کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنِّي حَكَكْتُ جِلْدِي فَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ فَقَالَ إِذَا اجْتَمَعَ مِنْهُ قَدْرُ حِمَّصَةٍ فَاغْسِلْهُ وَ إِلَّا فَلَا.
و الوجه الأول ذكره السيد في المدارك و قال الظاهر أن المراد بقدر الحمصة قدرها وزنا لا سعة و هو يقرب من سعة الدرهم و لا يخفى ما فيه إذ يمكن أن يلطخ بقدر الحمصة من الدم تمام الثوب و لا ندري أي شيء أراد بقربه من سعة الدرهم.
و أما استثناء دم الحيض و أنه لا يعفى عن قليله و كثيره فهو مقطوع به في كلام الأصحاب و استندوا إلى
رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ 1370 قَالَ لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنْ دَمٍ لَمْ تُبْصِرْهُ إِلَّا دَمَ الْحَيْضِ فَإِنَّ قَلِيلَهُ وَ كَثِيرَهُ إِنْ رَآهُ وَ إِنْ لَمْ يَرَهُ سَوَاءٌ.
و قالوا ضعف سنده منجبر بعمل الأصحاب و ألحق الشيخ به دم الاستحاضة و النفاس و الراوندي دم نجس العين و في الجميع نظر.
و أما الإعادة مع العلم و عدمه فهو بإطلاقه مخالف للمشهور و لسائر الأخبار و ظاهر الخبر اختصاص الحكم بدم الحيض و لم أر ذلك في كلامهم و سيأتي الكلام فيه و الفرق بين المسفوح و الرشح غير معهود في الروايات و لا يمكن إثباته بهذا الخبر.
و قوله و أروي أنه لا يجوز لعله محمول على ما إذا لم تعسر إزالته و الفرق بين دمه و دم غيره أيضا مخالف للمشهور و يمكن أن يكون مبنيا على أنه جزء من حيوان لا يؤكل لحمه.
7- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الدُّمَّلِ يَسِيلُ مِنْهُ الْقَيْحُ كَيْفَ يُصْنَعُ قَالَ إِنْ كَانَ غَلِيظاً أَوْ فِيهِ خَلْطٌ مِنْ دَمٍ فَاغْسِلْهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ غُدْوَةً وَ عَشِيَّةً وَ لَا يَنْقُضُ ذَلِكَ الْوُضُوءَ وَ إِنْ أَصَابَ ثَوْبَكَ قَدْرُ دِينَارٍ مِنَ الدَّمِ فَاغْسِلْهُ وَ لَا تُصَلِّ فِيهِ حَتَّى تَغْسِلَهُ 1371 .
إيضاح ما ذكره من غسل القيح الغليظ لعله محمول على الاستحباب بل ما فيه خلط من الدم أيضا كما عرفت و حكى المحقق عن الشيخ أنه حكم بطهارة الصديد و القيح ثم قال و عندي في الصديد تردد أشبهه النجاسة لأنه ماء الجرح يخالطه يسير دم و لو خلا من ذلك لم يكن نجسا و خلافنا مع الشيخ يئول إلى العبارة لأنه يوافق على هذا التفصيل.
ثم قال أما القيح فإن مازجه دم نجس بالممازج و إن خلا من الدم كان طاهرا لا يقال هو مستحيل عن الدم لأنا نقول لا نسلم أن كل مستحيل عن الدم لا يكون طاهرا كاللحم و اللبن انتهى و أما تقدير المعفو من الدم بالدينار فهو موافق لما حكيناه سابقا عن ابن أبي عقيل و الدرهم و الدينار متقاربان سعة.
8- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قِدْرٍ فِيهَا أَلْفُ رِطْلِ مَاءٍ فَطُبِخَ فِيهَا لَحْمٌ وَ وَقَعَ فِيهَا وُقِيَّةُ دَمٍ هَلْ يَصْلُحُ أَكْلُهُ قَالَ إِذَا طُبِخَ فَكُلْ فَلَا بَأْسَ 1372 .
بيان: ذهب الشيخ في النهاية إلى أنه إذا وقع قليل من دم كالأوقية فما دون في القدر و هي تغلي على النار حل مرقها إذا ذهب الدم بالغليان و نحوه قال المفيد إلا أنه لم يقيد الدم بالقليل و
اسْتَنَدَ إِلَى صَحِيحَةِ سَعِيدٍ الْأَعْرَجِ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قِدْرٍ فِيهَا جَزُورٌ وَقَعَ فِيهَا قَدْرُ أُوقِيَّةٍ مِنْ دَمٍ أَ يُؤْكَلُ قَالَ نَعَمْ قَالَ النَّارُ تَأْكُلُ الدَّمَ 1373 .
و مثله روى زكريا بن آدم عن الرضا ع 1374 .
