کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و ضيق مع وفور النعمة و رخص أسعارها و لما أردت الرجوع مع سائر الزائرين لم يكن عندي شيء من الزاد حتى قرصة لقوت يومي فتخلفت عنهم و بقيت يومي إلى زوال الشمس فزرت مولاي و أديت فرض الصلاة فرأيت أني لو لم ألحق بهم لا يتيسر لي الرفقة عن قريب و إن بقيت أدركتني الشتاء و مت من البرد.
فخرجت من الحرم المطهر مع ملالة الخاطر و قلت في نفسي أمشي على أثرهم فإن مت جوعا استرحت و إلا لحقت بهم فخرجت من البلد الشريف و سألت عن الطريق و صرت أمشي حتى غربت الشمس و ما صادفت أحدا فعلمت أني أخطأت الطريق و أنا ببادية مهولة لا يرى فيها سوى الحنظل و قد أشرفت من الجوع و العطش على الهلاك فصرت أكسر حنظلة حنظلة لعلي أظفر من بينها بحبحب 5921 حتى كسرت نحوا من خمسمائة فلم أظفر بها و طلبت الماء و الكلاء حتى جنني الليل و يئست منهما فأيقنت الفناء و استسلمت للموت و بكيت على حالي.
فتراءى لي مكان مرتفع فصعدته فوجدت في أعلاها عينا من الماء فتعجبت و شكرت الله عز و جل و شربت الماء و قلت في نفسي أتوضأ وضوء الصلاة و أصلي لئلا ينزل بي الموت و أنا مشغول الذمة بها فبادرت إليها.
فلما فرغت من العشاء الآخرة أظلم الليل و امتلأ البيداء من أصوات السباع و غيرها و كنت أعرف من بينها صوت الأسد و الذئب و أرى أعين بعضها تتوقد كأنها السراج فزادت وحشتي إلا أني كنت مستسلما للموت فأدركني النوم لكثرة التعب و ما أفقت إلا و الأصوات قد انخمدت و الدنيا بنور القمر قد أضاءت و أنا في غاية الضعف فرأيت فارسا مقبلا علي فقلت في نفسي إنه يقتلني لأنه يريد متاعي فلا يجد شيئا عندي فيغضب لذلك فيقتلني و لا أقل من أن تصيبني منه جراحة.
فلما وصل إلي سلم علي فرددت عليه السلام و طابت منه نفسي فقال ما لك فأومأت إليه بضعفي فقال عندك ثلاث بطيخات لم لا تأكل منها فقلت لا تستهزأني و دعني على حالي فقال لي انظر إلى ورائك فنظرت فرأيت شجرة بطيخ عليها ثلاث بطيخات كبار فقال سد جوعك بواحدة و خذ معك اثنتين و عليك بهذا الصراط المستقيم فامش عليه و كل نصف بطيخة أول النهار و النصف الآخر عند الزوال و احفظ بطيخة فإنها تنفعك فإذا غربت الشمس تصل إلى خيمة سوداء يوصلك أهلها إلى القافلة و غاب عن بصري.
فقمت إلى تلك البطيخات فكسرت واحدة منها فرأيتها في غاية الحلاوة و اللطافة كأني ما أكلت مثلها فأكلتها و أخذت معي الاثنتين و لزمت الطريق و جعلت أمشي حتى طلعت الشمس و مضى من طلوعها مقدار ساعة فكسرت واحدة منهما و أكلت نصفها و سرت إلى زوال الشمس فأكلت النصف الآخر و أخذت الطريق.
فلما قرب الغروب بدت لي تلك الخيمة و رآني أهلها فبادروا إلي و أخذوني بعنف و شدة و ذهبوا بي إلى الخيمة كأنهم زعموني جاسوسا و كنت لا أعرف التكلم إلا بلسان العرب و لا يعرفون لساني فأتوا بي إلى كبيرهم فقال لي بشدة و غضب من أين جئت تصدقني و إلا قتلتك فأفهمته بكل حيلة شرحا من حالي.
فقال أيها السيد الكذاب لا يعبر من الطريق الذي تدعيه متنفس إلا تلف أو أكله السباع ثم إنك كيف قدرت على تلك المسافة البعيدة في الزمان الذي تذكره و من هذا المكان إلى المشهد المقدس مسيرة ثلاثة أيام اصدقني و إلا قتلتك و شهر سيفه في وجهي.
