کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و ثلاثين ذراعا و ثلث ذراع بذراع الملك 11678 و كان عوج يحتجر 11679 بالسحاب و يشرب و يتناول الحوت من قرار البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها ثم يأكله 11680 .
و يروى أنه أتى نوحا عليه السلام أيام الطوفان فقال له احملني معك في سفينتك فقال له اذهب يا عدو الله فإني لم أومر بك.
و طبق الماء ما على الأرض من جبل و ما جاوز ركبتي عوج و عاش عوج ثلاثة آلاف سنة حتى أهلكه الله تعالى على يد موسى عليه السلام و كان لموسى عليه السلام عسكر فرسخ في فرسخ فجاء عوج حتى نظر إليهم ثم أتى الجبل و قور منه صخرة على قدر العسكر ثم حملها ليطبقها عليهم فبعث الله تعالى إليه الهدهد و معه المسن يعني بمنقاره 11681 حتى قور الصخرة فانتقبت 11682 فوقعت في عنق عوج فطوقته فصرعته فأقبل موسى عليه السلام و طوله عشرة أذرع و طول عصاه عشرة أذرع و نزا في السماء عشرة أذرع فما أصاب إلا كعبه و هو مصروع بالأرض فقتله قالوا فأقبلت جماعة كثيرة و معهم الخناجر فجهدوا حتى جزوا رأسه فلما قتل وقع على نيل مصر فجسرهم سنة قالوا و كانت أمه عنق و يقال عناق إحدى بنات آدم عليه السلام من صلبه 11683 فلما لقيهم عوج و على رأسه حزمة حطب أخذ الاثني عشر و جعلهم في حجزته و انطلق بهم إلى امرأته و قال انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم
يريدون قتالنا فطرحهم بين يديها و قال أ لا أطحنهم برجلي فقالت امرأته لا بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا ففعل ذلك فجعلوا يتعرفون أحوالهم و كان لا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس بالخشب و يدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبها خمسة أنفس أو أربعة فلما خرجوا قال بعضهم لبعض يا قوم إنكم إن أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم شكوا و ارتدوا عن نبي الله و لكن اكتموا شأنهم و أخبروا موسى و هارون فيريان فيه رأيهما فأخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك ثم انصرفوا إلى موسى عليه السلام بعد أربعين يوما و جاءوا بحبة من عنبهم وقر رجل و أخبروا بما رأوا ثم إنهم نكثوا العهد و جعل كل واحد منهم ينهى سبطه و قريبه عن قتالهم و يخبرهم بما رأوا من حالهم إلا رجلان منهم وفيا بما قالا يوشع بن نون و كالب بن يوفنا ختن موسى عليه السلام على أخته مريم فلما سمع القوم ذلك من الجواسيس رفعوا أصواتهم بالبكاء و قالوا يا ليتنا متنا في أرض مصر و ليتنا نموت في هذه البرية و لا يدخلنا الله القرية فتكون نساؤنا و أولادنا و أثقالنا غنيمة لهم و جعل الرجل يقول لأصحابه تعالوا نجعل علينا رأسا و ننصرف إلى مصر فذلك قوله تعالى إخبارا عنهم قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ قال قتادة كانت لهم أجسام طويلة و خلقة عجيبة ليست لغيرهم وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ فقال لهم موسى ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فإن الله عز و جل سيفتحها عليكم و إن الذي أنجاكم و فلق البحر هو الذي يظهركم عليهم فلم يقبلوا و ردوا عليه أمره و هموا بالانصراف إلى مصر فخرق يوشع و كالب ثيابهما و هما اللذان أخبر الله عز و جل عنهما في قوله قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا بالتوفيق و العصمة ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ يعني قرية الجبارين فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ لأن الله عز و جل منجز وعده و إنا رأيناهم و خبرناهم فكانت أجسامهم قوية و قلوبهم ضعيفة فلا تخشوهم وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فأراد بنو إسرائيل أن يرجموهما بالحجارة و عصرهما و قالوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ فغضب موسى و دعا عليهم فقال رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ أي فاقض و افصل بيننا و بين القوم
العاصين و كانت عجلة عجلها موسى عليه السلام فظهر الغمام على باب قبة الزمر 11684 فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام إلى متى يعصيني هذا الشعب و إلى متى لا يصدقون بالآيات لأهلكنهم جميعا و لأجعلن لك شعبا أقوى و أكثر منهم.
فقال موسى إلهي لو أنك قتلت هذا الشعب كلهم كرجل واحد لقالت الأمم الذين سمعوا إنما قتل هذا الشعب 11685 من أجل أنه لم يستطع أن يدخلهم الأرض المقدسة فقتلهم في البرية و إنك طويل صبرك كثيرة نعمتك و أنت تغفر الذنوب و تحفظ الآباء على الأبناء و الأبناء على الآباء فاغفر لهم و لا توبقهم فقال الله عز و جل قد غفرت لهم بكلمتك و لكن بعد ما سميتهم فاسقين و دعوت عليهم بي حلفت لأحرمن عليهم دخول الأرض المقدسة غير عبدي يوشع و كالب و لأتيهنهم في هذه البرية أربعين سنة مكان كل يوم من الأيام التي تجسسوا فيها سنة و كانت أربعين يوما و لنلقين جيفهم في هذه القفار و أما بنوهم الذين لم يعلموا 11686 الخير و الشر فإنهم يدخلون الأرض المقدسة فذلك قوله تعالى فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً في ستة فراسخ 11687 و كانوا ستمائة ألف مقاتل فكانوا يسيرون كل يوم جادين حتى إذا أمسوا و باتوا فإذا هم في الموضع الذي ارتحلوا منه و مات النقباء العشرة الذين أفشوا الخبر بغتة و كل من دخل التيه ممن جاوز عشرين سنة مات في التيه غير يوشع و كالب و لم يدخل أريحا أحد ممن قالوا إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً فلما هلكوا و انقضت الأربعون السنة و نشأت النواشي من ذراريهم ساروا إلى حرب الجبارين و فتح الله لهم.
في ذكر النعم 11688 التي أنعم الله تعالى على بني إسرائيل في التيه
قال الله سبحانه يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ أي على أجدادكم و أسلافكم و ذلك أن الله سبحانه و تعالى فلق البحر لهم و أنجاهم من فرعون و أهلك عدوهم و أورثهم ديارهم و أموالهم و أنزل عليهم التوراة فيها بيان كل شيء يحتاجون إليه و أعطاهم ما أعطاهم في التيه و ذلك أنهم قالوا لموسى في التيه أهلكتنا و أخرجتنا من العمران و البنيان إلى مفازة لا ظل فيها و لا كن 11689 فأنزل الله تعالى عليهم غماما أبيض رقيقا و ليس بغمام المطر أرق و أطيب 11690 و أبرد منه فأظلهم و كان يسير معهم إذا ساروا و يدوم عليهم 11691 من فوقهم إذا نزلوا فذلك قوله تعالى وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ يعني في التيه تقيكم من حر الشمس و منها أنه جعل لهم عمودا من نور يضيء لهم بالليل إذا لم يكن ضوء القمر فقالوا هذا الظل و النور قد حصل فأين الطعام فأنزل الله تعالى عليهم المن و اختلفوا فيه فقال مجاهد هو شيء كالصمغ كان يقع على الأشجار و طعمه كالشهد و قال الضحاك هو الترنجبين و قال وهب هو الخبز الرقاق و قال السدي هو عسل كان يقع على الشجر من الليل فيأكلون منه و قال عكرمة هو شيء أنزله الله عليهم مثل الرب الغليظ و قال الزجاج جملة المن ما يمن الله به مما لا تعب فيه و لا نصب
كَقَوْلِ النَّبِيِّ ص الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَ مَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ 11692 .
