کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
كَلْبَةَ حَدِيدٍ خَارِجَةً مِنَ النَّارِ فَمَضَى بِي إِلَيْهِ فَخِلْتُ كَتِفِيَ الْيُمْنَى قَدِ انْقَلَعَتْ فَسَأَلْتُهُ الْخِفَّةَ فَزَادَنِي ثِقْلًا فَقُلْتُ لَهُ سَأَلْتُكَ بِمَنْ أَمَّرَكَ عَلَيَّ مَنْ تَكُونُ قَالَ مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الْجَبَّارِ قُلْتُ وَ مَنْ هَذَا قَالَ عَلِيٌّ الْكَرَّارُ قُلْتُ وَ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمُخْتَارُ قُلْتُ وَ الَّذِي حَوْلَهُ قَالَ النَّبِيُّونَ وَ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَدَاءُ وَ الصَّالِحُونَ وَ الْمُؤْمِنُونَ قُلْتُ أَنَا مَا فَعَلْتُ حَتَّى أَمَّرَكَ عَلَيَّ قَالَ إِلَيْهِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ وَ حَالُكَ حَالُ هَؤُلَاءِ فَحَقَّقْتُ النَّظَرَ وَ إِذَا بِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَمِيرِ الْعَسْكَرِ وَ قَوْمٍ لَمْ أَعْرِفْهُمْ وَ إِذَا بِعُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ مِنْ حَدِيدٍ وَ النَّارُ خَارِجَةٌ مِنْ عَيْنَيْهِ وَ أُذُنَيْهِ فَأَيْقَنْتُ بِالْهَلَاكِ وَ بَاقِي الْقَوْمِ مِنْهُمْ مُغَلَّلٌ وَ مِنْهُمْ مُقَيَّدٌ وَ مِنْهُمْ مَقْهُورٌ بِعَضُدِهِ مِثْلِي فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ وَ إِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص الَّذِي وَصَفَهُ الْمَلَكُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ عَالٍ يَزْهُو أَظُنُّهُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ رَجُلَيْنِ ذِي شَيْبَتَيْنِ بَهِيَّتَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ فَسَأَلْتُ الْمَلَكَ عَنْهُمَا فَقَالَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ إِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص يَقُولُ مَا صَنَعْتَ يَا عَلِيُّ قَالَ مَا تَرَكْتُ أَحَداً مِنْ قَاتِلِي الْحُسَيْنِ إِلَّا وَ أَتَيْتُ بِهِ فَحَمِدْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى أَنِّي لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ وَ رُدَّ إِلَيَّ عَقْلِي وَ إِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص يَقُولُ قَدِّمُوهُمْ فَقَدَّمُوهُمْ إِلَيْهِ وَ جَعَلَ يَسْأَلُهُمْ وَ يَبْكِي وَ يَبْكِي كُلُّ مَنْ فِي الْمَوْقِفِ لِبُكَائِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لِلرَّجُلِ مَا صَنَعْتَ بِطَفِّ كَرْبَلَاءَ بِوَلَدِيَ الْحُسَيْنِ فَيُجِيبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا حَمَيْتُ الْمَاءَ عَنْهُ وَ هَذَا يَقُولُ أَنَا قَتَلْتُهُ وَ هَذَا يَقُولُ أَنَا وَطِئْتُ صَدْرَهُ بِفَرَسِي وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَنَا ضَرَبْتُ وَلَدَهُ الْعَلِيلَ فَصَاحَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَا وَلَدَاهْ وَا قِلَّةَ نَاصِرَاهْ وَا حُسَيْنَاهْ وَا عَلِيَّاهْ هَكَذَا جَرَى عَلَيْكُمْ بَعْدِي أَهْلَ بَيْتِي انْظُرْ يَا أَبِي آدَمُ انْظُرْ يَا أَخِي نُوحُ كَيْفَ خَلَفُونِي فِي ذُرِّيَّتِي فَبَكَوْا حَتَّى ارْتَجَّ الْمَحْشَرُ فَأَمَرَ بِهِمْ زَبَانِيَةَ جَهَنَّمَ يَجُرُّونَهُمْ أَوَّلًا فَأَوَّلًا إِلَى النَّارِ وَ إِذَا بِهِمْ قَدْ أَتَوْا بِرَجُلٍ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَا صَنَعْتُ شَيْئاً فَقَالَ أَ مَا كُنْتَ نَجَّاراً قَالَ صَدَقْتَ يَا سَيِّدِي لَكِنِّي مَا عَمِلْتُ شَيْئاً إِلَّا عَمُودَ الْخَيْمَةِ لِحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ لِأَنَّهُ انْكَسَرَ مِنْ رِيحٍ عَاصِفٍ فَوَصَلْتُهُ فَبَكَى وَ قَالَ كَثَّرْتَ السَّوَادَ عَلَى وَلَدِي خُذُوهُ إِلَى النَّارِ وَ صَاحُوا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ وَصِيِّهِ-