فبدا له البطيخ من تحت عبائي فقال ما هذا فقصصت عليه قصته فقال الحاضرون ليس في هذا الصحراء بطيخ خصوصا هذه البطيخة التي ما رأينا مثلها أبدا فرجعوا إلى أنفسهم و تكلموا فيما بينهم و كأنهم علموا صدق مقالتي و أن هذه معجزة من الإمام عليه آلاف التحية و الثناء و السلام 5922 فأقبلوا علي و قبلوا
يدي و صدروني في مجلسهم و أكرموني غاية الإكرام و أخذوا لباسي تبركا به و كسوني ألبسة جديدة فاخرة و أضافوني يومين و ليلتين.
فلما كان اليوم الثالث أعطوني عشرة توامين و وجهوا معي ثلاثة منهم حتى أدركت القافلة.
الحكاية الثانية و العشرون [تشرّف العلّامة الحلّيّ بخدمته عليه السّلام في المنام و معجزته عليه السلام في استنساخ كتاب كبير كان يستنسخه العلّامة رضوان اللّه عليه]
السيد الشهيد القاضي نور الله الشوشتري في مجالس المؤمنين في ترجمة آية الله العلامة الحلي قدس سره أن من جملة مقاماته العالية أنه اشتهر عند أهل الإيمان أن بعض علماء أهل السنة ممن تتلمذ 5923 عليه العلامة في بعض الفنون ألف كتابا في رد الإمامية و يقرأ للناس في مجالسه و يضلهم و كان لا يعطيه أحدا خوفا من أن يرده أحد من الإمامية فاحتال رحمه الله في تحصيل هذا الكتاب إلى أن جعل تتلمذه عليه وسيلة لأخذه الكتاب منه عارية فالتجأ الرجل و استحيا من رده و قال إني آليت على نفسي أن لا أعطيه أحدا أزيد من ليلة فاغتنم الفرصة في هذا المقدار من الزمان فأخذه منه و أتى به إلى بيته لينقل منه ما تيسر منه.
فلما اشتغل بكتابته و انتصف الليل غلبه النوم فحضر الحجة ع و قال ولني الكتاب و خذ في نومك فانتبه العلامة و قد تم الكتاب بإعجازه ع 5924 .
و ظاهر عبارته يوهم أن الملاقاة و المكالمة كان في اليقظة و هو بعيد و الظاهر أنه في المنام و الله العالم.
الحكاية الثالثة و العشرون [قصّة معمّر بن غوث السنبسيّ أحد غلمان الامام أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام، و نزوله على مفيد الدين ابن الجهم قبل فتح بغداد بسنتين]
في مجموعة نفيسة عندي كلها بخط العالم الجليل شمس الدين محمد بن علي بن الحسن الجباعي جد شيخنا البهائي و هو الذي ينتهي نسخ الصحيفة الكاملة إلى الصحيفة التي كانت بخطه و كتبها من نسخة الشهيد الأول رحمه الله و قد نقل عنه عن تلك المجموعة و غيرها العلامة المجلسي كثيرا في البحار و ربما عبر هو و غيره كالسيد نعمة الله الجزائري في أول شرح الصحيفة عنه بصاحب الكرامات ما لفظه.
قال السيد تاج الدين محمد بن معية الحسني أحسن الله إليه حدثني والدي القاسم بن الحسن بن معية الحسني تجاوز الله عن سيئاته أن المعمر بن غوث السنبسي ورد إلى الحلة مرتين إحداهما قديمة لا أحقق تاريخها و الأخرى قبل فتح بغداد بسنتين قال والدي و كنت حينئذ ابن ثمان سنوات و نزل على الفقيه مفيد الدين بن جهم و تردد إليه الناس و زاره خالي السعيد تاج الدين بن معية و أنا
معه طفل ابن ثمان سنوات و رأيته و كان شخصا طوالا من الرجال يعد في الكهول و كان ذراعه كأنه الخشبة المجلدة و يركب الخيل العتاق و أقام أياما بالحلة و كان يحكي أنه كان أحد غلمان الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري ع و أنه شاهد ولادة القائم ع.
قال والدي رحمه الله و سمعت الشيخ مفيد الدين بن جهم يحكي بعد مفارقته و سفره عن الحلة أنه قال أخبرنا بسر لا يمكننا الآن إشاعته و كانوا يقولون إنه أخبره بزوال ملك بني العباس فلما مضى لذلك سنتان أو ما يقاربهما أخذت بغداد و قتل المستعصم و انقرض ملك بني العباس فسبحان من له الدوام و البقاء.
- و كتب ذلك محمد بن علي الجباعي من خط السيد تاج الدين يوم الثلاثاء في شعبان سنة تسع و خمسين و ثمانمائة .
و نقل قبل هذه الحكاية- عن المعمر خبرين 5925 هكذا من خط ابن معية و يرفع الإسناد عن المعمر بن غوث السنبسي عن أبي الحسن الداعي بن نوفل السلمي قال سمعت رسول الله ص يقول إن الله خلق خلقا من رحمته لرحمته برحمته و هم الذين يقضون الحوائج للناس فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن.
- و بالإسناد عن المعمر بن غوث السنبسي عن الإمام الحسن بن علي العسكري ع أنه قال أحسن ظنك و لو بحجر يطرح الله شره فيه فتتناول حظك منه فقلت أيدك الله حتى بحجر قال أ فلا ترى حجر الأسود.
قلت أما الولد فهو القاضي السيد النسابة تاج الدين أبو عبد الله محمد بن القاسم عظيم الشأن جليل القدر استجاز منه الشهيد الأول لنفسه و لولديه محمد
و علي و لبنته ست المشايخ 5926 و أما والده فهو السيد جلال الدين أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمد بن الحسن بن معية بن سعيد الديباجي الحسني الفقيه الفاضل العالم الجليل عظيم الشأن تلميذ عميد الرؤساء و ابن السكون و معاصر العلامة و الراوي للصحيفة الشريفة الكاملة عنهما عن السيد بهاء الشرف المذكور في أول الصحيفة كما تبين في محله و أما ابن جهم فهو الشيخ الفقيه محمد بن جهم و هو الذي لما سأل الخاجة نصير الدين عن المحقق أعلم تلامذته في الأصوليين أشار إليه و إلى سديد الدين والد العلامة.
الحكاية الرابعة و العشرون [تشرّف الشيخ إبراهيم القطيفيّ بزيارته عليه السّلام]
العالم الجليل الشيخ يوسف البحريني في اللؤلؤة في ترجمة العالم الشيخ إبراهيم القطيفي المعاصر للمحقق الثاني عن بعض أهل البحرين أن هذا الشيخ دخل عليه الإمام الحجة ع في صورة رجل يعرفه الشيخ فسأله أي الآيات من القرآن في المواعظ أعظم فقال الشيخ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَ فَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ 5927 فقال صدقت يا شيخ ثم خرج منه فسأل أهل البيت خرج فلان فقالوا ما رأينا أحدا داخلا و لا خارجا.
الحكاية الخامسة و العشرون [كتابته عليه السّلام على مقبرة الشيخ المفيد أبياتا في رثائه]
قال السيد القاضي نور الله الشوشتري في مجالس المؤمنين ما معناه أنه وجد هذه الأبيات بخط صاحب الأمر ع مكتوبا على قبر الشيخ المفيد رحمه الله.
لا صوت الناعي بفقدك إنه
يوم على آل الرسول عظيم
إن كنت قد غيبت في جدث الثرى
فالعدل و التوحيد فيك مقيم
و القائم المهدي يفرح كلما
تليت عليك من الدروس علوم
.
الحكاية السادسة و العشرون [تشرّف الشيخ زين الدّين عليّ بن يونس البياضيّ صاحب كتاب «الصراط المستقيم» بخدمته عليه السّلام]
في الصراط المستقيم للشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي البياضي قال مؤلف هذا الكتاب علي بن محمد بن يونس خرجت مع جماعة تزيد على أربعين رجلا إلى زيارة القاسم بن موسى الكاظم ع 5928 فكنا عن حضرته نحو ميل من الأرض فرأينا فارسا معترضا فظنناه يريد أخذ ما معنا فخبينا ما خفنا عليه.
فلما وصلنا رأينا آثار فرسه و لم نره فنظرنا ما حول القبلة فلم نر أحدا فتعجبنا من ذلك مع استواء الأرض و حضور الشمس و عدم المانع فلا يمتنع أن يكون هو الإمام ع أو أحد الأبدال.