قالوا و كان ينزل عليهم هذا المن كل ليلة يقع على أشجارهم مثل الثلج لكل إنسان منهم صاع كل ليلة فقالوا يا موسى قتلنا هذا المن حلاوته فادع لنا ربك يطعمنا اللحم فدعا موسى عليه السلام فأنزل الله عليهم السلوى
و اختلفوا فيه فقال ابن عباس و أكثر الناس هو طائر يشبه السماني و قال أبو العالية و مقاتل هي طير حمر بعث الله سبحانه سحابة فمطرت السماني عليهم في عرض ميل 11693 و قدر طول رمح في السماء بعضها على بعض و كانت السماء تمطر عليهم ذلك و قيل كانت طيرا مثل فراخ الحمام طيبا و سمنا قد تمعط 11694 ريشها و زغبها فكانت الريح تأتي بها إليهم فيصبحون و هو في معسكرهم و قيل إنها طير كانت تأتيهم فتسترسل لهم فيأخذونها بأيديهم و قال عكرمة هي طير تكون بالهند أكبر من العصفور و قيل 11695 هو العسل بلغة كنانة فكان الله تعالى يرسل عليهم المن و السلوى فيأخذ كل واحد منهما 11696 ما يكفيه يوما و ليلة فإذا كان يوم الجمعة أخذ ما يكفيه يومين لأنه لم يكن ينزل عليهم يوم السبت فذلك قوله تعالى وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى كُلُوا أي و قلنا لهم كلوا مِنْ طَيِّباتِ حلالات ما رَزَقْناكُمْ و لا تدخروا لغد فخبوا لغد و تدود و فسد ما ادخروا و قطع الله عنهم ذلك قال الله تعالى وَ ما ظَلَمُونا أي ما يضرونا بالمعصية و مخالفة الأمر وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ يضرون باستيجابهم قطع مادة الرزق الذي كان ينزل عليهم بلا مئونة و لا مشقة في الدنيا و لا حساب و لا تبعة في العقبى و منها أنهم عطشوا في التيه فقالوا يا موسى من أين لنا الشراب فاستسقى لهم موسى عليه السلام فأوحى الله سبحانه إليه أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ و اختلف العلماء فيه فقال وهب كان موسى عليه السلام يقرع لهم أقرب حجر من عرض الحجارة فتنفجر عيونا لكل سبط عين و كانوا اثني عشر سبطا ثم تسيل كل عين في جدول إلى سبط فقالوا إن فقد موسى عصاه متنا عطشا فأوحى الله عز و جل إلى موسى لا تقرعن الحجارة بالعصا و لكن كلمها تطعك لعلهم يعتبرون و كان يفعل ذلك فقالوا كيف بنا لو أفضينا إلى الوحل و إلى الأرض التي ليست فيها حجارة فأمر موسى فحمل معه حجرا فحيث ما نزلوا ألقاه.
و قال الآخرون كان حجرا مخصوصا بعينه و الدليل عليه قوله الحجر فأدخل الألف و اللام للتعريف و التخصيص مثل قولك رأيت الرجل.
ثم اختلفوا في ذلك الحجر ما هو فقال ابن عباس كان حجرا خفيفا مربعا مثل رأس الرجل أمر أن يحمله فكان يضع في مخلاته فإذا احتاجوا إلى الماء ألفاه 11697 و ضربه بعصاه فسقاهم و قال أبو روق 11698 كان الحجر من الكدان و هو حجارة رخوة كالمدر و كان فيه اثنتا عشرة حفرة ينبع من كل حفرة عين ماء عذب فيأخذونه فإذا فرغوا و أراد موسى حمله ضربه بعصاه فيذهب الماء و كان يسقي كل يوم ستمائة ألف.
و منها أنهم قالوا لموسى في التيه من أين لنا اللباس فجدد الله لهم ثيابهم التي كانت عليهم حتى لا تزيد على كرور الأيام و مرور الأعوام إلا جدة و طراوة و لا تخلق و لا تبلى و تنمو على صبيانهم كما ينمون انتهى 11699 .
أقول لا يخفى عليك مما أوردنا في تلك الأبواب أن موسى و هارون عليهما السلام لم يخرجا من التيه 11700 و أن حجر موسى عليه السلام كان حجرا مخصوصا و هو عند قائمنا عليه السلام و سيأتي الأخبار في ذلك في كتاب الغيبة.
و روى الثعلبي عن وهب بن منبه قال أوحى الله تعالى إلى موسى أن يتخذ مسجدا لجماعتهم و بيت المقدس للتوراة و لتابوت السكينة و قبابا للقربان و أن يجعل لذلك المسجد سرادقات ظاهرها و باطنها من الجلود الملبسة عليها و تكون تلك الجلود من جلود ذبائح القربان و حبالها التي تمد بها من أصواف تلك الذبائح و عهد أن لا تغزل تلك الحبال حائض و أن لا يدبغ تلك الجلود جنب و أمره أن ينصب تلك السرادقات على عمد من نحاس طول كل عمود منها أربعون ذراعا و يجعل منه 11701 اثني عشر قسما مشرحا