قَالَ الْحَدَّادُ فَأَيْقَنْتُ بِالْهَلَاكِ فَأَمَرَ بِي فَقَدَّمُونِي فَاسْتَخْبَرَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَأَمَرَ بِي إِلَى النَّارِ فَمَا سَحَبُونِي إِلَّا وَ انْتَبَهْتُ وَ حَكَيْتُ لِكُلِّ مَنْ لَقِيتُهُ وَ قَدْ يَبِسَ لِسَانُهُ وَ مَاتَ نِصْفُهُ وَ تَبَرَّأَ مِنْهُ كُلُّ مَنْ يُحِبُّهُ وَ مَاتَ فَقِيراً لَا رَحِمَهُ اللَّهُ- وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ .
قَالَ وَ حُكِيَ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: أَضَافَنِي رَجُلٌ فِي لَيْلَةٍ كُنْتُ أُحِبُّ الْجَلِيسَ فَرَحَّبْتُ بِهِ وَ قَرَّبْتُهُ وَ أَكْرَمْتُهُ وَ جَلَسْنَا نَتَسَامَرُ وَ إِذَا بِهِ يَنْطَلِقُ بِالْكَلَامِ كَالسَّيْلِ إِذَا قَصَدَ الْحَضِيضَ فَطَرَقْتُ لَهُ فَانْتَهَى فِي سَمَرِهِ طَفَّ كَرْبَلَاءَ وَ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ مِنْ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع فَتَأَوَّهْتُ الصُّعَدَاءَ وَ تَزَفَّرْتُ كَمَلًا فَقَالَ مَا بَالُكَ قُلْتُ ذَكَرْتَ مُصَاباً يَهُونُ عِنْدَهُ كُلُّ مُصَابٍ قَالَ أَ مَا كُنْتَ حَاضِراً يَوْمَ الطَّفِّ قُلْتُ لَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَرَاكَ تَحْمَدُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُلْتُ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْ دَمِ الْحُسَيْنِ ع لِأَنَّ جَدَّهُ ص قَالَ إِنَّ مَنْ طُولِبَ بِدَمِ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَخَفِيفُ الْمِيزَانِ قَالَ قَالَ هَكَذَا جَدُّهُ قُلْتُ نَعَمْ وَ قَالَ ص وَلَدِيَ الْحُسَيْنُ يُقْتَلُ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً أَلَا وَ مَنْ قَتَلَهُ يُدْخَلُ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ وَ يُعَذَّبُ بِعَذَابِ نِصْفِ أَهْلِ النَّارِ وَ قَدْ غُلَّتْ يَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ وَ لَهُ رَائِحَةٌ يَتَعَوَّذُ أَهْلُ النَّارِ مِنْهَا هُوَ وَ مَنْ شَايَعَ وَ بَايَعَ أَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ- كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بُدِّلُوا بِجُلُودٍ غَيْرِهَا- لِيَذُوقُوا الْعَذابَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ سَاعَةً وَ يُسْقَوْنَ مِنْ حَمِيمِ جَهَنَّمَ فَالْوَيْلُ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ قَالَ لَا تُصَدِّقْ هَذَا الْكَلَامَ يَا أَخِي قُلْتُ كَيْفَ هَذَا وَ قَدْ قَالَ ص- لَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ قَالَ تُرَى قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَاتِلُ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ لَا يَطُولُ عُمُرُهُ وَ هَا أَنَا وَ حَقِّكَ قَدْ تَجَاوَزْتُ التِّسْعِينَ مَعَ أَنَّكَ مَا تَعْرِفُنِي قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ قَالَ أَنَا الْأَخْنَسُ بْنُ زَيْدٍ قُلْتُ وَ مَا صَنَعْتَ يَوْمَ الطَّفِّ قَالَ أَنَا الَّذِي أُمِّرْتُ عَلَى الْخَيْلِ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِوَطْيِ جِسْمِ الْحُسَيْنِ بِسَنَابِكِ الْخَيْلِ وَ هَشَّمْتُ أَضْلَاعَهُ وَ جَرَرْتُ نَطْعاً مِنْ تَحْتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ هُوَ عَلِيلٌ حَتَّى كَبَبْتُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَ خَرَمْتُ أُذُنَيْ صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ لِقُرْطَيْنِ كَانَا فِي أُذُنَيْهَا-
قَالَ السُّدِّيُّ فَبَكَى قَلْبِي هُجُوعا وَ عَيْنَايَ دُمُوعاً وَ خَرَجْتُ أُعَالِجُ عَلَى إِهْلَاكِهِ وَ إِذَا بِالسِّرَاجِ قَدْ ضَعُفَتْ فَقُمْتُ أُزْهِرُهَا فَقَالَ اجْلِسْ وَ هُوَ يَحْكِي مُتَعَجِّباً مِنْ نَفْسِهِ وَ سَلَامَتِهِ وَ مَدَّ إِصْبَعَهُ لِيُزْهِرَهَا فَاشْتَعَلَتْ بِهِ فَفَرَكَهَا فِي التُّرَابِ فَلَمْ تَنْطَفِ فَصَاحَ بِي أَدْرِكْنِي يَا أَخِي فَكَبَبْتُ الشَّرْبَةَ عَلَيْهَا وَ أَنَا غَيْرُ مُحِبٍّ لِذَلِكَ فَلَمَّا شَمَّتِ النَّارُ رَائِحَةَ الْمَاءِ ازْدَادَتْ قُوَّةً وَ صَاحَ بِي مَا هَذِهِ النَّارُ وَ مَا يُطْفِئُهَا قُلْتُ أَلْقِ نَفْسَكَ فِي النَّهَرِ فَرَمَى بِنَفْسِهِ فَكُلَّمَا رَكَسَ جِسْمُهُ فِي الْمَاءِ اشْتَعَلَتْ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ* كَالْخَشَبَةِ الْبَالِيَةِ فِي الرِّيحٍ الْبَارِحِ هَذَا وَ أَنَا أَنْظُرُهُ فَوَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَمْ تُطْفَأْ حَتَّى صَارَ فَحْماً وَ سَارَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ - وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ .
أَقُولُ وَ رَوَى ابْنُ شِيرَوَيْهِ فِي الْفِرْدَوْسِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَتَلْتُ بِدَمِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا سَبْعِينَ أَلْفاً وَ إِنِّي أَقْتُلُ بِدَمِ ابْنِكَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ سَبْعِينَ أَلْفاً وَ سَبْعِينَ أَلْفاً.
وَ عَنْ عَلِيٍّ ع عَنْهُ ص قَالَ: قَاتِلُ الْحُسَيْنِ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ الدُّنْيَا.
16- ما، الأمالي للشيخ الطوسي أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ نَاصِحٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قُرَيْبَةَ جَارِيَةٍ لَهُمْ قَالَتْ كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ خَرَجَ عَلَى الْحُسَيْنِ ع ثُمَّ جَاءَ بِجَمَلٍ وَ زَعْفَرَانٍ قَالَتْ فَلَمَّا دَقُّوا الزَّعْفَرَانَ صَارَ نَاراً قَالَتْ فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تَأْخُذُ مِنْهُ الشَّيْءَ فَتَلْطَخُهُ عَلَى يَدِهَا فَيَصِيرُ مِنْهُ بَرَصٌ قَالَتْ وَ نَحَرُوا الْبَعِيرَ فَلَمَّا جَزُّوا بِالسِّكِّينِ صَارَ مَكَانُهَا نَاراً قَالَتْ فَجَعَلُوا يَسْلَخُونَهُ فَيَصِيرُ مَكَانَهُ نَاراً قَالَتْ فَقَطَّعُوهُ فَخَرَجَ مِنْهُ النَّارُ قَالَتْ فَطَبَخُوهُ فَكُلَّمَا أَوْقَدُوا النَّارَ فَارَتِ الْقِدْرُ نَاراً قَالَتْ فَجَعَلُوهُ فِي الْجَفْنَةِ فَصَارَ نَاراً قَالَتْ وَ كُنْتُ صَبِيَّةً يَوْمَئِذٍ فَأَخَذْتُ عَظْماً مِنْهُ فَطَيَّنْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ بَعْدَ زَمَانٍ فَلَمَّا حَزَزْنَاهُ بِالسِّكِّينِ صَارَ مَكَانُهُ نَاراً فَعَرَفْنَا أَنَّهُ ذَلِكَ الْعَظْمُ فَدَفَنَّاهُ.
