کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
على خلافه فإن إطلاق الحكم بطهارة سؤر الهر فيها من دون الاشتراط بشيء مع كون الغالب فيه عدم الانفكاك من أمثال هذه الملاقاة دليل على عدم اعتبار أمر آخر غير ذهاب العين و لو فرضنا عدم دلالة الأخبار على العموم فلا ريب أن الحكم بتوقف الطهارة في مثلها على التطهير المعهود شرعا منفي قطعا و الواسطة بين ذلك و بين زوال العين يتوقف على الدليل و لا دليل.
و قد اكتفى في المنتهى بزوال العين عن فمها فقال بعد أن ذكر كراهة سؤر آكل الجيف و بين وجهه و هكذا سؤر الهرة و إن أكلت الميتة و شربت قل الماء أو كثر غابت عن العين أو لم تغب لعموم الأحاديث المبيحة و حكى ما ذكره في النهاية عن بعض أهل الخلاف.
و قال الشيخ في الخلاف إذا أكلت الهرة فأرة ثم شربت من الإناء فلا بأس بالوضوء من سؤرها و حكي عن بعض العامة أنه قال إن شربت قبل أن تغيب عن العين لا يجوز الوضوء به ثم قال الشيخ و الذي يدل على ما قلناه إجماع الفرقة على أن سؤر الهرة طاهر و لم يفصلوا انتهى.
و بالجملة مقتضى الأخبار المتضمنة لنفي البأس عن سؤر الهرة و غيرها من السباع طهارتها بمجرد زوال العين لأنها لا تكاد تنفك عن النجاسات خصوصا الهرة فإن العلم بمباشرتها للنجاسة متحقق في أكثر الأوقات و لو لا ذلك للزم صرف اللفظ الظاهر إلى الفرد النادر بل تأخير البيان عن وقت الحاجة كما ذكره بعض المحققين.
و قد قطع جمع من المتأخرين بطهارة الحيوان غير الآدمي بمجرد زوال العين و هو حسن للأصل و عدم ثبوت التعبد بغسل النجاسة عنه و لا يعتبر فيه الغيبة و أما الآدمي فقد قيل إنه يحكم بطهارته بغيبته زمانا يمكن فيه إزالة النجاسة و استشكله بعض المحققين و قال الأصح عدم الحكم بطهارته بذلك إلا مع تلبسه بما يشترط فيه الطهارة عنده على تردد في ذلك أيضا و الله يعلم.
باب 4 سؤر العظاية و الحية و الوزغ و أشباهها مما ليست له نفس سائلة
1- قُرْبُ الْإِسْنَادِ 1315 ، وَ كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِالْإِسْنَادَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَظَايَةِ وَ الْحَيَّةِ وَ الْوَزَغَةِ تَقَعُ فِي الْمَاءِ فَلَا تَمُوتُ أَ يُتَوَضَّأُ مِنْهُ لِلصَّلَاةِ قَالَ لَا بَأْسَ قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَقْرَبِ وَ الْخُنْفَسَاءِ وَ أَشْبَاهِهِنَّ تَمُوتُ فِي الْجَرَّةِ أَوِ الدَّنِّ أَ يُتَوَضَّأُ مِنْهُ لِلصَّلَاةِ قَالَ لَا بَأْسَ 1316 .
بيان: قال في القاموس العظاية دويبة كسام أبرص انتهى و لعله نوع من الوزغ و المشهور بين الأصحاب كراهة سؤر الوزغ و العقرب و ما ماتتا فيه و ربما قيل بالمنع أيضا و قال في التذكرة إن الكراهة من حيث الطب لا لنجاسة الماء و فيه قوة و قال الشيخ في النهاية لا يجوز استعمال ما وقع فيه الوزغ و إن خرج حيا و كذا قال الصدوق ره.
و أما الحية فقال الشيخ في النهاية و أتباعه بكراهة سؤرها و قيل بعدم الكراهة لهذه الرواية.
و أما عدم نجاسة الماء بموت الخنفساء و أشباهها مما لا نفس له أي الدم الذي يسيل من العرق فقال في المعتبر إنه لا ينجس بالموت عند علمائنا أجمع و نحوه قال في المنتهى.
2- فِقْهُ الرِّضَا، إِنْ وَقَعَ الْمَاءَ وَزَغٌ أُهَرِيقَ ذَلِكَ الْمَاءُ وَ إِنْ وَقَعَ فِيهِ فَأْرَةٌ أَوْ حَيَّةٌ أُهَرِيقَ الْمَاءُ وَ إِنْ دَخَلَ فِيهِ حَيَّةٌ وَ خَرَجَتْ مِنْهُ صُبَّتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ثَلَاثُ أَكُفٍ
وَ اسْتُعْمِلَ الْبَاقِي وَ قَلِيلُهُ وَ كَثِيرُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وَ إِنْ وَقَعَتْ فِيهِ عَقْرَبٌ أَوْ شَيْءٌ مِنَ الْخَنَافِسِ وَ بَنَاتُ وَرْدَانَ وَ الْجَرَادُ كُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَ الْوُضُوءِ مِنْهُ مَاتَ أَوْ لَمْ يَمُتْ 1317 .
بيان: لعل صب الأكف محمول على الاستحباب لرفع استقذار النفس و أما تقليل أثر السم فتأثير مثل ذلك فيه محل تأمل و يحتمل أن يكون لمحض التعبد.
3- وَ رَوَى هَذَا الْمَضْمُونَ الشَّيْخُ فِي التَّهْذِيبِ 1318 ، عَنْ هَارُونَ بْنِ حَمْزَةَ الْغَنَوِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْفَأْرَةِ وَ الْعَقْرَبِ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ يَقَعُ فِي الْمَاءِ فَيَخْرُجُ حَيّاً هَلْ يُشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَ يُتَوَضَّأُ قَالَ يُسْكَبُ مِنْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ قَلِيلُهُ وَ كَثِيرُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يُشْرَبُ مِنْهُ وَ يُتَوَضَّأُ مِنْهُ غَيْرَ الْوَزَغِ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِمَا يَقَعُ فِيهِ.
و قال في حياة الحيوان بنات وردان هي دويبة تتولد من الأماكن الندية و أكثر ما تكون في الحمامات و السقايات و منها الأسود و الأحمر و الأبيض و الأصهب و إذا تكونت تسافدت و باضت بيضا مستطيلا.
4- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الرُّويَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّيبَاجِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيٌّ ع مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً إِذَا مَاتَ فِي الْإِدَامِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ 1319 .
باب 5 سؤر ما لا يؤكل لحمه من الدواب و فضلات الإنسان
1- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، بِالسَّنَدِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ فَضْلِ مَاءِ الْبَقَرَةِ وَ الشَّاةِ وَ الْبَعِيرِ أَ يُشْرَبُ مِنْهُ وَ يُتَوَضَّأُ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ 1320 .
2- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ: إِنْ شَرِبَ مِنَ الْمَاءِ دَابَّةٌ أَوْ حِمَارٌ أَوْ بَغْلٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ بَقَرَةٌ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَ الْوُضُوءِ مِنْهُ مَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ كَلْبٌ أَوْ وَزَغٌ أَوْ فَأْرَةٌ 1321 وَ قَالَ سَأَلْتُ الْعَالِمَ ع عَمَّا يُخْرَجُ مِنْ مَنْخِرَيِ الدَّابَّةِ إِذَا نَخَرَتْ فَأَصَابَ ثَوْبَ الرَّجُلِ قَالَ لَا بَأْسَ لَيْسَ عَلَيْكَ أَنْ تَغْسِلَ 1322 .
بيان: في القاموس نخر ينخر و ينخر نخيرا مد الصوت في خياشيمه و المنخر بفتح الميم و الخاء و بكسرهما و بضمهما و كمجلس و ملمول الأنف.
3- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ فَضْلِ الْفَرَسِ وَ الْبَغْلِ وَ الْحِمَارِ أَ يُشْرَبُ مِنْهُ وَ يُتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ قَالَ لَا بَأْسَ 1323 .
نقل مذاهب لتوضيح المطالب اعلم أن في تبعية السؤر للحيوان في الطهارة خلافا فذهب أكثر الأصحاب كالفاضلين و الشهيدين و جمهور المتأخرين إلى طهارة سؤر كل حيوان طاهر و حكاه المحقق في المعتبر عن المرتضى في المصباح و هو اختيار الشيخ في الخلاف و النهاية إلا أنه استثنى في النهاية سؤر ما أكل الجيف من الطير و ذكر المحقق أن
المرتضى استثنى الجلال في المصباح.
و قال ابن الجنيد لا ينجس الماء بشرب ما أكل لحمه من الدواب و الطيور و كذلك السباع و إن ماسته بأبدانها ما لم يعلم بما ماسه نجاسة و لم يكن جلالا و هو الآكل للعذرة و لم يكن أيضا كلبا و لا خنزيرا و لا مسخا و ظاهر الشيخ في التهذيب المنع من سؤر ما لا يؤكل لحمه و كذا في الإستبصار إلا أنه استثنى منه الفأرة و نحو البازي و الصقر من الطيور و ذهب في المبسوط إلى نجاسة سؤر ما لا يؤكل لحمه من الحيوان الإنسي عدا ما لا يمكن التحرز منه كالفأرة و الحية و الهرة و طهارة سؤر الطاهر من الحيوان الوحشي طيرا كان أو غيره.
و حكى العلامة عن ابن إدريس أنه حكم بنجاسة ما يمكن التحرز عنه مما لا يؤكل لحمه من حيوان الحضر غير الطير و الأشهر أظهر.
4- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ عَلِيّاً ع سُئِلَ عَنِ الْبُزَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ 1324 .
بيان: ظاهره جواز الصلاة في الفضلات الطاهرة من الإنسان و إن كان من غير المصلي و سيأتي تمام القول فيه في كتاب الصلاة إن شاء الله.
5- الْهِدَايَةُ، وَ كُلُّ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِمَّا شَرِبَ مِنْهُ.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كُلُّ شَيْءٍ يَجْتَرُّ فَسُؤْرُهُ حَلَالٌ وَ لُعَابُهُ حَلَالٌ 1325 .
أبواب النجاسات و المطهرات و أحكامها 1326
باب 1 نجاسة الميتة و أحكامها و حكم الجزء المبان من الحي و الأجزاء الصغار المنفصلة عن الإنسان و ما يجوز استعماله من الجلود
1- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ: سَأَلَهُ سَعِيدٌ الْأَعْرَجُ وَ أَنَا حَاضِرٌ عَنِ الزَّيْتِ وَ السَّمْنِ وَ الْعَسَلِ تَقَعُ فِيهِ الْفَأْرَةُ فَتَمُوتُ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ قَالَ أَمَّا الزَّيْتُ فَلَا تَبِعْهُ إِلَّا لِمَنْ تُبَيِّنُ لَهُ فَيَبْتَاعُ لِلسِّرَاجِ فَأَمَّا لِلْأَكْلِ فَلَا وَ أَمَّا السَّمْنُ إِنْ كَانَ ذَائِباً فَهُوَ كَذَلِكَ وَ إِنْ كَانَ جَامِداً وَ الْفَأْرَةُ فِي أَعْلَاهُ فَيُؤْخَذُ مَا تَحْتَهَا وَ مَا حَوْلَهَا ثُمَّ لَا بَأْسَ بِهِ وَ الْعَسَلُ كَذَلِكَ إِنْ كَانَ جَامِداً 1327 .
2- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ حُبِّ دُهْنٍ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ قَالَ لَا تَدَّهِنْ بِهِ وَ لَا تَبِعْهُ مِنْ مُسْلِمٍ 1328 قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَحَرَّكُ بَعْضُ أَسْنَانِهِ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَنْزِعَهَا وَ يَطْرَحَهَا قَالَ إِنْ كَانَ لَا يَجِدُ دَماً فَلْيَنْزِعْهُ وَ لِيَرْمِ بِهِ وَ إِنْ كَانَ دَمِيَ فَلْيَنْصَرِفْ 1329 قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ بِهِ الثُّؤْلُولُ أَوِ الْجُرْحُ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ وَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَقْطَعَ رَأْسَ الثُّؤْلُولِ أَوْ يَنْتِفَ بَعْضَ لَحْمِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ وَ يَطْرَحَهُ قَالَ إِنْ لَمْ يَتَخَوَّفْ أَنْ يَسِيلَ الدَّمُ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ تَخَوَّفَ أَنْ يَسِيلَ الدَّمُ فَلَا يَفْعَلْ وَ إِنْ فَعَلَ فَقَدْ نَقَضَ مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةَ وَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ 1330 .
توضيح الجواب الأول يدل على نجاسة الميتة في الجملة و على عدم جواز بيع الدهن المتنجس إلا بعد البيان للاستصباح سواء كان تحت السماء أو تحت السقف 1331 كما هو الأظهر و ستأتي تلك الأحكام مفصلة.
قوله كذلك إن كان جامدا يفهم منه عدم جواز بيع المائع و إن كان فيه فائدة محللة و هو الظاهر من كلام الأصحاب إذ لم يجوزوا بيع الدبس النجس للنحل و نحوه و في دليلهم نظر و التقييد في الجواب الثاني حيث قال لا تبعه من مسلم يدل على جواز البيع من غير المسلم و قد دلت عليه أخبار تأتي في كتاب البيع.
و الجواب الثالث يعطي بإطلاقه على عدم نجاسة القطعة التي تنفصل غالبا مع السن و أنه لا يصدق عليهما القطعة ذات العظم إما لعدم صدق القطعة عرفا عليهما أو عدم كون السن عظما.
و الجواب الرابع يدل على عدم نجاسة الأجزاء الصغار المنفصلة من الإنسان.