و ذهب ابن إدريس و المتأخرون إلى بقاء المرق على نجاسته و في المختلف حمل الدم على ما ليس بنجس كدم السمك و شبهه و أورد عليه أن التعليل بأن
الدم تأكله النار يأبى عن ذلك إذ لو كان طاهرا لعل بطهارته و لو قيل بأن الدم الطاهر يحرم أكله فتعليله بأكل النار ليذهب التحريم و إن لم يكن نجسا ففيه أن استهلاكه في المرق إن كفى في حله لم يتوقف على النار و إلا لم تؤثر النار في حله انتهى.
أقول يمكن أن يحمل التقييد بالغليان على الاستحباب لرفع استقذار النفس و إن كان القول بالحل مطلقا لا يخلو من قوة.
9- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنِ الْبَاقِرِ ع وَ الصَّادِقِ ع أَنَّهُمَا قَالا فِي الدَّمِ يُصِيبُ الثَّوْبَ يُغْسَلُ كَمَا تُغْسَلُ النَّجَاسَاتُ وَ رَخَّصَا فِي النَّضْحِ الْيَسِيرِ مِنْهُ وَ مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ مِثْلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَ أَشْبَاهِهِ قَالا فَإِذَا تَفَاحَشَ غُسِلَ 1375 .
إيضاح اختلف الأصحاب في وجوب إزالة الدم المتفرق على الثوب أو البدن إذا كان بحيث لو جمع بلغ الدرهم فقال ابن إدريس الأحوط للعبادة وجوب إزالته و الأقوى و الأظهر في المذهب عدم الوجوب و نحوه قال في المبسوط و الشرائع و النافع و قال في النهاية لا تجب إزالته ما لم يتفاحش و هو خيرة المعتبر و قال سلار و ابن حمزة تجب إزالته و اختاره العلامة في جملة من كتبه و الأول أقوى.
و قال في المعتبر ليس للتفاحش تقدير شرعي و قد اختلف أقوال الفقهاء فيه فبعض قدره بالشبر و بعض بما يفحش في القلب و قدره أبو حنيفة بربع الثوب و الوجه أن المرجع فيه إلى العادة لأنها كالأمارة الدالة على المراد باللفظ إذا لم يكن له تقدير انتهى.
ثم اعلم أن الرواية تدل على أن الرشح من غير الدم أيضا معفو كما قال به بعض الأصحاب و هو خلاف المشهور و الأحوط الإزالة قال في المختلف قال ابن إدريس قال بعض أصحابنا إذا ترشش على الثوب أو البدن مثل رءوس الإبر من النجاسات فلا بأس بذلك و الصحيح وجوب إزالتها قليلة كانت أو كثيرة
و هو الأقوى عندي.
ثم قال و قال السيد المرتضى في جواب المسائل الناصرية نجاسة الخمر أغلظ من سائر النجاسات لأن الدم و إن كان نجسا فقد أبيح لنا أن نصلي في ثوب إذا كان فيه دون قدر الدرهم و البول قد عفي عنه فيما ترشش عند الاستنجاء كرءوس الإبر و الخمر لم يعف عنه في موضع أصلا.
باب 4 نجاسة الخمر و سائر المسكرات و الصلاة في ثوب أصابته
الآيات المائدة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 1376 تفسير المشهور أن الخمر موضوع للمسكر المأخوذ من عصير العنب بحسب اللغة.
و روي عن ابن عباس المراد به جميع الأشربة المسكرة و يدل عليه كثير من أخبار أهل البيت ع.
و الميسر القمار و الأنصاب أحجار أصنام كانوا ينصبونها للعبادة و يذبحون عندها و الأزلام هي القداح التي كانوا يستقسمون بها و سيأتي تفاصيل تلك الأمور في محالها و قال في القاموس الرجس بالكسر القذر و المأثم و كل ما استقذر من العمل و العمل المؤدي إلى العذاب مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ لأنه نشأ من تسويله و تزيينه و هو صفة أو خبر آخر فَاجْتَنِبُوهُ أي ما ذكر أو تعاطيها أو الرجس
أو عمل الشيطان، أو كل واحد منها لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ بسبب الاجتناب.
ثم اعلم أن المشهور بين الأصحاب نجاسة الخمر و سائر المسكرات المائعة بل نسب إلى أكثر أهل العلم حتى حكي عن المرتضى رضي الله عنه أنه قال لا خلاف بين المسلمين في نجاسة الخمر إلا ما يحكى عن شذاذ لا اعتبار بقولهم و عن الشيخ رحمه الله أنه قال الخمر نجسة بلا خلاف و قال في المختلف الخمر و كل مسكر و الفقاع و العصير إذا غلى قبل ذهاب ثلثيه بالنار أو من نفسه نجس ذهب إليه أكثر علمائنا كالشيخ المفيد و الشيخ أبي جعفر و السيد المرتضى و سلار و ابن إدريس.
و قال ابن أبي عقيل من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما لأن الله تعالى إنما حرمهما تعبدا لا لأنهما نجسان و قال الصدوق في المقنع و الفقيه لا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر لأن الله تعالى حرم شربها و لم يحرم الصلاة في ثوب أصابته و عزي في الذكرى إلى الجعفي وفاق 1377 الصدوق و ابن أبي عقيل.
و استدل القائلون بالنجاسة بعد الإجماع بالآية بوجهين أحدهما أن الوصف بالرجاسة وصف بالنجاسة لترادفهما في الدلالة و الثاني أنه أمر بالاجتناب 1378 و هو موجب للتباعد المستلزم للمنع من الاقتراب بجميع الأنواع
لأن معنى اجتنابها كونه في جانب غير جانبها فيستلزم المنع من أكله و ملاقاته و تطهير المحل بإزالته و لا معنى للنجس إلا ذلك ذكرهما المحقق و العلامة.
و رد الأول بأن الرجس لا نسلم أنه مرادف للنجس و قول الشيخ في التهذيب الرجس هو النجس بلا خلاف لا حجة فيه لأن أهل اللغة لم يذكروا النجس في معناه بل ذكروا له معاني أخرى لا تقرب منه أيضا سوى ما ذكروا من القذر و الظاهر أنه ليس النجس المصطلح بل هو ما يستقذره الطبع مع أن في الآية الكريمة وقع خبرا عن الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام جميعا في الظاهر.
فلا يخلو إما أن يقدر مضاف محذوف ليصح حمله على الجميع مثل التعاطي و نحوه و على هذا ظاهر أنه لا يصح جعله بمعنى النجس بل لا بد من حمله على معنى آخر مثل المأثم لأنه من بعض معانيه أو العمل المستقذر أو القذر الذي يعاف منه العقول كما يوجد في كلام جماعة من المفسرين أو يقال إن المراد أن كل واحد رجس و حينئذ لا يصح الحمل على النجس و إلا يلزم استعمال اللفظ في معنييه الحقيقيين بل الحقيقي و المجازي أو يجعل الرجس المذكور خبرا عن الخمر فقط و يقدر لكل من الأمور الأخر خبر آخر و على هذا أيضا لا يصح حمل الرجس على النجس لأن القرينة على التقدير دلالة المذكور عليه و لو حمل الرجس على النجس يلزم أن يكون المقدر كذلك و لو فرض جواز الاكتفاء في الدلالة بمجرد الاشتراك في اللفظ و إن لم يكن المعنى في الجميع واحدا فلا ريب أنه المرجوع بالنسبة إلى الاحتمالات السابقة و لا أقل من التساوي و على هذا كيف يستقيم الاستدلال.
و الثاني بأن المتبادر من الاجتناب من كل شيء الاجتناب عما يتعارف في الاقتراب منه مثلا المتعارف من اقتراب الخمر الشرب منه و في اقتراب الميسر اللعب به و في اقتراب الأنصاب عبادتها فعلى هذا يكون الأمر بالاجتناب عن الخمر المتبادر منه الاجتناب عن شربه لا الاجتناب من جميع الوجوه كما يقولون إن حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ لا إجمال فيه إذ المتبادر تحريم أكلها.
1- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْخَمْرِ وَ النَّبِيذِ وَ الْمُسْكِرِ يُصِيبُ ثَوْبِي أَغْسِلُهُ أَوْ أُصَلِّي فِيهِ قَالَ صَلِّ فِيهِ إِلَّا أَنْ تَقْذَرَهُ فَتَغْسِلُ مِنْهُ مَوْضِعَ الْأَثَرِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِنَّمَا حَرَّمَ شُرْبَهَا 1379 .
2- عِلَلُ الصَّدُوقِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ قَالَ قَالَ بُكَيْرٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ أَبُو الصَّبَّاحِ وَ أَبُو سَعِيدٍ وَ الْحَسَنُ النَّبَّالُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالُوا قُلْنَا لَهُمَا إِنَّا نَشْتَرِي ثِيَاباً يُصِيبُهَا الْخَمْرُ وَ وَدَكُ الْخِنْزِيرِ عِنْدَ حَاكَتِهَا أَ نُصَلِّي فِيهَا قَبْلَ أَنْ نَغْسِلَهَا قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهَا إِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ أَكْلَهُ وَ شُرْبَهُ وَ لَمْ يُحَرِّمْ لُبْسَهُ وَ مَسَّهُ وَ الصَّلَاةَ فِيهِ 1380 .
بيان: الودك بالتحريك دسم اللحم و دهنه الذي يستخرج منه.
3- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَنَا عِنْدَهُ عَنِ الْمُسْكِرِ وَ النَّبِيذِ يُصِيبَانِ الثَّوْبَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ 1381 .