- 17- ما، الأمالي للشيخ الطوسي بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا أُمِّي بَزِيعاً قَالَ:
كُنَّا نَمُرُّ وَ نَحْنُ غِلْمَانٌ زَمَنَ خَالِدٍ عَلَى رَجُلٍ فِي الطَّرِيقِ جَالِسٍ أَبْيَضِ الْجَسَدِ أَسْوَدِ الْوَجْهِ وَ كَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ خَرَجَ عَلَى الْحُسَيْنِ ع.
باب 47 أحوال عشائره و أهل زمانه صلوات الله عليه و ما جرى بينهم و بين يزيد من الاحتجاج و قد مضى أكثرها في الأبواب السابقة و سيأتي بعضها
1- رُوِيَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ الْقَدِيمَةِ 22299 عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْعَاصِمِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَى بَيْعَتِهِ فَامْتَنَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ ظَنَّ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمَا اللَّعْنَةُ أَنَّ امْتِنَاعَ ابْنِ عَبَّاسٍ تَمَسُّكاً مِنْهُ بِبَيْعَتِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْمُلْحِدَ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَعَاكَ إِلَى بَيْعَتِهِ وَ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ لِتَكُونَ لَهُ عَلَى الْبَاطِلِ ظَهِيراً وَ فِي الْمَأْثَمِ شَرِيكاً وَ أَنَّكَ اعْتَصَمْتَ بِبَيْعَتِنَا وَفَاءً مِنْكَ لَنَا وَ طَاعَةً لِلَّهِ لِمَا عَرَّفَكَ مِنْ حَقِّنَا فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ ذِي رَحِمٍ خَيْرَ مَا يَجْزِي الْوَاصِلِينَ بِأَرْحَامِهِمْ الْمُوفِينَ بِعُهُودِهِمْ فَمَا أَنْسَى مِنَ الْأَشْيَاءِ فَلَسْتُ بِنَاسٍ بِرَّكَ وَ تَعْجِيلَ صِلَتِكَ بِالَّذِي أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ مِنَ الْقَرَابَةِ مِنَ الرَّسُولِ فَانْظُرْ مَنْ طَلَعَ عَلَيْكَ مِنَ الْآفَاقِ مِمَّنْ سَحَرَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِلِسَانِهِ وَ زُخْرُفِ قَوْلِهِ فَأَعْلِمْهُمْ بِرَأْيِكَ فَإِنَّهُمْ مِنْكَ أَسْمَعُ وَ لَكَ أَطْوَعُ لِلْمُحِلِّ لِلْحُرَمِ الْمَارِقِ-
فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ دُعَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِيَّايَ إِلَى بَيْعَتِهِ وَ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنِّي وَ اللَّهِ مَا أَرْجُو بِذَلِكَ بِرَّكَ وَ لَا حَمْدَكَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ بِالَّذِي أَنْوِي بِهِ عَلِيمٌ وَ زَعَمْتَ أَنَّكَ غَيْرُ نَاسٍ بِرِّي وَ تَعْجِيلَ صِلَتِي فَاحْبِسْ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ بِرَّكَ وَ تَعْجِيلَ صِلَتِكَ فَإِنِّي حَابِسٌ عَنْكَ وُدِّي فَلَعَمْرِي مَا تُؤْتِينَا مِمَّا لَنَا قِبَلَكَ مِنْ حَقِّنَا إِلَّا الْيَسِيرَ وَ إِنَّكَ لَتَحْبِسُ عَنَّا مِنْهُ الْعَرِيضَ الطَّوِيلَ وَ سَأَلْتَ أَنْ أَحُثَّ النَّاسَ إِلَيْكَ وَ أَنْ أُخَذِّلَهُمْ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَا وَلَاءً وَ لَا سُرُوراً وَ لَا حِبَاءً إِنَّكَ تَسْأَلُنِي نُصْرَتَكَ وَ تَحُثُّنِي عَلَى وُدِّكَ وَ قَدْ قَتَلْتَ حُسَيْناً وَ فِتْيَانَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَصَابِيحَ الْهُدَى وَ نُجُومَ الْأَعْلَامِ غَادَرَتْهُمْ خُيُولُكَ بِأَمْرِكَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ مُرَمَّلِينَ بِالدِّمَاءِ مَسْلُوبِينَ بِالْعَرَاءِ- لَا مُكَفَّنِينَ وَ لَا مُوَسَّدِينَ تَسْفِي عَلَيْهِمُ الرِّيَاحُ وَ تَنْتَابُهُمْ عُرْجُ الضِّبَاعِ حَتَّى أَتَاحَ اللَّهُ بِقَوْمٍ لَمْ يَشْرَكُوا فِي دِمَائِهِمْ كَفَّنُوهُمْ وَ أَجَنُّوهُمْ وَ جَلَسْتَ مَجْلِسَكَ الَّذِي جَلَسْتَ فَمَا أَنْسَى مِنَ الْأَشْيَاءِ فَلَسْتُ بِنَاسٍ إِطْرَادَكَ حُسَيْناً مِنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ وَ تَسْيِيرَكَ إِلَيْهِ الرِّجَالَ لِتَقْتُلَهُ [فِي] الْحَرَمِ فَمَا زِلْتَ في بِذَلِكَ وَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَشْخَصْتَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْعِرَاقِ فَخَرَجَ خائِفاً يَتَرَقَّبُ* فَزَلْزَلْتَ بِهِ خَيْلَكَ عَدَاوَةً مِنْكَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً أُولَئِكَ لَا كَآبَائِكَ الْجِلَافِ الْجُفَاةِ أَكْبَادِ الْإِبِلِ وَ الْحَمِيرِ فَطَلَبَ إِلَيْكُمُ الْمُوَادَعَةَ وَ سَأَلَكُمُ الرَّجْعَةَ فَاغْتَنَمْتُمْ قِلَّةَ أَنْصَارِهِ وَ اسْتِئْصَالَ أَهْلِ بَيْتِهِ تَعَاوَنْتُمْ عَلَيْهِ كَأَنَّكُمْ قَتَلْتُمْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ التُّرْكِ فَلَا شَيْءَ أَعْجَبَ عِنْدِي مِنْ طَلِبَتِكَ وُدِّي وَ قَدْ قَتَلْتَ وُلْدَ أَبِي وَ سَيْفُكَ يَقْطُرُ مِنْ دَمِي وَ أَنْتَ أَحَدُ ثَأْرِي فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ- لَا يَبْطُلُ لَدَيْكَ دَمِي وَ لَا تَسْبِقْنِي بِثَأْرِي وَ إِنْ سَبَقْتَنِي فِي الدُّنْيَا فَقَبْلَ ذَلِكَ مَا قُتِلَ النَّبِيُّونَ وَ آلُ النَّبِيِّينَ فَيَطْلُبُ اللَّهُ بِدِمَائِهِمْ فَكَفَى بِاللَّهِ لِلْمَظْلُومِينَ نَاصِراً وَ مِنَ الظَّالِمِينَ مُنْتَقِماً فَلَا يُعْجِبْكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِنَا الْيَوْمَ فَلَنَظْفَرَنَّ بِكَ يَوْماً وَ ذَكَرْتَ وَفَائِي وَ مَا عَرَّفْتَنِي مِنْ حَقِّكَ فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَ اللَّهِ بَايَعْتُكَ وَ مَنْ قَبْلَكَ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي وَ وَلَدُ أَبِي أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ وَ لَكِنَّكُمْ مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ كَابَرْتُمُونَا حَتَّى دَفَعْتُمُونَا عَنْ حَقِّنَا وَ وَلِيتُمُ الْأَمْرَ دُونَنَا فَبُعْداً لِمَنْ تَحَرَّى ظُلْمَنَا وَ اسْتَغْوَى السُّفَهَاءَ عَلَيْنَا- كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ وَ قَوْمُ لُوطٍ وَ أَصْحَابُ مَدْيَنَ أَلَا وَ إِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الْأَعَاجِيبِ وَ مَا عَسَى أَنْ أَعْجَبَ حَمْلُكَ بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ أَطْفَالًا صِغَاراً مِنْ وُلْدِهِ إِلَيْكَ بِالشَّامِ كَالسَّبْيِ الْمَجْلُوبِينَ تُرِي النَّاسَ أَنَّكَ قَهَرْتَنَا وَ أَنْتَ تَمُنُّ عَلَيْنَا وَ بِنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ لَعَمْرُ اللَّهِ فَلَئِنْ كُنْتَ تُصْبِحُ آمِناً مِنْ جِرَاحَةِ يَدِي إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُعَظِّمَ اللَّهُ جُرْحَكَ مِنْ لِسَانِي وَ نَقْضِي وَ إِبْرَامِي وَ اللَّهِ مَا أَنَا بِآيِسٍ مِنْ بَعْدِ قَتْلِكَ وُلْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنْ يَأْخُذَكَ أَخْذاً أَلِيماً وَ يُخْرِجَكَ مِنَ الدُّنْيَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً فَعِشْ لَا أَبَا لَكَ مَا اسْتَطَعْتَ فَقَدْ وَ اللَّهِ ازْدَدْتَ عِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافاً وَ اقْتَرَفْتَ مَأْثَماً- وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى .
ذِكْرُ كِتَابِ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَ مَصِيرِهِ إِلَيْهِ وَ أَخْذِ جَائِزَتِهِ كَتَبَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَ لَكَ عَمَلًا صَالِحاً يَرْضَى بِهِ عَنَّا فَإِنِّي مَا أَعْرِفُ الْيَوْمَ فِي بَنِي هَاشِمٍ رَجُلًا هُوَ أَرْجَحُ مِنْكَ حِلْماً وَ عِلْماً وَ لَا أَحْضَرُ فَهْماً وَ حُكْماً وَ لَا أَبْعَدُ مِنْ كُلِّ سَفَهٍ وَ دَنَسٍ وَ طَيْشٍ وَ لَيْسَ مَنْ يَتَخَلَّقُ بِالْخَيْرِ تَخَلُّقاً وَ يَنْتَحِلُ الْفَضْلَ تَنَحُّلًا كَمَنْ جَبَلَهُ اللَّهُ عَلَى الْخَيْرِ جَبْلًا وَ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ مِنْكَ قَدِيماً وَ حَدِيثاً شَاهِداً وَ غَائِباً غَيْرَ أَنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ زِيَارَتَكَ وَ الْأَخْذَ بِالْحَظِّ مِنْ رُؤْيَتِكَ فَإِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا فَأَقْبِلْ إِلَيَّ آمِناً مُطْمَئِنّاً أَرْشَدَكَ اللَّهُ أَمْرَكَ وَ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَالَ فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ قَرَأَهُ أَقْبَلَ عَلَى ابْنَيْهِ جَعْفَرٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي هَاشِمٍ فَاسْتَشَارَهُمَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ يَا أَبَهْ اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ وَ لَا تَصِرْ إِلَيْهِ فَإِنِّي خَائِفٌ أَنْ يُلْحِقَكَ بِأَخِيكَ الْحُسَيْنِ وَ لَا يُبَالِيَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَا بُنَيَّ وَ لَكِنِّي لَا أَخَافُ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ جَعْفَرٌ يَا أَبَهْ إِنَّهُ قَدْ أَلْطَفَكَ فِي كِتَابِهِ إِلَيْكَ وَ لَا أَظُنُّهُ يَكْتُبُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِأَنْ أَرْشَدَكَ اللَّهُ أَمْرَكَ وَ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ وَ أَنَا أَرْجُو أَنْ يَكُفَّ اللَّهُ شَرَّهُ عَنْكَ قَالَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَا بُنَيَّ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ الَّذِي يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا -