّيهِ إِيَّاهُ لِنِسْبَةٍ مِنْ عُثْمَانَ وَ أَدَعُ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَ أَمَّا تَعْرِيضُكَ لِي بِالْإِمْرَةِ وَ السُّلْطَانِ فَوَ اللَّهِ لَوْ خَرَجَ لِي مِنْ سُلْطَانِهِ مَا وَلِيتُهُ وَ لَا كُنْتُ أَرْتَشِي فِي اللَّهِ وَ لَكِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَحْيَيْنَا سُنَّةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَعْتُ لَأُحْيِيَنَّ اسْمَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِيدُ أَنْ تُبَايِعَ ابْنَ عُمَرَ لِدِينِهِ فَمَا يَمْنَعُكَ مِنِ ابْنِي عَبْدِ اللَّهِ وَ أَنْتَ تَعْرِفُ فَضْلَهُ وَ صَلَاحَهُ فَقَالَ إِنَّ ابْنَكَ لَرَجُلُ صِدْقٍ وَ لَكِنَّكَ قَدْ غَمَسْتَهُ فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ-.
قَالَ نَصْرٌ وَ رُوِيَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ- كُنْتُ مَعَ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ فِي غَزْوَةِ سِجِسْتَانَ فَحَدَّثَنِي أَنَّ عَلِيّاً ع أَوْصَاهُ بِكَلِمَاتٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ قَالَ لَهُ قُلْ لِعَمْرٍو إِذَا لَقِيتَهُ إِنَّ عَلِيّاً يَقُولُ لَكَ إِنَّ أَفْضَلَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَ إِنْ نَقَصَهُ وَ إِنَّ أَبْعَدَ الْخَلْقِ مِنَ اللَّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْبَاطِلِ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَ إِنَّ زَادَهُ وَ اللَّهِ يَا عَمْرُو إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَيْنَ مَوْضِعُ الْحَقِّ فَلِمَ تَتَجَاهَلُ أَ بِأَنْ أُوتِيتَ طَمَعاً يَسِيراً صِرْتَ لِلَّهِ وَ لِأَوْلِيَائِهِ عَدُوّاً فَكَانَ مَا أُوتِيتَ قَدْ زَالَ عَنْكَ فَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً وَ لَا لِلظَّالِمِينَ ظَهِيراً أَمَا إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ يَوْمَكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ نَادِمٌ هُوَ يَوْمُ وَفَاتِكَ وَ سَوْفَ تَتَمَنَّى أَنَّكَ لَمْ تُظْهِرْ لِي عَدَاوَةً وَ لَمْ تَأْخُذْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ رِشْوَةً قَالَ شُرَيْحٌ فَأَبْلَغْتُهُ ذَلِكَ يَوْمَ لَقِيتُهُ فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ وَ قَالَ مَتَى كُنْتُ قَابِلًا مَشُورَةَ عَلِيٍّ أَوْ مُنِيباً إِلَى رَأْيِهِ أَوْ مُعْتَدّاً بِأَمْرِهِ فَقُلْتُ وَ مَا يَمْنَعُكَ يَا ابْنَ النَّابِغَةِ أَنْ تَقْبَلَ مِنْ مَوْلَاكَ وَ سَيِّدِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ مَشُورَتَهُ لَقَدْ كَانَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ يَسْتَشِيرَانِهِ وَ يَعْمَلَانِ بِرَأْيِهِ فَقَالَ إِنَّ مِثْلِي لَا يُكَلِّمُ مِثْلَكَ فَقُلْتُ بِأَيِّ أَبَوَيْكَ تَرْغَبُ عَنْ كَلَامِي بِأَبِيكَ الْوَشِيظِ أَمْ بِأُمِّكَ النَّابِغَةِ فَقَامَ مِنْ مَكَانِهِ وَ قُمْتُ.
قَالَ نَصْرٌ وَ رَوَى أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ- أَنَّ عَمْراً وَ أَبَا مُوسَى لَمَّا الْتَقَيَا بِدَوْمَةَ الْجَنْدَلِ أَخَذَ عَمْرٌو يُقَدِّمُ أَبَا مُوسَى فِي الْكَلَامِ وَ يَقُولُ إِنَّكَ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ ص قَبْلِي وَ أَنْتَ أَكْبَرُ مِنِّي سِنّاً فَتَكَلَّمْ أَنْتَ ثُمَّ أَتَكَلَّمُ أَنَا فَجَعَلَ ذَلِكَ سُنَّةً وَ عَادَةً بَيْنَهُمَا وَ إِنَّمَا كَانَ مَكْراً وَ خَدِيعَةً وَ اغْتِرَاراً لَهُ بِأَنْ يُقَدِّمَهُ فَيَبْدَأَ بِخَلْعِ عَلِيٍّ ثُمَّ يَرَى رَأْيَهُ.